سايكس ــ پيكو… وحكاية المقصّ والخياط
يكتبها الياس عشي
إتفاقية سايكس پيكو، ووعد بلفور، والنفوس المقوّسة الظهر التي تحكم شعوب العالم العربي، تذكّرني كلُّها بحكاية قرأتها تتحدث عن «خياط أراد أن يعلّم حفيده حكمة عظيمة على طريقته الخاصة. وفي أثناء خياطته لثوب جديد أخذ مقصّه الثمين وبدأ يقصّ قطعة القماش الكبيرة إلى قطع أصغر كي يبدأ بخياطتها ليصنع منها ثوباً جديداً. وما إن انتهى من قصّ القماش حتّى أخذ ذلك المقصّ الثمين ورماه على الأرض عند قدميه! والحفيد يراقب بتعجّب ما فعله جدّه. ثمّ أخذ الجدّ الإبرة، وبدأ في جمع تلك القطع ليصنع منها ثوباً رائعاً. وما إن انتهى من الإبرة حتّى غرسها في عمامته، فسأله الحفيد:
ـ لماذا يا جدّي رميت مقصّك الثمين على الأرض بين قدميك بينما احتفظت بالإبرة الرخيصة الثمن ووضعتها على عمامة رأسك؟
فأجابه الجدّ:
ـ يا بنيّ إنّ المقصّ هو الذي قصّ قطعة القماش الكبيرة تلك، وفرّقها، وجعل منها قطعاً صغيرةً، بينما الإبرة هي التي جمعت تلك القطع لتصبح ثوباً جميلاً».
والحكاية، على بساطتها، تهيب بالأجيال القادمة الممثلة بالحفيد، كي تواجه التفتيت والتشرذم اللذين جعلا من العالم العربي مجموعة من الدويلات الضعيفة والهزيلة ترعاها مؤسّسة هشّة اسمها جامعة الدول العربية.
والغريب في الأمر أنّ المقصّ ما زال ناشطاً، فهو يقفز من كيان إلى آخر، ومن حزب إلى آخر، ممعِناً في تحويلهم إلى مزق صغيرة تنتظر من يجمعها ويصنع منها ثوباً جميلاً، تنتظر تلاميذ من قال لنا مرّةً:
«إنّي أخاطب أجيالاً لم تولد بعدُ».