فلسطين ستعود الى أهلها وأصحابها
سعيد معلاوي
أكد الاتحاد البرلماني العربي في البيان الختامي لمؤتمره التاسع والعشرين الذي انعقد في عمّان قبل أيام مركزية القضية الفلسطينية، فبعد الكويت ها هو الأردن يصرّ على عدم التطبيع مع الكيان الصهيوني فيما السعودية والإمارات ومصر حاولوا جاهدين فتح ثغرة في هذا البيان للنفاذ منها الى التطبيع مع هذا العدو، أما لبنان وسورية والعراق والشعب الفلسطيني فتحصيل حاصل في موقفهم الوطني والقومي وأولوية أولوياتهم في كلّ المحافل الإقليمية والدولية القضية الفلسطينية.
فالوفد اللبناني الذي تقدّمه رئيس مجلس النواب نبيه بري شهادته معه، وهو في كلّ المفاصل والمحطات الاستراتيجية يؤكد المؤكد. كما أنّ رئيس مجلس الأمة الكويتي مرزوق الغانم طالب وشدّد على رفض التطبيع وتحريمه سياسياً، فيما سبقه الى هذا الموقف رئيس البرلمان الأردني المهندس عاطف الطراونة بوصفه رئيس الدورة التاسعة والعشرين للبرلمانات العربية.
هذه المواقف لدول الهلال السوري الخصيب حرّكت الدورة الدموية في جسم هذه الأمة، ووقفت سداً منيعاً في وجه بعض الأنظمة العربية التي حاولت اختراق هذا الموقف القومي فلم تفلح ولن تفلح مستقبلاً.
هذا المؤتمر وهذه المواقف أعادتني بالذاكرة الى ربع قرن من الزمن عندما أبعد العدو الصهيوني في العام 1990 من فلسطين أكثر من 400 مناضل من أبناء شعبنا الى محيط مرج الزهور في جنوب لبنان، فأثناء إقامة هولاء في ذلك المكان واتخاذ الحكومة اللبنانية في حينه قراراً بمنعهم من الدخول الى عمق الأراضي اللبنانية، وبناء على مضمون هذا القرار، أمام الضغط الدولي على العدو عاد هؤلاء إلى ديارهم بعد سنة كاملة من الإبعاد وكان خلال هذه السنة الدكتور عبد العزيز الرنتيسي الناطق الرسمي باسم المبعدين، وأثناء استقبال المبعدين في مخيمهم المستحدث وفد من نقابة المهندسين في الأردن برئاسة النقيب ليث شبيلات وقد ألقى كلمة الوفد الأردني في حينه القيادي في الحزب السوري القومي الاجتماعي في عمان المهندس وديع حداد، فحمّل الدول المحاذية لفلسطين المحتلة وتلك التي تشكل طوقاً حولها مسؤولية تحريرها الى جانب الشعب الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية، فتعالت الأصوات من المبعدين إنها دول سورية الطبيعية فيما غرّد أحد المشايخ سالم أبو سالم من قطاع غزة وبصوت عال انها دول الهلال الخصيب ، نعم نعم انها كيانات سورية الطبيعية، وبعد أن أنهى حداد كلمته وبحضور المبعدين وحشد من وسائل الإعلام طرحت على الدكتور الرنتيسي رأيه بما سمع من الدكتور حداد فأجاب: «إنها الحقيقة».
وفي محطة أخرى توجه الدكتور الرنتيسي سراً إلى دمشق لمدة يومين ولما عاد الى المخيم أخبرني أنه التقى بعدد من المسؤولين في الشام لكن الأهمّ كما قال إنه «عند عبوري أحد الشوارع الرئيسة هناك سيراً على الأقدام والشمس في كبد السماء أوقف السائقون سياراتهم وسط الشارع وترجّلوا مع ركاب هذه السيارات وأحاطوا بي وهم يهتفون بحياة فلسطين وتحرير فلسطين»، أضاف: «عندها تأدكت وتيقنت بأنّ فلسطين ستعود الى أهلها وأصحابها ما دام هناك شعب مثل هذا الشعب».
يبقى، أنّ نتائج مؤتمر اتحاد البرلمانيين العرب والمواقف التي اتخذها لبنان والشام والعراق والوفد الفلسطيني هي الشعرة القومية التي ستقصم ظهر البعير اليهودي.