عشق الصباح.. حمامة بيضاء بريشة زائدة
صباحاً كانت الشمس خارجة من خلف الغيوم الممطرات متوهّجة فوق الموج الذي استراح على كتف الصخر بعد أن هدأت الرياح العاصفة.. وكنت أنا خارجاً من ليالي ممطرات باردات، جلستُ وحيداً في الشرفة الجنوبية المشرفة على حاكورة من الورد الجوري الذي بدأ يتفتّح أرقب «التلاميذ المنطلقين إلى مدارسهم». وقد تركت جسدي التعب لدفا الشمس.. ومن حولي «كومة من الورق» وركوة قهوة أقرأ في رواية «الجزيرة» لمؤلفها «الدوس هسكلي».. والتي قرأتها منذ عام /1990/ وها أنا أعيد قراءتها لأستعيد بعض ذكرياتي القديمات. فجأة طافت من فوق بياض رأسي «حمامة بيضاء» مرات عدة.. ثم ما لبست أن حطّت إلى جانبي. أخذت أتأملها وراحت هي تتأملني بروية «سألتها: هل سبق والتقينا؟ همهمت بهديلها كأنها توافقني!! بينما زوجتي عليا قالت «شو انت مجنون عم تحكي مع حمامة». وتابعت هذه أول مرة أرى «حمامة» في شرفة بيتنا وها هي تنظر إليك كأنها صديقتك.. والله شيء عجيب..؟! قلت: لا تستغربي لربما شعرت بوحدتنا وغربتنا وجاءت لتشغلنا عن همومنا الثقيلات؟!!!…. دهشت لرؤيتي في عنقها ريشة رمادية «زائدة» تتدلى على بياض عنقها الفاتن، وبدت «كأنثى في جيدها ورقة توت من ذهب»! الريشة الزائدة منحت الحمامة جمالاً أخاذاً رفرفت بجناحيها كأنها تحمل لي رسالة من أحبة غائبين.. وما أكثر الغياب في حياتنا في هذه الأيام؟… ذكّرتني بمقولة قديمة يكرّرها الناس في أيامنا الصعبة والمريرة ويطلقونها على المسؤولين عن توزيع المواد الضرورية وخاصة: «المازوت والغاز والخبز»، أو على الذين يخترقون صفوف الناس الواقفين بالدور لتوصيات مهمة من أصحاب النفوذ «مختار.. رئيس بلدية.. أمين فرقة «وووولن أذكر أكثر…!!! مما يدفع الناس للقول: «شو شايف حالك فيك ريشة زائدة»؟؟؟؟!!! كما جعلتني أعود إلى عالم القراءات وحكايا الحمام الزاجل «ورسائل المحبين.. بينما هي راحت تلفّ من حولي وتهدل بدلال وغنج على مهلها كأنها «أنثى» تعرفني منذ دهر!!! ثم وقفت في مواجهتي تنظر بعينها اليمنى تارة ومرة بعينها اليسرى ترقب حركة القلم بين أصابع يدي المرتعشة ومن دهشتي تخيّلتها تقرأ أفكاري التي اكتبها على بياض ورقي الذي يشبه بياضها فما وجدت «حالي» إلا وأنا أترنم بأغنية المطرب الراحل الكبير: «ملحم بركات»… «حمامة بيضا.. رف من الحمام لصباحاتكم؟!
حسن إبراهيم الناصر