بعض ملامح معركة إدلب
حميدي العبدالله
مما لا شك فيه أنّ تحرير إدلب ومحيطها بالكامل هو الهدف الأساسي للدولة والجيش السوري، هذه حقيقة أكدتها جميع التصريحات على لسان كبار المسؤولين العسكريين والسياسيين في الدولة السورية.
لكن إذا كان الهدف النهائي للدولة والجيش السوري هو تحرير إدلب ومحيطها بالكامل، فهذا لا يعني بالضرورة أن يتحقق ذلك دفعة واحدة، وعبر معركة واحدة، وعبر أسلوب واحد يماثل الأساليب التي اعتمدت في تحرير مناطق أخرى، ذلك أنه لكلّ منطقة ظروفها وخصوصيتها، إنْ لجهة طبيعة الجماعات المسلحة التي تسيطر على المنطقة، أو لجهة الجهات الدولية والإقليمية ذات التأثير الكبير والواسع ميدانياً وسياسياً في هذه المنطقة، أو لجهة ارتباطات وطبيعة علاقات أطراف إقليمية ذات تأثير كبير على الأوضاع في هذه المنطقة، أو تلك مع حليف أو حلفاء سورية في حربها ضدّ الإرهاب.
معركة تحرير إدلب ومحيطها تختلف عن المعارك السابقة ولها خصوصيتها في جميع هذه النواحي، إن لجهة تمركز كلّ الإرهابيين الأكثر تشدّداً وتطرفاً والذين رفضوا خيار المصالحة في هذه المنطقة، أو لجهة علاقات تركيا، الدولة المؤثرة بقوة في هذه المنطقة، مع حليفي سورية في حربها ضدّ الإرهاب، روسيا وإيران، أو لجهة سعي الدول الغربية لعرقلة معركة تحرير هذه المنطقة، ودعم سيطرة الجماعات الإرهابية عليها.
نظراً لكلّ ذلك فإنّ ملامح معركة تحرير إدلب وخصوصية هذه المعركة يمكن إجمالها على النحو الآتي:
أولاً، سيقوم الجيش السوري بتحرير مواقع عسكرية مهمة، وتحديداً في المنطقة التي تمّ التوافق عليها في سوتشي بين روسيا وتركيا كي تكون منطقة منزوعة السلاح، وخالية من الجماعات الإرهابية، وقد تتطلب الضرورات العسكرية في بعض المناطق أن تتجاوز العملية العسكرية حدود المنطقة منزوعة السلاح.
ثانياً، ستترتب على المكاسب العسكرية وتحرير هذه المنطقة من سيطرة المجموعات الإرهابية نتائج عسكرية تغيّر توازن القوى في المنطقة، وتخلق معادلات جديدة، وتطلق دنيامية عسكرية، تجعل الرهان على صمود الإرهابيين أمراً مشكوك فيه، وبالتالي تغيّر الرهانات الدولية والإقليمية على هذه المنطقة وعلى الجماعات الإرهابية المتمركزة فيها، كما تدفع بالبيئة الحاضنة إلى الابتعاد عن الجماعات الإرهابية، والضغط لصالح إخراج هذه الجماعات من المنطقة لاستعادة الهدوء والاستقرار.
ثالثاً، ستكون للمكاسب العسكرية وتغيير المعادلات في هذه المنطقة تأثيرات سياسية باتجاهين: الاتجاه الأول، إطلاق خيار المصالحات الذي أوقف بفعل قمع الجماعات الإرهابية للجهات العاملة في مصلحة هذا الخيار. الاتجاه الثاني، قبول تركيا عرض روسيا إحياء اتفاق أضنة ليكون الأساس للعلاقة بين سورية وتركيا، وبالتالي معالجة الوجود العسكري التركي في سورية على هذا الأساس.