فنزويلا… شاهد آخر على فشل السياسة الخارجية الأميركية
د. جواد الهنداوي
لم تحصدْ أميركا من سياستها الخارجية، وخاصة في منطقة الشرق الأوسط، غير فشل وانتقاص من مكانتها وهيبتها الدولية. تدخلاتها السياسية والعسكرية والأمميّة منظمات ، المباشرة أو غير المباشرة تلك التي سُميّت بالقيادة من الخلف، في عهد الرئيس الأميركي السابق اوباما ، تحوّلت الى «تورّطات» لها ولحلفائها ولأصدقائها في المنطقة والعالم.
الفشل يعود الى ثلاثة عوامل: العامل الأول، مصدره طبيعة التدخلات الأميركية تدخلات غليظة وسافرة ومخالفة للقانون الدولي وللأعراف الدولية، كما انها تُواجه باستهجان وبرفض دولي، لا فقط مِنْ مَنْ تصنفّهم أميركا أعداء أو خصوماً، وإنما أيضاً من حلفائها وأصدقائها.
العامل الثاني هو أهداف التدخلات الأميركية ظاهرها شعارات الديمقراطية وحريات وحقوق الإنسان وجوهرها الهيمنة ومصالح استراتيجية سياسية واقتصادية.
لم يعُدْ موضوع التدخلات التأثير في سياسة هذه أو تلك الدولة أو المنطقة، وإنما السعي لتغيير الأنظمة وزعزعة استقرار الدول إمّا بواسطة جماعات مسلحّة أو إرهابية كما هي الحال في أفغانستان وسورية، أو بواسطة تدبير ودعم انقلابات كما هي الحال في فنزويلا الآن، أو بوسائل الحصار والعقوبات، كما هي الحال مع إيران.
العامل الثالث هو التوجّه الاقتصادي البحت والقائم على الابتزاز الذي تمارسه الإدارة الأميركية الحالية، وعلى حساب مبادئ وأصول في السياسة الخارجية والعلاقات الدولية، أضف الى ذلك غياب الانسجام والاستقرار بين أعضاء وأركان الإدارة الأميركية.
مثلما فشلت أميركا في استصدار قرار لمجلس الامن يؤيد ويدعم حركة المعارضة أو حركة الانقلاب في فنزويلا، ستفشل كذلك ميدانياً في تغيير النظام في فنزويلا. ما قاله مندوب روسيا في مجلس الامن، تعقيباً على مطالبة أميركا للدول الأعضاء بالاعتراف بشرعية الانقلاب في فنزويلا، جدير بالتأمّل طلبَ مندوب روسيا من مندوبي الدول الأعضاء ما هو رأيكم لو نطلب من مجلس الأمن الانعقاد للاعتراف بشرعية مطالب أصحاب «الستر الصفراء» في فرنسا؟ مع الإشارة، إلى أنَّهم يطالبون برحيل الرئيس ماكرون!
كذلك، لن تنجح أميركا في مؤتمرها المزمع عقده في منتصف شباط المقبل، في بولونيا، وهدفه محاصرة وعزل إيران.
مصيره إماّ التأجيل أو الإلغاء أو تغيير شعار وموضوع المؤتمر كي يكون مؤتمراً عاماً ومكرّساً لشؤون الشرق الأوسط وليس حصراً إيران.
إِنْ كان العالم، في جانبه السياسي، يعاني ويعيب على أميركا ازدواجية المعايير فهو اليوم يواجه غياب المعايير.