ترامب يتحدّث عن نيات تهدئة تمهيداً للتفاوض مع إيران عبر وسطاء الحكومة تلملم أجزاء الموازنة المتفرقة إلى الأحد وتناقش ورقة باسيل
كتب المحرّر السياسي
مع فشل التصعيد في مجلس الأمن بوجه سورية لتوفير الحماية للجماعات الإرهابية، والفشل الأميركي في دفع إيران لتقديم تنازلات تحت ضغط التهديدات والعقوبات والتلويح الأميركي بالحرب عبر الحشود العسكرية، وانقلاب المشهد الخليجي عكسياً بعد التطورات التي حملتها الهجمات على الناقلات والمنشآت النفطية، قام الإسرائيليون بإطلاق مجموعة صواريخ من الأراضي المحتلة في الجولان باتجاه ريف دمشق الجنوبي قالت المصادر العسكرية السورية إن الدفاعات الجوية السورية أسقطت أغلبها، دون أن تترتب على الصواريخ إصابات بشرية، وتأتي العملية الإسرائيلية، وفقاً لمصادر متابعة بلا أهداف عسكرية معينة كما الحال غالباً بالنسبة للاعتداءات السابقة، بل لجذب الأنظار عن عناوين الفشل الأميركي الإسرائيلي في المواجهات المتعددة الممتدة من إدلب إلى الخليج إلى غزة.
في المواجهة الأميركية الإيرانية واصلت إيران تحقيق النقاط وسط تراجع أميركي واضح عن التلويح بالخيار العسكري، وتواصلت الإشارات التي تنقل تسريبات من البيت الأبيض للصحف الأميركية عن نيات تهدئة يقف وراءها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي نقلت عنه النيويورك تايمز إنزعاجه من مناخات التصعيد التي أشاعها مستشاره للأمن القومي جون بولتون، ونيته إيصال رسائل لإيران لدعوتها لمفاوضات غير مباشرة عبر وسطاء، رجحت مصادر مطلعة ان تكون موسكو، بعدما كانت زيارة وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو إلى سوتشي ولقاؤه بوزير خارجية روسيا سيرغي لافروف وتالياً بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ناقلاً في تصريحاته انطباعات إيجابية عن إمكانية لعب موسكو دوراً في التهدئة مع إيران وفي معالجة الملفات المتأزمة في فنزويلا وكوريا الشمالية.
في إيران سير بالاتجاهين معاً، استعداد متواصل لأي فرضية مواجهة مقبلة، واستعداد موازٍ لمساعي الوساطة سعياً للتهدئة، وعلى الطاولة وضوح في الرؤية لما تريده إيران بداية لجهة ضمان حصة نفطية مناسبة مع آليات مالية لتحويل عائداتها، يتم بعدها البحث في فرضيات أخرى من نوع البحث عن الخيارات التفاوضية، أما في مهلة الستين يوماً التي حددتها إيران لأطراف الاتفاق النووي في روسيا والصين واوروبا، فالمطلوب شيء واحد وهو الإيفاء بالالتزامات التي تترتب على موقعي التفاهم، خصوصاً ضمان العائدات المستحقة لإيران من التفاهم ليتم تثبيت بقائه من جانب إيران والبحث تحت سقفه بالأمور الأخرى، وإلا فعندما تنتهي المهلة ولا تحصل إيران على مطالبها فسيسقط الاتفاق ويسقط معه السقف الذي يفترض أنه مظلة اي تفاوض يجري الحديث عنه.
لبنانياً، بدت جلسة الحكومة موزعة بين شقين، شق يتصل بلملمة شظايا الموازنة، ومحاولة تجميعها بالأرقام تمهيداً لمواصلة العمل عليها في جلسة الأحد، أملاً بإنهائها الإثنين والمصادقة عليها الثلاثاء لإرسالها إلى المجلس النيابي، بينما كان الشق الثاني من النقاش مخصصاً لأوراق قدمها وزير الخارجية جبران باسيل.
لم يستعرض مجلس الوزراء أرقام الموازنة التي أعدّها وزير المال علي حسن خليل، بل ناقش أغلب البنود الواردة في ورقة وزير الخارجية جبران باسيل على أن تتم مناقشة ورقة وزير المال في جلسة تعقد مساء غد الاحد عند الساعة التاسعة والنصف في السراي وسط توقعات وزارية أن تكون جلسة الاثنين الاخيرة في السراي لتعقد بعدها جلسة الثلاثاء في بعبدا لإقرار الموازنة وإحالتها الى المجلس النيابي.
وبحسب مصادر وزارية، فإن سجالاً حصل في الجلسة، أبدى خلاله وزير المال علي حسن خليل انزعاجه من المماطلة في إقرار الموازنة. ولفتت المصادر إلى أن النقاط التي أرجئت باقتراحات باسيل تتعلق بالاقتصاد والميزان التجاري وضريبة التبغ والتنباك، في حين أن مادة أضيفت لمشروع الموازنة تتعلق بخفض مكافآت الموظفين بنسبة 70 بالمئة بعدما كانت 40 بالمئة، مع إشارة المصادر لـ»البناء» إلى أن الوزراء لم يطلعوا على الأرقام التي قدمها وزير المال وربما تتغير هذه الأرقام في كل لحظة تجري خلالها إضافة بنود أو إجراءات على مشروع الموازنة.
وأشارت المعلومات إلى أن « مجلس الوزراء قرر إقفال أندية الميسر التي تنافس كازينو لبنان، لأنها تجذب اللاعبين من أمام الكازينو وتحرم خزينة الكازينو من الأموال، في حين أن موضوع زيادة 2 و3 في المئة على البضائع المستوردة لم يقر في الجلسة»، لأنه يحتاج الى درس في ظل وجود اتفاقات دولية تجول دون فرض ضرائب.
وأعلن وزير الاعلام جمال الجراح أنه تم اتخاذ جملة إجراءات بملف التهرب الجمركي وتم تكليف وزارة الدفاع بمنع التهريب عبر المعابر غير الشرعية، لافتا إلى أنه تم أيضاً اتخاذ قرارات تتعلق بضبط الانفاق والتهرب الضريبي. وأكد أنه تم اتخاذ قرار بإلزام البلديات أن تصرح لوزارة المال عن المؤسسات في نطاقها البلدي لمنع التهرب الضريبي، كاشفاً أنه تم طرح تخفيض بدل النقل لموظفي القطاع العام من 8 آلاف الى 6 آلاف ليرة.
وبينما أوحى كلام وزير الخارجية أننا سنحتاج إلى الاسبوع المقبل للانتهاء من الموازنة، وأشار باسيل بعيد الجلسة إلى أن «النقاش كان ايجابياً وللمرة الأولى ندخل في الملفات الساخنة، مشيراً إلى أننا لم نبحث فقط في بنود الموازنة بل مواضيع تتعلق بالتهرب الضريبي والفساد وهنا يظهر عمق الازمة». وفيما خص معاشات التقاعد، أوضح باسيل أن هناك حالات فاضحة في معاشات التقاعد ومكلفة على خزينة الدولة ويجب توقيفها، موضحاً أنه لم يشمل كل المستفيدين من المعاشات والتعويضات العائلية بل تحدث عن حالات معينة.
وكان باسيل اقترح بحسب المعلومات تخفيض أسعار تذكرة سفر خطوط الشرق الأوسط الجوية بنسبة 30 بالمئة لأن سعرها مرتفع. ورأى باسيل أن «ذلك سيشجع السياح على السفر الى لبنان ما يساهم في الحركة السياحية». كما طالب بأن يعود مردود عدد من أنشطة المطار الى خزينة الدولة وليس الى طيران الشرق الأوسط.
ونفى وزير الدفاع الياس بوصعب كل ما يثار في الإعلام والصحافة حول خلافه مع رئيس التيار الوطني الحر في موضوع العسكريين، موضحاً أن «باسيل يعمل على بنود أخرى في الموازنة وأنا على تنسيق دائم معه وهو ايضاً لم يرض الاستفراد بالعسكريين والمس بحقوقهم». أما في ما خص التدبير رقم 3 فأشار وزير الدفاع الى أن رئيس الحكومة أبلغ الوزراء أن هذا الموضوع سيبحث في جلسة مجلس الدفاع في بعبدا.
وكان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون اطّلع من بو صعب قبل الجلسة على نتائج الاجتماع الذي عُقد ليل أول أمس في اليرزة مع وزيرة الداخلية والبلديات ريّا الحسن، لدرس الإجراءات الواجب اعتمادها في مشروع الموازنة، في ما يتعلّق بتطبيق تدابير الاستنفار 1 و2 و3 في الجيش والمؤسسات الأمنية.
وقال نائب رئيس الحكومة غسان حاصباني لـ»البناء» «إننا لم نصل الى النتيجة المرجوة حتى الآن في مسألة تخفيض العجز في الموازنة لجهة تعزيز الإيرادات لا سيما في المرفأ وغيرها من مواقع الهدر والتهرب الجمركي والضريبي فلا يكفي فقط تخفيض الانفاق، لافتاً الى أننا نسأل في الجلسة عن سبب الإصرار على المس بالرواتب والأجور والتقديمات الاجتماعية قبل التوجه الى مكامن التهرب لتعزيز الواردات ولا نلقى جواباً».
وتحدّثت مصادر وزارية لـ»البناء» عن هدر كبير جراء التهرب الضريبي إن كان عبر المطار أو المرفأ أو الحدود الشمالية والشرقية، كاشفة عن «155 معبراً غير شرعي على الحدود يجري تمرير جميع أنواع البضائع المستوردة من دول عدة الى الداخل اللبناني ومن دون جمرك»، مشيرة الى أن المجلس بصدد «اتخاذ اجراءات حاسمة في هذا الموضوع». كما لفتت المصادر الى توجه حكومي لإشراك المصارف بتخفيض كلفة العجز في الموازنة وفي الدين العام عبر إجراءات يتفق عليها بين وزير المال وحاكم مصرف لبنان وجمعية المصارف من خارج الموازنة».
وقال وزير التربية أكرم شهيب لـ»البناء» إننا «للمرة الاولى نعمل على موازنة اصلاحية في ظل حكومة مكونة من كتل نيابية عدة ومن مختلف التيارات والرؤى الاقتصادية والسياسية لذلك ما أنجزه مجلس الوزراء حتى الآن إيجابي».
وأوضح شهيب أن «المجلس يناقش كل المواضيع المتعلقة بمكافحة التهرب الضريبي والجمركي والهدر في الادارات العام وسيتخذ إجراءات في هذا الخصوص عن طريق الموازنة او من خارجها. كما أوضح الى أن تخفيض رواتب السلطات العامة غير مطروح بل تخفيض التعويضات والتقديمات»، وفي مجال آخر اوضح شهيب أنه «لا يمكن قانونياً الفصل بين أساتذة التعليم الرسمي والخاص لجهة الرواتب».
وأكّد رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري أنّه عندما يتحول مجلس الوزراء الى متاريس سياسية، تتعطل السلطة التنفيذية وتتوقف الدولة عن العمل، مشيرًا إلى أنّ الكل في مجلس الوزراء مسؤول، وما من جهة على طاولة مجلس الوزراء تستطيع ان تتنكر للقرارات التي تتخذ، سواء بالتوافق او بالتصويت.
وشدّد في كلمة له خلال الافطار الرمضاني السنوي الذي أقامه في السراي الحكومي على أنّ الدستور هو الذي يحكم مسار الامور ومسار النقاش.
وقال: «نحن نريد ترجمة الشراكة من خلال المؤسسات الدستورية، وتحديداً على طاولة مجلس الوزراء، الذي يتصدى في هذه المرحلة، بكل مسؤولية للإصلاح الاقتصادي والمالي ولأسباب الهدر في الانفاق العام».
ولفت إلى أنّ هناك بيانًا وزاريًا جرى التوافق عليه، فقرة فقرة، والمسؤولية توجب ترجمة البيان في السياسات العامة للدولة وفي البرنامج المالي والإصلاحي والاقتصادي.
إلى ذلك، عادت القطاعات النقابية والعمالية والمتقاعدون الى الشارع. ودعت هيئة التنسيق النقابية إلى الاضراب العام الشامل الاثنين المقبل والاعتصام عند الساعة 3 في ساحة رياض الصلح دفاعاً عن الحقوق والمكتسبات. وأكدت أن الرواتب والتقديمات الاجتماعية ومن ضمنها المنح التعليمية وبدلات النقل خط أحمر لا تراجع عن اي جزء منها. وأشارت إلى أن معاشات التقاعد وتعويضات نهاية الخدمة معفاة من الضرائب لكونها تراكمت من الاشتراكات والحسومات على الرواتب والاقتطاع منها مرفوض قانوناً.
وأعلن رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر أن الاتحاد «لن يتوانى عن اتخاذ كل الخطوات الضرورية الضاغطة من الإضراب الوطني العام المتدرّج وصولاً إلى الإضراب الشامل والاعتصامات والتحركات الشعبية إذا لزم الأمر». وناشد الرؤساء الثلاثة «التدخل السريع لإنهاء الوضع المستجد،»، آملاً في «صحوة ضمير من الحكومة والوزراء ومجلس النواب».
ونفذ الموظفون في مختلف المناطق إضراباً عاماً تنفيذاً لدعوة الهيئة الإدارية لرابطة موظفي الادارة العامة إلى الإضراب رفضاً للاقتراحات التي تسعى إلى قضم مخصصاتهم وحقوقهم، معلنين التوجه نحو إضراب مفتوح قد لا ينتهي».
الى ذلك يستمرّ القضاة في اعتكافهم، حيث لم يصدر عن اجتماع قضاة لبنان في محكمة التمييز في قصر عدل بيروت أي قرار بتعليق الاعتكاف أو توقيفه.
وفي ساحة رياض الصلح، اعتصم الضباط والعسكريون المتقاعدون، حيث نصبوا خيمة أطلقوا عليها اسم «خيمة شهداء الوطن» ورفعوا لافتات كتب عليها «حقوق العسكر خط أحمر». ووزّع المعتصمون بياناً شددوا فيه على «رفض فرض ضرائب أو اقتطاع ليرة واحدة من رواتب العسكريين المتقاعدين او العسكريين في الخدمة الفعلية».
على خط آخر، أكد الموفد الشخصي لأمير دولة قطر، وزير الدولة حمد بن عبد العزيز الكواري خلال جولته على المسؤولين أن للبنان مكانة كبيرة لدى قيادة بلاده على حد سواء، مشدداً على أنها إذا وعدت وفت. وأعرب رئيس الجمهورية خلال لقائه الكواري عن أمله في أن تشهد الأشهر المقبلة عودة للمواطنين القطريين إلى الربوع اللبنانية لتمضية عطلة الصيف، مشيراً الى ان الحجوزات في الفنادق والمؤسسات السياحية تؤشر الى موسم اصطياف واعد.