دلالات قول الكرملين إنّ الاتفاقات مع أنقرة لم تنفذ بالكامل
حميدي العبدالله
أعلن الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف «أنّ اتفاقاتنا مع أنقرة بخصوص إدلب لم تنفذ بالكامل من قبل تركيا» مضيفاً «أنّ الوضع هناك لا يزال يثير قلق موسكو ودمشق».
هذه العبارة المقتضبة تنطوي على ثلاث دلالات، الدلالة الأولى واضحة جداً أنّ تركيا لم تستطع الوفاء بتعهّداتها التي وقع عليها وزير الدفاع التركي على هامش القمة التي جمعت الرئيسين الروسي والتركي، ولا سيما لجهة أولاً الالتزام بالجدول الزمني لتنفيذ الاتفاق الذي كان يفترض أن يستكمل قبل نهاية عام 2018، وثانياً لجهة إقامة المنطقة المنزوعة السلاح، إنْ لجهة سحب السلاح الثقيل منها، أو لجهة خلوّها من التشكيلات المصنّفة إرهابية، أو المرتبطة بتنظيم القاعدة من ميليشيا أنصار الدين و«الجيش الإسلامي» التركستاني وغيرها من التشكيلات الأخرى التي هي امتداد لتنظيم القاعدة، وثالثاً محاربة التنظيمات الإرهابية في كلّ محافظة إدلب وليس التعاون معها، ليس فقط في المنطقة المنزوعة السلاح وبل بكامل المحافظة ومحيطها، وهو الأمر الذي شدّدت عليه كلّ تصريحات المسؤولين الروس على امتداد الفترة الماضية، أيّ أنّ التنظيمات الإرهابية غير مشمولة بالاتفاقات التي تمّ التوصل إليها.
الدلالة الثانية، تكمن في تعبير لم «تطبّق بالكامل» واضح أنّ هذه العبارة جرى تضمينها موقف الرئاسة الروسية لإبقاء علاقة ما مع تركيا وعدم تحميلها كامل المسؤولية عن فشل الوفاء بالتزاماتها. إذ من المعروف أنه لم ينفذ على الإطلاق أيّ بند من بنود اتفاق سوتشي، والمسألة ليس فقط عدم تطبيقها بالكامل، وموسكو تعلم أنّ الاتفاقات لم تنفذ بالكامل، بل إنّ العكس هو الذي حصل، فبدلاً من سحب السلاح الثقيل من المنطقة منزوعة السلاح تمّ تعزيزه من قبل جبهة النصرة، ومن قبل الميليشيات المرتبطة بتركيا قبل سيطرة النصرة على إدلب ومحيطها، وبدلاً من سحب الإرهابيين من المنطقة تعزّز وجودهم، وبدلاً من فتح الطرق الدولية استولت النصرة على هذه الطرق، إذن الاتفاقات بكاملها لم تنفذ وموسكو تعلم ذلك علم اليقين، ومع ذلك ضمنت موقفها المعلن عبارة «عدم تنفيذ الاتفاقات بالكامل» لتوحي وكأنّ هناك عناصر في الاتفاق تمّ تطبيقها وهذا لم يحصل، ولكن روسيا أرادت من خلال هذه العبارة عدم القطيعة مع تركيا.
الدلالة الثالثة، تحملها الفقرة الأخيرة التي تؤكد أنّ «عدم التطبيق الكامل يثير قلق موسكو ودمشق، أيّ أنّ سورية وروسيا لا يمكنهما الوقوف مكتوفتي اليدين إزاء هذا الواقع، وبالتالي الأرجح أنّ هذا ما سيعني إطلاق عملية عسكرية واسعة لتحرير إدلب، أو على الأقل فرض الاتفاق كاملاً.