مدربو الكرة العالمية تحت المجهر
حسين غازي
المنافسة في كرة القدم، ليست حكراً على اللاعبين والأندية فقط، بل إن للمدربين حصة كبيرة في صراع الجلد المدوّر، إذ إن المدرب عقل الفريق، وربان سفينته التي إن قادها بشكل مثالي ستحقق له وللنادي نجاحاتٍ باهرة، ليحطم أكبر الأرقام في عالم المستديرة، أكثر الألعاب شهرةً ومتابعة.
في السنوات الأخيرة، شهدت لعبة كرة القدم انتفاضة في عالم التدريب، وظهور وجوه شابة، وأخرى مخضرمة بقيت على خريطة الكرة العالمية. بعضهم الآخر رحل نهائياً ليصبح متابعاً كالسير أليكس فيرغسون، تاركاً راية الإبداع للسلسةٍ من المدربين المميزين والمحنكين.
أولهم الأكثر جدالاً في العالم، جوزيه مورينيو الذي يحظى بشهرةٍ عالمية، لا تضاهى في عالم التدريب، ويعتبر الداهية رقم 1 في العالم، في ما يطلق عليه البعض من محبيه، اسم السبيشل وان.
مورينيو المدرب البرتغالي، صاحب التصريحات النارية، يتمتع بأسلوب تكتيكي لا مثيل له، وكاريزما رهيبة لا يملكها أحد آخر، فقد حقق دوري الأبطال في مناسبتين، أولهما مع بورتو، والثانية مع الإنتر ميلان. وربما ساعد الحظ مورينيو في بداية مسيرته بعد فوزه باللقب الأوروبي، فقد تهافتت عليه العروض من كل حدٍّ وصوب، ما ساهم في إكمال إنجازاته التدريبية، فمدربون آخرون حققوا دوري الأبطال، لكن تمّ تجهالهم، فلم يسطع نجمهم كجوزيه.
مورينيو مدرب نفسي كبير ويملك طرق نفسية لا يملكها أحد غيره، لكن يعيبه، أسلوبه الدفاعي البحت، فعندما كان مع الريال لم يكن في طريقته أيّ ابتكار، لأن خطته اقتضت تمرير الكرة لرونالدو.
أمّا بيب غوارديولا، صاحب أسلوب غيّر معالم الكرة التقليدية، في فترة ما، إذ ابتكر أسلوب الاستحواذ المسمى «بالتيكي تاكا»، عندما صال وجال مع برشلونة في أنحاء أوروبا.
طوّر بيب أسلوبه هذا، الخاص به مع انتقاله لتدريب بايرن ميونخ الألماني مع وجود لاعبين ذوي سرعةٍ خارقة، ليتجه نحو الإمتاع والاستحواذ في آونة معاً.
ويحسب له عدم خسارته رهان السيطرة على الكرة سوى في مناسبات نادرة جداً، وهذا ما لم يستطع تحقيقه أيّ مدرب آخر. فغوارديولا مدرسةٌ قائمة بحد ذاتها، ولا يمكن أن تجد مثيلاً له في طريقة إيجاد الحلول عند الوقوع في أزمات وضغوط خلال المباريات وخارجها.
أما أنشيلوتي المدرب الإيطالي الخبير، المحنك والهادئ، يعتبر من أهم وأفضل المدربين عالمياً، لما حققه من ألقابٍ طوال مسيرته التدريبية. فقد أبدع مع فرقٍ عدّة، بطريقة لعب مدهشة وخاصّة، والتي استعملها بعده كل من ليبي وبرانديلي 4-3-1-2 والتي اتّبعها لفتراتٍ طويلة مع الميلان، أو أسلوب 4-3-2-1 وذلك بالتخلي عن الأجنحة الهجومية الكلاسكية، والاعتماد على الاختراق من خلال 3 محاور وصانع ألعاب في الأمام. وعلى رغم أن فكرة الـ3 محاور كانت مبتكرة وروتينية، اخترع مركزاً جديداً لبيرلو كصانع ألعاب وفكاكي كرات عند الأطراف.
ومع الريال حالياً، يتبع أنشيلوتي أسلوباً تكتيكياً، بالسيطرة على الكرة والإمتاع، إذ ينفذ لاعبوه الضغط في جميع أنحاء الملعب، ويعتمد على الأجنحة لتسجيل الأهداف وليس للتمرير، على أن يكون رأس الحربة مهاجماً وممرراً في الوقت نفسه.
ويبقى كلوب، المدرب الانفجاري الشاب، الذي لم يحقق دوري الأبطال مع نادي بوروسيا دورتموند في أيّة مناسبة. لكنه قدم لأوروبا أسرع أسلوبٍ كرويّ ينتقل من الدفاع إلى الهجوم، على الأقل في المواسم العشرة الأخيرة.
إن كلوب يتميّز بأسلوبٍ مذهل، بلدغ الخصم من خلال نقل الكرة إلى الأمام، بأقل عدد من التمريرات الممكنة، فقد أجبر لاعبيه على التدرب للعب الكرة من اللمسة الأولى كأسلوب سهل وممتنع. وقد طبقه على أرض الواقع، واستطاع من خلاله هزم الريال في أكثر من مناسبة والوصول لنهائي دوري الأبطال أمام البايرن، وتتركز استراتيجيته على إجادة اللمسة الواحدة السريعة، لتطبيق الانتقال السريع من الدفاع إلى الهجوم.