الحكومة تنهي موازنتها اليوم وسط الاحتجاجات… وخليل يطمئن ذوي الدخل المحدود «القومي»: هزمُ الإرهاب بتكامل الجيوش والمقاومة… والقوميون كانوا حيث يجب أن يكونوا
كتب المحرّر السياسي
يبيت الخليج ليلة من ليالي التوتر التي كثيراً ما كان العالم يخشاها، فمع الأحداث التي شهدها ميناء الفجيرة والتي بقي الغموض يلفها، بين روايات عن انفجارات أصابت ناقلات نفط عدة أشعلت فيها النيران وروايات رسمية إماراتية عن أعمال لتخريب تعرّضت لها سفن تجارية، وضعت الحشود العسكرية الأميركية أمام التحدي بفعل التصريحات الخليجية التي حملت إيران مسؤولية استهداف الملاحة التجارية والنفطية في مياه الخليج، مطالبة واشنطن بترجمة وعودها بالتصدّي لإيران وحماية حلفائها من أي استهداف.
بالتزامن مع هذا وصل وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو إلى موسكو مفتتحاً زيارة ستستمر حتى الأربعاء، حيث يصل الثلاثاء إلى سوتشي للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حاملاً رسالة من الرئيس الأميركي دونالد ترامب ومتوّجاً حواراته مع وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف، ووفقاً لما هو معلن في كل من واشنطن وموسكو فإن الزيارة التي وصفت بالتاريخية ستمهد الطريق للقاء الرئيسين ترامب وبوتين في نوساكا في اليابان على هامش مشاركتهما في قمة العشرين الشهر المقبل، بعد الحوار الهاتفي المطوّل بينهما قبل أيام، ويتقدّم ملف الاتفاق النووي الإيراني والتصعيد بين واشنطن وطهران المواضيع التي تنتظر الحوار الروسي الأميركي وفقاً لما هو معلن في موسكو واشنطن، وهو ما زاد قوة وحضوراً بعد أحداث الفجيرة.
الأيام التي يُمضيها بومبيو في موسكو حاسمة، بمقدار ما هي التطورات التي سيشهدها الخليج في هذه الأيام، فمرورها بهدوء يعني أن السياق التفاوضي تغلّب على دعوات التصعيد التي يسوق لها مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون الذي نالته انتقادات رئيسه قبل أيام، وتشاركه أوساط خليجية وإسرائيلية بدت متحمّسة لمواجهة أميركية إيرانية.
لبنانياً، تبدو الموازنة التي تتقدّم على طاولة الحكومة، مع سحور الليلة الماضية، وجلسة اليوم الصباحية المفترضة، على موعد مع سلسلة من الاعتراضات التي تحتشد في تحرّكات قطاعية تحتاج معالجتها إلى الابتعاد عن لغة التصادم والفوقية خصوصاً في ما يخصّ القطاعات التي سلبت بعض الحقوق، والتي تنتمي لذوي الدخل المحدود، المفترض أنها محصنة بوعود حاسمة بعدم المساس بمداخيلها، وقد كان كلام وزير المال علي حسن خليل أمس، تجديداً للالتزام بهذه الحصانة لمداخيل هذه الفئات وعدم المساس بها أو تعريضها لضرائب إضافية. وهذا ما يستدعي فتح حوار مباشر مع هذه القطاعات والاستماع لهواجسها والحوار الهادئ معها، للانتباه إلى أي تسرّب لمواد مؤذية في بنود الموازنة، ليتم تصحيح أي خلل أثناء المناقشات النيابية للموازنة، تفادياً لانتقال الأزمة إلى الشارع ما يعرّض الاقتصاد والسياسة، وربما الأمن للاهتزاز.
في تقييم ما شهدته المنطقة خلال عام، كان للحزب السوري القومي الاجتماعي محطة حزبية للمؤتمر القومي بعد سنة على انعقاده للاستماع إلى تقارير السلطتين التشريعية والتنفيذية، وكانت كلمة رئيس الحزب حنا الناشف، عرضاً لأبرز الأحداث التي شهدتها المنطقة، مشيراً إلى محورية الانتصار على الإرهاب الذي هزم بإرادة الشعب وعزيمة القادة، بفعل تكامل جيوش دول المنطقة في لبنان وسورية والعراق مع قوى المقاومة، التي لعب نسور الزوبعة دوراً فاعلاً بين صفوفها، متوقفاً أمام التحديات في العراق وسورية ولبنان وفلسطين، وأهمية معادلة الردع التي فرضتها قوى المقاومة في مواجهات غزة.
أكد رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي حنا الناشف أن اعتراف أميركا بالقدس عاصمة لكيان الاغتصاب وبنقل سفارتها إليها، هو جزء من مخطط «صفقة القرن» التي من بنودها جعل أبو ديس عاصمة ما يتبقى من فلسطين، كما أن القرار الأميركي باعتبار الجولان المحتل ضمن ما يُسمّى سيادة الكيان الصهيوني، تعدٍّ سافر على القوانين والأعراف والقرارات الدولية والشرعية الدولية.
وأضاف: «أما شعبنا في فلسطين فقد تمكن من فرض نوع من توازن الردع بالسلاح والتضحيات في غزة ورغم حرب التجويع والحصار والحرمان والقتل التي يمارسها الكيان الصهيوني المغتصب ورغم الاعتداءات والقصف والدمار في حربه الوحشية على غزة، فإن إرادة القوة وإرادة الحياة لا تزال تتفجّر في شعبنا هناك، ولا نزال نرى الفصائل الفلسطينية تقاتل بفاعلية وشراسة مملوءة بروح الصراع وجزء منها رفقاؤنا في فلسطين الذين يقاتلون جنباً الى جنب مع كافة القوى الفلسطينية على الأرض، ومسيرات العودة تتالى أسبوعياً هناك منذ أكثر من سنة، ورغم القتل والتنكيل والغدر والسجن، فإن الأصوات الرافضة للاحتلال ولصفقة القرن والمفاوضات لا تزال تعلو وتتكاثر مطالبة بكل أرض فلسطين، ولا تزال صواريخ المقاومة تدكّ قرى وبلدات ومدن الاحتلال».
ولفت الناشف في التقرير الذي قدّمه عن أعمال السلطة التنفيذية مجلس العمد خلال الاجتماع السنوي للمجلس القومي في الحزب السوري القومي الاجتماعي، المخصص لتلاوة تقريري السلطتين التشريعية والتنفيذية ومناقشتهما، واشتمل على قراءة للأوضاع العامة والمواقف منها الى أن لبنان استطاع أن يستعيد عافيته الأمنية بعد أن نكّلت بها يد الغدر الإرهابي بالتآمر وبالسيارات المفخخة وبالتفجيرات في الأماكن المكتظة، وذلك بفضل قواه الأمنية وجيشه. كما استطاع بفضل المعادلة الذهبية ثلاثية الشعب والجيش والمقاومة أن يحرر أرضه ومناطقه الجبلية من فلول الإرهاب والإرهابيين.
ولفت إلى أن الغرب استخدم شعارات براقة ووسائل خادعة ومضللة نشر الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وما سُمّي بالربيع العربي ، وسائل دمار وتفرقة ونيران في بعض الدول العربية، … وأدخل القتلة والعصابات المسلحة والإرهابيين المدججين بالسلاح لزرع الفوضى والرعب والهلع في متحداتنا وكياناتنا السورية باستخدام الوحشية في القتل المنقول تلفزيونياً واعتماد التطرف الديني وسيلة من الوسائل الأشد فتكاً في تفكيك وحدة شعبنا وتشريده ونزوحه، وفي تأليب بعضه على بعض. وفرض على الدول الخليجية تزويد الإرهابيين بالمال والرجال والأسلحة بسخاء وغباء منقطعي النظير.
وأشار رئيس «القومي» في تقريره، إلى أنه مع هزيمة الإرهاب سارعت جيوش الغرب وأسلحته للانتقال الى التدخل المباشر في محاولة واضحة لمعاونة الإرهابيين لتثبيتهم في أماكن احتلالهم واغتصابهم للمدن والقرى وجرى اختلاق الأضاليل والمزاعم والأكاذيب، ما دفع روسيا والصين إلى استخدام الفيتو لمنع اميركا والغرب عن التدخل تحت سقف الذرائع الكاذبة.
وتحدث الناشف في تقريره عن دعم الكيان الصهيوني الغاصب للإرهابيين في الشام ومؤازراتهم بالعمليات العدوانية المباشرة، بالتوازي مع بدء تنفيذ مخطط قضم كل فلسطين عن طريق الغطرسة والإرهاب، وعن طريق ضرب الروح المعنوية لشعبنا في فلسطين.
وأردف: «ورغم أنه لا يزال هناك أجزاء غالية من أرضنا في الشام ترزح تحت الاحتلال والاغتصاب، برعاية وبتدخل وبمشاركة أميركا والكيان الصهيوني والتحالف الغربي وتركيا والأموال الخليجية، إلا أن إرادة القتال عند شعبنا كله، الجيش والقوى الرديفة ومحور المقاومة، والقوى الحليفة ستكون لا ريب كفيلة بتحرير كل حبة تراب من ارضنا في الشام، وقد بدأت مؤشرات البدء بمعركة التحرير الكامل تظهر للعيان».
وأكد «صوابية قرار الحزب السوري القومي الاجتماعي بالمشاركة في الدفاع عن قرانا ومدننا وأرضنا في الشام»، مشيراً إلى «أن انخراط حزبنا عبر نسور الزوبعة في قتال الإرهاب على كل المحاور وداخل المناطق المحتلة مكّن حزبنا من لعب دور مميز في دحر فلول الارهاب من القرى والمدن، وفي استعادة مناطق كثيرة من الارهاب، وفي إنقاذ الكثير من أفراد شعبنا من الاضطهاد والتنكيل والقتل، وهو لا يزال مستمراً في دوره النضالي والقتالي حتى الساعة إلى جانب الجيش السوري، إضافة لدور الحزب السياسي في الشام من موقعه في الجبهة الوطنية التقدمية، وفي مجلس الشعب وفي المجالس المحلية».
ووضع الناشف مجموعة من العناوين للمرحلة المقبلة، منها متابعة الدور الفاعل في محاربة الإرهاب، ومحاربة الطائفية والمذهبية والعرقية، وترسيخ مفهوم العلمنة. ومواصلة الجهد لإعادة النازحين إلى بيوتهم وقراهم وفصل موضوع إعادتهم عن الحل السياسي، والتعاون مع الدول الصديقة لتسريع هذه الإعادة. والدفع مجدداً بمشروع مجلس التعاون المشرقي المطروح من الحزب.
وكانت كلمة لرئيس المجلس الأعلى النائب أسعد حردان حول تقرير السلطة التشريعية المجلس الأعلى ، عن أعمال المجلس خلال عام.
ومساء أمس، استأنف مجلس الوزراء جلساته المخصصة لدراسة مشروع الموازنة العامة حيث بحث المعنيون في البند المتصل برواتب العاملين في القطاع العام، في ظل وجهات نظر مختلفة حول اما اقتطاع نسبة من الراتب او تجميد جزء من الراتب ووضعه كسندات خزينة على مدى ثلاث سنوات، ليعود بعد انتهاء المدة إلى الموظف مع فائدته.
قبيل انعقاد جلسة مجلس الوزراء حاول ناشطون من المجتمع المدني إغلاق المداخل المؤدية إلى السراي الحكومي واعترض عدد منهم سيارة أحد الوزراء ورشقوها بعبوات مياه، ما استدعى تدخل قوى الأمن الداخلي المنتشرة في محيط السراي.
وبالتزامن مع جلسة مجلس الوزراء نفذ العسكريون المتقاعدون اعتصاماً أمام مصرف لبنان مطالبين السلطة بسحب المواد التي تضرب حقوقهم من مشروع موازنة 2019 وإيداعها لجنة متخصصة ضمن وزارة الدفاع، وحمِّل العسكريُّون المتقاعدون السلطة مسؤولية أية تداعيات قد تنتج عن استمرارها بتعنُّتها وممارسة غيِّها بحق حماة الوطن ورفضها تلبية مطالبهم. كما دعا العسكريُّون المتقاعدون زملاءهم المتقاعدين كافة وعوائل الشهداء والمعوَّقين وعوائل زملائهم في الخدمة الفعليَّة إلى ملاقاتهم إلى أمام مصرف لبنان ليخوضوا سوياً معركة: «حقُّ العسكر.. خطٌ أحمر».
وعلمت البناء أن وزير الدفاع الوطني الياس بوصعب سيلتقي اليوم قبل جلسة مجلس الوزراء لجنة من المتقاعدين العسكريين شُكّلت بناءً لطلبه. علما ان مصادر العسكريين المتقاعدين اكدت لـ»البناء» ان العسكريين المتقاعدين لن يتراجعوا عن موقفهم بالإضراب ما لم تسحب الحكومة المواد 55 و57 و58 التي تمس بحقوقهم، مشددة على أن المادتين 55 و57 غير دستوريتين. واعتبرت المصادر أن التصعيد سيبقى مستمراً وسيواكب جلسات مجلس الوزراء المتبقية وجلسات مجلس النواب المرتقبة بالإضراب لعدم التطاول على حقوق العسكريين، خصوصاً ان كل الاجراءات الواردة في البنود السابقة الذكر تضرب كل الخدمات التي توفرها المؤسسة للعسكريين.
من ناحية أخرى يعقد وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل مؤتمراً صحافياً عند العاشرة من صباح اليوم في مقر الوزارة، يتناول فيه التطورات السياسية وما يتصل منها بما شهدته وزارة الخارجية في الأسبوع الماضي من تحقيقات أجراها أمن الدولة في الوزراء مع عدد من السفراء. وكان باسيل أكّد من زحلة يوم السبت ضرورة إقرار الموازنة معها قرارات اقتصادية. وهذا ما يُخلّص لبنان. وأشار إلى أنّ هناك عجز الموازنة والعجز التجاري والعجز السكاني، مشدّدًا على ضرورة ايجاد حلّ لهذه الأمور. وأعلن أنّه سيعرض الأسبوع المقبل رؤيته في مجلس الوزراء وخارجه. وتحدّث عن ملف الكهرباء قائلاً: «لن نأخذ موقف المتفرّج من الفرحين بتعطيل خطة الكهرباء وبتقديم الطعون أمام المجلس الدستوري».
وفي ما يتعلق بموضوع عودة النازحين، أكّد باسيل أنّه لا يمكن إنقاذ الاقتصاد في لبنان ويعيش على أرضه مليون ونصف نازح.
على خط آخر تواصل السفيرة الأميركية اليزابيت ريتشارد زيارة السراي الحكومي وبيت الوسط، وعرضت يوم السبت مع رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، الأوضاع العامة والعلاقات الثنائية بين البلدين.
وفيما التقى رئيس المجلس النيابي نبيه بري النائب السابق غازي العريضي في إطار اللقاءات التي يعقدها مع الاشتراكي لتهدئة الأمور مع حارة حريك خصوصاً أن لقاء عين التينة الذي جمع المعنيين في حزب الله والاشتراكي جاء بعد زيارة العريضي عين التينة للبحث في الأزمة المستجدة بين الحزب التقدّمي الاشتراكي وحزب الله، علماً أن العريضي مكلف من النائب السابق وليد جنبلاط التواصل مع حزب الله في إطار العلاقة بين الطرفين. ولم تستبعد مصادر مطلعة لـ»البناء» ان تشهد عين التينة لقاء جديداً بين حزب الله والاشتراكي الى مائدة إفطار لاستكمال البحث في النقاط الخلافية والعمل على إعادة الأمور الى ما كانت عليه قبل ازمة معمل اسمنت الارز. ودعا رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» الى «تثبيت لبنانية مزارع شبعا لأنها تمت الموافقة على لبنانيتها في الـ 2006 بالإجماع بين اللبنانيين، ومن حقنا تثبيت لبنانيتها على الحدود البرية كما البحرية، وذلك بإجراءات قانونية تتخذها سورية»، موضحاً ان «انا لم أنكر لبنانية المزارع، بل طالبت بتثبيت حقنا فيها».
أما على خط التعيينات، فقد ناقش الرئيس بري مع وزير الاعلام السابق ملحم الرياشي آلية التعيينات للفئة الأولى. ولفتت مصادر قواتية لـ»البناء» الى توافق بين الرئيس بري وحزب القوات على ضرورة اعتماد آلية في التعيينات توصل من يتمتع بالكفاءة والمواصفات الإدارية الواضحة الى الوظائف المناسبة بعيداً عن المحاصصات والمحسوبيات لاختيار الأفضل في وظائف الدولة إذا كانت هناك من نية جدية للإصلاح.
الى ذلك غادر قائد الجيش العماد جوزاف عون على رأس وفد من ضباط الجيش إلى الولايات المتحدة الأميركية، في زيارة رسمية للمشاركة في اللقاء السنوي الذي يعقد من أجل تقييم المساعدات الأميركية للجيش والحاجات المستقبلية. كما سيلتقي العماد عون خلال الزيارة، عدداً من المسؤولين الأميركيين المكلفين ملف برنامج المساعدات.