الاتفاق الذي أنهى الخلافات الخليجية
حميدي العبدالله
أكدت صحيفة «الحياة» السعودية أنّ قطر وقعت تعهّداً خطياً في القمة المفاجئة التي جمعت قادة الدول الخليجية في السعودية بأن تعيد النظر بسياستها التي كانت سبباً وراء تدهور علاقاتها مع السعودية والإمارات والبحرين، وسحب الدول الثلاث سفراءها من الدوحة ولمدة تجاوزت 8 أشهر، وأكدت أنه سيتمّ تنفيذ هذا التعهّد في غضون شهر واحد.
الصحيفة أشارت فقط إلى تعهّد قطر وقف الحملة الإعلامية الموجهة ضدّ مصر، ولكنها لم تشر إلى قضايا الخلاف الأخرى، وتحديداً وقوف قطر إلى جانب جماعة «الإخوان المسلمين» وتقديم الدعم المالي والسياسي لهذه الجماعة التي تصنّفها السعودية والإمارات العربية كجماعة إرهابية، بل أكثر من ذلك صنّفت الإمارات العربية «الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين» الذي يرأسه يوسف القرضاوي الذي تستضيفه قطر، هذا الكيان جماعة إرهابية كونه يحرّض على الإرهاب في أكثر من بلد، ولا سيما في مصر.
هل التعهّد القطري مناورة لتمرير انعقاد القمة الخليجية في موعدها ومكانها المقرّر في الدوحة، أم أنه يمثل تراجعاً فعلياً عن السياسات المعتمدة من قبل قطر والتي كانت وراء الخلافات بين الدول الخليجية، والتي كانت موجودة منذ فترة طويلة، ولكنها طفت على السطح بقوة في الآونة الأخيرة، وتحديداً بعد سحب السفراء من قطر؟
الأرجح أنّ طيّ صفحة الخلاف هذه المرة أكثر من مناورة سياسية لتمرير القمة الخليجية في قطر في ضوء التوازنات الجديدة الناشئة. فالدول الخليجية في غالبيتها الساحقة ضدّ جماعة «الإخوان المسلمين»، وجاء موقف مصر من هذه الجماعة ليعزز موقف الدول الخليجية التي تعادي جماعة «الإخوان» وتخشى أجندتها الخفية. وبديهي أنّ قطر لم تعد تحظى على المستوى العربي بأيّ دولة تؤيّد علاقتها مع «الإخوان»، وتحديداً بعد خسارة حركة النهضة في الانتخابات التونسية، ولا تشكل تركيا وحدها سنداً يعتدّ به من قبل قطر، ولا سيما في ضوء توتر العلاقات التركية – الغربية على خلفية تهاون تركيا مع التنظيمات الإرهابية، وعدم انضباطها الكامل بالخطة الأميركية الموجهة ضدّ تنظيم «داعش» وبعض تنظيمات «القاعدة» الأخرى.
كما أنّ الولايات المتحدة والحكومات الغربية التي كانت تراهن على جماعة «الإخوان المسلمين» كبديل «لأنظمة الحكم المعتدلة» في البلاد العربية، باتت على قناعة بأنّ هذه الجماعة غير قادرة وغير مؤهّلة للعب هذا الدور بعد سقوط أنظمة حكمها في مصر وتونس، ووقوفها إلى جانب تنظيمات «القاعدة» في ليبيا ومناطق أخرى، وأصبحت هذه الجماعة عبئاً على الولايات المتحدة والحكومات الغربية لدرجة أنّ الحكومة البريطانية قد بحثت إمكانية حظر عمل هذه الجماعة على أراضيها، وكانت بريطانيا دائماً الملاذ الآمن لهذه الجماعة.
هكذا وجدت قطر نفسها معزولة خليجياً، ومحاصرة عربياً، ولم تعد تحظى بالغطاء والدعم الغربيين لعلاقتها مع «الإخوان المسلمين»، بل يمكن القول إنّ علاقاتها مع «الإخوان» كانت بتوجيه من الحكومات الغربية في إطار سياسية هذه الحكومات القائمة على تنويع أداوت فرض السيطرة والهيمنة على المنطقة العربية، ولكن هذه الجماعة لم تعد موضع رهان الغرب، ولهذا الأرجح أن الغرب شجع قطر على التخلي عنها، وبالتالي زال سبب أساسي من أسباب الخلاف بين قطر والدول الخليجية الأخرى.