لأنها عاجزة عن شنّ الحرب على إيران واشنطن في فخ كراكاس!
محمد صادق الحسيني
خسرت واشنطن الرهان على تشكيل وارسو عربي «سني» ضد إيران بسبب عجز تابعيها المتحاربين مثل داحس والغبراء…!
وخسرت واشنطن تجييش الجيوش الأوروبية ضد إيران في وارسو نفسها أيضاً مؤتمر وارسو بسبب تفتت أوروبا وتشتتها وفقدانها قوام الدول المحاربة وهي المنخورة من الداخل..!
وخسرت واشنطن استعجال حرب إسرائيلية ضد إيران انطلاقاً من سورية، لتقزّم جنرالاتها امام طود سورية الشامخ وغرفة عمليات حلفائها الذين وضعوا ما تبقى من جاهزية قاعدتها على اليابسة الفلسطينية أقرب ما تكون بأعجاز نخل خاوية أمام ثوار غزة واطفال بالوناتها فكيف بها لو امطرت سماء فلسطين صواريخ تشرينية لا تبقي ولا تذر…!
ولأنها كذلك فقد فقدت الأمل حتى في مجرد استفزاز طهران ودمشق فذهبت بعيداً لتتحرّش بكاراكاس، فإذا بها تقع في فخ منظومة أوبك للغاز الشهيرة: موسكو – طهران – الدوحة – الجزائر – كاراكاس…!
روسيا لكم بالمرصاد حرباً بمظلة نووية تحمي كاراكاس ومظلة فيتو مزدوج لو لجأتم لمجلس الأمن، وفيتنام جديدة لو جرّبتم الحرب الأهلية!
من فخ الى فخ اذن والحرب سجال ونجت منطقتنا من سيناريوات رجل الرسوم المتحركة كما كان قد وصفه يوماً سيد الكلام الذي ننتظر وينتظرون..!
لا شك في ان مستشار الرئيس الأميركي للأمن القومي، جون بولتون، ووزير الخارجية الأميركية، مايك بومبيو، لا يدّخران جهداً في التحريض المباشر للرئيس الأميركي على شن عدوان عسكري ضد إيران وذلك بهدف إسقاط نظام الجمهورية الإسلامية وتنصيب نظام موالٍ للولايات المتحدة في إيران.
اذ قام الاول، بصفته مستشاراً للرئيس الأميركي لشؤون الامن القومي، وبالتالي يمثله، قام في شهر أيلول سنة 2018، بصفته هذه بالطلب من البنتاغون. بينما قام وزير الخارجية، مايك بومبيو، خلال كلمته في الجامعة الأميركية في القاهرة قبل أسابيع، بشن حملة تحريض شرسة ضد إيران.
وفِي كلتا الحالتين يبدو من الواضح جداً أنّ هذه الدعوات، لإسقاط نظام الجمهورية الإسلامية في إيران، ليست إلا جزءاً من عقيدة المحافظين الجدد ومجموعات الضغط الصهيونية في الولايات المتحدة. وهي ليست جزءاً من حملة انتخابية أو دعائية لصالح هذا الطرف أو ذاك. وإنما هي نتاج أفكار ايديولوجية سبق أن طرحها عتاة الصهاينة والمحافظين الجدد، ومن بينهم الأستاذ الجامعي اليهودي الديانة والألماني المولد، الذي ولد في مدينة كولونيا الألمانية بتاريخ 4/1/1929 وحمل اسم فيرنر فالك Werner Falk في حينة ثم غيّر اسمه الى أميتاي عتصيني Amita Etzioni، والحامل للجنسية الأميركية حالياً.
هاجر مع والديه الى فلسطين عام 1937. وانضم في العام 1946 لمنظمة البالماخ العسكرية الصهيونية في فلسطين في زمن الانتداب البريطاني وهي عبارة عن وحدة النخبة في منظمة الهاغاناه العسكرية الصهيونية.
وقاتل ضمن صفوفها خلال الحرب الصهيونية عام 1948 والتي ادت الى احتلال فلسطين وإقامة «إسرائيل». وقد هاجر مجرم الحرب هذا الى الولايات المتحدة الأميركية وأكمل دراساته الجامعية العليا وحصل على الجنسية الأميركية وبقي مقيماً هناك حتى الآن.
وقد قام هذا المجرم بنشر كتاب سنة 2014 بعنوان: نقاط ساخنة السياسة الخارجية الأميركية في عالم ما بعد حقوق الإنسان Hot Points: American Foreign Policy in a Post-Human-rights World. وبالعودة الى جذور الدعوات، التي يطلقها جون بولتون وأمثاله لشن حرب أميركية ضدّ إيران، فإننا نجدها في هذا الكتاب، الذي ينضح بالأفكار العدوانية المتطرفة. حيث يدعو الكاتب الى ضرب إيران بنيوياً، أيّ تدمير بناها التحتية عبر عمليات قصف تدميرية لا تبقي ولا تَذَر… لوناً من ألوان عقيدة الضاحية، وذلك كخطوة أولى على طريق تقسيم إيران، عبر تشجيع ودعم الحركات المعارضة والانفصالية.
أما الهدف من وراء هذه العمليات، التي يدعو أميتاي عتصيوني الى تنفيذها ضدّ إيران، فهو:
منع إيران من ملء الفراغ في الشرق الأوسط، والذي قد ينجم عن انسحاب مستقبلي محتمل للقوات الأميركية من هذه المنطقة، والتوجه شرقاً للتصدي لتزايد القوة والنفوذ الصينيين.
وعلى الرغم من كلّ هذا الضجيج، الذي يثيره مروّجو هذه الخطوة العدوانية، فإنّ تنفيذها يبقى مرهوناً بعوامل كثيرة نختصرها في ما يلي:
1 ـ وجود معارضة فاعلة جداً ضدّ تنفيذها، من قبل المؤسسة العسكرية الأميركية والجهات الأخرى ذات الاختصاص، والتي تعرف أكثر من دعاة هذه المخططات، الكلفة المرتفعة جداً لتنفيذها انْ كان على الصعيد المادي أو البشري، وذلك بالنظر الى القوة التي تتمتع بها إيران كدولة إقليمية ذات أهمية.
2 ـ الاختلاف الجوهري بين وجهة نظر الرئيس ترامب ووجهة نظر القوى الداعية الى مهاجمة إيران في فهم طبيعة الهدف المرجو من أي تحرك ضدّ إيران. إذ انّ الرئيس ترامب لم يحسم موقفه، من كلّ هذه الطروحات حتى الآن، ذلك لأنه لا يريد الدخول في حرب ضدّ إيران، قد تتحوّل الى صراع عسكري إقليمي واسع تضطر خلاله الولايات المتحدة الى التدخل المباشر بقوات برية فيه، وانما يريد أن تستسلم إيران لإرادة الولايات المتحدة دون حرب كي لا تتأثر قاعدته الانتخابية بتكاليفها، وبالتالي تتعثر أو حتى تتلاشى جهوده الرامية الى اعادة انتخابه لولاية رئاسية ثانية في الولايات المتحدة. فالرئيس ترامب أثبت في كثير من المواقف أنه قد يستمع لآراء مستشاريه ووزرائه، ولكنه ليس دمية في أيديهم وأنّ جلّ همّه ينصبّ على التحضير للانتخابات الرئاسية المقبلة وعلى تطبيق شعاره الداعي الى جعل «أميركا أولاً».
3 ـ إنّ خيارات الرئيس ترامب تجاه الصين لم تحسم نهائياً حتى الآن. فعلى الرغم من الإجراءات الحمائية التي اتخذها ضدّ الصين، على الصعيد التجاري، إلا أنه عاد ودخل في سلسلة محادثات معها لإيجاد صيغة قريبة من التفاهم معها حول القضايا العالقة بينهما. وهذا ما يقوّض نظرية جون بولتون، التي يحاول إقناع رئيسه بها، والتي تدّعي أنّ الغزو الأميركي للعراق قد مثّل قصة نجاح يجب الاحتذاء بها، ادّت الى تدمير الدولة العراقية، وبالتالي نموذجاً لتدمير دول عربية أخرى لاحقاً. أيّ أنّ بولتون يحاول إقناع الرئيس ترامب بأنّ تدمير الدولة الإيرانية وتحويلها دويلات متصارعة سيشكلان خطوة أساسية على طريق تطبيق هذا النموذج في دول آسيوية أخرى على رأسها الصين.
وبناء على ما تقدّم فإنّ من الواضح انّ الولايات المتحدة وحلفاءها، ورغم القوة العسكرية الهائلة التي يمتلكونها، عاجزون عن توجيه ضربة عسكرية لإيران كما أنهم غير قادرين أيضاً على إخضاعها، من خلال تطبيق أنظمة العقوبات والحصار المالي والاقتصادي الخانق عليها، وأنهم بذلك يضيفون فشلاً جديداً الى فشلهم في تنفيذ مشروعهم الشرق أوسطي، الذي كان يرمي الى تفتيت المنطقة، من خلال إسقاط الدولة السورية وفرض الهيمنة الأميركية التامة على ما يسمّونه «الشرق الأوسط» الأمر الذي نجح محور المقاومة في منع حصوله، من خلال الصمود الأسطوري للدولة الوطنية السورية ثم تحوّل محور المقاومة الى الهجوم الاستراتيجي الشامل، الذي أدّى الى تحرير معظم الأراضي السورية التي سيطر عليها المسلحون الإرهابيون، وصولاً الى ما نشهده الآن من استعدادات لقوات هذا المحور لتنفيذ المرحلة الأخيرة من هجومه الاستراتيجي، والتي ستختتم بتحرير فلسطين كاملة وإعادة رسم خريطة العالم العربي والإسلامي، لا بل خريطة العالم الجديد.
عالم ينهض بسواعد رجال الله على أعتاب عالم ينهار وتأفل نجومه نجمة بعد نجمة، وما فنزويلا ببعيدة عن تحقيق نصر جديد!
بعدنا طيّبين، قولوا الله…