بوتين: لن نسمح لكييف بتصفية خصومها السياسيين شرق أوكرانيا

اعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن تغذية روح الكراهية للروس في الخفاء في أوكرانيا قد يقود إلى كارثة، وأكد أنه لن يسمح لكييف بالقضاء على خصومها السياسيين كافة شرق البلاد.

وقال بوتين واصفاً الموقفين الروسي والغربي حيال ما يجري شرق أوكرانيا: «دائماً يقولون لنا بأن على الموالين لروسيا هناك أن يفعلوا هذا وذاك، وأن علينا أن نضغط ونؤثر فيهم بهذا الشكل أو ذاك. وأنا دائما أسألهم، وأنتم هل فعلتم شيئاً كي تؤثروا على رعاياكم في كييف؟ ماذا فعلتم؟ أم أنكم فقط تغذون روح الكراهية والعداء لروسيا هناك؟ وهذا بالمناسبة خطر جداً، وستحل كارثة إذا ما أقدم أحد في الخفاء على دعم العداء لروسيا في أوكرانيا».

وأضاف بوتين: «المهم، هو أنه لا ينبغي النظر إلى هذه القضية من طرف واحد»، وأوضح قائلاً: «تدور الآن شرق أوكرانيا أعمال قتالية، وقد أرسلت السلطات المركزية الأوكرانية إلى هناك الجيش، وتستخدم حتى الصواريخ الباليستية»، وأضاف متسائلاً: «هل يتحدث أحد عن هذا؟…لا». ماذا يعني ذلك؟ وما المقصود من هذا التغاضي؟ هذا يعني أنهم يريدون أن تقضي السلطات المركزية في أوكرانيا على جميع خصومها السياسيين ومعارضيها، أليس كذلك؟ إذا كانوا يريدون ذلك فنحن لا نريده ولن نسمح به».

واعتبر الرئيس الروسي رد فعل الغرب على انضمام القرم إلى روسيا «غير مناسب على الإطلاق»، مؤكداً أن ما حدث لم يخالف ميثاق الأمم المتحدة والممارسة الدولية، مشيراً إلى وجود سابقة جديدة وواضحة وهي كوسوفو، وذكر بأن اتخاذ إجراءات خاصة بتقرير المصير لا يتطلب سماح السلطات المركزية.

وقال الرئيس الروسي: «نعم، أنا لا أنفي طبعاً، ونحن لم ننف ذلك أبداً، أن قواتنا المسلحة، لنقل صراحة، قامت بمحاصرة القوات الأوكرانية المنتشرة في القرم، لكن ذلك ليس بهدف إجبار أحد على الذهاب إلى مراكز التصويت، لأن ذلك مستحيل، وإنما من أجل الحيلولة دون إراقة الدماء ولكي نسمح للناس بالتعبير عن موقفهم حول تحديد مستقبلهم ومستقبل أطفالهم».

وأعاد بوتين إلى الأذهان أن كوسوفو أعلنت استقلالها في قرار أصدره برلمان الإقليم، بينما شارك سكان القرم في استفتاء عام وصف نتيجته بالمدهشة.

من جهة ثانية، أعلن الرئيس الأوكراني بيوتر بوروشينكو أن كييف تدرس مختلف السيناريوهات لتطور الأزمة في شرق البلاد، مشيراً إلى استعداد بلاده لسيناريو «حرب شاملة» مع روسيا.

وقال بوروشينكو: «أنا لا أخاف الحرب مع القوات الروسية ونحن مستعدون لسيناريو حرب شاملة. الوضع الحالي لجيشنا أفضل كثيراً من وضعه قبل 5 أشهر، ولدينا الآن دعم العالم بكامله. عسكريونا يظهرون أنهم قادرون على حماية بلادنا. إننا نريد السلام فقط لكننا للأسف يجب أن ندرس أسوأ سيناريوهات». وأشار إلى أن «أوكرانيا فعلت كل ما بوسعها من أجل التوصل إلى اتفاق سلام»، مضيفاً أن كييف أعلنت استعدادها لحلول وسط، عن ثقتها بأنه لا يمكن حل الأزمة عسكرياً. وقال: «لا نريد الحرب، نريد السلام ونناضل من أجل القيم الأوروبية، لكن روسيا لا تلتزم الاتفاقات».

وأكد بوروشينكو أن بلاده غير جاهزة بعد للانضمام إلى الحلف الأطلسي. وقال: «علينا تحقيق إصلاحات في البلاد بما يتطابق مع المعايير اللازمة. وبعد ذلك فقط نستطيع أن نسأل شعبنا إن كان يريد الانضمام إلى الناتو أم لا»، لافتاً إلى أن الحلف نفسه غير مستعد بعد لقبول أوكرانيا في صفوفه، لكنه أوضح في المقابل احتمال انضمام بلاده إلى الاتحاد الأوروبي.

إلى ذلك، دعت الخارجية الروسية أمس جميع الأطراف إلى الامتناع عن الإدلاء بتصريحات مستندة إلى افتراضات غير معززة بحقائق بشأن الوضع في أوكرانيا.

وقالت ماريا زاخاروفا نائب مدير إدارة الإعلام في الخارجية الروسية إنه «من الضروري أن يمتنع المسؤولون عن العلاقات الدولية عن التصريح والتقييم المبني على افتراضات غير معززة بحقائق حتى لو كانوا رهائن مصالح جيوسياسية نفعية ضيقة».

ومن جانب آخر، قالت زاخاروفا إن حلف شمال الأطلسي «الناتو» يريد تأجيج المشاعر المعادية لروسيا، من أجل تبرير خططه بشأن زيادة وجوده العسكري قرب الحدود الروسية.

وأشارت نائب مدير إدارة الإعلام في الخارجية الروسية إلى أن الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ يروج إشاعات عن تحرك مزعوم لآليات روسية وعسكريين عبر الحدود الأوكرانية، بدلاً من التركيز على الجهود لحل النزاع في أوكرانيا. وشددت على أن الناتو يتغاضى عن جهود موسكو المتوالية بشأن استقرار الوضع في أوكرانيا، كما يتجاهل الوضع الاجتماعي والاقتصادي المتردي جنوب شرقي ذلك البلد.

وأشارت المسؤولة الروسية إلى أن الناتو لا يريد رؤية الحصار الفعلي الذي تفرضه سلطات كييف على هذه المنطقة، ولا يتحدث الحلف في تصريحاته عن انتهاكات القوات الأوكرانية لاتفاق مينسك، ولا عن استخدامها الأسلحة والآليات الثقيلة ضد السكان المدنيين.

في سياق آخر، دعا مجلس الاتحاد الأوروبي طرفي النزاع في أوكرانيا إلى «التمسك الكامل باتفاقيات مينسك»، واصفاً إياها بـ»الخطوة المهمة نحو حل سياسي طويل الأمد» للأزمة في البلاد.

وفي اختتام لقاء وزراء خارجية الدول الأعضاء في الاتحاد الذي انعقد في بروكسيل دعا المجلس إلى «وقف انتهاكات إطلاق النار وضمان سحب القوات الأجنبية غير الشرعية، والمرتزقة، والآليات العسكرية، وضمان مراقبة الحدود بين روسيا وأوكرانيا عن طريق متابعتها المستمرة من قبل منظمة الأمن والتعاون في أوروبا».

وجاء في بيان لمجلس الاتحاد أنه يدعو إلى توسيع منطقة مسؤولية مراقبي منظمة الأمن والتعاون في أوروبا لتشمل نقاط العبور الروسية على خط الحدود بين البلدين.

وقال البيان إن المجلس يذكر الطرفين كليهما بمسؤوليتهما عن توفير الظروف الآمنة لعمل مراقبي منظمة الأمن والتعاون في أوروبا ومعداتهم، بما فيها الطائرات من دون طيار»، مشيراً إلى أهمية دور بعثة المنظمة في تنفيذ كل من «بروتوكول مينسك» و»مذكرة مينسك».

وكانت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد فيدريكا موغيريني قد قالت للصحافيين قبل انطلاق الاجتماع: «سنبحث اليوم أفضل خيار للرد على ما يسمى بالانتخابات التي أجريت في الثاني من تشرين الثاني والتي قلنا جميعا إنها غير مشروعة وغير قانونية وربما تتطلب رد فعل ما من جانب الاتحاد الأوروبي». وأضافت: «العقوبات في حد ذاتها ليست هدفاً بل يمكن أن تكون أداة إذا ما اقترنت بإجراءات أخرى. أعتقد أن الوقت حان كي يركز أيضاً الاتحاد الأوروبي والوزراء على القضايا الأخرى كي نبني استراتيجية كاملة».

وقالت موغيريني: «هذا يعني أن نطلب من الأوكرانيين مجدداً أن يلتزموا الإصلاحات وأن نجد سبيلاً لمساعدتهم بشكل أفضل لتحقيقها، لأن أفضل طريق للمضي قدماً هو أن نجعل من أوكرانيا نموذجاً ناجحاً. هذا من جانب. ومن جانب آخر علينا أيضاً الدخول في حوار مع روسيا والاتحاد الأوروبي، ستكون هذه هي المحاور الثلاثة لمحادثاتنا». وأكدت المفوضة الأوروبية توقيعها اتفاقية مع كييف حول تقديم المساعدة في إدخال إصلاحات على أجهزة الأمن الأوكرانية.

في حين قال كالمان ميجيي، رئيس بعثة مساعدة أوكرانيا التي ستقوم بتنفيذ الإصلاحات في أجهزة الأمن الأوكرانية: «نعتزم إعادة بناء منظومة أجهزة الأمن الداخلي الأوكرانية برمتها، كونها أثبتت فشلها خلال أحداث الـ»ميدان».

وستبدأ البعثة عملها اعتبارً من 1 كانون الأول المقبل على أن يجرى في إطار المرحلة الأولى نشر أكثر من 50 مستشاراً دولياً في الأراضي الأوكرانية، ويُرفع عددهم لاحقاً إلى 100. ومن المتوقع أن يساعدهم في تنفيذ المهمة أكثر من 70 مواطناً أوكرانياً.

وكان مستشار وزير الداخلية الأوكراني زوريان شكيرياك قال إن ما يزيد عن 20 ألف شرطي تم تسريحهم منذ شهر نيسان الماضي، فيما رجح وزير الداخلية آرسين آفاكوف أن يتم فصل حوالى 40 في المئة من عناصر أجهزة الأمن في إطار الإصلاحات المقبلة.

وفي السياق، هزت انفجارات مدوية وقصف مدفعي مطار دونيتسك أمس، إثر اشتباكات عنيفة بين قوات الدفاع الشعبي والقوات الحكومية التابعة لكييف، وقد شوهدت في محيط المطار انفجارات متكررة و اشتعال للنيران على رغم الهدنة الموقعة في الخامس من شهر أيلول الماضي.

وكان أندريه بورجين أحد قادة الدفاع الشعبي أشار إلى أنه جرى التوصل إلى اتفاق مع القوات الحكومية لوقف القصف حول مطار دونيتسك الذي يزعم طرفا الصراع السيطرة عليه جزئياً. لكن متحدثاً عسكرياً في كييف قال إن الاتفاق لا يستهدف سوى السماح لـ»المتمردين» بجمع جثث القتلى ونقل المصابين من المطار وإن حدة القتال خفت الليلة الماضية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى