جبران عريجي القامة السنبلة
فيرا يمين
القامات الممتلئة كسنابل قمح نتطلّع إليها ونحن نحاول أن نعدّ حبّات القمح ونظلّ نعدّ حتى النعاس لكنّ النعاس لا يشبهك بل يغار من وعيك ويقظتك وقدرتك على توزيع ثقافتك حبّات قمح على بيدر الميدان في إهدن وكلّ البيادر الممتدة من الشمال إلى بيروت التي تكاد تفرغ من مفكريها إلى دول الانتشار التي عملت فيها ملتزما عقيدتك ومعتنقا ثقافتك.
تعدّدت ألقابك وتنوّعت مناصبك لكن كلّ الألقاب والمناصب تتكسّر أمواجاً على صخرة معرفتك.
لم يتبدّل إيمانك يوما ولم يتشقّق لأنّ إيمانك من وعي وقناعتك من إدراك، ولم تفرّط يوما بصداقة بل كنت الضيف أو المضيف على طاولة الكلام عن التاريخ والجغرافيا والدين والفلسفة والأدب والمقاومة، عن لبنان وسورية والعراق ومصر ودائماً وأبداً فلسطين بنبض إهدني لا يخفت وهوى لاتيني أسمر وعقيدة لا تشيب.
وموعد جورج يمّين الثقافي تحبّره على روزنامة الذاكرة والوجدان وكم استعدنا جورج معاً حباً ووجعاً وسخرية من واقع مريض.
ولم أتوقع يوماً أن تتوحّدا في الوجع وأن ينال منكما «الخبيث» ربما لأنكما صادقان وطيبان ووديعان.
جبران عريجي أتذكرك تملأ عبوات المياه من رأس النبع في إهدن وحيدا في سيارة متواضعة من دون عرض او استعراض، وكم سأتذكّر جلساتنا والكلام الهمس عن خفة يصاب بها المجتمع وتخلّف ينال منا جميعا بحكم تراجع فكري او تورّم ثقافي او خلل معرفي.
الجلسة معك تعوّض عن قراءة كتاب والحديث معك يفيض دقة وتشخيصا وتصويباً.
من حظي أنني أعرفك عن كثب وكم أغبط نفسي على ثقتك بي التي تلامس الفخر كما همست لي مرارا زكية زوجتك ورفيقة دربك والام والمحتضنة.
والجمعية «الوهمية» التي أسسناها معاً تتسع للأسف دائرتها بحكم اتساع رقعة الجهل، ولكن عزاءنا ان «سورياك» انتصرت قبل أن تغفو وعرينك إهدن عرين دائما وأبداً.