«الكينوا»… نبتة من أميركا اللاتينية تلقى اهتماماً كبيراً من المزارعين في لبنان

تحقيق: فاديا طبيب

منذ فترة زمنية غير بعيدة، بدأت نبتة «الكينوا» تدخل لائحة الطعام في المطبخ اللبناني، إذ أُعجب بها المستهلك اللبناني الذي تعرّف إلى هذه النبتة وفوائدها، واهتمّ بها المزارعون في لبنان الذين تجاوبوا مع جهود منظمة الأغذية والزراعة الدولية «فاو»، فأدخلت «الكينوا» إلى الزراعة اللبنانية، بعدما توفّر لها الدعم المطلوب من خلال المشروع الإقليمي للدعم التقني لزراعة «الكينوا»، الذي صار يشمل دول عدّة بينها الجزائر، مصر، إيران، العراق ولبنان.

صحيح أنّ زراعتها لا تزال تجريبية في مناطق لبنانية مثل تل عمارة، صور وكفردان، إلا أنّ تمدّدها يتمّ تدريجياً في المناطق الزراعية اللبنانية، علّها تساهم في حلّ معضلات يعاني منها القطاع الزراعي الوطني.

إن سبب الإقبال على زراعة «الكينوا» يعود إلى وفرة الخصائص الغذائية الفريدة فيها، وما تؤمّنه من غذاء جيّد ووفير، في وقت تزداد الحاجة في العالم إلى إطعام العدد المتزايد من السكان نتيجة التغيّر المناخي، علماً أنّ «الكينوا» صارت تعتبر مصدراً غذائياً بديلاً في البلدان التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي، أو تلك التي تشتكي من شحّ في الموارد المائية أو البيئية المناسبة.

اكتشف الإسبان هذه النبتة منذ آلاف السنين، وظهرت للمرة الأولى في أميركا الجنوبية تحت اسم «الكيشوا»، وعُرفت في الماضي بذهب شعوب «الأتكا» الذين تناولوها للحفاظ على صحتهم.

«الكينوا» من أنواع الحبوب، وتنمو بشكل طبيعي في جميع بلدان أميركا الجنوبية من كولومبيا مروراً بالأرجنتين إلى جنوب تشيلي، فضلاً عن البلدان المنتجة الرئيسة مثل بوليفيا، البيرو والإكوادور. وأخذت في الفترة الأخيرة تنتشر في ما يزيد عن 70 بلداً في العالم، من ضمنها فرنسا، إنكلترا، السويد، الدنمارك، هولندا، إيطاليا وغيرها من الدول. كذلك ظهرت «الكينوا» في مروج أونتاريو الطبيعية في كندا. كما يمكن أن تنجح زراعة هذا المحصول في جبال الهملايا وسهول الهند الشمالية.

وأوضحت الاختصاصية في التغذية ساندرا كويفتية لـ«الوكالة الوطنية للاعلام» أنّ «نبتة «الكينوا مهمة جداً، إذ يمكنها أن تنمو في ظروف صعبة لأنها تتحمّل الجفاف وتقاوم الرطوبة بنسبة تتراوح بين 40 في المئة و88 في المئة، كما أنها تقاوم النقص في الرطوبة، ويمكن زراعتها في مناطق المنخفضات أي من بداية سطح البحر حتى المرتفعات والمناطق الجبلية ذات ارتفاع 3800 متر».

وأكّدت ساندرا كويفتية أنه في ظل التغيّرات المناخية واشتداد المنافسة الزراعية، قدّمت حبوب «الكينوا» نفسها كبديل غذائي عن القمح والرزّ، لا سيما أن مفعولها الغذائي مثاليّ، فهي غنية بالفيتامينات، خصوصا البروتيين، لأن كل مئة غرام من «الكينوا» تحتوي على 14 غراماً من البروتيين الذي يحتاج إليه الأشخاص الذين يعتمدون الغذاء النباتي، إذ يمكن أن يعوّضهم عن اللحوم. كذلك تحتوي «الكينوا» على المعادن مثل الكالسيوم، الماغنيزيوم، الحديد، البوتاسيوم، السوديوم، الأوميغا 3 والزنك. وتحتوي نبتة «الكينوا» أيضاَ على فيتامينات: « E»، و«A»،و«B»، وهي غنية بالألياف، ما يساعد الجهاز الهضمي وتحدّ من الإمساك وتحارب مرض السكري.

وتشير ساندرا كويفتية إلى أنّ نبتة «الكينوا» تناسب الأشخاص الذين يعانون من حساسية حيال اللاكتوز، المادة الموجودة في الحليب، وأولئك الذين يتحسّسون من مادة الغلوتين الموجودة في القمح وظهرت التجارب والفحوصات أن «الكينوا» تحارب الكوليسترول وتحافظ على الكوليسترول الجيد نظراً إلى غناها بالمواد ضدّ الأكسدة وقدرتها على محاربة مرض السرطان.

ويعرف البشر ثلاثة أنواع من نبتة «الكينوا»: الحمراء والصفراء والسوداء، وهي تزرع بأنواعها الثلاثة في المناطق اللبنانية، إضافة إلى دخولها الأسواق اللبنانية بقوة في المحال والسوبرماركت، على رغم سعرها المرتفع بعد ازدياد الطلب عليها.

أما طريقة تحضير «الكينوا» فسهلة، إذ تتلخص بإضافة كوبين من الماء على كل كوب من هذه الحبوب، وتوضع على نار هادئة، ويمكن تناولها في كلّ وجبات الطعام، أي في الإفطار وعند الظهر وعند المساء. ويمكن تقديمها على شكل حلويات أو وجبة رئيسة ومع اللحوم والأسماك والخضار، ويمكن لـ«الكينوا» أن تدخل في برنامج غذائي للذين يتّبعون حمية لخفض الوزن، بدلاً من القمح والرزّ.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى