صاروخ قرب السفارة الأميركية في بغداد… والرياض لقمتين خليجية وعربية الحكومة تسهر على الموازنة… وتواصل نهاراً… والحريري يأمل الانتهاء هذا الأسبوع
كتب المحرّر السياسيّ
تبدو الأيام الستون التي أعلنتها إيران كمهلة نهائية لتأمين تجارتها النفطية قبل الانسحاب من الاتفاق النووي، والممتدة بين مطلع ايار الحالي ومطلع تموز المقبل، صيفاً حاراً استباقياً، حيث يصير بلوغ نهاية المهلة دون توافقات تخفض منسوب التوتر إيذاناً بتدهور يهدد بالخروج عن السيطرة لا يبدو ان أحداً يرغب بلوغه، ولذلك تتسارع الرسائل في قلب المهلة الإيرانية، من استهداف ناقلات النفط والمنشآت النفطية السعودية والإماراتية، إلى سقوط صاروخ قرب السفارة الأميركية في بغداد، وإعلان أنصار الله في اليمن عزمهم مواصلة استهداف المنشآت الحيوية في السعودية والإمارات، وبالمقابل ردود سياسية تصعيدية من المحور الأميركي الخليجي، تمثلت بالدعوة السعودية لقمتين خليجية وعربية نهاية الشهر الجاري في مكة، لاستصدار مواقف تندد بإيران إذا تسنى لها ذلك، أو تعلن التضامن مع السعودية ودول الخليج بوجه أي استهداف كحد أدنى، بعدما أظهرت وسائل الإعلام السعودية والإماراتية خيبة أمل من التعامل الأميركي البارد مع العمليات التي استهدفت المنشآت النفطية، وبدت سبباً كافياً لتتولى واشنطن تنفيذ تهديداتها بالردّ العسكري على أي استهداف لحلفائها الخليجيين واعتبار أي أعمال تقوم به القوى المحسوبة حليفة لإيران كأنها أعمال إيرانية، ستدفع إيران ثمنها.
البرود الأميركي ستقرأه الدول المعنية بحضور القمم، ضعفاً في الموقف السعودي الإماراتي، وربما تترجمه بعض الدول بإعلان مساعي للوساطة بدلاً من تلبية الدعوة للانخراط في مواجهة، حرب الذين جاؤوا إلى الخيار السعودي في حرب اليمن، حدود ما يمكن فعله عبر تلبية مثل هذه الدعوات. وهذا ما يفسّر وفقاً لمصادر متابعة تجنب السعودية الدعوة لقمة إسلامية، ليس تفادياً لحرج توجيه الدعوة لإيران وحسب، بل للقلق من مواقف دول إسلامية كبرى كتركيا وباكستان وسواهما، ما سيبلور محاور تنضم إليها دول عربية يصعب أن تتخذ مواقف مشابهة في القمتين الخليجية والعربية.
واشنطن التي اعتبرت الحديث عن إعادة نشر قواتها في الخليج رداً كافياً على استهدافات المنشآت النفطية للسعودية والإمارات تفادياً للتصعيد، أعلنت عن ورشة عمل مالية لفلسطين تحت عنوان الاستثمار في السلام ستعقد في البحرين أواخر شهر حزيران المقبل، وقالت مصادر على صلة بترتيبات جارد كوشنر صهر الرئيس الأميركي دونالد ترامب ومستشاره وعراب صفقة القرن، لمواقع أميركية أن كوشنر سيحضر الورشة في البحرين ويتحدّث خلالها، ويرجّح أن تكون هي المناسبة التي قرّر الإعلان عن التصور الأميركي للسلام بين الفلسطينيين وكيان الاحتلال، المسمّى بصفقة القرن، والتي تقوم على تأمين استثمارات إقتصادية للفلسطينيين مقابل موافقتهم على التنازل عن القدس وحق العودة للاجئين وإقامة دولة مستقلة في كامل الأراضي المحتلة العام 1967، وقبول دولة منزوعة السلاح في غزة، وإدارة محلية في مدن الضفة الغربية بعد ضمّ المستوطنات. وجاءت أول ردود الفعل على الإعلان الأميركي من الرئاسة الفلسطينية التي قال المتحدث باسمها نبيل أبو ردينة، غن الفلسطينيين سيقاطعون هذه الاجتماعات ويرونها بلا قيمة.
لبنانياً، الحكومة سهرت على مناقشات الموازنة، وستواصل اليوم مناقشاتها، ولا يبدو أنها ستنتهي قريباً، وسط تصاعد التحركات الاحتجاجية، وتضارب في مواقف أطراف الحكومة تجاه كيفية التعامل مع بنود الموازنة سواء في ملف رواتب وتعويضات الموظفين العسكريين والمدنيين، أو كيفية وحدود مساهمة المصارف في خفض العجز وزيادة موارد الدولة.
كما كان متوقعاً لم تكن جلسة مجلس الوزراء ليل أمس، الجلسة الأخيرة المخصّصة لمناقشة مشروع الموازنة في السراي الحكومية قبل أن يبت بها نهائياً في جلسة ستعقد برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في بعبدا. فالوزراء المعنيون لم ينجزوا المهمة الصعبة بعد المتصلة بدراسة الأرقام المفترض أن يعرضها وزير المال كاملة يوم امس، والتي ستضع الاصبع على جرح الإيرادات والمصاريف، ليتم تحديد العجز الذي بحسب مصادر وزارية لـ«البناء» لم يصل بعد الى 7 في المئة ولا يبدو ان الامور تتجه نحو ذلك، فكل النقاشات افضت الى تخفيض في العجز حتى نسبة 9 في المئة، وقالت المصادر الوزارية إن هناك ملفات خلافية داخل المجلس يجري إلحاقها بالموازنة كمشاريع قوانين خاصة كي لا تعيق الموازنة، علماً أن مصادر رئيس الحكومة أكدت لـ«البناء» سعي الرئيس سعد الحريري لإقرار موازنة تقشفية تخفض العجز وتعالج الدين وتوقف الهدر، مشدّدة على ان الرئيس الحريري يجهد الى تحقيق إصلاح مالي جدي للسنوات الخمس المقبلة.
وبحسب المعلومات الوزارية تم توزيع الجزء الأول من أرقام الموازنة في حين أن الجزء الثاني لم يوزع، لأن وزير المال يريد مراجعة بعض الأرقام. في المقابل قال وزير المال إن لا مبرر لعدم الانتهاء من الموازنة خاصة أن الوزراء اطلعوا على كل الأرقام، مشيراً إلى أن «خفض تكلفة خدمة الدين سيتم، بالتنسيق مع البنك المركزي و المصارف ، بمجرد إقرار الموازنة، بالتوازي قالت مصادر وزارية في التيار الوطني الحر لـ«البناء» إن تكتل لبنان القوي يفضل موازنة إصلاحية وحقيقية حتى لو طال الوقت، مشددة على أن همنا الأول والأخير تحقيق الإصلاح في الموازنة ومعالجة الخلل في السياسة المالية.
وأشار وزير الصناعة إلى أنه لا مبرر لتضييع الوقت فالنقاش استنفد وأرقام وزير المال مشجعة ومطمئنة، مضيفاً لا زلنا نبحث عن واردات عبر التخفيض من رواتب الموظفين وتجب العودة الى ملف الإملاك البحرية لدعم الخزينة اللبنانية والتخمينات المطروحة متدنية جداً ويمكننا كمجلس وزراء الاتفاق على التخمينات في صلب الموازنة وليس من خارجها.
أما وزير الدفاع الوطني الياس بو صعب فلفت من جهته الى أن هناك أشياء تقنية في تدبير رقم 3، وهذا الأمر يحتاج بتفاهم كل قادة القوى الأمنية ولا أتحمل مسؤولية المسّ بحقوق العسكريين كأمر قائم منذ 1991، مشدداً على ان مجلس الدفاع الاعلى جاهز للاجتماع والبتّ بالأمر ولدينا تصور واضح وفي مكانه، هناك أفكار في ورقة الوزير جبران باسيل يمكن أن ندرسها تدر واردات كبيرة.
وأكد الحريري أن العمل على موازنة العام 2019 ليس عملاً عادياً، آملاً أن يكون الأسبوع المقبل، أسبوع إحالة مشروع الموازنة إلى مجلس النواب. وقال: «إن الأمور باتت بحاجة إلى قرار، ومجلس الوزراء موجود ليأخذ قراراً، وليقول لكل اللبنانيين إنه «لدينا فرصة لن تضيع، ولدينا خريطة طريق لوقف الهدر وضبط الإنفاق وتحقيق الإصلاحات». ورأى الرئيس الحريري أن اقتصادنا دفع ثمن التأجيل والتردد والهروب من الإصلاحات، على مدى سنين طويلة. والآن وصلنا إلى حائط لا مجال إلا أن نكسره، وندخل إلى إصلاحات جدية وسياسات مالية واقتصادية، تساهم في تخفيض العجز ومعالجة الدين ووقف الهدر. هكذا نحمي الاقتصاد، ونحمي ذوي الدخل المحدود والطبقة الوسطى، وهكذا نحافظ على كرامة العيش لكل اللبنانيين.
وفيما يترقب البرلمان أن تحط الموازنة في أدراجه لتبدأ لجنة الموازنة بمناقشتها، شدّد رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان على أن «الموازنة التي تأتي في غير وقتها ليست بموازنة، بل باتت أمراً واقعاً، وموازنة العام 2019 تأخرت عن موعدها الدستوري ثمانية أشهر، وكان يفترض بها أن تأتي قبل نهاية السنة المالية لتطبيقها، وهو ما لم يحصل منذ الطائف حتى اليوم». واعتبر أن «إنهاء الموازنة خلال شهر في مجلس النواب عند إحالتها على لجنة المال، يتوقف عند تجاوب الوزارات والإدارات والنواب، والأكيد أننا لن نبصم، فهناك أكثر من ألف صفحة واعتمادات لـ 24 وزارة يجب التدقيق بها والاستماع الى مختلف وجهات النظر. وقال: «لا يمكن نشر موازنة العام 2019 من دون قطع الحساب، والبحث عن إيرادات جديدة وتخفيض النفقات المالية الحالية لا يكتمل من دون إقفال السلة المفخوتة».
من ناحية اخرى توجه وزير الصحة العامة جميل جبق إلى جنيف على رأس وفد من وزارة الصحة للمشاركة في الجمعية العامة السنوية الثانية والسبعين لمنظمة الصحة العالمية، حيث سيلقي كلمة لبنان أمام الجمعية ويشارك في الاجتماع الفرنكفوني والاجتماع التنسيقي لوزراء الصحة.
كما سيعقد وزير الصحة لقاءات مع نائب رئيس البعثة الدولية للصليب الأحمر ICRC ووزير الصحة الفرنسي ووزير الصحة القطري ووزير الصحة العراقي الذي يبحث معه في سبل تصدير الدواء اللبناني، إضافة إلى لقاءات مع عدد آخر من رؤساء الوفود الدوليين المشاركين في الجمعية العامة بهدف السعي لتحصيل الدعم لوزارة الصحة. ويختتم جبق زيارته بلقاء يعقد في السفارة اللبنانية بحضور عدد من سفراء الدول الأوروبية والآسيوية.
وأكد جبق أن اللقاءات التي عقدها مع ممثلي مختلف المنظمات الدولية والسفراء الأجانب أزالت الهواجس والمخاوف التي كانت موجودة على الصعيد الدولي في بداية تسلّمه وزارة الصحة. وقال: بات واضحًا لهم، أن ليس لديّ انتماء سياسي ولا أعمل وفق أجندة سياسية. وجزم وزير الصحة العامة أن الحكومة اللبنانية لم ولن توافق على أي مراقبة دولية لكيفية صرف أموال وزارة الصحة، مؤكدًا أن هذا الأمر يتم بتدقيق محلي ورقابة داخلية مطلقة الشفافية في وزارة المالية وديوان المحاسبة.
كما لفت إلى أن النقاش مستمرّ مع البنك الدولي للاتفاق على البنود التقنية والفنية بشكل نهائي، فيما خص مشروع القرض الميسّر الذي يقدمه البنك من أجل تأهيل المستشفيات الحكومية وتجهيزها ودعم مراكز الرعاية الصحية الأولية المنتشرة في مختلف المناطق اللبنانية. وأوضح أن تنفيذ القرض سيخضع لآلية مراقبة، مضيفًا: ليس لديّ شيء لأخفيه.