خسارة أردوغان المدن الكبرى… واسطنبول تطرح أسئلة مصيرية حول زعامته التوافق الرئاسي حول الكهرباء يدفع القوات للتراجع… والتعيينات على نار حامية
كتب المحرّر السياسيّ
يعيش كل من رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو والرئيس التركي رجب أردوغان ظروفاً صعبة تتصل بمستقبل الزعامة التي بناها كل منهما بالتفاهم والتباين والمواجهة مع الآخر بعناية، بقيت خلالها العلاقات التركية الإسرائيلية في أفضل حال، لكن السياحة الإسرائيلية لم تسعف أردوغان انتخابياً، والضغط التركي على قيادة حماس لم يفلح في توفير ظروف مناسبة لنتنياهو عشية الانتخابات.
المعادلات الموضوعية للصراعات الكبرى تتفوق على رغبات الأفراد وتمنياتهم. ففي تركيا فقَدَ حزب العدالة والتنمية ورئيسه وهج الإبهار، واستهلكا كزعيم وحزب كل الرصيد المتراكم لعقدين ماضيين، فما بعد محاولة الانقلاب الفاشلة والانتقال إلى النظام الرئاسي، ظهر مشروع أردوغان شهوة مال وسلطة لشريحة رقيقة وعائلية تستبعد قيادات الحزب وشركاء الوطن، وتمنح المكاسب والامتيازات لجماعات الأخوان المسلمين الوافدين من سورية ومصر على حساب الأتراك، وتجنّسهم كحزب سريّ رديف يعمل لحساب أردوغان، والآلاف باتوا في السجون ومئات الآلاف طردوا من وظائفهم، والحريات في أسوأ حال، والمشروع الذي قام على وعد العثمانية الجديدة يتلاشى، والقدرة على لعب دور بيضة القبان في صراعات المنطقة تتراجع، ومنطق إدارة الأزمات يطغى على السياسات الداخلية والخارجية، والغموض حول التموضع في محاور الصراع يلف السياسات التركية، فكانت النتيجة مع أزمة اقتصادية تعصف بالاقتصاد التركي. خسارة الحزب الذي تربّع على زعامة تركيا من بوابة الإمساك بأكبر البلديات في أكبر المدن، اسطنبول ، لزعامته للمدينة وخسارته بلديتها، ما فتح الباب لتحليلات وتكهنات حول مستقبل زعامة أردوغان الذي خرج من الانتخابات ضعيفاً مصاباً بجروح لا تخفيها المبالغات الكلامية عن الديمقراطية والتعلم، ولا يلغيها كون الاستحقاقات الانتخابية المقبلة لا تزال بعيدة.
بالنسبة لنتنياهو لا يبدو الوضع أفضل، فالفوز في الانتخابات ليس هو القضية أمام ما تقوله استطلاعات الرأي عن تفوّقه على خصوم تشكلوا حديثاً في أحزاب وتمكنوا من منافسته بصورة جدية، رغم تحفظ الكثير من مراكز الاستطلاعات على حسم النتيجة سلفاً، وإبقائها الباب مفتوحاً للمفاجآت، في الانتخابات التي ستجري بعد أسبوع تماماً، لكن الإجماع قائم على اعتبار مأزق نتنياهو قبل الانتخابات وبعدها في كيفية التعامل مع وضع غزة، حيث السير بخط التصعيد يبدو فوق طاقة أي حكومة في كيان الاحتلال لما يحمله التصعيد كما قالت تجربة أيام ماضية، من مخاطر الانزلاق إلى مواجهة تحمل قواعد اشتباك جديدة، صارت تل أبيب خلالها جزءاً من بنك الأهداف الفلسطيني، وصار تفادي التصعيد بالمقابل مكلفاً، حيث فاتورة التهدئة كما بلغت مفاوضات الساعات الأخيرة التي يقودها الوفد المصري، تتضمّن تزويد غزة بمئة وعشرين ميغاوات من الكهرباء وبحاجاتها المستدامة من الوقود، وتحويل حاجاتها المالية، وضمان توسيع مدى حدود الصيد البحري، والكشف عن هذه الشروط يبدو صعباً بالنسبة لنتنياهو عشية الانتخابات بينما تهدّد المماطلة بإجراء الانتخابات تحت نيران المقاومة.
لبنانياً، نجحت الجلسة الأولى لبحث خطة الكهرباء في ظل التوافق الرئاسي الواضح حولها، باحتواء موقف حزب القوات اللبنانية، ويتوقع أن تنجح جلسة اليوم بإقرار الخطة وتمهيد الطريق لإقرارها في اجتماع الحكومة الخميس، الذي ينتظر أن يشهد تعيينات مالية وربما إدارية يجري إنضاجها على نار حامية.
جلسة حاسمة للجنة الكهرباء اليوم
عاد النشاط السياسي الى طبيعته والحكومي تحديداً بعد أسبوعين من الجمود، إذ عاودت اللجنة الوزارية المخصصة لبحث خطة وزارة الطاقة لمعالجة أزمة الكهرباء، الاجتماع أمس في السراي الحكومي برئاسة رئيس الحكومة سعد الحريري وأعضاء اللجنة، وسط أجواء هادئة وإيجابية تخللتها نقاشات تقنية وعلمية بحسب معلومات «البناء» على أن تعقد اليوم جلسة حاسمة تُحدّد مصير خطة الكهرباء وبالتالي مسار العمل في مجلس الوزراء.
وقالت مصادر اللجنة الوزارية لـ«البناء» إن «النقاشات كانت بناءة ومهنية وعلمية وتقنية ودراسة لبعض النقاط التفصيلية»، مشيرة الى أن «كل فريق قدم مطالعته من بنود الخطة، لكن لا اعتراض على الخطة ككل بل على بعض البنود على أمل أن يتم درس جميع البنود اليوم وعرض الخطة كاملة على مجلس الوزراء في جلسته الخميس المقبل»، وتوقعت «إقرارها في المجلس كما هي مع بعض التعديلات».
كما أشارت مصادر أخرى الى أن «وزيرة الطاقة تراجعت عن الكلفة السابقة المطروحة للاستملاك والتي كانت 300 مليون دولار لتصبح 30 مليون دولار».
كما أشارت مصادر إعلامية إلى أن «وزير المال علي حسن خليل وضع خلال جلسة الكهرباء ملخصاً لخطة الكهرباء ورأي فريقه السياسي لمناقشتها وتبنى في مضمون الملخص الخطة».
وأشارت قناة الـ«او تي في» الى ان «وزراء القوات اللبنانية تراجعوا عن عدد من ملاحظاتهم بعد شرح وزيرة الطاقة والمياه ندى بستاني للخطة، وتمسكت القوات بوقف الهدر التقني قبل ان يرسو التلزيم على أي أحد». ولفتت القناة الى ان «اللجنة الوزارية ستناقش في جلسة اليوم من سيقوم بالمناقصات بعد ان أكدت بستاني على ان فريقها منفتح على كل الاحتمالات». إلا أن أوساطاً وزارية في القوات أشارت لـ«البناء» الى أجواء إيجابية في الجلسة مشيرة الى أن «القوات لم تتراجع عن اعتراضاتها بل لديها مجموعة ملاحظات عرضتها وناقشتها في الجلسة»، كما نفت أن «تكون القوات قد قدمت خطة أو ورقة لمعالجة أزمة الكهرباء في اللجنة»، مشيرة الى «أننا قدمنا مقاربتنا للخطة وملتزمون بوقف السجال الكهربائي في الإعلام وحصر إبداء الملاحظات باللجنة المخصصة»، مشيرة الى أننا «لم نتخذ موقفاً نهائياً بعد من الخطة ومن المبكر حسم خيارنا النهائي من الخطة في جلسة الخميس المقبل سلباً أم إيجاباً».
وعلمت «البناء» أن «ممثلي حركة أمل والحزب الاشتراكي والقوات اللبنانية طالبوا في الجلسة بأن يكون الحل ضمن سلة كاملة تشمل تعيين الهيئة الناظمة للكهرباء ومجلس ادارة مؤسسة كهرباء لبنان».
وأشار وزير الشباب والرياضة محمد فنيش لـ«البناء» الى أننا ننطلق في مقاربتنا لخطة الكهرباء من تحقيق هدفين: الأول ضرورة معالجة النقص بالتغذية الكهربائية للوصول الى تغذية كاملة للمواطن اللبناني ووقف المولدات الخاصة، وبالتالي تأمين الطاقة لمصلحة المواطن ولمصلحة الاقتصاد بأدنى كلفة، والهدف الثاني هو خفض العجز تمهيداً لإنهائه والغائه. وهذا يتصل بمجموعة من الخطوات نرى أنها موجودة في خطة وزارة الطاقة ونناقش التفاصيل المتعلقة بالجدول الزمني للحل أو لجهة مجموعة أهداف تفصيلية تقنية كوقف الهدر التقني وغير التقني وتحسين الإنتاج وزيادة الجباية لا سيما الجباية المتأخرة لتخفيض العجز»، ولفت فنيش الى أن «إنجاز خطة الكهرباء له علاقة مباشرة بالموازنة لا سيما ان إقرار خطة الكهرباء مع تخفيض العجز يساهم في إقرار موازنة مع عجز أقل والذي يصبّ في اطار تصحيح المالية العامة».
وقالت مصادر وزارة الطاقة لـ«البناء» إن «وزيرة الطاقة منفتحة على كل نقاش بناء ومن حق أي طرف إبداء رأيه وقد أجابت على كل الأسئلة والاستيضاحات التي طرحها أعضاء اللجنة ولم تشهد الجلسة اعتراضات جوهرية تطال جدوى الخطة. وقد استطاعت الوزيرة وفريق عملها إقناع الأطراف بجدوى الخطة والدليل تراجع الاعتراضات الى الحد الأدنى وسيُستكمل النقاش لا سيما أن الخطة تتضمن 290 صفحة والعديد من البنود الفنية والتقنية»، موضحة أن «هناك توافقاً من اعضاء اللجنة على الخطوط العريضة للخطة كتحسين الخدمة ورفع التعرفة ووقف الهدر وتطوير شبكات النقل والبنى التحتية، لكن البحث يجري على التفاصيل».
وعما اذا كان الحل المؤقت جزءاً من الحل الدائم أو منفصلاً عنه، لفتت المصادر الى أن «الاتجاه هو لدمج الحلين معاً أي وضع الحل المؤقت موضع التنفيذ وبدء العمل بالتوازي على الحل الدائم»، وبينت أن «البحث سيتركز في جلسة اليوم حول مرجعية التلزيم إذا كانت دائرة المناقصات أو مجلس الوزراء إضافة الى دفتر الشروط»، أما عن امكانية الجمع بين تلزيم تنفيذ الحل المؤقت والدائم، أوضحت أن «هذا ممكن وليس مخالفاً للقانون، لكن لم يُبتّ به بعد وهو مرتبط بما ستقدّمه الشركة لجهة السعر الأقل والحل السريع وليس المتسرع».
وأكد وزير الإعلام جمال الجراح بُعيد الجلسة أن «الحل المؤقت سيؤمن لنا 1450 ميغاواط، وهو يمكن أن يكون منفرداً أو جزءاً من الحل الدائم، وبالتالي يصبح استعمال المؤقت لاستكمال الدائم، وهذا خيار مطروح وتمّت مقاربته بإيجابية كبيرة جداً، وهو يبدأ بـOpen cycle ومن ثم نأتي إلى الـCombined cycle، وهذه الاحتمالات درست وقوربت بإيجابية، ونأمل بإذن الله الانتهاء منها».
الى ذلك يعقد مجلس الوزراء جلسة الخميس المقبل ستكون خطة الكهرباء البند الأول على جدول أعمالها، اضافة الى بند تعيينات نواب حاكمية مصرف لبنان وسط اتجاه للتمديد لنواب الحاكم الأربعة في حال اقتنع رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط بإبقاء النائب الدرزي في منصبه.
وفي سياق ذلك، زار جنبلاط الحريري في السراي الحكومي يرافقه نجله النائب تيمور والوزير وائل أبو فاعور، بحضور الوزير السابق الدكتور غطاس خوري، في زيارة اطمئنان إلى صحة الحريري، تخللها عرض آخر المستجدات السياسية والأوضاع العامة. كما بحث رئيس اللقاء الديمقراطي تيمور جنبلاط مع الحريري بحسب المعلومات التعيينات التي لها علاقة بنواب حاكم مصرف لبنان وأمور أخرى.
بري: لتخفيض العجز وإلا…
في سياق آخر، واصل رئيس مجلس النواب نبيه بري لقاءاته المسؤولين السياسيين والروحيين العراقيين واعتبر بري أن «الوضع الأمني على أحسن ما يرام، لكن الأزمة الأكبر اليوم في لبنان هي الوضع الاقتصادي الخطير بغض النظر عن سلامة الوضع النقدي. وعلينا العمل بكل جد لتخفيض العجز وإلاّ فان لبنان معرّض لنتائج سلبية. من جهة ثانية، قال ان لإسرائيل أطماعاً بمياهنا لكننا لن نتنازل عن كوب واحد من المياه، كما عبرت منذ اسبوع لوزير الخارجية الاميركي. وكما استطعنا بوحدتنا ان نحقق الانتصار على اسرائيل فإننا استطعنا أيضاً أن ننتصر على داعش والإرهاب، ولولا هذه الوحدة الوطنية لكان الانتصار أصعب إن لم نقل مستحيلاً.
وعلى خط الإجراءات الإصلاحية التي يطالب بها المجتمع الدولي حكومة لبنان، انتشرت معلومات على بعض سائل الإعلام والتواصل الاجتماعي تتضمن إجراءات تقشفية غير شعبية يجري تحضيرها في مشروع الموازنة تتضمن إعادة النظر بحجم سلسلة الرتب والرواتب وتخفيض رواتب الموظفين المتقاعدين الى حدود 25 في المئة ورفع ضريبة القيمة المضافة وزيادة تعرفة صفيحة البنزين ووقف التوظيف في كل المؤسسات والأسلاك وتعليق صلاحيات الاستثناءات في التوظيف لعام كامل، إلا أن هذه المعلومات لم تؤكد حيث أكدت مصادر رئيس الحكومة أن «الإجراءات الموجعة التي تحدّث عنها هي وقف الإنفاق وفق ما كان يحصل في بعض الوزارات»، مشيرةً الى أن «الخطوة الإصلاحية ستكون بوقف عجز الكهرباء وتعيين الهيئات الناظمة». وأشارت المصادر الى انه «من بين المقترحات خفض رواتب الرؤساء والوزراء والنواب ومخصصات السفر والمزيد من الضرائب على الودائع».
البنك الدولي
في غضون ذلك، تتوالى الزيارات الدولية الى لبنان لمتابعة تنفيذ مؤتمرات دعم لبنان وحث الحكومة اللبنانية على البدء بالإصلاحات المالية والاقتصادية، وبعد زيارة وفد البنك الدولي جال وفد من البنك الأوروبي أمس، على المسؤولين، فقد التقى النائب الاول لرئيس البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية يورجن ريجتيريك ونائب رئيس البنك بيار هيلبورن، الرئيس الحريري في السراي. وبعد اللقاء قال ريجتيريك «كما تعلمون، استثمرنا 240 مليون يورو في سبعة مشاريع في العام الماضي وكانت السنة الأولى من عملياتنا، ونأمل أن نستمر بهذه الوتيرة خلال السنوات المقبلة، لذلك قدمنا دعمنا الكامل لرئيس الوزراء لمواصلة العمل في أجندة الإصلاح، خاصة في ما يتعلق بضبط أوضاع المالية العامة والطاقة». كما زار الوفد وزير المال علي حسن خليل.
ثلاثة قضاة إلى المجلس التأديبي
على صعيد الإصلاح ومحاربة الفساد أيضاً، أعلن المكتب الإعلامي لوزير العدل ألبرت سرحان أن «متابعة للتحقيقات التي تجريها هيئة التفتيش القضائي، أصدر مجلس الهيئة ثلاثة قرارات بإحالة ثلاثة قضاة على المجلس التأديبي الخاص بالقضاة، وقرار بإحالة أربعة مساعدين قضائيين على المجلس التأديبي الخاص بالمساعدين القضائيين، وأوقف اثنين منهم عن العمل الى حين بت وضعهما من المجلس المذكور». وأضاف «اليوم اتخذ وزير العدل القرار، وفقاً لصلاحياته القانونية وبناء على اقتراح مجلس هيئة التفتيش القضائي، بوقف القضاة المذكورين عن العمل الى حين بت وضعهم من المجلس التأديبي، والتحقيقات مستمرة وقيد المتابعة من هيئة التفتيش القضائي، وسوف يصار الى اتخاذ القرارات الملائمة تباعاً».
حزب الله رحّب بموقف عون
على صعيد المواقف من قمة تونس العربية أعرب حزب الله عن «اعتزازه بالمواقف الوطنية والقومية التي عبّر عنها فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في ما خصّ لبنان وفلسطين والجولان، وتأكيده عودة النازحين السوريين إلى بلادهم بما يحفظ مصالج لبنان وسورية».
وأكد في بيان للعلاقات الإعلامية في الحزب ان «قرارات القمة العربية جاءت أقلّ بكثير من خطورة المرحلة التي تمرّ بها الأمة، ولم ترق إلى مستوى التعامل مع القرارات الأميركية التي تهوّد القدس والجولان».