بومبيو جال على المسؤولين: دعم إيران لحزب الله يشكل خطراً على لبنان وعون وبري وباسيل يؤكدون بأن الحزب لبناني وليس إرهابياً ومقاومته ناجمة عن الاحتلال
جال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، على المسؤولين اللبنانيين خلال زيارته للبنان التي تستمر حتى ظهر اليوم، وأكد بومبيو خلال المحادثات التي أجراها مع الرؤساء الثلاثة ووزير الخارجية رغبة الولايات المتحدة الأميركية في المساعدة مع جهود الأمم المتحدة لمعالجة ملف الحدود البحرية، مشدداً على أن دعم إيران لحزب الله يشكل خطراً على لبنان، بينما رد لبنان الرسمي على الزائر الأميركي بالتأكيد أن الحفاظ على الوحدة الوطنية والسلم الاهلي هو من الأولويات، مشددين على أن حزب الله هو حزب لبناني ممثل في مجلس النواب وفي الحكومة.
في الداخلية
وكان بومبيو وصل الى مطار بيروت صباح أمس واستهلّ جولته من وزارة الداخلية والبلديات حيث التقى وزيرة الداخلية ريا الحسن وعقدا جلسة محادثات استمرت قرابة نصف ساعة.
ورافق بومبيو مساعده للشؤون السياسيّة ديفيد هيل، ومساعده الأول لشؤون الشرق الأدنى ديفيد ساترفيلد، والسفيرة الأميركية اليزابيت ريتشارد، والمسؤولة عن الشؤون العامة للتواصل مع وسائل الإعلام كتاهرين مارتن.
عين التينة
ثم انتقل الوزير الأميركي والوفد المرافق الى عين التينة حيث التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري، واستمر اللقاء ساعة وتناول الحديث «أهمية الحفاظ على الاستقرار في لبنان، وضرورة معالجة الحدود البحرية والتي تشمل المنطقة الاقتصادية الخاصة للبنان». وأعرب الوزير بومبيو عن رغبة الولايات المتحدة الأميركية في «المساعدة مع جهود الأمم المتحدة لمعالجة هذا الموضوع». وشدد الرئيس بري على ان «يبدأ الحل بالحدود البحرية». كما تركز البحث على العقوبات الأميركية على «حزب الله» وتداعياتها السلبية على لبنان واللبنانيين. وأكد الرئيس بري، في هذا المجال، «أن القوانين التي أقرها المجلس النيابي اللبناني تطابق القوانين الدولية وتؤمن الشفافية في التداول المالي على الصعد كافة».
وشدد على ان «حزب الله» هو «حزب لبناني وموجود في البرلمان، والحكومة ومقاومته واللبنانيين ناجمة عن الاحتلال الإسرائيلي المستمر للأراضي اللبنانية».
السرايا
ثم توجه رئيس الدبلوماسية الأميركية الى السرايا الحكومي حيث أجرى مع رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، محادثات بحضور الوزير السابق غطاس خوري والسفيرة الأميركية اليزابيت ريتشارد والوفد المرافق، تناولت آخر التطورات في لبنان والمنطقة والعلاقات بين البلدين. واستكملت المحادثات على مأدبة غداء أقامها الحريري على شرف الوزير بومبيو.
بعبدا
ثم انتقل بومبيو الى بعبدا والتقى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي طالب ضيفه «مساعدة بلاده للبنان على إعادة النازحين السوريين الى المناطق الآمنة في سورية»، لافتاً الى أن «لبنان الذي استقبل أكثر من مليون و500 الف نازح سوري على اراضيه، لم يعد قادراً على تحمل التداعيات التي سببها هذا النزوح على جميع قطاعات الحياة». وأكد عون أن «عمليات تنظيم عودة النازحين سوف تستمر وفقاً للآلية التي وضعها الأمن العام اللبناني».
ورحب عون بـ «مساعدة الولايات المتحدة الأميركية لترسيم الحدود البريّة وما يُعرَف بـ «الخط الأزرق»، معتبراً ان «مثل هذا العمل يعزز الأمن والاستقرار في الجنوب، علماً أن لبنان ملتزم تنفيذ القرار 1701 وحريص على استمرار الاستقرار على الحدود الجنوبية، رغم الانتهاكات الاسرائيلية المستمرة براً وبحراً وجواً».
وأكد عون أن «الحفاظ على الوحدة الوطنية والسلم الأهلي هو من الأولويات التي يحرص اللبنانيون على العمل بها»، مشيراً الى أن «حزب الله هو حزب لبناني ممثل في مجلس النواب وفي الحكومة ومنبثق عن قاعدة شعبيّة تعيش على أرضها وفي قراها، تمثل إحدى الطوائف الرئيسية في البلاد». وشكر الرئيس عون الوزير بومبيو على «المساعدات التي تقدّمها بلاده للجيش اللبناني، لا سيما خلال حرب تحرير الجرود البقاعية من المنظمات الإرهابية».
وخلال المحادثات، قدّم المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم عرضاً للآلية التي يعتمدها الأمن العام لتنظيم عودة النازحين السوريين منذ شهر أيار الماضي وقد بلغ عدد العائدين حتى أمس، 175 ألف عائد، مشيراً الى أن «الأمن العام مستمر في تنظيم هذه العودة سواء كانت فردية او جماعية، ويتابع عن قرب أوضاعهم في مناطق وجودهم، ولم يتبلغ حتى الساعة أي معلومات عن تعرض العائدين لأي مضايقات». وسلم الرئيس عون الوزير الأميركي خريطة تظهر كثافة النزوح السوري في المناطق اللبنانية كافة.
بدوره، أكد بومبيو خلال المحادثات، «حرص بلاده على تعزيز العلاقات الأميركية – اللبنانية، واستمرار تقديم الدعم للقوات اللبنانية المسلحة»، مركزاً على «جهوزية بلاده للمساهمة في ترسيم الحدود البرية والبحرية». كما تحدّث عن موقف بلاده من حزب الله وإيران.
في الخارجية
وختم بومبيو زياراته الرسمية بلقاء مع نظيره الوزير جبران باسيل، في وزارة الخارجية وعقدا مؤتمراً صحافياً مشتركاً أشار خلاله الى أن «حزب الله يقف عائقًا أمام آمال الشعب اللبناني، ومن خلال الترهيب المباشر للناخبين هو ممثّل بالبرلمان ويتظاهر بدعم الدولة»، لافتًا إلى أنّ «حملات» حزب الله «منافية لمصالح الشعب اللبناني، وكيف يمكن لصرف الموارد وإهدار الأرواح المساعدة، وكيف يمكن لتخزين الصواريخ تقوية هذه البلاد؟».
وأكّد بومبيو أنّ «إيران لا تريد لهذا الوضع أن يتغيّر، وهي ترى الاستقرار في لبنان على أنّه تهديد لطموحات إيران في الهيمنة»، مركّزًا على أنّ «شركات إيران الإجرامية ومحاولاتها تبييض الأموال تضع لبنان تحت مجهر القانون الدولي»، مبيّنًا أنّ «حزب الله» يسرق موارد الدولة ويجب ألّا يجبر الشعب على أن يعاني بسبب طموحات الحزب». ولفت إلى أنّ «هذا الأمر يتطلّب شجاعة من الشعب للوقوف بوجه إجرام «حزب الله».
كما أعلن «أنّنا نؤيّد عودة النازحين السوريين في أسرع وقت. ستستمرّون في أن تجدوا في لبنان صديًقا ونحن سنستمرّ بدعم المؤسسات الشرعية اللبنانية»، متسائلًا: «ماذا قدّم «حزب الله» وإيران للدولة سوى التوابيت والأسلحة؟»، مشيرًا إلى أنّ «قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني يستمرّ في تقويض المؤسسات الشرعيّة والشعب اللبناني».
وكشف «أنّنا سنستمرّ في الضغط على إيران لوقف سلوكها الإرهابي. دعم إيران لـ»حزب الله» يشكّل خطرًا على الدولة اللبنانية ويقوّض فرص السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين»، منوّهًا إلى أنّ «الضغط الّذي نمارسه يهدف لقطع التمويل عن إيران». ولفت إلى أنّ «الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله ترجّى مناصريه لتقديم التبرّعات، ونحن سنستمرّ باستخدام الأساليب السلمية لتضييق الخناق عليهم».
وأفاد بومبيو بـ»أنّني أعربت عن أملي في أن تتمكّن الحكومة من تلبية احتياجات الشعب اللبناني. شعب لبنان يواجه خيارًا إمّا المضي قدمًا أو أن يسمح لطموحات إيران و»حزب الله» بأن تهيمن»، مشدّدًا على أنّ «لبنان دفع ثمنًا باهظًا لتحقيق استقلاله». وذكّر بأنّه «قبل سنوات، قَتل «حزب الله» دبلوماسيين وأعضاء في «المارينز»، وأنا زرت الضريح التذكاري لرئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري الّذي كان ضحية لسيطرة نظام الرئيس السوري بشار الأسد على لبنان».
وركّز على أنّ «الولايات المتحدة الأميركية مستمرّة بالوقوف إلى جانب الشعب اللبناني لتحقيق مستقبل أفضل».
من جهته لفت الوزير باسيل إلى أن «زيارة بومبيو هي الأولى من نوعها إلى لبنان وتدلّ على عمق العلاقات والصداقة، وعلى متانة الوضع اللبناني واستقراره، وتحمل المضمون نفسه من العلاقات التاريخية بين البلدين التي بنتيجتها قمنا بحوار بناء وإيجابي».
وقال: «بحثنا مسألة الحدود، ولبنان يبدي الإيجابية اللازمة انطلاقاً من الحفاظ على حقوقنا بالأرض والسيادة»، مشدداً على أن «النصر السياسي والدبلوماسي يساوي أي نصر آخر، دون التفريط بأي مورد نفطي أو غازي وسنبذل الجهد اللازم للوصول إلى اتفاق مشرف».
اضاف: «موضوع النفط شخصي وعملت عليه ورافقته عندما كنت وزيراً للطاقة، ونحن أقنعنا الشركات الأميركية للمشاركة بالمناقصات إلا أنها امتنعت، وفازت بالمناقصة شركات أوروبية وروسية ولكن هناك عقوبات بينهما. من هذا الباب أدعو الشركات الأميركية للمشاركة بالمناقصات في لبنان»، متسائلاً: «لم لا يحصل تحالف بين روسيا وأميركا في لبنان وفق مصلحة الشركات، فهذا الأمر يسهم بالازدهار والاستقرار؟».
وتابع: «أكدت التزامنا بالقرار 1701 والحفاظ على الهدوء بالجنوب ووقف الاعتداءات الإسرائيلية، وحق لبنان بالدفاع عن نفسه حق مقدس».
وأكد أن «لا شيء أفضل من مواجهة الإرهاب الأحادي إلا بالتعدد، وجريمة نيوزيلندا تؤكد أن التطرف يولد تطرفاً والتسامح المتوازي مع القوانين الدولية هو العلاج للتطرف ويخلق العيش المسالم والسليم بين الشعوب».
وأشار إلى «أنني طرحت موضوع النازحين السوريين وشرحت لبومبيو الخطر على وجودية لبنان والنموذج اللبناني الفريد، وطلبنا دعم لبنان بالعودة الآمنة والكريمة دون أن تكون طوعية. نحن نستقبل النازحين ولكن حان وقت العودة، وهذا لمصلحة لبنان، والحل الذي نرغب به في سورية سياسي ويؤدي إلى انتخابات حرة وديمقراطية تعطي للشعب السوري الحق في اختيار ممثليه، ولبنان ينأى بنفسه عن هذه الأمور ويرغب بعدم التدخل في شؤون الآخرين».
وقال باسيل: «تحدثنا في موضوع «حزب الله»، وأكدنا أنه حزب لبناني غير إرهابي ونوابه منتخبون من قبل الشعب وبتأييد شعبي كبير، وتصنيفه كإرهابي لا يعني لبنان. نحن نتمسك بوحدتنا الوطنية وهذا الأمر يحافظ على علاقاتنا الجيدة مع أميركا». وأشار إلى «أننا نعتبر أن استقرار لبنان والحفاظ على وحدته مصلحة لبنان وأميركية، إقليمية ودولية لأن هناك مصلحة ببقاء لبنان هذا النموذج الذي يواجه الإرهاب».