فلسطين: أيّ حوار؟
بلال رفعت شرارة
رغم أنه لا يوجد في المنطقة علامات تبشّر بالخير تتصل بالوقائع الجارية في غير بلد عربي تجري منذ مطلع الاسبوع الحالي، وسط تكتم شديد كالعادة، وبرعاية مصرية اجتماعات بهدف التوصل الى المصالحه الفلسطينية بين فتح و حماس ومحاولة التوصل الى صيغة ملائمة لتحقيق الهدوء ولخفض سقف التوتر السياسي بعد قبول الرئيس محمود عباس استقالة حكومته وإعلان نية فتح تشكيل حكومة فصائلية الأمر الذي لم يلق تأييداً حتى من الجبهتين الشعبية والديمقراطية. وبعد قرار السلطة الفلسطينية سحب العناصر الأمنية من معبر رفح .
وفد حركة فتح يقوده عزام الاحمد عضو اللجنة المركزية وأبرز الشخصيات في ملف المحادثات ويقود وفد حماس هذه المرة رئيس المكتب السياسي إسماعيل هنية وبصحبته عدد من أبرز قيادة حماس، حيث يقوم بزيارة رسمية للقاهرة ومن ثم وبخلاف المرة السابقة عام 2017، حيث قاد وفد حماس الى المحادثات صالح العاروري. يتحادث هنية وعزام الأحمد حول الملفات الخلافية وأبرزها: التفاهمات الأمنية مع «إسرائيل» السلطة الفلسطينية واتهامات فتح لحماس بصياغة تفاهمات سياسية مع «إسرائيل» لتسوية القضية الفلسطينية، الأمر الذي أوصل العلاقات السياسية إلى هوة جغرافية بين الضفة الغربية وقطاع غزة كما ويجري في المحادثات بحث السبل الكفيلة برفع الحصار عن قطاع غزة، واستناداً الى مصادر متصلة بأجواء المحادثات، فإن وفداً من حركة الجهاد الإسلامي يشارك في المحادثات.
مشاركة إسماعيل هنية شخصياً على رأس وفد من قيادة حماس في المحادثات يأتي في سياق زيارة رسمية للقاهرة وجولة تشمل إضافة إلى موسكو كلاً من قطر وربما أنقرة لمناقشة الوساطة الروسية في قضية المصالحة.
ليست هي المرة الأولى التي تستضيف فيها القاهرة جولات المحادثات الفلسطينية – الفلسطينية إذ كانت مصر راعية دائمة لها، وكان ذلك يترافق مع جهد خاص يبذله ولا يزال دولة رئيس مجلس النواب اللبناني وفريق خاص لصياغة تفاهمات فلسطينية تضع حداً للتوترات وتعزّز العلاقات مع جوار المخيمات ومحاولة أن تعكس هذه الإيجابية نفسها على الساحة الفلسطينية، وقد برز ذلك من خلال اجتماعات لممثلي الفصائل الفلسطينية في سفارة فلسطين في لبنان، بحضور سليم الزعنون رئيس المجلس الوطني الفلسطيني ثم من خلال ميثاق الشرف الذي وقعته الفصائل، بحضور الرئيس بري، في مكتبه بحضور سفير فلسطين ووفد من قيادة حركة امل عام 2017، وفي القاهرة وقع عزام الأحمد عن حركة فتح وصالح العاروري عن حماس على وثيقة للمصالحة وتفعيل اتفاق يعود الى عام 2011، ولكن الطرفين لم يقوما بخطوات متقابلة لإنجاز المصالحة ولم تفض الجهود المصرية وآخرها زيارة وفد أمني مصري قطاع غزة بالترافق مع جولة محادثات أجراها المبعوث الدولي لعملية السلام مع قيادات من حماس.
هل تجري المحادثات الآن كما السابق بين الطرفين لمجرد أنهما يتحادثان؟
هل ستشهد الساحة الفلسطينية وحدة فصائلية للخطاب السياسي واستعادة منظمة التحرير الفلسطينية موقعها كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني؟
كل هذا يجري و»إسرائيل» تمضي في إجراءاتها الاحتلالية وآخرها غضّ النظر عن أحد أعضاء الكنيست إجراء مراسم زواجه في المسجد الأقصى، ومحاولة مستوطنين متطرفين إحراق مسجد قرية دير دبوان التي تقع شرق رام الله، ومحاولة المستوطنين إخلاء المزارعين وأصحاب الأراضي الفلسطينية في جناته شرق بيت لحم منها ومنعهم من الوصول إليها، إضافة الى زيادة الوحدات الاستيطانية في مستوطنتي نوكديم و تكواع ، ومحاولة ربط خمس بؤر استيطانية وثلاث مستوطنات ضمن المشروع المسمّى تجمّع غوش عتصيون الشرقي .
الخلافات الفلسطينية المستحكمة لا يبدو أنها ستجد طريقها الى الحل لأسباب سياسية لا تزال تستحوذ على واقع إدارة الشأن الفلسطيني أولا ًوإدارة العلاقات الفلسطينية العربية والإقليمية والدولية والقضية الفلسطينية المفترض أنها تشكل الجامع المشترك والقضية المركزية للفصائل الفلسطينية أولاً وللعرب والمسلمين، وكل الذين يؤمنون بالحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني يبدو أنها تفرّق ! بدلاً من أن توحّد أو أننا متفرقون عنها بدلاً من أن نجتمع اليها.
إلى متى ستبقى «إسرائيل» تستفيد منها؟