موسكو تطالب واشنطن إنهاء معاناة مهجّري «التنف»: يشبه معسكرات الاعتقال الفاشية الألمانية
دعت موسكو على لسان سفيرها لدى واشنطن، أناتولي أنطونوف، للتعاون من أجل إنهاء معاناة المهجرين السوريين الذين تحتجزهم قوات احتلال أميركي في مخيم الركبان في منطقة التنف وعدم استغلال وضعهم الإنساني.
وتحتجز قوات الاحتلال الأميركي آلاف المدنيين الراغبين بالعودة إلى أماكن إقامتهم بعد تحرير الجيش العربي السوري مناطقهم من الإرهاب وجنّدت لهذه الغاية إرهابيين مرتزقة لابتزاز المهجرين عبر مطالبتهم بدفع أموال بالدولار.
وجاء في بيان لأنطونوف نشر على موقع السفارة الرسمي أول أمس «يجب إخلاء المخيم فوراً وعلى جناح السرعة»، معتبراً أنه من المهم «عدم المجادلة بل اتخاذ إجراءات ملموسة كما اقترحت روسيا وسورية الجمع بين جهود المجتمع الدولي بشأن ذلك».
وأشار أنطونوف إلى أن موسكو تودّ لفت انتباه منظمات حقوق الإنسان الدولية والأمم المتحدة إلى الوضع الإنساني الكارثي في المخيم وقال: «لا يملك المهجرون في مخيم الركبان ما يكفي من الضروريات الأساسية وخاصة أنهم لا يحصلون على الرعاية الطبية فضلاً عن المخاطر الأمنية الكبيرة وارتفاع معدل وفيات الأطفال، حيث إن معظم السكان هناك من النساء والأطفال دون الخامسة وكبار السن والمعوقين».
وتمنع قوات الاحتلال الأميركي ومجموعات إرهابية تتبع لها وصول المساعدات الغذائية والصحية إلى آلاف المهجرين الذين يعيشون أوضاعاً كارثية داخل المخيم، حيث تؤكد تقارير إعلامية وأممية أن 15 طفلاً مهجراً أغلبهم من الرضع لقوا حتفهم بسبب درجات الحرارة المنخفضة والظروف المعيشية القاسية في المخيم وجراء البرد ونقص الرعاية الصحية.
ودحض انطونوف الادعاءات الكاذبة حول مخيم الركبان خاصة في ما يتعلّق بالمزاعم حول عدم استعداد الحكومة السورية لاستقبال المهجّرين مؤكداً أن كل هذا كذب قائلاً إن «الناس لا يستطيعون ترك المخيم لأنهم محتجزون من قبل عصابات في التنف».
وأكد مصدر مسؤول في وزارة الخارجية والمغتربين مطلع الشهر الجاري أن المسؤول الوحيد عن الكارثة الإنسانية التي يعيشها أهلنا في مخيم الركبان هو الاحتلال الأميركي وأدواته التي منعت المواطنين السوريين في المخيم بالقوة والتهديد من مغادرة المخيم مشدداً على ترحيب الجمهورية العربية السورية بعودة جميع المهجّرين السوريين إلى وطنهم وأرضهم.
وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف شدّد خلال مؤتمر صحافي أول أمس على أن موسكو لن تكفّ عن مطالبة واشنطن بإخلاء سبيل المهجّرين السوريين في مخيم الركبان الذين تحتجزهم قوات الاحتلال الأميركية قسراً في تلك المنطقة الخاضعة لسيطرتها وتمنعهم من العودة الآمنة إلى مناطق إقامتهم بهدف تبرير وجودها غير الشرعي هناك.
من جهته أكد رئيس لجنة الدفاع في مجلس الدوما الروسي فلاديمير شامانوف أن الوضع الإنساني للذين تحتجزهم قوات الاحتلال الأميركي في مخيم الركبان بمنطقة التنف صعب ويتطلب حلاً سريعاً.
وقال شامانوف في تصريح أمس، «يظهر بواسطة وسائل الاستطلاع العصرية والمراقبة كيف يجري تعذيب الناس الأحياء في القرن الحادي والعشرين والاستهتار بهم»، مشبهاً الوضع داخل المخيم بمعسكرات الاعتقال الفاشية الألمانية.
وأضاف «أن روسيا لن تنظر إلى ذلك دون اكتراث بعد الآن» مؤكداً أن بلاده قويّة ولن تسمح بعد الآن بوجود عالم أحادي القطب.
ميدانياً، أعلن وزير دفاع الاحتلال التركي، خلوصي أكار، أن تركيا وروسيا بدأتا أمس، عملية مشتركة لتسيير دوريات في منطقة محافظة إدلب السورية في إطار اتفاق سوتشي بين الطرفين.
وقال أكار، في تصريحات أدلى بها خلال اجتماع مع محرّري وكالة «الأناضول» التركية الرسمية، إن «الدوريات التركية والروسية في محيط إدلب تعدّ خطوة هامة لحفظ الاستقرار ووقف إطلاق النار».
وبين أكار أن دوريات روسية تنطلق في المنطقة الحدودية بمحيط محافظة إدلب السورية وأخرى للقوات المسلحة التركية في المنطقة منزوعة السلاح التابعة للمحافظة. وأضاف وزير الدفاع التركي: «ننسق مع روسيا وإيران بشأن إدلب، وتفاهم سوتشي ساهم في منع كارثة إنسانية كبيرة».
وفي السياق الميداني، اندلعت مساء أمس، اشتباكات عنيفة بين وحدات من الجيش السوري ومسلحين من تنظيمي «أجناد القوقاز» و«حراس الدين» غرب بلدة أبو الظهور بريف إدلب الشرقي، ولا زالت متواصلة.
وقال مصدر في ريف إدلب إن مسلحي التنظيمين الإرهابيين، أجناد القوقاز وحراس الدين، استهدفا مساء أمس نقاط الجيش السوري على محاور السكرية والبراغيتي وتل كلبة، لتنطلق مدفعية الجيش وسلاح صواريخه في ردّ عنيف لا يزال مستمراً حتى لحظة إعداد هذا التقرير.
وأكد مصدر عسكري أن قوات الجيش ردّت على مصادر إطلاق القذائف عبر سلاحي المدفعية والصواريخ مستهدفة مواقع وتحركات المسلحين غرب بلدة أبو الظهور، وتحديداً في موقعي الكتيبة المهجورة و طويل الحليب .
وبين المصدر أن وحدات الاستطلاع رصدت أيضاً تحشيداً متزامناً لقطعان كبيرة من المجاميع الإرهابية قادمة من عمق مناطق سيطرتهم بريف إدلب الجنوبي الشرقي، مؤكداً أن الأسلحة المناسبة في الجيش لا تزال تتعامل مع هذه الحشود والتجمّعات حتى اللحظة.
وكشف المصدر عن أن خرق المجموعات الإرهابية المسلحة المنتشرة في قطاع إدلب الشرقي من المنطقة منزوعة السلاح ، حدثت تحت بصر وسمع الأتراك في نقطة المراقبة القائمة في الصرمان شرق إدلب، حيث بات المسلحون يستظلون بشكل متزايد بنقطة المراقبة تلك لشنّ هجمات منسقة على مواقع الجيش السوري.
وعن وضعية جبهات ريف إدلب، أكد المصدر أن قوات الجيش المنشرة على طول المحاور المتاخمة للمنطقة منزوعة السلاح جنوب وجنوب شرق إدلب، على أتم الجهوزية للتعامل مع أي تطور يمكن أن تشهده هذه الجبهات في أي لحظة.
وأضاف: «عملنا خلال الفترة الماضية على استقدام تعزيزات عسكرية نوعية إلى هذه الجبهات تحسباً لأي رد عسكري قد نلجأ إليه في أي لحظة رداً على الخروق المستمرة من قبل المجموعات الإرهابية المسلحة».
وتعد محافظة إدلب خزاناً ضخماً للتنظيمات الإرهابية في سورية، وقد شكلت منذ بداية الحرب السورية، معبراً مهماً لدخول السلاح والمسلحين ذوي الخلفية التكفيرية إلى داخل البلاد عبر تركيا، كما كانت المحافظة الوجهة التي نقل إليها عشرات آلاف المسلحين من مناطق مختلفة في سورية بعد اتفاقات التسوية التي قضت باستسلامهم وانتقالهم إلى الشمال السوري.
ويتكون فصيل «حراس الدين» من مقاتلين متشددين أعلنوا إنشاء تنظيمهم الخاص محافظين على ولائهم لزعيم «تنظيم القاعدة» في أفغانستان أيمن الظواهري.
ويقود تنظيم «حراس الدين» مجلس شورى يغلب عليه المقاتلون الأردنيون ممن قاتلوا في أفغانستان والعراق والبوسنة والقوقاز واليمن، ولهم باع طويل في القتال بصفوف «تنظيم القاعدة».
وكان تنظيم «أجناد القوقاز» قد سيطر على منطقة أبو الظهور ومطارها العسكري مطلع العام 2016 وارتكب مجازر بشعة بحق حامية المطار وسكان القرى والعشائر المحيطة به، بزعم أنها «موالية للنظام السوري».
وينتشر «أجناد القوقاز»، وهم مقاتلون متطرّفون يتحدّرون من دول الحد الفاصل بين أوروبا وآسيا كأذربيجان وأرمينيا وجورجيا والشيشان، في بعض مناطق إدلب وريفها الشرقي، خاصة في مدينة أبو الظهور التي تمّ تخصيصها لهم كمركز لـ إمارة القوقاز حيث اتخذوا من مطارها العسكري مقراً رئيسياً لقواتهم التي تقدر أعدادها بآلاف المقاتلين ممن وصلوا إلى سوريا مع عائلاتهم في عام 2012، وبدأوا بالتجمع ضمن فصيل عسكري واحد تحوّل إلى كيان مستقل عن الفصائل الأخرى.