لافروف: إنشاء منطقة عازلة يجب اتخاذه مع دمشق.. واتفاق أضنة بين سورية وتركيا لا يزال سارياً
أعلن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أن قرار إنشاء منطقة عازلة في سورية لا يمكن أن يكون موضوع اتفاق بين روسيا وتركيا فقط، وإنما يجب اتخاذه بمشاركة دمشق، ورأى أن بلاده تعتبر اتفاق أضنة المبرم بين تركيا وسورية عام 1998 لا يزال سارياً.
وقال لافروف في مؤتمر صحافي عقده أمس مع نظيره المغربي، ناصر بوريطة، في الرباط، «بالنسبة للمناقشات حول المنطقة العازلة، المنطقة الأمنية، لا يمكن أن يكون هذا موضوع اتفاق بين روسيا وتركيا. يجب أن يكون هذا خاضعاً للاتفاق مع مشاركة الحكومة السورية، لأنه في نهاية المطاف لا بد من استعادة الحكومة السورية سيطرتها على كامل الأراضي السورية، بما في ذلك المنطقة الآمنة. أنا مقتنع بأن هذا سيكون أفضل حل للمشاكل التي لا تزال قائمة في هذه المنطقة، ويجب أن يكون هناك قدر ضئيل من التدخل الأجنبي قدر الإمكان».
وأعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في وقت سابق، بأنه سينشئ «منطقة آمنة» شمال سورية، مشيراً إلى أن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، طرح عليه مسألة منطقة آمنة بعمق 20 ميلاً، بما في ذلك منطقة آمنة على حدود تركيا.
وقال لافروف، تعليقاً على اتفاق أضنة: «تم إبرام اتفاق أضنة بين تركيا وسورية عام 1998 ومحوره يكمن في إزالة مباعث قلق تركيا الخاصة بأمنها، وقيادة الجمهورية السورية أقدمت على توقيع هذا الاتفاق وتحملت التزامات معينة، ونحن ننطلق من أن هذا الاتفاق يحتفظ بقوته».
وتابع وزير الخارجية الروسي: «حسبما أفهمه، الدولتان المشاركتان في هذا الاتفاق تلتزمان بالرأي نفسه».
وأضاف لافروف، متطرقا إلى المحادثات التي جرت يوم 23 يناير بين الرئيسين الروسي، فلاديمير بوتين، والتركي، رجب طيب أردوغان: «أكدنا مرة أخرى أننا جميعاً مهتمون في نهاية المطاف بإعادة سيادة الجمهورية العربية السورية ووحدة أراضيها، وهو ما وافق عليه شركاؤنا الأتراك بلا مواربة».
وأوضح لافروف أنه «في نهاية المطاف هناك ضرورة واضحة لإعادة سيطرة الحكومة السورية على كامل أراضي البلاد، بما في ذلك المنطقة الآمنة التي يدور الحديث عنها».
وتابع لافروف مؤكداً: «إنني على يقين أن هذا الأمر سيمثل الخطوة الأفضل والحل الأفضل بشكل عام للقضايا التي لا تزال باقية في هذه المنطقة».
وأردف مبيناً: «يجب أن يكون هناك أقل درجة ممكنة من التدخل الخارجي، وهذا ما ننطلق منه في العمل الحالي في إطار عملية أستانا. وفي فبراير سينعقد في أستانة اجتماع جديد بمشاركة الدول الضامنة الـ3 روسيا وتركيا وإيران وممثلي الحكومة السورية والمعارضة بالإضافة إلى مراقبين من الأمم المتحدة والأردن، وأعتقد أنه سيتم العمل على كل هذه المسائل هناك».
وفي سياق متصل، أعرب لافروف عن أمله في أن تُعقد اللجنة الدستورية السورية أولى جلساتها في أقرب وقت.
وفي السياق، بحث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن القومي الروسي الأوضاع في سورية وفنزويلا وعدداً من المواضيع الدولية والمحلية الأخرى.
وقال المتحدث الرسمي باسم الكرملين ديمتري بيسكوف: إنه جرى خلال الاجتماع تبادل للآراء حول الشأن السوري وبصورة خاصة آفاق التسوية السياسية في سورية.
على صعيد آخر، أعربت القبائل والعشائر السورية عن رفضها القاطع لعمليات تركيا في أراضي سورية ومبادرة أنقرة بإقامة المنطقة الآمنة، متعهدة بالدفاع عن البلاد ضد أي شكل من أشكال العدوان.
وذكرت وكالة «سانا» السورية الرسمية أن بلدة أثريا بريف حلب استضافت أمس اجتماعاً موسّعاً «للقبائل والعشائر والنخب الوطنية» ضم آلاف المشاركين بينهم شخصيات من العراق ولبنان.
وأوضحت الوكالة أن الاجتماع هدف إلى «توجيه رسالة للعالم أجمع بأن السوريين بمختلف شرائحهم وأطيافهم يقفون صفاً واحداً في الدفاع عن وحدة الأرض وسيادة الوطن في وجه التهديدات والاعتداءات الخارجية ودعماً للجيش العربي السوري في مواجهة هذه التهديدات وعلى رأسها الإرهاب التكفيري وداعموه».
وأقر المشاركون في الاجتماع بياناً تأسيسياً جاء فيه: «إن الشعب السوري مصمم على الدفاع عن نفسه وأرضه وسيادته بكل الوسائل ضد أي شكل من أشكال العدوان بما فيه الاحتلال الأميركي والتركي للأراضي السورية».
وشدد المشاركون في بيانهم على أن سورية «وطن واحد سيد مستقل وأبناء الجزيرة متمسكون بوطنهم ودولتهم وجيشهم وقيادتهم مؤكدين أن راية الوطن هي علم الجمهورية العربية السورية الذي يرمز لسيادتها وقدسيتها ومعبرين عن الرفض القاطع لإقامة ما تسمى منطقة آمنة شمال البلاد».
كما أكد البيان على استقلال ووحدة أراضي الجمهورية السورية ورفض أي مخطط تقسيمي تحت أي مسمى.
وجاء توجيه هذه الرسالة في الوقت الذي تستعد فيه تركيا، التي أعلن رئيسها، رجب طيب أردوغان، أواخر 2018، عن تأجيل عمليتها العسكرية الجديدة في ســـورية «ضد الإرهابيين»، لإقامـــة المنـــطقة الآمنــة شمال الأراضي السورية وفقاً لاتفاق مع الولايات المتحدة، في مبادرة تعارضها حكومة البلاد باعتبار هذه الخطة انتهاكاً لسيادتها.
وفي سياق مماثل، استقدمت قوات سورية الديمقراطية «قسد» المزيد من التعزيزات الثقيلة من المجنزرات وسيارات «الهمر» الأميركية نحو الريف الغربي لمدينة الرقة لمواجهة انتفاضة العشائر المتصاعدة هناك.
وأكد مصدر أن التعزيزات الجديدة وصلت على دفعات، مشيراً إلى أن الوحدات الكردية بدأت بالتحشيد في محيط بلدتي هنيدة والمنصورة اللتين أطلق أهلهما ثورة ضد الجيش الأميركي والميليشيات التابعة له.
وأضاف المصدر: مع تزايد عجز قوات قسد عن السيطرة على الحراك الشعبي الثائر ضدها في البلدتين حتى الآن، ذهب قادة التنظيم الكردي إلى حشد المزيد من القوات والمدرعات المقبلة من مختلف مناطق انتشارها في شرق الفرات، وإرسالها إلى البلدتين اللتين أعلنتا ثورتهما ضد قسد والتمركز الأميركي .
وأشار المصدر إلى معلومات مؤكدة عن انسحاب القوات الأميركية المنتشرة في الريف الغربي لمدينة الرقة باتجاه مناطق شرق نهر الفرات في مسعى منها لقيادة الصدام المرشح للتصاعد مع العشائر في كلتا البلدتين وجوارهما، من الخلف.
وكانت قوات سورية الديمقراطية قسد قد شنت حملة اعتقالات واسعة في بلدتي المنصورة وهنيدة في ريف الرقة الغربي، وذلك بعدما نشرت الآلاف من مقاتليها في البلدتين على خلفية الحراك الكبير الذي شهدته كلتا البلدتين قبل أيام حيث ثارت العشائر العربية بوجه الفصائل الكردية وعناصر الدوريات الأميركيين بعد مقتل شاب وطعن ثلاثة آخرين من العشائر على أيدي مقاتلين أكراد، وحيث هاجم رجال العشائر المقار الكردية وقاموا بإحراقها وبطرد المقاتلين الأكراد والجنود الأميركيين الذين أصيبوا بحالة من الفزع والارتباك وانسحبوا إلى خارج البلدتين.
وكان المسؤول الإعلامي في مبادرة «عرين الوطن» السورية طه علي محمود قال: إن مقاتلي «قسد» قاموا بمداهمة أكثر من 600 منزل في بلدتي هنيدة، إلا أن أهالي البلدة هبّوا رجالاً وشباناً ونساء وأطفالاً في وجه الميليشيات العميلة ووقفوا بوجه عشرات سيارات الدفع الرباعي المزوّدة برشاشات الدوشكا وهاجموا قوات «قسد» بالحجارة والعصي ومنعوها من اعتقال أي من أهالي البلدة، فيما بادرت القوات المدجّجة بالسلاح بإطلاق النار فـــوق الأهالي دون أن تنجح في إخافتهم، لافتاً إلى أن شـــاباً في العـــقد الثالث من العمر تعــرّض لطلق ناري في كتفه، ولكن في النهاية تمكّن الأهالي من إحباط حملة الاعتقالات وطرد قوات قسد التي ضربت طوقاً أمنياً لمحاصرة قرى هنيدة والمنصورة والصفصاف بعد انسحابها منها.