رئيس الجمهورية عشية زيارته موسكو: العلاقات مع سورية «مطبَّعة» ونريد المشاركة في إعادة إعمارها
يقوم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بزيارة رسمية إلى جمهورية روسيا الاتحادية تلبية لدعوة من نظيره الروسي الرئيس فلاديمير بوتين، وذلك يومي 25 و26 آذار الحالي. وسيجري عون محادثات مع بوتين الثلاثاء المقبل، كما يلتقي عددًا من المسؤولين الروس.
وعشية زيارته إلى جمهورية روسيا الاتحادية أجرى الرئيس عون في قصر بعبدا حواراً صحافياً مع مراسلي وسائل الإعلام الروسية، حيث اكد ان علاقة لبنان بروسيا تاريخية وتعود للقرن التاسع عشر، واوضح ان مواضيع البحث مع الرئيس بوتين متعددة وان برنامج المحادثات الذي يتم تحضيره بناء على رغبة الجانبين لا يزال قيد الإنجاز، لافتاً إلى ان بين المواضيع ما يتعلق بمنطقة الشرق الاوسط والحروب التي اندلعت في عدد من دولها ونتائجها التي لا يزال لبنان يتحملها، بالاضافة إلى انعكاسها على وضع المسيحيين في المشرق وملف النازحين في ضوء المبادرة الروسية التي تنص على تشجيع عودتهم والموقف اللبناني من هذه القضية الذي تؤيده روسيا. وقال: «قد نتطرق إلى قضية القدس واسرائيل، بالاضافة إلى تقوية العلاقات اللبنانية – الروسية الثقافية والحضارية وتلك القائمة بين الشعبين التي نرغب بتطويرها في مختلف المجالات في ظل وجود مراكز ثقافية وتعليم اللغات فضلاً عن السياحة بين البلدين. كما يهمنا بحث العلاقات الاقتصادية التي نرغب ايضا بتوسيعها».
وعن ملف النازحين، قال الرئيس عون: «إن لبنان يأخذ علماً بالشروط الدولية، لكنه سيتصرّف وفق ما تمليه عليه مصلحته العليا فالمجتمع الدولي لا يساعده فيما هو يساعد السوريين على العودة بحيث بلغ عدد العائدين من لبنان 172 الف نازح لغاية اليوم»، لافتاً إلى ان المفوض السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي الذي جال أخيراً في سورية واتصل شخصياً وبكل حرية ومن دون مراقبة مع العائدين، «ابلغنا ان وضع هؤلاء جيد وهم يعيشون هناك بارتياح».
وعن العلاقات مع سورية، اكد رئيس الجمهورية انها «مطبَّعة». ان لبنان بلد مجاور لسورية ويجمعهما العديد من القضايا المشتركة التي سنبحث بالتأكيد في حلها. واذا تطلب الامر زيارة فسيتم ذلك، اما اذا لم يتطلبها، فبامكان السفراء والوزراء والمجلس الأعلى القائم بين البلدين البحث بالقضايا ذات الصلة حيث ان زيارة الرؤساء تتطلب وضعاً خاصاً ولا تكون بغرض السياحة.
وحول المشاركة اللبنانية في اعادة اعمار سورية والدور الروسي في ذلك، اكد رئيس الجمهورية ان باستطاعة لبنان المشاركة، وفيه العديد من الشركات اللبنانية التي تتولى الإعمار. كما باستطاعته المساهمة من الناحية الجغرافية من خلال مرفأي بيروت وطرابلس. فبامكان الاخير ان يغذي منطقة حمص وحماه وغيرها، فيما باستطاعة مرفأ بيروت تغذية المنطقتين الوسطى والجنوبية. وبذلك بإمكان لبنان نقل مواد البناء والاعمار إلى سورية. واننا نخطط لانشاء سكة حديد ساحلية حيث ن هناك مدخلين لسورية احدهما في الشمال في حمص، والثاني باتجاه دمشق من البقاع. وهذه الخطة تستلزم بعض الوقت والإعمار في سورية لن يتم على المدى القصير.
وعما إذا لمس أي نوع من الضغوط على لبنان لعدم المشاركة في إعادة إعمار سورية، أوضح الرئيس عون أن الضغوط تمارس على الجميع حالياً، في ظل ربط المجتمع الدولي الاعمار وعودة النازحين بالحل السياسي. وقال: «إن الامر يتطلب ايجاد مصادر تمويل ليس من لبنان او سورية بالتأكيد اللذين بالكاد يكفيان حاجاتهما بعد الظروف التي مرا بها، بل من كل الدول الأخرى بما فيها أوروبا وأميركا ودول الخليج. واذا تمنعت هذه الدول عن ضخ الرساميل فسيتوقف الإعمار اذا ما حصل ضغط او لم يحصل».
وقال: «إن الضغوط السياسية مباشرة، والمجتمع الدولي لا يتردد بقراره وبربطه عودة النازحين باعمار سورية والحل السياسي فيها. إن النقاش مع الموفدين الدوليين عندما يزورون لبنان يتمحور حول هذه النقطة بالتحديد. ولبنان يرفض الامر لأن لا ارتباط بين رغبة النازحين بالعودة ومنعهم من قبل المجتمع الدولي الذي يسعى لأخذ النازح رهينة كي يقبض ثمنه في الحل السياسي. إن أخذ الرهائن وخاصة البشرية ممنوع وثمة مخالفات كثيرة في ذلك. ثم أن لبنان صغيرالمساحة، واصبحت الكثافة فيه 600 شخص في الكيلو متر المربع الواحد، وهذه كثافة مدنية بطبيعتها وليست كثافة وطن».
واعتبر الرئيس عون ان الحصار على حزب الله يصيب كل اللبنانيين، كما المصارف اللبنانية، فكل مصرف لبناني لديه توجّس من التعامل مع اي مودع خوفاً من أن يكون لديه علاقة مع حزب الله. فالمصرف أصبح لديه خوف من الزبائن الذين بدورهم يخافون منه. وهذا الخوف المتبادل لا يبني اقتصاداً وعلاقات تجارية سليمة. وبذلك اصبح لبنان ضمن الحصار المفروض على الآخرين ولا سيما على إيران، وهو يمرّ نتيجة لذلك بأزمة كبيرة ولكن لا نتوقع المزيد من الاجراءات على المصارف.»
وعما اذا سيبحث الرئيس عون في موضوع الخلاف اللبناني – الاسرائيلي حول الحدود البحرية وملفي النفط والغاز مع الرئيس بوتين واذا ما يمكن لروسيا ان تقوم بدور الوسيط النزيه، قال الرئيس عون: ان لا شيء يمنع من ذلك، لافتاً إلى ان هذا الموضوع سيتم بحثه مع وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو خلال زيارته إلى لبنان، وعلى ضوء ما يمكن ان نستنتجه نبني على الشيء مقتضاه .
وعما يتردد عن انزعاج اميركي من التقارب اللبناني – الروسي والضغوط التي تمارس لكبحه، اوضح رئيس الجمهورية ان ما يجمع لبنان وروسيا اعتراف متبادل وعلاقات تاريخية تميزت حتى في ايام الاتحاد السوفياتي السابق والتوتر بينه وبين الولايات المتحدة، بالمحافظة على التمثيل الديبلوماسي رغم محدودية العلاقات آنذاك. اننا في لبنان لا نتأثر بالخلافات بل نقيَم الامر على ضوء مصالحنا وصداقتنا مع الشعوب. «فلبنان بلد محايد وقد اقترحت جعله مركزاً عالمياً لحوار الثقافات والحضارات والاديان والاثنيات. وليس بإمكان أحد حجبنا عن اي بلد في العالم. صحيح اننا لا نتدخل بمشاكل الآخرين ولكننا نريد المحافظة على شخصيتنا».
وسئل رئيس الجمهورية عن الهواجس اللبنانية من قبول الهبات العسكرية الروسية، فاكد ان الاسلحة التي بحوزة القوى العسكرية اللبنانية تختلف عن الاسلحة الروسية حاليا ولبنان يقوم باستقدام التجهيزات من الولايات المتحدة الاميركية، فيما استعمال الاسلحة الروسية يتطلب تغيير نظام الاسلحة المستخدم، لافتا إلى ان لبنان بحاجة إلى مصدر اسلحة، وفي المستقبل لا نعلم كيف يتطوّر الوضع.
وعما اذا كانت اتفاقية التعاون اللبناني مع شركة «روسنفط» تعد بداية لتعاون اوسع بين البلدين، قال الرئيس عون إن التعاون مع روسيا بدأ قبل ذلك، فهناك كونسورسيوم ايطالي فرنسي روسي، ونوفاك من ضمنه، وقد حاز بالتزام التنقيب عن النفط وسيبدأ العمل في العام الحالي ان شاء الله، مشدداً على انه ليست هناك من علاقة اقتصادية تبدأ الا وتتطور.
وفي موضوع الكهرباء والاستعانة بالخبرات الروسية، اوضح رئيس الجمهورية ان النظام اللبناني حر، ويجب طرح اي التزام على المناقصات، لافتاً إلى ان لا شيء يمنع ان تتقدم روسيا على مناقصات فتحصل على الالتزامات اذا كانت عروضها افضل.
وعن لقاء مصالح البلدين، شدد الرئيس عون على ان للبنان وضعاً خاصاً ودقيقاً جداً، فهو مطوق ويقع ضمن مثلث متساوي الاضلاع بين روسيا واميركا والصين، فيما لا تزال السياسة العامة في الشرق الاوسط غير واضحة المعالم. ووضعه لا يسمح له بالاختيار فهو لن يدخل في حروب مع اي من الافرقاء بل يسعى للتفتيش عن صداقات الجميع. من هنا نحن نقول بالصداقة للجميع والخلافات لمن هم مختلفون.
واشار رئيس الجمهورية إلى أهمية دور روسيا في المساعدة على إنشاء أكاديمية الإنسان للتلاقي والحوار عبر المساهمة فيها، لافتاً إلى أنه تم طرح هذا المشروع امام الامم المتحدة تحت رعاية الاونيسكو، والمطلوب اليوم من الجميع تأييده والمشاركة فيه لاسيما وأنه يعني العالم كلّه.
ونفى الرئيس عون رداً على سؤال وجود مخاوف من تقسيم المسيحيين في المشرق، لافتاً إلى أن المسيحيين يريدون أن يعيشوا ضمن مجتمع متعدد بعيداً عن الأحادية، التي هي ضد تفكيرنا وثقافتنا، مشيراً إلى سقوط الآحادية الدينية كما السياسية المتمثلة بالانظمة الديكتاتورية، وكذلك الأحادية العرقية، « فلا يمكن العودة اليها مجددًا او القبول بها».
على صعيد آخر نقل وزير التربية والتعليم العالي أكرم شهيّب ووزير الصناعة وائل ابو فاعور رسالة من رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط إلى رئيس الجمهورية تناولت التطورات السياسية الراهنة.