نصرالله للفاسدين: توقعوا منّا كلّ شيء في المعركة سنواجه الحرب المالية ونصنع مزيداً من الانتصارات
توقع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أن تشتد العقوبات الأميركية على الحزب وداعميه وأن يكون هناك «تفريخ» للوائح الإرهاب من قبل دول أخرى غير بريطانيا. ورأى أنه «عندما يتخذون بحقنا إجراءات عقابية فذلك لأننا هزمناهم وكسرناهم وأسقطنا مشاريعهم ولأننا أقوياء ومقتدرون ولأننا ندافع عن دولنا».
وأكد السيد نصر الله أنّ المعركة ضد الفساد لا تقلّ قداسة عن معركة مقاومة الاحتلال، مشدّداً على «أن هدفنا في معركة الفساد ليس الانتقام السياسي»، ونبّه إلى أنّ «البعض يحاولون تحويل المعركة ضدّ الفساد إلى صراع طائفي لحماية الفاسدين»، متوعّداً بالمضي إلى النهاية في معركة الفساد. وقال «يمكنهم أن يفكروا بكل شيء وأن يتوقعوا كل شيء من حزب الله».
كلام السيد نصرالله جاء في كلمة له خلال احتفال بالذكرى الثلاثين لتأسيس «هيئة دعم المقاومة الإسلامية» في الضاحية الجنوبية لبيروت أمس، واستهلها بالقول: «البعض يتصور أنّ المقاومة قائمة على دعم بعض الأصدقاء منهم إيران وممولون، لكنّ المقاومة أيضاً قائمة على دعم شعبي كبير وعلى من يضعون الأموال في قجة المقاومة كلّ صباح، وفي مختلف المناسبات والنشاطات، هذه المبالغ يبدو أنها متواضعة للوهلة الأولى، لكنها كالبحر أو النهر يتشكل من قطرات الماء التي تصبح سيلاً جارفاً».
وأشار إلى أنه «في السنوات الماضية في معارك السلسلة الشرقية في البقاع ودحر التكفيريين عن جبالنا، كنا نرى الناس والأهل في البقاع، وبدعم من الهيئة، مصرين على تقدميم المأكولات وتوضيبها»، مشدّداً على أنّ «من أهم ما شكلته الهيئة، هو الفرصة لتوسيع ساحة الجهاد، لأنّ المقاومة تجاهد في النفس والأهل يقدمون فلذات أكبادهم، وهناك مساحة للجهاد بالمال والمال تحتاجه أي مقاومة، وهو أحد عناصر القوة الطبيعية.»
معتدى علينا لكن أقوياء
وتطرق إلى العقوبات الأميركية والحصار المالي ولوائح الإرهاب وآخرها القرار البريطاني بضمّ الجناح السياسي لحزب الله إلى قائمة الإرهاب البريطانية، متوقعاً أن تشتدّ العقوبات الأميركية على الحزب وداعميه «والتضييق على المصارف اللبنانية مثال على ذلك». ولفت إلى «أننا سوف نجد تفريخاً للوائح الإرهاب، ففي السنوات الماضية دول الخليج مثلاً استحدثت لائحة للإرهاب وهناك دول أخرى تستحدث أو لديها، وعلينا أن نتوقع أن تضع دول أخرى عبر بريطانيا، حزب الله على لائحة الإرهاب، وهذا مسار متواصل».
وقال: «نحن مظلومون ومعتدى علينا لكن أقوياء»، مؤكداً أنّ «أحزاب المقاومة وقفت في مواجهة مشروع الهيمنة الأميركي ـ الإسرائيلي وحسمت المعركة في العراق وفي سورية وبشكل كامل حسمت المعركة في لبنان وفي اليمن ما زالت صامدة وفي غزة صامدة، وهكذا هو حال إيران بصمودها أمام العقوبات.»
وأشار إلى «أننا في هذا السياق، عندما يضعوننا على لوائح الإرهاب ويتخذون بحقنا إجراءات عقابية، فذلك لأننا هزمناهم وكسرناهم ولأننا أقوياء وأعزاء وندافع عن سيادتنا وشعوبنا ودولنا، واليوم لأنهم عاجزون عن القيام بأي شيء بعد فشل كلّ هذه الحروب ماذا سيفعلون، أميركا هزمت في العراق وأفغانستان وتهزم كلّ يوم في اليمن، الجيش الإسرائيلي مرعوب من القيام بأي حرب، ولا يثقون بالمنظومات التي يمتلكونها واستقدموا منظومة «ثاد» الأميركية».
من ينتظر جثتنا سيخيب
وشدّد على أنّ «المقاومة ازدادت قوة وعزماً عندماً وجدت أنّ قادتها يقتلون، العقوبات ولوائح الإرهاب هي حرب في هذا السياق، ويجب أن نتعاطى معها وكأنها حرب، هذه حرب اقتصادية ومالية ويجب أن نواجهها».
وقال: «الحرب ليست علينا وحدنا، فهناك تشديد للعقوبات على إيران وسورية، ما عجزوا عن أخذه بالحرب العسكرية يريدون أخذه من خلال فرض صعوبات على الشعب السوري. الحصار على الفلسطينيين سواء في غزة أو الضفة مستمر، وفي اليمن تجويع وحصار مالي واقتصادي، والعقوبات ولوائح الإرهاب مستمرة علينا جميعاً»، لافتاً إلى أنّ «بنيتنا ستبقى صلبة وقوية ومستمرة ولن يوقفنا تدفق الدماء، سنواجه العقوبات بالصبر والتحمّل وحسن الإدارة وتنظيم الأولويات ويمكن أن نعبر هذه الحرب، والذين ينتظرون جثتنا التي سيفترضون أنها ستنهار نقول لهم ستخيبون، هذه المقاومة ستزداد قوة وعدداً وعدة وعزماً وتأثيراً وصنعاً للمزيد من الانتصارات».
وأضاف: «بيننا وبينكم الأيام التي ستحكم وتشهد. بعد عام 2006 ونتيجة الدعم الكبير، خصوصاً من إيران قلت لكم قد لا نكون بحاجة إلى المال ولكن واصلوا عملكم، اليوم نحن بين بين، هيئة دعم المقاومة يجب أن توفر فرصة الجهاد بالمال»، مشيراً إلى أنّ «من يدعمنا مستمر في ذلك دولاً وشعوباً وجماهير.»
وأعلن أنّ «المقاومة بحاجة إلى المساندة وهيئة الدعم يجب أن تفعّل أنشطتها بقوة لأننا في قلب المعركة».
معركة مقدّسة
ولفت السيد نصرالله «إلى أننا بدأنا معركة مكافحة الفساد في لبنان عبر فتح ملفين وهناك ملفات أخرى مقبلة، وإنّ هذه المعركة واجبة وجهادية لا تقل قداسة عن معركة مقاومة الاحتلال»، معتبراً «أننا أمام مفصل وجودي ويجب العمل لتجنيب توجه لبنان نحو الإفلاس والانهيار المالي والاقتصادي، وأنه بالتالي لا يمكن للمقاومة الوقوف على الحياد إزاء مصير لبنان بعد أن دافعت عن أرضه بأغلى ما تملكه، ولا أن نقف متفرجين من أجل أن لا يزعل حزب أو تيار أو فرد ونترك بلدنا يسير باتجاه الانهيار».
وشدّد «على أنّ هدفنا في معركة الفساد ليس أبداً الانتقام السياسي وإلاّ لما كنا طالبنا بحكومة وحدة وطنية، بل إنّ هدفنا هو مواجهة الهدر المالي ووقف سرقة المال العام ومواجهة الفساد المالي والإداري في إدارات الدولة لتبقى الدولة»، موضحاً «أننا لسنا في منافسة مع أحد في هذه المعركة ولا نرضى أن ندخل في مزايدة مع أحد»، داعياً «من لديه أدلة على ملفات فساد وهدر مالي إلى أن يتقدم بها إلى الدولة وسنكون معه وخلفه».
وقال: «لا نريد أن نكون وحدنا في معركة مواجهة الفساد، ولكن في الوقت نفسه لا نخاف أن نكون كذلك»، منبهاً إلى «أنّ الفاسدين والسارقين والناهبين في الدولة، سيدافعون عن أنفسهم وسيمنعون هذه المعركة التي ستنتصر»، مضيفاً «إنّ ما واجهناه في معركة المقاومة نواجهه هو ذاته في معركة الفساد من خلال زرع اليأس فينا، فهناك من يحاول التشكيك بنا في معركة محاربة الفساد كما شكّكوا بنا في معركة الدفاع عن الأرض، لكننا مستمرون في معركة مواجهة الفساد رغم الكمّ الهائل من الشتائم الذي تعرضنا له».
لن نتعب ولن نيأس
وحذّر السيد نصر الله من «أنّ هناك من يحاول تحويل معركة الفساد إلى صراع طائفي لحماية فاسدين مفترضين، وزرع الخوف من تداعيات معركة مواجهة الفساد لوقفها»، متوجهاً إلى هذا البعض بالقول: «لا يراهنن أحد على تعبنا فنحن الذين لم نتعب مقاومتنا منذ العام 1982 وما زالت في ريعان شبابها، ولا تراهنوا على يأسنا فنحن لن نُحبط ونعرف أننا أمام معركة طويلة ولا نتوقع إنجازات سريعة خلال أسابيع وأشهر».
واعتبر «أنّ معركة الفساد هي معركة الوطن لإنقاذ البلد من الفاسدين أيّاً تكن التضحيات»، متوعّداً «بالمضي إلى النهاية في معركة الفساد، ويمكنهم أن يفكروا بكل شيء وأن يتوقعوا كلّ شيء من حزب الله»، لافتاً إلى أنّ «لغة الشتم تزيدنا عزماً وقوة واندفاعاً».
وأكد السيد نصر الله وجوب البدء بالإصلاح المالي في موازنة الدولة، مشيراً «إلى أنّ الفساد المالي هو الملف الأخطر والأهم، وما يعرف بالـ11 مليار دولار جزء من هذا الملف، إذ إنه منذ العام 1993 وحتى العام 2017 هناك وضع مشبوه وغير صحي في الإدارة المالية»، مشدّداً على أنه «إذا قبلنا بتسوية ملف الحسابات المالية للدولة فنكون حزباً منافقاً وكذلك فإنّ كلّ حزب يقبل بتضييع المال العام يكون منافقاً ويكذب على اللبنانيين».
وأشار إلى أنّ «الملف الثاني هو الاقتراض غير المجدي، عُرض على بعض الوزارات أموال من هذا القرض وقسم كبير منها سيذهب إلى الجيوب، رئيس الحكومة سعد الحريري تفاعل ورئيس مجلس النواب نبيه بري تفاعل»، وقال: «عندما نحول دون حصول قرض سيدفع الشعب اللبناني فوائد الـ400 مليون من جيوبه، نكون حققنا إنجازاً».
وأوضح أنّ «هناك نتائج مهمة تحققت حتى الآن، اليوم لبنان أكثر من أي زمن فيه إجماع وطني على مكافحة الفساد ومواجهة الهدر المالي، إصرار المجلس النيابي على إقرار الموازنة تقدُم، الوقوف في وجه بعض القروض غير المجدية أنجز، والحكومة تعهّدت بشطب الأموال غير المجدية من الموازنة».
ودعا كلّ الوزارات في الحكومة اللبنانية إلى العمل في محاربة الفساد ووقف الهدر المالي.
ورأى السيد نصرالله أنّ وضع ملف الحسابات المالية على طريق القضاء هو بداية للإصلاح الكبير، معتبراً «أنّ إصرار المجلس النيابي على الموازنة يعتبر إنجازاً في معركة محاربة الفساد».