الدكتور جورج جبور يحاضر في «المصالحة الوطنية في ظل المعطيات الراهنة»
أكد الدكتور جورج جبور، رئيس الرابطة السورية للأمم المتحدة، أنه دعا منذ عام 1995، وزارة الخارجية إلى اعتماد 9 آذار من كل عام يوماً لها لأنه في مثل ذلك اليوم عام 1920 صدرت أول وثيقة رسمية سورية تعتمد تعبير «وزارة الخارجية».
كلام الدكتور جبور جاء خلال محاضرة له أمس بالمركز الثقافي العربي في كفرسوسة، وجاءت بعنوان «المصالحة الوطنية في ظل المعطيات الراهنة».
وفي مقاربته موضوع المحاضرة أكد الدكتور جبور، أن المصالحة الوطنية هي الطريق الأوحد والأقوم والأسلم من أجل إعادة الإعمار واستئناف مسيرة التنمية. وقال: باختصار، المصالحة طريق المستقبل، فكلما أمعنا النظر إلى المستقبل كلما زادت حماستنا للمصالحة.
وقال الدكتور جبور: «إن التاريخ العربي حافل بتجارب المصالحات وإن لم يطلق عليها هذا الاسم. ففي تاريخنا كان هرم بن سنان المري يبذل من ماله لوقف الاقتتال. ونحن لا نزال ننشد قصائد مديح زهير بن أبي سلمى له».
واشاد المحاضر بفكرة للأستاذ حكم المرزوقي بأن تحدث جائزة للسلم باسم زهير أو باسم هرم مبدياً استعداده للتبرع بمبلغ من المال لتنفيذ الفكرة. كذلك عرف تاريخنا صلح الحديبية الذي هو التجسيد الأمثل للمصالحة. ومن المعروف أن ما جرى في الحديبية مهد لفتح مكة، وأن ذلك الصلح ما كان ليتم لولا استجابة الرسول العربي الكريم لشرط المشركين «إغفال وثيقة الصلح وصفه رسولاً». وشدد في هذا الاطار على ضرورة تحلي طرفي المصالحة بروح المصالحة وما تتضمنه من اقتصاد بالمطالب واستعداد للاستجابة لرؤية الطرف الآخر.
وتحدث المحاضر عن درجات في المصالحة. فالدرجة الدنيا وقف الاقتتال. والعليا الاشتراك في العمل العام، أي في الحياة السياسية بروح احترام الكل للكل في إطار التزام القواعد الديمقراطية المعروفة. وبين الدرجتين مراتب متعددة كالمصالحة الوطنية التي تضمن عدم المس بالمرافق العامة كالماء والكهرباء.
وبحث الدكتور جبور في العلاقة بين المصالحة والقانون، مبيناً أن القانون الأعلى من القانون المكتوب هو الاتفاق بين المتصالحين، ومؤكداً في الوقت نفسه أن الحقيقة ينبغي ان تعرف فمعرفتها مريحة للنفس. وفي هذا المضمار استحضر الدكتور جبور الفقه الدولي المتطور للعدالة الانتقالية، والذي ترعاه الأمم المتحدة، كما استعرض تجارب ممارسة هذه العدالة في بلدان مثل جنوب أفريقيا وإيرلندا وإسبانيا وغيرها.
وفي كلامه عن المعطيات الراهنة في سورية، وقف المحاضر عند تبعثر الفئات المسلحة على ما يزيد عن ألف فئة، وعند الجهات الخارجية الفاعلة في الوطن والساعية إلى إضعافه ورأى فيها معوقات جدية للمصالحة. وفي المقابل، وجد ان تقدم الجيش على جبهات متعددة ويأس الجهات الخارجية من النيل من الصمود السوري، ورأى في التهديد المتصاعد الذي يتعرض له العالم جراء الإرهاب، والتهديد المباشر الذي يقترب من دول تصدير الإرهابيين وأموالهم إلى سورية، عوامل تساعد على ازدهار المصالحات الوطنية وهو أمر نشاهده على أرض الواقع.
ولاحظ الدكتور جبور، وله خبرته السياسية الطويلة في الشؤون العربية، أن إعلان القوى الإقليمية والدولية، والهيئات الدولية، مواقف شاجبة لـ»داعش» وأخواته، وشعور دول عربية متعددة باقتراب الخطر منها، يحمل في طياته إمكان الوصول إلى نوع من العمل الذي يحول دون الانزلاق إلى مزيد من التشرذم العربي. وأوضح أن التقدم إلى مثل ذلك النوع من العمل يقتضي قبل كل شيء شجاعة سياسية أولها وقفة مراجعة للذات تقدم عليها دول عربية عدة.
وفي الاختتام، اعتبر الدكتور جبور أن قمة المصالحات الوطنية هي تلك التي تأتي نتيجة مؤتمر حوار وطني عام يتم فيه تنسيق الاختلافات بين القوى الوطنية وصولاً إلى صيغة مريحة للجميع أساسها صيانة وحدة سورية وسيادتها ودورها العربي والإقليمي والدولي.