مسؤولية الحكومة عن حماية الدستور ومساءلتها عن وزير «الأعمال الشيطانية»
معن حمية
نزوح مئات آلاف السوريين من قراهم ومناطقم إلى لبنان، لم يكن ليصل إلى هذا الحجم الكبير، لولا الدعوات المفتوحة من قبل قوى لبنانية معروفة، ولولا الوعود التي أغدقت بـ «مكرمات سخية»، من خزائن دول اشتركت في الحرب الإرهابية على سورية، وبواسطة مؤسّسات دولية!
موجات النزوح إلى لبنان، وغير بلد، نُظمت بعناية فائقة، كإحدى أوجه الحرب الكونية الإرهابية على سورية، ولتشكل ورقة ضغط إضافية على الدولة السورية. وكان لافتاً، أنّ هيئات ومؤسّسات متعدّدة بعضها يتبع الأمم المتحدة نشرت مئات العناصر على النقاط الحدودية الرئيسة لتسجيل حركة النزوح الى لبنان، وإصدار تقارير يومية وأسبوعية عن أعداد النازحين وعن المساعدات التي تقدّم لهم. علماً أنّ ما قدّمته «الأمم» للنازحين من مساعدات لم يتطابق بحجمه مع ما جرى الإعلان عنه!
وبمعزل عن تقديمات «الأمم» وما إذا جرى توزيعها على النازحين حصراً، أم بالتساوي مع قوى لبنانية ساهمت في التشجيع على النزوح، فإنّ الثابت الذي لا يقبل الشكّ، هو أنّ قوى 14 آذار تجنّدت لدعوة عشرات الآلاف إلى لبنان تحت صفة النزوح. وهذه القوى نظمت زيارات تضامنية إلى مناطق النزوح، ولم تقتصر دعواتها على مطالبة هيئة الإغاثة العليا بتقديم المساعدات للنازحين، بل طالبت وزارة الصحة اللبنانية بمعالجة الجرحى والمصابين، ما يعني أنّ هذه القوى أرادت لبنان مشفىً ميدانياً لجرحى المجموعات الإرهابية!
وعليه، فإنّ سجلات بعض القوى التي وقفت مع الإرهاب بذريعة دعم ما يسمّى «الثورة السورية»، هي سجلات ممتلئة بالأعمال الشيطانية والأفعال الشائنة، وهذه القوى معروفة بالاسم، وهي متمثلة بعدد من الوزراء في الحكومة اللبنانية، ويجب أن لا تتخذ من مشاركتها في الحكومة منصة لتحقيق أعمال شيطانية تضرّ بمصلحة لبنان واللبنانيين.
الثابت هو أنّ القوى اللبنانية التي شجعت على النزوح السوري على خلفية دعمها الحرب الكونية على سورية، هي ذاتها، تقف اليوم ضدّ أيّ مبادرة تعيد النازحين السوريين إلى بيوتهم وقراهم ومناطقهم. والمستهجن، أنّ بعض هذه القوى يعبّر عن «إنسانية مفرطة» حيال النازحين السوريين، لكنه في ذات الوقت يبث سموم الحقد والكراهية ضدّ سورية، منتهكاً دستور الطائف وغير عابئ بمصالح لبنان واللبنانيين!
أن يكون للبعض موقف كراهية تجاه سورية، فهذا شأنه، لكن أن تصل الوقاحة السياسة إلى حدّ إلزام البلد بموقفه، فهذه سلوكيات شيطانية شائنة، وخرق فاضح لاتفاق الطائف الذي هو دستور لبنان.
ولأنّ اتفاق الطائف هو الدستور، والحكومات في لبنان تشكل وفقاً لأحكام هذا الدستور، فعلى الوزراء أن يعملوا تحت سقف الدستور، لا أن يفتح كلّ وزير على حسابه، كما فعل وزير الشؤون الاجتماعية، حين وصف تنسيق الأمين العام للمجلس الأعلى اللبناني ـ السوري بين الوزراء اللبنانيين والسوريين بأنه «عمل شيطاني»!
مهلاً أيها الوزير، فأنت وزير في حكومة تشكلت على أساس دستور الطائف، وعليك أن تتقيّد بنصوص الدستور، خصوصاً لجهة ما نصّ عليه من علاقات مميّزة بين لبنان وسورية. وبحكم هذا النص الدستوري الذي يؤكد على العلاقة المميّزة بين لبنان والشام، فإنّ الدور التنسيقي الذي يؤدّيه الأمين العام للمجلس الأعلى اللبناني ـ السوري هو عمل تحت سقف الدستور لخير لبنان واللبنانيين، أما «العمل الشيطاني» بامتياز فهو عندما يتنكّر وزير في الحكومة لدستور الطائف.
وعليه، لا يمرّ وصف التنسيق بين وزراء في الحكومتين اللبنانية والسورية بـ «الأعمال الشيطانية» مروراً عابراً، بل يستوجب مساءلة الحكومة مجتمعة عن دورها في حماية الدستور من عبث الذين يحاولون الإطاحة به، علما أنّ معيار تطبيق الدستور يبدأ بخطوات عملية لتعزيز العلاقات وتفعيل الاتفاقيات المشتركة ين لبنان وسورية، وإقامة أعلى درجات التنسيق من أجل عودة النازحين السوريين إلى بيوتهم وقراهم، بمعزل عن مواقف بعض القوى التي تعمل وفق أجندات لا تصبّ في مصلحة لبنان.
عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي