اعتصام للعسكريين المتقاعدين ومتفرّغي «اللبنانية» وتلويح بالتصعيد وهيئة التنسيق النقابية ورابطة التعليم الأساسي دعتا للإضراب الشامل اليوم
حافظ الشارع على سخونته من خلال الإضرابات والاعتصامات، مع مؤشرات للتصعيد، بالتوازي مع مناقشة مجلس الوزراء بنود مشروع الموازنة العامة ومنها قضية الرواتب والمستحقات التقاعدية لموظفي القطاع العام والعسكريين المتقاعدين.
وفي هذا السياق، استنكرت هيئة التنسيق النقابية في بيان أمس «الانقلاب على المواقف والتصريحات التي صدرت عن المسؤولين ومن أغلب الكتل السياسية، والتي أكدت عدم المسّ بالرواتب والتقديمات الاجتماعية وحقوق المتقاعدين، لتعود وتطال هذه الحقوق بمناقشات الموازنة في مجلس الوزراء، وسبق لها ان حذرت من الخديعة والالتفاف».
وجدّدت الهيئة موقفها الرافض معتبرةً أنّ «المسّ بالرواتب مرفوض كلياً سواء للذين تبدأ رواتبهم بـ 3 أو 4 ملايين ليرة، فهي نتاج خدمة فعلية تصل إلى 40 سنة، ولا يمكن لأيّ برنامج محاسبة أن يهضم هكذا قرار يجعل ممن رواتبهم أعلى، تتدنّى إلى من هم أقلّ منهم فتنسف بذلك قاعدة التدرّج الوظيفي وتعمّ الفوضى، ويسقط معيار سنوات الخدمة، وتسقط بذلك كلّ التزامات الموظفين المالية تجاه الديون والأقساط المرتبطة بالرواتب، علما بأنّ المتقاعدين الذين حرموا من مفاعيل المادة 18، وأساتذة التعليم الخاص لم يستفيدوا من القانون 46 ولم تطبّق مندرجاته عليهم».
واعتبرت انّ «إلغاء المنح المدرسية للقطاع العام، خصوصاً لمنتسبي تعاونية موظفي الدولة، تؤدّي إلى كارثة اجتماعية واقتصادية وتتسبّب بهبوط القدرة الشرائية للمواطن إلى أكثر من 30 ، فلتوحّد جميع الصناديق الضامنة على السقوف العليا حتى تعمّ العدالة بين موظفي الدولة كافة».
وشدّدت على أنّ «الرواتب التقاعدية هي نتاج محسومات على الرواتب بنسبة 6 والتي من المفترض أن تقدّم الدولة 8,50 إضافة إليها، وكل زيادة أو درجة يذهب الشهر الأول منها إلى مالية الدولة، فبدلاً من وضعها في صندوق مستقلّ للتقاعد تستثمر في المصارف أو في مشاريع إنتاجية يتمّ وضعها ضمن المالية العامة، فتضيع قيمتها كمدّخرات يستفيد منها المتقاعد في نهاية خدمته، فمن غير المقبول وضع ضريبة جديدة على رواتب المتقاعدين والتي يُحكى عن اقتطاع نسبة 3 ، وبذلك تعدّ سرقة موصوفة لتعب السنين ومخالفة للقوانين بحيث يكون المتقاعد قد دفع الضريبة مرتين».
ولفتت إلى أنّ «الإجازة الإدارية البالغة 20 يوماً سنوياً هي حق مكتسب للموظف الإداري، وإنّ تخفيض هذه الإجازة لن يقدّم أيّ قيمة إضافية لا مادية ولا إنتاجية».
واعتبرت أنّ «مجرد التفكير بوضع ضرائب جديدة تطال الضريبة على القيمة المضافة، والبنزين وغيره فهي كمن يعطي باليمين ويأخذ باليسار من الفقراء وذوي الدخل المحدود»، مؤكدةً «وجوب تغيير النظام الضريبي في لبنان باعتماد الضريبة المباشرة التصاعدية حتى لا يتساوى الأغنياء والفقراء في الغرم بينما الغنم للأغنياء فقط».
أضافت «لتكن الجرأة عند الحكومة وكلّ المسؤولين في الدولة، باتخاذ القرارات التي تسترجع فيها الدولة أموالها المنهوبة المعلومة أماكنها، وتعزز مواردها من الأماكن المذكورة والمتداولة على ألسنة كلّ خبراء الاقتصاد والمسؤولين، وحتى عامة الشعب اللبناني والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي والدول المانحة و…. وتصرف النظر كلياً عن اتخاذ أيّ إجراء غير مدروس تحت طائلة الانهيار الاقتصادي والاجتماعي فيسقط الهيكل على رؤوس الجميع ولن ينفع الندم بعد ذلك».
وأكدت الهيئة أنه «بمجرد التعرّض لحقوقها، ستعلن الإضراب المفتوح في المدارس والثانويات والمعاهد المهنية والإدارات العامة وشلّ كلّ المؤسسات، مستخدمة حقها القانوني بالإضراب والتحرك المشروع لأنّ الدستور كفل الحريات العامة وأسقط المادة 15 من المرسوم الاشتراعي 112 ولا حاجة للتذكير بها والتهديد باستعمالها».
ودعت إلى الإضراب العام والشامل اليوم السبت، داعيةً «الموظفين والأساتذة والمعلمين والمتقاعدين والمتعاقدين إلى التجمّع في ساحة رياض الصلح مواكبة لجلسة مجلس الوزراء ابتداء من الساعة الواحدة بعد الظهر».
من جهتها، نفذت رابطة الأساتذة المتفرّغين في الجامعة اللبنانية اعتصاماً أمام وزارة التربية أكدت خلاله «المضيّ في الإضراب الى أن تصدر موازنة تصون حقوقنا».
وألقى رئيس الهيئة التنفيذية للرابطة يوسف ضاهر كلمة قال فيها «إنّ السلطات المتعاقبة لم تعط أيّ اهتمام للجامعة الوطنية. لكن أن يصل الإهمال اليوم والتهميش إلى حدّ وضع اليد على القليل الذي تملكه الجامعة في موازنتها وعلى القليل الذي لنا ولعائلاتنا ولأمننا الاجتماعي والصحي، ولوضعنا الأكاديمي الذي سينعكس سلباً على الطلاب والتعليم، يعني أنّ السلطة وصلت إلى قمة الإفلاس السياسي والفكري. وليس فقط إلى قمة الإفلاس الاقتصادي».
وطلب من المسؤولين «أن يبحثوا عن حلّ الأزمات من أبواب أخرى عديدة، لا من جيوب الأساتذة وأصحاب الدخل المحدود».
بعدها توجه ضاهر مع وفد من الرابطة الى مكتب وزير التربية والتعليم العالي أكرم شهيّب، الذي وضعهم في أجواء جلسات الموازنة ودعاهم إلى رفع الإضراب، وقال بعد الاجتماع «إنّ المطالب التي طُرحت في الإضراب الأخير منها ما أتى على إثر تصريحات معينة ومنها على إثر القراءة في إحدى الصحف»، لافتاً إلى «أنّ الموازنة تقرّ في مجلس الوزراء وتبدأ بيضاء وقد تنتهي في مجلس النواب بلونٍ آخر».
أضاف «الوضع المالي صعب والإضراب لم يأتِ في موقعه الصّحيح وهذا ليس وقته وأقرّ بحقّ الأساتذة الديمقراطي ولكن ندعو لانتظار ما سيُقرّ في جلسة مجلس الوزراء».
ورداً على سؤال قال «لم نتحدث عن الرواتب ولم يتمّ البحث فيها مطلقاً. لقد تحدثنا عن التقدمات من صندوق التعاضد».
من جهته أكد ضاهر أنّ أكثر من ألفي أستاذ شاركوا في الإضراب أمس من كلّ المناطق واعتصموا في باحة وزارة التربية «وإنهم هيئة ديمقراطية معبّرة عن آرائهم، وفي الجمعية العامة كانوا أكثرية مطلقة طالبت بالإضراب ولا يزالون يصرّون على قرارهم بالإضراب إلى حين صدور إقرار الموازنة من مجلس الوزراء، وإذا صدر هذا القرار ولم يمسّ بالرواتب ولا بالنظام التقاعدي ولا بصندوق التعاضد والتقديمات عندها ستجتمع الهيئة ونعتبر أنّ الإضراب يمكن أن يرفع ونعود إلى التعليم الجامعي».
وقال رداً على سؤال «لقد أخذنا بعض التطمينات وننتظر القرار النهائي في مجلس الوزراء، خصوصاً أنّ بعض الوزراء تحدثوا عن إمكان خفض الرواتب، وعندما نسمع ذلك نتأكد، وسنبقى مستنفرين حتى إنهاء الموازنة ونحن متفاهمون مع طلابنا وسوف نعوض عليهم أي دروس متأخرة وعندنا خطة تحرك بعد إنهاء الموازنة في مجلس الوزراء وإحالتها إلى مجلس النواب. وقد طلبنا بتسريع ملف التفرّغ في ظلّ خروج مئات الأساتذة كلّ سنة إلى التقاعد وهناك أساتذة استوفوا الشروط للتفرّغ».
ثم عقدت الهيئة اجتماعاً استثنائياً، في مقرّ الرابطة برئاسة الدكتور يوسف ضاهر وأصدرت بياناً أشارت فيه إلى أنها قيّمت الهيئة اللقاء مع شهيّب شاكرةً له صراحته.
وأعلنت استمرار الإضراب العام والشامل إلى أن تصدر الموازنة عن مجلس الوزراء ليُبنى على الشيء مقتضاه. ودعت الأساتذة للمشاركة في الجمعيات العمومية في المناطق من الإثنين إلى الجمعة المقبلين.
من جهتها، أعلنت الهيئة الإدارية لرابطة معلمي التعليم الأساسي الرسمي في لبنان في بيان، أنها عقدت «اجتماعاً استثنائياً بحثت فيه آخر مستجدات البحث الجاري في مجلس الوزراء بشأن الموازنة، وقد تناول المجتمعون التصريحات المتباينة لعدد من الوزراء، وبعد نقاش لم يخلُ من الاستهجان والامتعاض، أعلنت رفضها المساس برواتب المعلمين وبالتقديمات الاجتماعية وبكلّ المكتسبات والحقوق التي حصلوا عليها خلال مسيرتهم النضالية الطويلة».
وأعلنت الإضراب اليوم السبت في المدارس الرسمية دوام قبل الظهر، ودعت «الفروع في المحافظات إلى عقد جمعيات عمومية فوراً تحث كل الزملاء على الإستعداد للمنازلة ولرفع التوصية المناسبة، التي يبدو أن لا بدّ منها لإفهام هذه الطبقة السياسية الفاسدة والتي تتحمّل وحدها المسؤولية عن تردّي الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية».
كما عقدت الهيئة التنسيقية لروابط التعليم في البقاع اجتماعاً في مركز فرع البقاع في رابطة التعليم الثانوي، ودعا المجتمعون «الزملاء كافة في كلّ المراحل التعليمية وفي كلّ القطاعات التربوية الى البقاء على جهوزية تامة للمشاركة في الخطوات التصعيدية دفاعا عن الحقوق والمكتسبات».
اعتصام العسكريين المتقاعدين
إلى ذلك، نفذت هيئة التنسيق لحراك العسكريين المتقاعدين اعتصاماً في ساحة رياض الصلح. وأشارت الهيئة في بيان، إلى أنّ «العسكريين المتقاعدين لا يعيشون براتب كامل، فكيف سنعيش بنصف راتب؟» مؤكّدةً عدم «الخروج من الشارع قبل سحب كل البنود المتعلقة بحقوقنا من الموازنة».
وطالبت بـ «تكليف أحد الوزراء من قبل الحكومة، ليتعهّد أمامهم بسحب المواد المتعلقة بالعسكريين وإحالتها للجنة مؤلفة من وزير الدفاع الياس بو صعب ووزيرة الداخلية ريّا الحسن لوضع مسودة اقتراح للحكومة وإلّا لن نخرج من الساحة وسنستمر بالتصعيد إلى ما لا تحمد عقباه».
وأشعل المعتصمون الإطارات المطاطية في ساحة رياض الصلح فيما حضر وزير الدفاع الوطني الياس بو صعب، إلى الساحة واجتمع إلى المعتصمين، متمنياً عليهم الخروج من الشارع. وعصراً أنهى العسكريون اعتصامهم معلنين أنهم سيدرسون الخطوات التصعيدية المقبلة.