ماي تغادر قمة الاتحاد الأوروبي دون الحصول على ضمانات بخصوص اتفاق بريكست
غادرت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي أمس، قمة قادة الاتحاد الاوروبي في بروكسل دون إحراز أي تقدم، متعهدة بـ»القيام بمزيد من المباحثات للحصول على ضمانات من قادة الاتحاد لمساعدتها على الترويج لاتفاق بريكست في بريطانيا».
وحضرت ماي إلى بروكسل بهدف الحصول على ضمانات إضافية من نظرائها الأوروبيين لتعزيز فرص التصويت على اتفاق خروج المملكة من الاتحاد.
ولم يقتنع قادة أوروبا بحجج ماي كما أبدوا انزعاجهم من المطالب «المبهمة» لرئيسة الوزراء البريطانية، كما رفضوا «إعادة التفاوض على بنود الاتفاق الخاصة بمسألة الحدود الإيرلندية المثيرة للجدل».
وقال دبلوماسيون أوروبيون «إنّ ماي لم تتمكّن من شرح ما الذي تريده بالتحديد او كيف ستضمن تأمين غالبية التصويت في البرلمان لصالح الاتفاق».
وتعود ماي للندن للاستعداد لطرح الاتفاق مجدداً أمام البرلمان، بعد خمسة أيام فقط من إرجائها تصويتاً مقرراً بسبب المعارضة الكبيرة في صفوف حزبها نفسه.
وقالت ماي في مؤتمر صحافي في بروكسل «لا يزال هناك عمل يجب إنجازه وسنجري مباحثات خلال الأيام المقبلة حول كيفية الحصول على مزيد من الضمانات التي يحتاج إليها البرلمان البريطاني ليكون بوسعه تمرير الاتفاق».
ولم يتضح على الفور أي مباحثات إضافية كانت ماي تشير إليها، خصوصاً بعد أن أزال قادة الاتحاد عبارة من النسخة النهائية لمحضر الاجتماع تشير إلى «ضمانات إضافية» بخصوص مسألة الحدود.
من جهته، قال رئيس المجلس الاوروبي دونالد توسك «ليس لديّ صلاحية لتنظيم اي مفاوضات إضافية».
وتابع «علينا استبعاد اي نوع من اعادة فتح التفاوض بخصوص اتفاق الانسحاب لكننا سنبقى هنا في بروكسل وانا دائماً في خدمة رئيسة الوزراء ماي».
وقال مسؤولون أوروبيون «إنّه لن تعقد قمم أوروبية قبل 21 كانون الثاني»، وهو الموعد الذي حدّدته كموعد نهائي لطرح الاتفاق للتصويت أمام البرلمان، كما لم تطلب ماي نفسها عقد قمة.
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون «هناك اتفاق، الاتفاق الوحيد والأفضل الممكن ولا يمكنني إعادة التفاوض بشأنه. لكن يمكن أن نوضح ونطمئن».
وكان رئيس الوزراء البلجيكي شارل ميشال قال أمس، إنّ «المؤشرات التي عبّرت عنها رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي أول أمس، ليست مطمئنة بشكلٍ كافٍ حول قدرة لندن على الوفاء بالتزاماتها الواردة في اتفاق بريكست».
وأورد ميشال عند وصوله للمشاركة في ثاني أيام القمة الأوروبية في بروكسل «سنحضّر أنفسنا إذاً لكلّ الفرضيات» وبينها احتمال خروج بريطانيا «بدون اتفاق».
وليل أول أمس، أعلن رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر أن على «زملائنا البريطانيين أن يقولوا لنا ماذا يريدون بدل أن يطلبوا منا قول ما نريد»، مؤكداً أنه «لا يوجد وقت على الإطلاق لإعادة التفاوض».
وأوضحت صور لليوم الأول للقمة الاوروبية نقاشاً حاداً بين ماي ويونكر، وقال قارئو الشفاه لوسائل إعلام بريطانية «إنّ ماي كانت تقول ماذا نعتني؟ لقد نعتني بالغامضة. نعم لقد فعلت ذلك».
وكانت ماي تسعى للحصول على «ضمانات قانونية وسياسية» بأنّ اتفاق «شبكة الأمان» بخصوص الحدود الإيرلندية لن يبقي لندن عالقة في الاتحاد الجمركي الاوروبي للأبد.
وتنصب معارضة اتفاق بريكست على مسألة اتفاق «شبكة الأمان» الرامي لإبقاء الحدود بين بريطانيا وإيرلندا مفتوحة حتى توقيع اتفاق تجاري جديد بين بريطانيا والاتحاد الاوروبي.
وفيما تضمنت مسودة محضر الاجتماع عبارة «أن الاتحاد الاوروبي مستعد للنظر في أي ضمانات إضافية يمكن تقديمها» بخصوص «شبكة الامان»، تمت إزالة العبارة من النسخة النهائية لمحضر الاجتماع.
وقالت مصادر أوروبية «إنّ الأجواء كانت متوترة خلال الاجتماع، إذ قاطعت المستشارة الألمانية انغيلا ميركل وقادة آخرون ماي لسؤالها عما تريد تحديداً وكيف ستتمكن من تمرير الاتفاق».
وقال مصدر آخر حضر الاجتماع «إنّ ماي ناقضت نفسها وعجزت عن تحديد أي ضمانات بخصوص شبكة الأمان يمكن أن تكون مفيدة، ما ازعج قادة الاتحاد».
لكن رئيس حكومة لوكسمبورغ كزافيه بيتل دافع عن ماي أمس، قائلا إنها «قامت بعمل رائع. وحصلت على أفضل اتفاق ممكن» على الرغم من عدم قدرتها على إقناع نواب حزبها. وقال بيتل إنّ «المشكلة في اعضاء البرلمان في لندن».
وفي بلفاست، أكّدت رئيسة الحزب الوحدوي الديموقراطي الايرلندي أرلين فوستر «أنّ حزبها، الذي يضمن لماي غالبية مقاعد البرلمان بفارق ضئيل، لن يدعم اتفاق بريكست الذي توصلت له ماي مع بروكسل».
وقالت «هذه صعوبات من صنع رئيسة الوزراء. لقد تم التوقيع على اتفاق كانت رئيس الوزراء تعلم أنه لم يحصل على دعم البرلمان».
وواجهت ماي انتقادات كبيرة لاستراتيجية بريكست من النواب المتشددين حيال الاتحاد الاوروبي في حزبها، كما يعارض الحزب الوحدوي الديموقراطي الايرلندي أيضاً الاتفاق.
وهم يريدون إلغاء شبكة الأمان تماماً من الاتفاق، لكن رئيس الوزراء الإيرلندي ليو فارادكار أبرز مجدداً الحاجة إلى ضمانات قانونية بخصوص إبقاء الحدود الإيرلندية مفتوحة.