هل دخلت سورية رسمياً زمن التسويات؟
روزانا رمّال
بقراءة سياسية لحركة اتصالات ولقاءات دولية اقليمية تلفت عدة مؤشرات رئيسية الى انّ شيئاً ما يجري جدياً في ما يتعلق بحلّ الازمة السورية سياسياً، خصوصاً لجهة تزامن الأحداث وربطها بمثلها سابقاً، وما نتج منها، وكلها تضاف الى المشهد السوري لتؤسّس الى قاعدة حقيقية لحراك دولي نحو سورية.
تزامن ثلاثة أحداث أو معطيات دولية إقليمية تأخذ الى توضيح الصورة أكثر…
الاول: مؤشرات الموقف الاميركي المتبدّل تجاه سورية الذي يقول إنه بالرغم من تحفظ الولايات المتحدة الدائم منذ اندلاع الأزمة في سورية، وتكرار موقفها برفض التعاون مع الأسد، والمطالبة بتنحّيه، بل العمل والحشد في مؤتمرات دولية لإسقاطه، تبرز مواقف كبار العاملين في الإدارة الاميركية بينها موقف لافت لوزير الخارجية الاميركي يقول فيه إنه يسعى الى تشكيل فصيل معارض لاستجلاب الاسد الى المفاوضات، وفي هذا قبول ان الاسد طرف في المفاوضات.
الموقف الثاني لوزير الدفاع الاميركي الذي قال فيه إنّ الأسد من الممكن أن يكون مستفيداً من ضربات الولايات المتحدة الاميركية على «داعش»، بمعنى آخر يفسّر كلام هاغل اننا نعرف أنّ الأسد يستفيد وهذا لا يحرجنا.
ثانياً: حول مبادرة دي ميستورا جاء التعليق الأميركي عبر البيت الابيض بالتشكيك في جدية تعاون الرئيس الاسد مع المبادرة، و بالتالي فإنّ الاميركيين لم يقولوا: نرفض ان تحمل مبادرة دي ميستورا اي دور للأسد في التفاوض، بل استبدلوها بالتشكيك، الذي إنْ دلّ على شيء فهو واحد: انتظار الاثبات وهنا الاثبات ان تمّ فيه اعتراف اميركي ضمني بقبول الامر الواقع.
من جهة اخرى، وللتذكير، فإنّ تشكيك البيت الابيض هذا هو نفس الأسلوب الذي استعملته الادارة الاميركية لدى تعليقها على موقف الأسد تجاه الكيميائي، وتجاوبه، حيث شككت حينها أيضا بتعاون الاسد واذ بالاتفاق يتمّ.
معرفة الاميركيين بالاسد تقول لهم انه لو اراد ان يقول «لا» لمبادرة دي ميستورا او لاأّ موفد لقالها، وبالتالي فإنّ اعتبار الأسد أنّ مبادرة دي ميستورا جديرة باالدراسة بغضّ النظر عن الموقف منها وماهيتها، فإنّ هذا أيضاً بالنسبة للديبلوماسيين والمتابعين جدير بالتوقف عنده.
ثالثاً: يحدث في موسكو: أربعة رموز من المعارضة السورية الوازنة زارت موسكو تدريجياً، وأجرت لقاءات مع المسؤولين، الروس كان قد سبقها كلام واضح من لافروف، وموقف روسي يعتبر انّ الائتلاف السوري سقط نتيجة عدم قدرته على تقديم ايّ جديد لحلّ الازمة، عدا عن الخلافات الكبيرة فيه، ولا بدّ من التفكير بوفد جديد ليمثل المعارضة السورية، هذه الشخصيات هي أحمد معاذ الخطيب، ميشال كيلو، قدري جميل وهيثم مناع.
وفي السياق يلفت ما تداولته وسائل إعلام اميركية واوروبية وروسية عن ان هذه الرموز جاءت إلى موسكو بتنسيق روسي – مصري وفي هذا الكلام قدر من المصداقية. فالمعروف انّ احمد معاذ الخطيب هو رجل مصر والازهر، وميشال كيلو صاحب العلاقات الطويلة مع مصر، وهيثم مناع هو عضو قيادي في هيئة التنسيق التي يرأسها حسن عبد العظيم المعروف بعلاقته بالمخابرات المصرية القديمة.
هذه كلها مؤشرات على موقف اميركي جديد تجاه سورية اولاً، ومؤشرات على حراك دولي اقليمي سياسي جدي نحوها ايضا، اضافة الى مواقف سورية من الاسد شخصيا تشجع رسمياً على البناء على ان مرحلة جديدة مقبلة، فهل التزامن بين مسارات الثلاثة هو محض صدفة؟
هل يُعقل انّ هذا التزامن بالاشارات الكبرى ايضاً محض صدفة بين مواقف اميركية وحراك روسي ومبادرة اممية عبر دي ميستورا؟ ام انه زمن التسويات قدم الى سورية؟
«توب نيوز»