«أنصار بيت المقدس»… ذراع «داعش» في مصر
عامر نعيم الياس
أعلنت جماعة «أنصار بيت المقدس» في العاشر من الشهر الحالي مبايعتها «الخليفة» أبي بكر البغدادي وولاءها لتنظيم «داعش». وهذه الجماعة سطع نجمها منذ ثلاث سنوات على خلفية «الربيع الأميركي» في مصر، ووصول الإخوان إلى الرئاسة المصرية، واتخذت من سيناء مقراً لها، ويعتقد أن 95 في المئة من كوادرها من المصريين المتطرّفين والذين يجمعون بين التطرّف والهوية القبلية للتنظيم الذي يتحدّر أفراده من قبائل شمال سيناء، ما يجعل تركيبته مشابهة لتركيبة «داعش» في العراق، وهو ما يفسّر في جانب منه اعتراف الجماعة المصرية بـ«داعش» على رغم احتفاظها طوال السنوات الثلاث الماضية بمسافة واضحة تفصلها عن تنظيم «القاعدة»، في بلدٍ يعتبر أحد أهم روافد التنظيم المتطرّف العالمي سواء على مستوى القاعدة أو على مستوى القمة، إذ يرأسه اليوم المصري أيمن الظواهري.
صحيفة «ليبيراسيون» الفرنسية وفي توجّه يتماشى مع سياسة الغرب والحكومة الفرنسية إزاء مصر السيسي، وضعت الاعتراف بدولة الخلافة كنتيجة «لإزاحة محمد مرسي عن السلطة والتي أدّت إلى مزيد من التطرّف» فهل هذا هو السبب الحقيقي؟ وما دلالات اعتراف التنظيم المصري بـ«داعش»؟
مما لا شك فيه أن إزاحة الرئيس المصري الإخواني محمد مرسي عن السلطة بحراك شعبي منسّق مع حراك مؤسساتي في الثالث من تموز عام 2013 أدّت إلى زيادة أعمال العنف في البلاد، إذ رفعت جماعة «أنصار بيت المقدس» الوهابية من وتيرة عملياتها في سيناء والعاصمة المصرية موقعةً عشرات الشهداء خلال الفترة الماضية، لكن التفسير الأدق لما يجري، تلويح الإخوان وعلى رأسهم مرسي بالفوضى إذا نُحِّيَ عن الرئاسة، وهذا ما حصل فعلاً وما نراه، فالواقع يثبت مرة جديدة المقولة المصرية التي ترى أن كافة التنظيمات المتطرّفة «خرجت من عباءة الإخوان المسلمين».
أما على صعيد دلالات البيعة، فيمكن القول إنها تعكس انتصاراً فعلياً ـ على رغم رمزيته ـ لتنظيم «داعش» الذي استطاع اجتذاب عدد من التنظيمات الحديثة والصغيرة إلى صفوفه، واضعاً التنظيم الأمّ «القاعدة» في موقف لا يحسد عليه. وفي هذا السياق يقول دومينيك توماس المختص في الحركات الجهادية في المدرسة الفرنسية العليا للعلوم الاجتماعية: «استفاد داعش من التحالف مع المجموعات التي انقسمت على بعضها… أنصار بيت المقدس مجموعة نشأت في سيناء ولها وجود قوي هناك، وهي نواة التمرد ضدّ الجيش المصري، وأثبتت على الدوام استقلالها عن القاعدة، لكنها اليوم اختارت أن تتبع داعش».
إذاً نحن الآن في مواجهة تمدّد «داعش» إلى مصر، مع ما يحمله ذلك من تداعيات باتجاهين: الأول، اتباع أساليب «داعش» الوحشية في العمل على الأرض وزيادة التطرّف، وهو ما من شأنه أن يدفع الدولة المصرية إلى خوض حرب أكثر مباشرة وقسوة مع الاتنظيمات المتطرّفة في سيناء، وهو ما يطرح فرضية تعزيز الدور المصري في تحالف أوباما مع مراعاة الخطوط الحمراء للأمن القومي المصري.
أما الثاني، فتأثير الدومينو على التنظيمات المتطرّفة الأخرى في المغرب العربي من ليبيا مروراً بتونس، بعد اعتراف «أنصار بيت المقدس» بتنظيم «داعش»، وبالتالي تمدّد التنظيم على كامل جغرافيا دول «الربيع الأميركي».
كاتب سوري