واشنطن تضع شروطاً لرفع العقوبات ومدفيديف يرى ان «الكرة في ملعبها»

أعلن رئيس الوزراء الروسي دميتري مدفيديف أن على الولايات المتحدة القيام بالخطوة الأولى من أجل تحسين العلاقات الروسية ـ الأميركية. وقال: «الكرة في ملعبهم، وعليهم أن يتخذوا القرارات المطلوبة»، معرباً عن أمله في تجاوز هذه المرحلة من العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة وأوروبا.

وامتنع مدفيديف في حديث للصحافيين أمس عن تحديد موعد محتمل لتحسن العلاقات بين البلدين، قائلاً «ذلك لا يتوقف علينا لأننا لم نفرض العقوبات»، مشيراً إلى أن هذه العقوبات لا تؤثر كثيراً في العلاقات الدولية، وبخاصة العقوبات أحادية الجانب لا العقوبات الدولية التي تفرض على أساس ميثاق الأمم المتحدة.

وأعرب رئيس الوزراء الروسي عن أسفه لأن الولايات المتحدة تفضّل فرض العقوبات بدلاً من التعاون مع روسيا في مواجهة الأخطار المشتركة التي تتمثل في عدم استقرار الأسواق المالية ونقص الحوافز لتطوير الاقتصاد العالمي والخطر الإرهابي ومحاربة تنظيم «الدولة الإسلامية» وانتشار فيروس «إيبولا».

وكانت تقارير إعلامية قد أفادت بأن مدفيديف تحادث من جديد لفترة قصيرة مع الرئيس الأميركي باراك أوباما في أروقة قمة شرق آسيا التي أجريت في ميانمار، إذ أشار رئيس الوزراء الروسي أنه لم يتمكن من إجراء محادثات كاملة مع أوباما، لأن إطار القمة لا يسمح بذلك، مؤكداً أن علاقاته الشخصية مع أوباما جيدة على رغم وجود خلافات بين البلدين.

جاء ذلك في وقت قالت مندوبة الولايات المتحدة في مجلس الأمن الدولي سمانثا باور إن بلادها جاهزة لرفع العقوبات عن روسيا إذا توافرت شروط عدة منها «توقف القتال في أوكرانيا» بحسب تعبيرها.

وقالت باور في جلسة مفتوحة لمجلس الأمن لبحث الملف الأوكراني: «مازلنا على استعداد لإلغاء العقوبات إذا توقفت المعارك وأغلقت الحدود وسحبت القوات والمعدات الأجنبية كافة، وأطلق سراح الأسرى».

وقد وُجهت إلى موسكو اتهامات جديدة تتعلق بوجود قوات روسية على أرض أوكرانيا، الأمر الذي نفته موسكو بشدة، وقالت إنه يأتي في مسار الدعاية الكاذبة غير المثبتة بأية براهين، مؤكدة أنها اعتادت مثل هذه الادعاءات.

وقال ألكسندر بانكين، نائب المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة إن المزاعم حول دخول قوات روسيا أراضي أوكرانيا أكاذيب دعائية.

وفي اجتماع عقده مجلس الأمن الدولي لبحث الوضع في أوكرانيا أشار بانكين إلى أنه «لا يستطيع أحد تقديم أدلة تثبت هذا التدخل، وبالتالي فهو كلام فارغ»، مشيراً إلى أن كييف تروّج للإشاعات حول نقل أسلحة ووحدات من الجيش الروسي إلى جنوب شرقي أوكرانيا «بهدف تبرير إخفاقاتها وتكثيف إرسالها للقوات والآليات العسكرية إلى الجبهة».

وكانت الولايات المتحدة قد حثّت في وقت سابق مجلس الأمن على زيادة الضغوط الدولية على روسيا لحملها على التقيد بوقف إطلاق النار في أوكرانيا، بينما نفت روسيا أنها تشكّل تهديداً لجارتها. وقالت المندوبة الأميركية في المجلس: «ما نحتاج أن نفعله هو زيادة الضغوط على روسيا حتى تتقيد باتفاق مينسك وتختار مسار إنهاء التصعيد».

وفي سياق متصل، دعت وزارة الخارجية الروسية منظمة الأمن والتعاون في أوروبا إلى أن تتحلى بالموضوعية في عملها بأوكرانيا. وقال المتحدث باسم الخارجية ألكسندر لوكاشيفيتش أمس، «ندعو إلى أن تكون بعثة منظمة الأمن والتعاون في أوروبا عاملاً غير منحاز وليس شاهد اتهام في أوكرانيا»، مشيراً إلى أن تقرير المنظمة الدولية حول قصف مدرسة في دونيتسك يدفع إلى الشك في موضوعية تقارير البعثة.

وأكد الدبلوماسي الروسي من جديد عدم وجود أية قوات روسية في أوكرانيا، مشيراً إلى أن موسكو ستدرس تقرير منظمة الأمن والتعاون في أوروبا بهذا الشأن. وقال: «أعلن رسمياً أنه لا يوجد أي عسكريين أو أية تحركات عسكرية عبر الحدود، لم ولا توجد أية قوات لنا في أراضي أوكرانيا أو جنوب شرقي البلاد».

كذلك اعتبر لوكاشيفيتش أن «استئناف القتال في شرق أوكرانيا سيكون كارثة»، معرباً عن قلقه بشأن تنفيذ سلطات كييف التزاماتها. وقال: «إن وزير الدفاع الأوكراني تحدث علناً عن تحضير استئناف العملية العسكرية»، مؤكداً ضرورة الحيلولة دون تحقق هذا السيناريو.

المتحدث الروسي أكد أن بلاده لا تزال تعتبر اتفاقات مينسك أساس تسوية الأزمة الأوكرانية، منوهاً إلى أن أية محاولات لتسوية الأزمة الأوكرانية سلمياً من دون الأخذ برأي جنوب شرقي أوكرانيا، ستكون غير فعالة.

من جهة أخرى، أعرب لوكاشيفيتش عن أمله في تشكيل حكومة أوكرانية جديدة ستقوم بحل المشاكل التي تواجهها البلاد ومراعاة حقوق جميع المواطنين بغض النظر عن انتماءاتهم اللغوية.

ودعا الدبلوماسي الروسي الجانب الأوكراني إلى التعاون بشأن إيصال المساعدات الإنسانية الروسية إلى جنوب شرقي أوكرانيا في 14 تشرين الثاني، وأشار إلى أن 82 شاحنة تابعة لوزارة الطوارئ الروسية ستنقل عبر الحدود مع أوكرانيا في مقاطعة روستوف 625 طناً من المساعدات الإنسانية.

كذلك أشار أندريه ليسينكو متحدث باسم الجيش الأوكراني أمس إن قوات الحكومة الأوكرانية لا تعتزم التخلي عن وقف إطلاق النار في شرق البلاد الخاضع لسيطرة «الانفصاليين». وقال: «لا نعتزم التخلي عنه»، لكنه حذر من أن الانفصاليين الموالين لروسيا يحشدون قواتهم وقد يشنون هجوماً جديداً، بحسب تعبيره.

ويأتي ذلك بالتزامن مع تصريحات لايهور بروكوبتشوك مبعوث أوكرانيا لدى منظمة الأمن والتعاون في أوروبا قال فيها: «إن وقف إطلاق النار في شرق أوكرانيا انهار تقريباً».

وتراقب المنظمة وقف إطلاق النار الذي جرى الاتفاق عليه في مينسك عاصمة روسيا البيضاء في الخامس من شهر أيلول بعد أسابيع من القتال بين قوات الحكومة الأوكرانية وقوات الدفاع الشعبي.

ونقل عن المبعوث الأوكراني قوله لصحيفة «دي بريس النمساوية» خلال مقابلة إنه تصعب مواصلة الحديث عن وقف إطلاق النار، وأضاف: «منذ اتفاق مينسك… لدينا أكثر من 2400 انتهاك لوقف إطلاق النار من جانب الجماعات المتشددة. وقتل أكثر من مئة جندي أوكراني وعشرات المدنيين».

وأضاف بروكوبتشوك إن القوات الأوكرانية لم تنتهك وقف إطلاق النار. وقال: «كل القوات الأوكرانية لديها أوامر بالتزام وقف إطلاق النار. لكن حين تتعرض للهجوم ترد».

ويتعرض وقف إطلاق النار لانتهاكات يومية وبشكل متصاعد منذ إجراء انتخابات في شرق أوكرانيا لاختيار زعيم في الثاني من تشرين الثاني وهي انتخابات وصفها الغرب والرئيس الأوكراني بيوتر بوروشينكو بأنها غير مشروعة. وتجاوز عدد القتلى 4000 شخص بعد الاتفاق على الهدنة واتهمت كييف روسيا بإرسال مزيد من القوات إلى شرق أوكرانيا الأسبوع الماضي.

وفي شأن متصل، اتفقت الدول المشاركة في التحقيق بتحطم طائرة «بوينغ» الماليزية في شرق أوكرانيا على تمديد التحقيق لمدة 9 أشهر. وجاء في بيان صادر عن وزير العدل الأسترالي مايكل كينان أمس، أن الدول الأعضاء في المجموعة الموحدة الخاصة بالتحقيق في الحادث، والتي تضم هولندا وأوكرانيا وأستراليا وبلجيكا وماليزيا وغيرها من الدول اتفقت على تمديد التحقيق حتى آب عام 2015.

وأكد البيان أن أستراليا ترمي إلى العمل خلال الفترة الضرورية من أجل معاقبة المسؤولين عن تحطم الطائرة، في حين أشار الوزير الأسترالي إلى أنه أجرى عدداً من اللقاءات في كييف وأكد لأوكرانيا التزامات بلاده بشأن المشاركة في التحقيق، مشيراً إلى أن الخبراء الأستراليين سيعودون إلى منطقة تحطم الطائرة حين يسمح الوضع الأمني بذلك.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى