الفرصة مفتوحة لالتقاط مبادرة السيد نصرالله… فهل يتحرّر «14 آذار» من ارتباطاته الخارجية؟

نورالدين الجمّال

تلتقي الأطراف السياسية اللبنانية على اعتبار مأزق الاستحقاق الرئاسي، العنوان الأبرز لانسداد المسارات السياسة اللبنانية، ويصل البعض في الكلام عن تداعياته إلى حدّ التشكيك في قدرة صيغة الطائف على الاستمرار. واللافت للانتباه أنّ جهات أساسية في لبنان على ضفتي الانقسام الداخلي في 14 و8 آذار، تربط بين المخارج الممكنة وآفاق التفاهم الإيراني ـ السعودي، في حين اعتبر رئيس الحكومة تمام سلام أنّ التوصّل إلى اتفاق محتمل بين إيران والولايات المتحدة الأميركية حول الملف النووي قد يكون هو المفتاح لتفكيك العقد اللبنانية بما فيها الاستحقاق الرئاسي.

في هذا المجال، يعود بعض المراقبين إلى مضمون الاتصالات التي يجريها رئيس مجلس النواب نبيه بري مع جميع الأطراف، وإلى الأجواء الإيجابية التي تسرّبت مؤخراً من عين التينة حول وجود آفاق حلحلة في المناخ الدولي والإقليمي الذي يحيط بالاستحقاق الرئاسي.

في هذا المناخ، قدّم الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في خطابه الأخير مبادرة كانت مهمّة في مضمونها، حيث أكد السيد نصرالله حصول قيادة حزب الله وحلفائها على تفويض كامل من سورية وإيران في شأن الاستحقاق الرئاسي، داعياً الفريق الآخر إلى الحصول على تفويض مماثل من شركائه الإقليميين، ليُصار بعدها عبر الحوار اللبناني ـ اللبناني، إلى التفاهم على موضوع رئاسة الجمهورية وغيره من المواضيع الخلافية. ويتضح حجم الأهمية التي حملتها مبادرة نصرالله من خلال ربطها، بإعلانه في الخطاب نفسه الاستعداد للحوار مع تيار المستقبل.

وتشير التطورات التي أعقبت خطاب السيد نصرالله وأحاطت باتصالات رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى استمرار العقد الإقليمية، وقد عزّز هذا الانطباع إعلان العماد ميشال عون أنّ المناخ السلبي الذي أحاط بموقف الرئيس سعد الحريري بعد فترة مهمّة من الانفتاح والحوارات مع العماد عون وقيادة التيار الوطني الحر، جاء نتيجة «فيتو» وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل على انتخاب العماد عون رئيساً، بعدما تمّ تداول كلام كثير عن تجاوب الحريري مع الجنرال وتوغل البحث الثنائي إلى ما يمكن تسميته مشروع خطة لعهد رئاسي جديد يكون فيه الحريري رئيساً للحكومة.

الأكيد أنّ أي اختراق إيجابي في الملف النووي الإيراني سينعكس على التحالفات والمواقف في المنطقة، ولكن ليس محتوماً أنّ تحولاً سريعاً قد يطرأ في الموقف السعودي أو على خط العلاقات السعودية ـ الإيرانية بصورة تسمح بتوقع انفراج سريع في لبنان، طالما أنّ قوى 14 آذار تربط مواقفها بموافقة رعاتها الإقليميين على أي من الخيارات المستقبلية المتعلقة برئاسة الجمهورية أو رفضها.

وفي هذا السياق، يلفت مصدر متابع لهذا الملف إلى أنّ المباحثات الإيرانية ـ السعودية، لو بدأت غداً وفي مناخ انفراج ثنائي، فالأرجح أنّ الموضوع اللبناني لن يكون الأول على جدول أعمال هذه المباحثات قبل ملفات أخرى كاليمن والعراق وسورية والبحرين. ويرى متفائلون أنّ هناك مؤشرات إلى احتمال فتح الخطوط بين طهران والرياض مجدّداً، منها زيارة الرئيس العراقي فؤاد معصوم السعودية ولقاؤه الملك عبدالله بن عبد العزيز.

وعلى الرغم من استمرار الخلاف والاشتباك في الملفات الأخرى، خصوصاً سورية واليمن وهو ما ينسحب على الملف اللبناني، يعتقد عدد من المراقبين أنّ الموقف الأميركي الذي سيتحدّد في ضوء مصير المباحثات في شأن الملف النووي الإيراني، سيكون هو المفصل المقرّر لمستقبل وآفاق العلاقة السعودية ـ الإيرانية مع تشكيك هؤلاء في إمكانية أن تتحرك السعودية ضدّ التوجهات الأميركية، إذا ما أُبرم اتفاق يدشّن مرحلة جديدة من العلاقة بين طهران وواشنطن. ويعتبر هؤلاء أنّ من المبالغة التعويل على نجاح الجمهوريين في اكتساح الكونغرس، فالتوجهات الأميركية حيال إيران وملفها النووي محسومة على مستوى المؤسسة الأميركية الحاكمة التي تضم الحزبين الديمقراطي والجمهوري، بحيث يحظى الرئيس أوباما وفريقه بتغطية المؤسسة للتفاوض مع إيران ومحاولة التأسيس لتعاون أميركي ـ إيراني مستقبلاً، وهذا الأمر شغل مراكز التخطيط منذ أكثر من 15 عاماً.

يبقى القول أنّ الأسابيع القادمة ستكون صاخبة في تقرير التطورات والعلاقات الدولية والإقليمية المحيطة بلبنان، وتبقى فرصة التقاط مبادرة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله مفتوحة أياً كانت الظروف، لكنها لا تزال تصطدم بارتباط حسابات 14 آذار بالرعاة الإقليميين الذين لم يمنحوا قادة هذا الفريق التفويض الموجود في يد نظرائهم والذي كشف عنه السيد نصرالله.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى