دمشق: الانحياز الأميركي للعدو لن يغيّر من هوية الجولان السوري

استنكر وزير الإعلام السوري، عماد سارة، اعتراف واشنطن رسمياً بسيادة العدو على الجولان السوري المحتل، مؤكدا أن الانحياز الأميركي للكيان الصهيوني لن يغيّر من هوية الجولان السورية.

وقال الوزير سارة، في تصريح له أمس، «سورية تشهد اليوم وقفات تضامنية بمختلف المحافظات لتقول للرئيس الأميركي دونالد ترامب أنه يوقع ما يوقع إلا أن هناك حقيقة راسخة تقول بأن الجولان سوريّ الانتماء والهوية، وهذا الانحياز الأميركي الفاضح باتجاه الكيان الصهيوني لن يغير من هوية الجولان العربي السوري».

وأشار الوزير إلى أنه «ليس من المستغرب أن من يعتبر القدس عاصمة للكيان الصهيوني ومن يدعم الإرهاب من «جبهة النصرة» و»داعش» أن يغتصب الجولان المحتل ويقدمه لكيان مغتصب للحق الفلسطيني».

وأكد الوزير أن «توقيع ترامب لاغتصاب الجولان قام بعملية فرز للدول. فأصبحنا نعرف أية دول تدعم الإرهاب الدولي المنظم وأية دول تقاومه، والمقصود هنا سورية ومحور المقاومة وروسيا».

ودعا الوزير الإعلام إلى «كشف وتعرية الإرهاب الدولي المنظم الذي تمارسه إمبراطوريات الإعلام والسياسة الغربية، والتأكيد على عروبة الجولان وسوريته».

كما اعتبر سارة أن ما قام به ترامب «لا يخدم على المدى البعيد وإنما قد يخدمه على المدى القريب في ما يتعلق بلجنة مولر وضغط الايباك الصهيوني، وقد يخدم، رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو، في الانتخابات».

وأوضح أن «على المستوى البعيد، ما قام به ترامب هو تأكيد على أن الشرعية الدولية لم يعد لها وجود، وأن القانون الدولي تم اغتياله أيضاً بقلم ترامب عندما وقع على اغتصاب الجولان».

وتابع الوزير «نحن في سورية الآن أكثر من أي وقت مضى سنقوم باسترجاع جميع الأراضي السورية المحتلة وهذا ما أكد عليه الرئيس بشار الأسد عندما قال إن الحق الذي يُغتصب سيُحرَّر».

وحول الموقف التركي المندد بقرار ترامب، قال الوزير سارة إن «الموقف التركي ليس موقفاً مبدئياً إنما موقف انتهازي لأنه لا يمكن لدولة تحتل أرضاً سورية أن تشجب احتلال الكيان الصهيوني لأرض سورية».

هذا وأكد وزير الخارجية التركي، مولود تشاوش أوغلو، الاثنين، رفض بلاده لتوقيع الرئيس الأميركي دونالد ترامب على وثيقة الاعتراف بسيادة «إسرائيل» على مرتفعات الجولان السورية، موضحاً أن الجولان أرض تابعة لسورية ولشعبها.

تعليق زاخاروفا

إلى ذلك، اعتبرت المتحدثة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، أن قرار الرئيس الأميركي الاعتراف بسيادة الكيان الصهيوني على الجولان السوري المحتل قد يكون مقدمة لإعلان «صفقة القرن» المزعومة.

وفي حديث لقناة «روسيا-1» التلفزيونيّة قالت زاخاروفا، أمس: «لسنا سوى في بداية حصولنا على ردود الاتحاد الأوروبي الذي يبدو مصدوماً بعض الشيء بما يفعله شركاؤه في الناتو بالقانون الدولي وتصرفاتهم في المنطقة مباشرة».

وتابعت: «لم نبدأ بعد في مناقشة المفاجأة الرئيسة، ألا وهي صفقة القرن المزعومة التي تعد بها واشنطن. وربما الحديث يدور عن مقدمة لهذه المفاجأة الموعودة لجميعنا».

إدانة إيرانية

من جهته، دان الرئيس الإيراني، حسن روحاني، قرار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، واصفاً إياه بالاعتداء الاستعماري الذي لا سابق له.

وقال روحاني خلال لقائه، أمس، عدداً من الوزراء والمدراء والمسؤولين التنفيذيين: «لم يكن يخطر على بال أحد أن يقوم رجل في أميركا، ومن جانب واحد، وخلافاً للقوانين والقرارات الدولية، بمنح أرض تعود لشعب بلد آخر إلى مغتصب.

وأضاف أنه إبان العهد الذي كان يحكم فيه الاستعمار، كانت بعض القوى المستعمرة تقوم بمثل هذه الأعمال وتبادر إلى منح جزء من بلد إلى آخر، متابعاً: «في القرن الحالي لم يسبق لأحد القيام بمثل هذا العمل».

.. وأوروبية

وفي السياق، أصدرت الدول الأوروبية الـ5 الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، بريطانيا وفرنسا وألمانيا وبولندا وبلجيكا، بياناً مشتركاً يرفض اعتراف الولايات المتحدة بسيادة الاحتلال على الجولان السوري.

وفي البيان الذي تلاه مندوب بلجيكا الدائم لدى الأمم المتحدة، مارك بيستين دي بويتسويريه، رداً على توقيع الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الاثنين على مرسوم يعترف بسيادة الكيان الصهيوني على الجولان، أشارت الدول الـ5 إلى أن الموقف الأوروبي حول هذه القضية «معروف جيداً» وهو لم يتغير ويؤكد أن مرتفعات الجولان تمثل أرضاً سورية محتلة من قبل «إسرائيل» وفقا للقانون الدولي.

وقال المندوب البلجيكي، في مؤتمر حضره أيضاً نظراؤه من باقي الدول الأوروبية الأعضاء في مجلس الأمن: «إننا، وبالتوافق مع القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، بما فيهما القراران 242 و497، لا نعترف بسيادة إسرائيل على الأراضي التي احتلتها منذ يونيو 1967، بما في ذلك مرتفعات الجولان، ولا نعتبرها جزءاً من «إسرائيل».

وأكدت الدول الـ5 في بيانها: «أن القانون الدولي يحظر ضمّ الأراضي بالقوة وأي إعلان بحدوث تغيير أحادي الجانب يتعارض مع أساس النظام الدولي الذي يرتكز إلى قواعد وميثاق الأمم المتحدة».

وذكرت الدول الأوروبية: «إننا نُعرب عن قلقنا البالغ من التداعيات الأوسع التي قد يسفر عنها الاعتراف بالضمّ غير الشرعي للأراضي وكذلك تبعاته الأوسع على الصعيد الإقليمي».

هلوسات بومبيو

على الصعيد ذاته، أعلن وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، أن الولايات المتحدة تخوض محادثات مع كل من دول الخليج وتركيا وكندا حول قضية الاعتراف بسيادة الكيان الصهيوني على الجولان السوري المحتل.

وقال بومبيو، في مؤتمر صحافي عقده أمس، رداً على سؤال من قبل أحد الإعلاميين حول معارضة الأمم المتحدة وتركيا وكندا ودول الخليج لقرار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الاعتراف بسيادة الكيان الصهيوني على الجولان: «هذا الأمر يُحزنني، لكنه لا يدهشني. وأتذكر بهذا الصدد نقل سفارتنا لدى القدس من تل أبيب. وفي كلتا الحالتين اتخذت الولايات المتحدة خطوة صحيحة وقامت بمجرد الاعتراف بالواقع على الأرض. ونأمل أن تنضم تلك الدول إلينا فيما يخصّ فهمنا لأهمية هذه الخطوة وصحتها».

وتابع بومبيو، مجيباً عن السؤال: «ذكرت دول عدة، ولدينا محادثات مستمرة مع كل منها حول هذه المسألة، حول قرارنا وأسباب اعتقادنا أن الحديث يدور عن قرار صحيح أصلاً»، بحسب تعبيره.

حراك جولاني

وكانت تصاعدت حدة ردود الشارع السوري على خطوة الرئيس الأميركي دونالد ترامب حول الجولان السوري المحتل ومحاولات إلحاقه بالسيادة الصهيونية.

وبدأت ردود الفعل الغاضبة تتخذ منحى يستلهم نموذج المقاومة الشعبية المسلحة، على أن يتم التنسيق مع الجيش السوري، وضمن رؤية القيادة السياسية السورية.

وكان عدد من وجهاء عشائر الجولان السوري المحتل خلال لقاء مع «سبوتنيك» أكدوا رفضهم تصريحات ترامب، مشدّدين على أن الجولان أرض عربية سورية وسيعودون إليها مهما طال الزمن.

وقال الشيخ يوسف محمود مفلح الكبيري، وهو من أبناء محافظة القنيطرة المحتلة عام 1967، بأن «تصريحات ترامب «مجرد هراء»، و»هذا الرئيس فيه شيء من الهلوسة والجنون».

بدوره قال الحاج محمد صبري المطلق من قرية دلوة الجولانية، وهي قرية صغيرة تبعد عن مدينة القنيطرة نحو 8 كم وتم تهجير أهلها في حرب 1967: إنه نزح من الجولان عندما كان عمره 25 عامًا، وقد بلغ الآن 80 عاماً وهو يرفض قرار ترامب لإرضاء نتنياهو من أجل الانتخابات، موضحاً أنه عاش في الجولان مع الآباء والأجداد، وسيعود إليه.

من جهته، إبراهيم محمد علي ضيف الله الهلال، تحدث عن مأساة النزوح عام 1967 وقال: كنت آنذاك في الـ 25 من عمري، مؤكداً لـ «سبوتنيك» رفضه قرار ترامب لكونه لا يوجد له وصاية على الشعب السوري ولا على الجولان السوري المحتل.

وقال الشيخ الهلال: لا يحق لترامب أن يعطي أرضنا لـ»إسرائيل»، نحن لسنا أيتاماً عنده.. الأرض أرضنا ومن يريد أن يعطي فليعطِ مما يملك.. وعدنا أبناءنا وأحفادنا بأننا عائدون إلى أرضنا.

هذا، ووقع ترامب، الاثنين، مرسوماً يعترف بسيادة العدو الصهيوني على الجولان السوري المحتل.

ويضفي المرسوم صبغة رسمية على بيان ترامب في 21 آذار/مارس الحالي، الذي قال فيه إن الوقت حان للولايات المتحدة لأن تعترف تماماً بسيادة «إسرائيل» على الجولان، بحسب تعبيره.

والجولان أراض سورية احتلها الكيان الصهيوني منذ الخامس من حزيران/يونيو 1967، ويرفض الانسحاب منها رغم قرار مجلس الأمن الدولي الصادر بالإجماع رقم 497 في 17 كانون الأول/ديسمبر 1981، الذي يطالب الكيان الصهيوني بإلغاء ضم مرتفعات الجولان السورية، واعتبار قوانينها وولايتها وإدارتها هناك لاغية وباطلة وغير ذات أثر.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى