حكومة ممنوع عليها الفشل
النائب البروفسور فريد البستاني
إذا أردنا أن نعطي الحكومة الجديدة اسماً يناسبها فهو «حكومة ممنوع الفشل»، فالحكومة الجديدة تنطلق لمسؤوليتها الدستورية والسياسية والاقتصادية محكومة باعتبارين يجمعهما «ممنوع الفشل»، الاعتبار الأول أنها حكومة تتوافر لها كل أسباب النجاح، والاعتبار الثاني أن فشل هذه الحكومة سيكون أكبر كارثة تحل بلبنان.
في أسباب النجاح، تنطلق الحكومة بتوافق سياسي ثابت ومتين، رغم طول مدة التعثر السابق لولادتها. فالواضح أن الكتل الكبرى بلا استثناء تضع ثقلها لإنجاح هذه الحكومة، وتتلاقى على الخطوط السياسية لمهامها، وليس خافياً تطابق كلام المسؤولين الكبار في الدولة عن أولوية الشأن الاقتصادي ومكافحة الفساد، ومثلما في الأولوية الاقتصادية تمثل الحلول العاجلة والدائمة للقضايا الخدمية، وفي مقدمتها الكهرباء والنفايات، طليعة المهام، في مكافحة الفساد يمثل الاحتكام للهيئات الرقابية المعيار الحاسم. وهذا التوافق على التشخيص للمهام لم يكن مرافقاً لتشكيل الحكومات دائماً ويشكل توافره تسهيلا كبيراً لإحاطة الحكومة بالدعم السياسي الذي تحتاجه للنجاح في مواجهة التحديات.
في اسباب النجاح أيضاً أن الأولويات الشعبية والأولويات السياسية تتطابق في تطلعها لهذين المحورين في عمل الحكومة، ومنهما وبهما يمكن الانطلاق لملاقاة أي خطة نهوض اقتصادي تفتح الباب لتأمين فرص العمل، ولتحريك الجمود الاقتصادي، ووقف هجرة الشباب ونزيف الكفاءات إلى الخارج، والفوز باستقطاب اللبنانيين الذين يتوقون للاستثمار في بلدهم أو العودة إليه ويثنيهم عن ذلك الشعور بالإحباط من أداء الحكومات المتعاقبة.
من أهم أسباب النجاح أن الحكومة الجديدة تولد بعدما دارت الأزمات الإقليمية دورة كاملة، بحيث تأتي ولادتها، رغم الملفات الساخنة هنا وهناك إقليميا، في توقيت سياسي إقليمي تتجه في الحرب في سورية نحو آخر محطاتها، ويتجه الوضع العربي نحو لم الشمل والخروج من الانقسام، ولا يبدو وضع المنطقة ولبنان أمام مخاطر حروب كبرى جديدة، كما يبدو الإجماع الدولي والإقليمي على مراعاة الخصوصية اللبنانية في مقاربة القضايا الخلافية مستمراً، رغم ضغط العقوبات الأميركية وما يطال لبنان واقتصاده منها.
لكن أهم سبب للنجاح وأهم سبب لـ«الفشل ممنوع» هو أن هذه الحكومة هي حكومة العهد الذي يترأسه العماد ميشال عون وليست فقط حكومة العهد الأولى، فهي ربما ترافقه للسنوات الباقية من عهده، ومعلوم أن الرئيس ميشال عون يملك رؤية للنهوض وتصوراً للإصلاح سيضعهما أمام الحكومة الجديدة، ويقودها على طريق الفوز بهما، وسيضع ثقله لدعم هذه الحكومة لتنجح. وحكومة تحوز على دعم الرئيس ميشال عون وتعمل وفقا لتوجيهاته تملك بذلك سبباً كافياً للنجاح، بما عنده من خبرة وله من علاقات، وما يمثل من قوة سياسية وشعبية ومكانة دستورية، وبالتوازي يقف على رأس الحكومة الرئيس سعد الحريري الذي تشكل هذه الحكومة ربما أول حكومة يمكن تسميتها بحكومة الرئيس الحريري، فهي ليست حكومة إدارة أزمات كتلك التي ولدت بعد انتخابات 2009، وأدارت الانقسام اللبناني في ظل الحرب السورية، ولا الحكومة الانتقالية بين مجلسي 2009 و2018، وقد حملت الأسماء التي قدمها كل من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وتياريهما السياسيين، التيار الوطني الحر وتيار المستقبل، تعبيراً عن نوعية الاختيار لتكون الحكومة فريق عمل منتج، والحكومة تلقى دعم المجلس النيابي وتطلعه لمواكبتها بالتشريعات اللازمة لتقوم بمهامها، وواضح حجم اهتمام رئيس المجلس بأن يكون المجلس النيابي جديد متميزاً في القدرة على الإنجاز.
من مكانة الحكومة الجديدة في عهد الرئيس ميشال عون ننتقل من أسباب النجاح إلى «ممنوع الفشل». ففشل الحكومة هو إفشال للعهد، وللرئيس ميشال عون، وعدا عن أسبابنا العاطفية والسياسية التي تجعلنا نقول بقوة ممنوع على أحد إفشال الرئيس ميشال عون، هناك اسباب وطنية كبيرة تجعل أي لبناني يشاركنا القول، وفقا لقاعدة بسيطة قوامها، الذي لا تنجزه حكومة عهد الرئيس ميشال عون، أي حكومة واي عهد يمكنهما إنجازه؟
كثير من اللبنانيين يقولون إنه إذا فشلت حكومة العهد، فهم سيغادرون لبنان، وكثير من المغتربين الطامحين للعودة إلى لبنان يقولون، إنهم سيصرفون النظر عن ذلك إذا لم تتكلل مساعي الرئيس ميشال عون بالنجاح.
حكومة «ممنوع الفشل» تعني شيئاً واحداً حكومة إلى الأمام تقدموا.