عيد المعلم
يكتبها الياس عشي
اليوم عيد المعلم، واليوم أعود بذاكرتي إلى الألواح الخضر، والطباشير، وأوراق الامتحانات، وأحلام التلاميذ، والإضرابات، ونقابة المعلمين، والندوات، والأمسيات، والجلسات الأدبية في مكتبة ميخائل فرح شهيد العصبية والجهل، وأتذكر على الأخص شوارع طرابلس المدينة التي، يومئذ، لا صوت فيها يعلو على أصوات المعلمين عندما يدور الحديث حول قضايا الوطن.
اليوم أرفع رأسي اعتزازاً بمدارس أفسحت لي في المجال أن أكون معلماً لتلاميذ هم اليوم أفضل أصدقائي، وأن يكون لي دور في إعداد أجيال يؤمنون بالمعرفة لا بالخرافات، وبوقفات العز لا بالانحناء، وبأنّ الوطن المحصّن بالانفتاح وقبول الآخر، لا يموت مهما كثر الفاسدون والمفسدون.
اليوم أتذكر قرية «عشاش» الهادئة التي كنت أستيقظ فيها كلّ صباح على غناء عصافيرها، والتي منها بدأت رحلة التعليم، ومنها إلى مدرسة الآباء البيض في القبة، وبعدهما إلى مدرسة طرابلس الإنجيلية حيث كنت واحداً من جسمها التعليمي لثلاثين سنة، ثم انتهت هذه الرحلة الممتعة، لخمس سنوات حلوة، في الانترناسيونال سكول في الكورة المباركة بزيتونها، وزيتها، ومثقفيها، ووقفات العزّ فيها.