من يقف وراء الهجمات على الميليشيات شرق الفرات؟
حميدي العبدالله
يتمّ يومياً تسجيل تنفيذ عشرات الهجمات التي تستهدف الميليشيات المنتشرة في منطقة شرق الفرات بحماية القوات الأميركية، وتغطي هذه الهجمات المواقع المنتشرة في ريف دير الزور والرقة وريفها وريف الحسكة وبعض الريف الشمالي لحلب، لا سيما في منبج.
بعض هذه الهجمات تعلن داعش المسؤولية عن تنفيذها عبر مواقعها الإعلامية على شبكات التواصل الاجتماعي، وبعض الهجمات الأخرى لا يُعرف من يقف وراءها.
تؤدّي هذه الهجمات إلى خسائر بشرية، وتجعل الوضع في غاية الفوضى والاضطراب لا سيما أنّ ميليشيات «سورية الديمقراطية» تقوم بعد كلّ هجوم بحملات مداهمة واعتقالات، الأمر الذي يثير استياءً واسعاً لدى سكان المناطق الخاضعة لسيطرة قوات الاحتلال الأميركي والميليشيات المتعاونة معها، وكان آخرها التظاهرات التي خرجت أمس الأول في ريف دير الزور تطالب بطرد ميليشيا «قسد».
السؤال المطروح عن أسباب ودوافع هذه الهجمات. هجمات داعش يقدّمها إعلام الجماعة الإرهابية على أنها تأكيد على أنّ خسارة الأرض لا تعني خسارة المعركة، وهذا يصبّ في مصلحة الدعاية الأميركية والغربية، ويمثل ذريعة لإبقاء قوات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في سورية، فهذه الهجمات تضفي المصداقية على مزاعم الولايات المتحدة وحلفائها بأنّ المعركة مع داعش لم تنتهِ، وأنّ خطرها ما زال قائماً، واحتمال انبعاثها من جديد خطر حقيقي إذا لم يجرِ التسليم بما تطالب به الولايات المتحدة من حلول، علماً أنّ كلّ حلّ تتبناه الولايات المتحدة يعزّز وجود الإرهاب، وتجربة أفغانستان شاهد لا يُدحض، ومن جهة أخرى تمثل هجمات داعش مبرّراً لإبقاء القوات العسكرية للتحالف الغربي في سورية بعد اندحار سيطرة داعش على مناطق في شرق الفرات.
وعلى الرغم من أنّ هجمات داعش على ميليشيات «قوات سورية الديمقراطية» ترتب كلفة بشرية وتزعزع الاستقرار في مناطق سيطرة الاحتلال الأميركي، وتكذّب مزاعم واشنطن وحلفائها حول نجاحات في تحقيق الاستقرار في بعض المناطق السورية وأنهم الأكثر قدرة على تحقيق ذلك، إلا أنّ كلفة هذه الهجمات لا تزال مقبولة من قبل «التحالف الدولي» مقابل المكاسب السياسية التي يجنونها ويبرّرون بقاءهم للضغط على الدولة السورية.
لن تكون هجمات داعش جدية إذا لم تستهدف القوات الأميركية والغربية، ولكن لم يسجل، أيّ هجوم من قبل داعش على هذه القوات، وهذا ما يؤكد أنّ هجمات داعش تأتي في سياق خلق المبرّرات لإبقاء قوات التحالف شرق الفرات.
لكن من جهة أخرى، فإنّ الهجمات التي لا تعلن عنها داعش وهي الأوسع، فهي تعبير عن مقاومة شعبية لا تريد بقاء القوات الأميركية والميليشيات المتعاونة معها، لكن ليس هناك من يعمل على الترويج لهذه العمليات إعلامياً، ولهذا يبدو وكأنّ كلّ العمليات هي من فعل داعش.