رعد: بفلسفة القوة القائمة على الإنحياز المطلق للحق بقيت المقاومة حامية للوطن وصارت قوة إقليمية كبرى قنديل: بانتصار حزب الله تنتصر القيمة المضافة وبهزيمته لا سمح الله ينتصر فائض القوة وشريعة الغاب والسلاح بقرادوني: فتحت المقاومة الباب لسقوط وعد بلفور وسايكس بيكو بدلا من الباب الذي يفتح اليوم لصفقة القرن بشور: مؤتمر البحرين بداية خطيرة لتطبيق صفقة القرن ومعادلات المقاومة لا تزال الأمل
عُقدت ندوة حول كتاب رئيس تحرير صحيفة «البناء» النائب السابق ناصر قنديل «حزب الله فلسفة القوة» في دار الندوة في الحمرا، بمشاركة رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد والوزير السابق كريم بقرادوني والرئيس المؤسس للمنتدى القومي العربي معن بشور، وحضور رئيس حزب الاتحاد النائب عبد الرحيم مراد، نائب الشوف ودير القمر البروفوسور فريد البستاني، القائم بالأعمال في السفارة الايرانية في بيروت، العميد الدكتور أمين حطيط، وحشد واسع من النخب الفكرية والثقافية والاعلامية. وقد تلقى قنديل رسالة تحية من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.
وأكد رعد أن الكتاب يكشف الحجم المتنامي لحزب الله كحالة اقليمية دولية رغم ضبط ايقاع حركته بما يتناسب مع تكوينه الوطني اللبناني، فيما أشار الوزير بقرادوني الى أن الكاتب طرح مقاربة مهمة وهي أن الرأسمال الرئيسي لحزب الله يبقى في القيمة المضافة وليس في فائض القوة، أما بشور فاعتبر أن الكاتب يطمح لأن تكون مدرسة حزب الله كما فهمها هو مدخلا لعلم سياسي جديد تتداخل فيه ضرورة وضوح الرؤية الاستراتيجية ومستلزمات التحالفات، وأشار قنديل الى أن الرسالة التي حاولت ايصالها عبر هذا الكتاب هي القول للبنانيين والعرب، لا تخشوا انتصار حزب الله بل خافوا من هزيمته لا سمح الله، لأنه بانتصار حزب الله تنتصر القيمة المضافة وبهزيمته لا سمح الله ينتصر فائض القوة وشريعة الغاب وشريعة السلاح.
رعد
في بداية الندوة تحدث النائب رعد وقال: «أشكر دار الندوة والقائمين على ادارتها والشكر لكم لاتاحة الفرصة من اجل التداول في موضوع كتاب لم يُكتب في سياق بحث اكاديمي طلباً لشهادة وانما كُتب ليكون سلاحاً في خدمة المواجهة مع العدو الاسرائيلي، أهمية ما نحن بصدده من نقاش اننا لا نناقش فكرة كلاسيكية وضعت في كتاب وانما نناقش منهجية مقاومة تطمح الى تطوير العمل المقاوم لأن الصراع مع العدو الذي يتهددنا في وجودنا هو صراع طويل الامد».
وأضاف: «بعيداً عن المنهجية الاكاديمية التي لها مكان آخر في مناقشة هذا الكتاب، اسمحوا لي ان اسلط بعض الاضاءات، اولاً حول الكتاب وثانياً حول الكاتب وثالثاً لنا وقفة مع فلسفة القوة كما نفهما. في الكتاب: ما خرجت به بعد قراءتي له لمرتين فقط، الكتاب في الحقيقة هو عصارة استقراء مواكب للتجربة المقاومة من موقع المتفهم لخلفيات اصحابها الفكرية والاخلاقية والسلكوكية والعارف بالظروف السياسية والقوى المحركة ونقاط التباين وحدود المصالح ومواقع التقاطع وخطوط التماس فيما بينها من جهة وفيما بينها وبين حزب الله من جهة اخرى، هناك مشتركات بين حزب الله والآخرين كما سماهم الكتاب والآخرين من اسرة النضال والمقاومة الا ان هناك شيئ اضافي تميز به حزب الله كما يقول الكاتب مستثمراً على هذه المشتركات التي تجمعه بسواه لكنها لا تصلح لتفسير تميزه، هنا اسمح لنفسي أن اقول ان لغة التميز لا نحبها لكن ما قصده الكاتب ونحن نتفهمه أن هناك نكهة خاصة في المقاومة التي اداها حزب الله وهذه النكهة هي التي تجعل بينه وبين اداء الآخرين المقاومين طعم خاص ومذاق خاص وسياق مضيئ في كثير من المحلات، الكتاب اذا هو بحث عن ذلك الشيئ الاضافي الذي يعطي نكهة خاصة لحزب الله عن البقية التي تشترك معه في كثير من الخصائص والمقومات، وهذا الشيئ الاضافي هو الذي اكتملت به وصفة صناعة النصر الذي أجاد استخدامها حزب الله والتي تصلح للاستخدام من قبل الآخرين إن توفرت بهم الشروط الخاصة المطابقة لخصائص نكهة حزب الله، يكشف الكتاب بسرعة الحجم المتنامي لحزب اله كحالة اقليمية دولية على الرغم من انه يضبط ايقاع حركته يما يتناسب مع تكوينه الوطني اللبناني ورزنامته الوطنية التي رسمها لنفسه وربط به حركته الخارجية كما يكشف الكتاب عن نجاح الحزب بعملية الجمع المذهل بين وطنية صافية تجعله في مقدمة المدافعين المضحين عن بلدهم من جهة استنادا الى خلفية عقائدية تحد من قدرته على الاستقطاب التنظيمي من شرائح مختلفة طائفياً ومذهبياً من اللبنانيين فيما يستعيض عن ذلك بالنجاح في تشكيل بيئة مساندة له متنوعة طائفياً ومذهبيا وعقائديا عبر نسج اشكال متعددة من التحالفات واقامة علاقات مع مكونات ومواقع نافذة محلياً واقليمياً اي داخل الحدود وخارجها، كما يطل الكتاب على مراحل تنامي حزب الله منذ العام 1982 الى عام 1993 تفاهم تموز و96 تفاهم نيسان ثم عام التحرير 2000 وبعدها في تموز 2006 وصولا ً الى العام 2011 وحتى ال2018 والى يومنا هذا يسلط الضوء الى مكونات وصفة صناعة الانتصار الذي يستخلصها القارئ بسهولة وهذه الوصفة التي تميز بها حزب الله وفيها:
وأضاف: «مكونات الوصفة: اولا ًالتزام عقائدي صلب وانضباط سلوكي عام بهذا الالتزام يعني لا يكفي ان تكون معتقداً بأمر ما لكن النكهة المتميزة بحزب الله ان سلوكه واداؤه وخطابه ينسجم مع التزامه العقائدي.
ثانياً: تشخيص دقيق للواقع السياسي وتحديد العدو الاستراتيجي ومخاطره المتواصلة وفهم عمق التناقض بين خلفيته وبنيته ومشروعه من جهة وبين خلفية شعبنا وبنيته وتطلعاته من جهة اخرى وهنا نقول شتان ما بين العدو الوجودي الاستراتيجي وبين العدو التكتيكي او الخصم العابر، لكل منهما طريقة خاصة في التعامل.
ثالثاً: انفتاح وطني عام ومرونة في مقاربة التباينات الداخلية، وهذا واضح للجميع.
رابعاً: حسن استثمار على المتبنيات المشتركة بينه وبين القوى الاقليمية على تفاوتها وكذلك على المصالح المشتركة المستندة الى خيار مناهضة العدو الاستراتيجي للبنان والمنطقة المتمثل باسرائيل، أي ان هناك استراتيجيات مشتركة في كثير من النقاط بيينا وبين قوى ودول اقليمية وهناك مصالح مشتركة بين قوى ودول اقليمية وبيينا، والاستثمار على هذه المشتركات سواء في الاستراتيجيات أو في المصالح المشتركة يحتاج الى شيئ من الدقة والحكمة والذكاء.
خامساً: مراكمة الصدقية والثقة بين حزب الله وبين حلفائه أو شركائه او اصدقائه بنسب متفاوتة.
سادساً: التصاقه اليومي بالناس والوقوف على نبضهم وتطلعاتهم واسباب معاناتهم والتفكير في معالجة ازماتهم ومشاكلهم
سابعاً: البراعة في تدوير الزوايا في الساحة الوطنية الداخلية والشجاعة في التصدي للاحتلال والغزو ومخططاته
ثامناً: حرصه على تفويت الفرص على العدو للتلاعب والعبث بشؤوننا الوطنية والحؤول دون ان يشمت بنا العدو بسبب نزاعاتنا العابرة ولو اقتضى الامر تنازلات مرة احيانا في الداخل دون تسجيل نقاط تقدم للعدو الاسرائيلي على حساب مصلحة لبنان واللبنانيين
تاسعاً: الجهوزية الدائمة والاعداد والتأهيل والتخطيط وتأمين البدائل ومواكبة ورصد تحركات العدو باستمرار.
عاشراً: مركزية القرار- والشكل التعاوني في الأداء عند الإجراء، صرامة الالتزام بالاولويات المرسومة لبرنامج المرحلة وتعهد حماية خيار المقاومة وتعزيز قدرة الخيار على التطوير والاستمرار مع زهدٍ مدروس ومحسوب سواء في السلطة أو بالمكتسبات الفئوية الخاصة وحرص خاص على تجيير المغانم لعموم اللبنانيين او اكثرهم احتياجهم في مرحلة ما أو اكثرهم احتضاناً لخيار المقاومة في مرحلة ما.
فلسفة القوة تبدأ اساساً مع اليقين بأحقية القضية وعدالتها ثم شحذ ارادة التضحية من اجل نجاحها الى حد التماهي مع القضية بحيث تتخفف وفق هذا التماهي من انانياتها وحساباتها الخاصة لترمو دائماً نحو تحقيق المصلحة الوطنية والعامة، الاعداد وامتلاك الوسائل والعتاد وابتكار وسائل المواجهة وحسن اتخاذ القرار ومواصفات القيادة والاستمرار في الفعل والمبادرة وغيرها هي عناصر مساعدة في انجاز القوة وتحقيق فاعليتها،
هذه الاضاءات على مستوى الكتاب، وارجو ان اكون قد جمعت ما استطعت ان ألخصه من استنتاجات رغم أن الأسلوب السردي الذي اعتمد في الكتاب يجعل من الصعوبة بحيث انك تحتاج الى كثير من التدقيق الى ان تخلص لما استنتجته.
على صعيد الكاتب قد لا يكون المكان والمقام محلاً للمجاملة وانتم تعرفون الكاتب اكثر مني ربما، لكن برأيي ناصر قنديل مناضل ومثقف وله سبق تجربة في لبنان، عايش مرارة نكسة المنطقة عام 67 وهزيمة الانظمة وراهن على المقاومة كخيار منذ تفتح وعيه السياسي، انطلق من موقع المنخرط في هذا الخيار يتابع ويقرأ تجارب من مضى ومن بقي، الم بتناقضات ساحتنا الوطنية واطلع عن كثب على سيرة قياداتها وبرامج قواها واحزابها، اثارت انتباهه دينامية حزب الله النضالية المقاومة ومنذ نشأته ابان الاحتلال الاسرائيلي للبنان في 82 كانت له فرصة التقرب من قيادات حزب الله السياسية والجهادية من قبل معرفته بموقعيتهم في الحزب ودورهم التأسيسي له وعرفته اهتمامته النضالية على نوافذ معرفية مهمة للاطلاع على بعض الاساسيات والخصوصيات في سياسة سوريا وايران تجاه لبنان، واكب تجربة حزب الله منذ بدايتها كمناضل معجب متفهم عارف بظروف النشأة وظروف لبنان والمنطقة ومشارك في التطلعات والآمال وملماً بالوظيفة التي يؤديها العدو الاسرائيلي، متابعاً لسياسات القوى الدولية النافذة في المنطقة ومتتبعاً لتطورات عملناً وخطابنا ولمميزات في شخصية أميننا العام ومطلعاً على فريق العمل السياسي الذي يتشارك في صنع هذه التجربة المقاومة وفي تطور خطواتها ومراحلها.
كل هذه الإحاطات مكنته من أن يكتب عن حزب الله من الخارج وكأنه في عمق الداخل، بلغته السردية خلص ومكن القارئ من ان يخلص الى استنتاجات واضحة ومعادلات محكمة لدى الحزب وفي سياق مقاومته المشروعة، نقل وقائع كاشفة عن نقاط ضعف ونقاط قوة نظرياً وصل الى خلاصة مفادها ان تجربة حزب الله يمكن ان تتكرر على يد غيره، واقعياً فاته أن شروط تكرار شروط التجربة متاحة لكن سمخية الالتزام بالمضمون العقائدي والانضباط السلوكي أمر في غاية الصعوبة ويحتاج الى توفيق خاص، بمعنى آخر الوصفة وصفة صناعة الانتصار الذي اجاد استخدامها حزب الله لها مكوناتها التي قد لا يلتقطها آخرون بكامل مساهمتها اضافة الى ذلك أن هذه المكونات بهذه الدقة في الخلطة تحتاج الى طريقة خاصة للاستعمال وهذه الطريقة يجيدها من يتماهى فعلاً وحقيقة مع حقه وقضيته العادلة ومشروعها التي نؤمن بها ونرى نماذج من ذلك خارج تجربة حزب الله في الساحة الفلسطينية وفي ساحتنا اللبنانية المقاومة ايضاً.
أخيراً في الوقفة مع فلسفة القوة ربما الخبرة والتجربة والمعاينة تدفعني الى القول بكل ثقة أن القوة ليست الا ارادة الانحياز الى الحق، هذه القوة التي نمتلكها كأصحاب قضية مشروعة التماهي مع هذه القضية هو لب القضية وتفسير القوة التي نصنعها، تجربة المقاومة الفلسطينية ماثلة وشاخصة امام اعيينا جميعاً وتعلمنا منها الكثير وابطالنا تدربوا في ساحة المقاومة الفسلطينية لكن تجربتنا يجب ان ننصفها وان نشخصها وان نتبين نكهتها الخاصة، فالاستعداد للموت عنصر لا يمكن للعدو ان يمتلكه واحقية قتالنا لاحتلاله لا يمكن ان يزوره مهما تقادم الزمن، صدقيتنا في التزامنا خيار المقاومة ليس له اصدق من تقديمنا الدماء والشهداء، ويكفينا محفزاً للاستمرار في بناء القوة ان ننظر في عيون ابناء الشهداء او زوجاتهم او آبائهم وامهاتهم وتصبح القوة مسؤولية شرعية ووطنية واخلاقية، وانحيازك للحق يصبح مسؤولية انسانية وهذا الانحياز تستحق ان تكافأ عليه بالانتصار، وهو ليس مجرد انحياز بل ذوبان، عشتم تجربة انتصارين كبيرين على الاقل في 2000 و2006، وتحدثنا عن ازمة سورية وقلنا ان 182 دولة شاركت في طحن سورية لالغاء دورها وموقعها وخيارها، ونفس هذه الدول في العام 96 اجتمعوا في شرم الشيخ والداعيمن الحقيقيين للعدو الاسرائيلي وركبوا منظومة في المنطقة العربية مع بعض الحكام والانظمة واصبحت هناك مصالح مشتركة بينهم بحيث ان العدو الاسرئيلي ينتظر ريثما تنتهي تحضيرات فرش السجاد الاحمر ليزحف العابرون لمصالحته والاعتراف بشرعية احتلاله بالرغم من كل المواثيق والعهود والقيم الاخلاقية والانسانية والدولية، القوة التي صنعتها المقاومة والتزمتها المقاومة وحزب الله اسهم من خلال مشاركته في التصدي للاحتلال الاسرائيلي باعتباره نقيضاً وجودياً وتهديدا استراتيجياً للبنان والمنطقة ومن خلال تصديه للمؤامرة على سورية وتصديه للارهابيين التكفيريين استطعنا ان نقدم من خلالها ومن خلال التضحيات التي قدمت من حماية لبنان وسيادته واستقلاله وامن ابنائه جميعا على اختلاف طوائفهم ومناطقهم واتجاهاتهم السياسية، واشعرناهم بالملموس معنى الكرامة الوطنية.
وقال رعد: «السيادة بالنسبة لنا ليست شعاراً يطلق بل السيادة هي ممارسة سلوكية في السياسة وفي الاجتماع، وفي الالتزام الاخلاقي وهي ان تكون صاحب قرار حر في وطنك لا تستجيب لضغوط احد اهم اسبابها وتأثيراتها عليك أنك ضعيف ولا تريد ان تنحاز لتكون قوياً، العدو لم ينتصر على المنطقة ودولها بسبب قدراته وانما بسبب عدم انحياز حكام المنطقة الى حقهم في بناء قدراتهم وقوتهم».
وختم رعد قائلا: «اشكر الاخ العزيز والشريك الاستاذ ناصر قنديل على هذا النتاج الذي قدمه ووضعه بين ايدي المقاومين وبين ايدي كل الاحرار ليس في لبنان والمنطقة وحسب، فعندما يدخل الكتاب الى المكتبة يصبح ملكاً لكل قراء الاجيال على مر التاريخ، شكراً لك وشكراً لدار الندوة وللاستاذ كريم الذي شاركنا بهذه الندوة».
بقرادوني
ثم تحدث الوزير السابق كريم بقرادوني وقال: «واجهتني ثلاث صعوبات في نقدي كتاب صديقي ناصر قنديل بعنوان «حزب الله فلسفة القوة». اولى هذه الصعوبات تمثلت بكثافة الافكار والمعلومات وتداخلها بعضها ببعض، فأقرّ بعجزي عن التحدث عن كل الكتاب واكتفي بجزء من الباب الثالث منه والكتاب من خمسة ابواب. ثاني الصعوبات ان المؤلف مقتنع بحزب الله ويصّر على اقناع الآخرين به، ولو كرر نفسه، عملاً بالقاعدة ان ادخال الفكرة في العقل كادخال المسمار في الحائط يحتاج الى عدة ضربات متلاحقة، وانصح الملتزمين في الحزب ان يقرأوه لانهم سيستفيدون منه كغير الملتزمين واكثر. وثالث الصعوبات انه خيل لي في بداية الامر ان الكلام عن فلسفة القوة قد يجرّ الكاتب الى تبرير العنف الذي انتهى اليه الفيلسوف الالماني فريدرتش نيتشه. غير اني كلما تقدمت في قراءة الكتاب كلما صحح ناصر قنديل انطباعي الى درجة اسمح لنفسي ان اقترح استبدال عنوان الكتاب ليصبح «حزب الله فلسفة المقاومة « بدلاً من «حزب الله فلسفة القوة». وانا على يقين ان حزب الله لا يسعى الى شرعنه نظام القوة، بل يعمل على شرعنة مفهوم المقاومة، وان الكاتب هو من الاوائل الذين التزموا بحركة المقاومة.
واراني دخلت من دون مقدمات في عمق الكتاب الذي حاول فيه ناصر قنديل كشف سر نجاح حزب الله، واورد عدة مقاربات توقفت عند واحدة منها تحت عنوان: ثنائيات حزب الله، وثلاثيات حزب الله، ورباعيات حزب الله.
واضاف: «لحظ ناصر قنديل ان العرب استهلكوا ثلاثة عقود من الخمسينات الى الثمانيات من القرن الماضي في النقاش حول ثنائيات لم يتم حسمها وتناولت « العلاقة بين العروبة والاسلام، وبين الوطن والطائفة، وبين الحزب والدولة». لم يغرق الحزب في هذا الجدل النظري، واستغرب «التناقض الذي يراه مفتعلاً بين العروبة والاسلام، ألم يكن نبي الاسلام عربياً، وقرآنه عربياً…؟». كما ميّز الكاتب بين الطائفة وهي الجماعة التي تتشارك في الميرات والتاريخ ورابطة الدم والقربى وصلة الجيرة والجغرافيا، وبين الوطن وهو الكيان السياسي «الذي يفترض فيه بناء دولة العيش المشترك بين الجميع والعدل والقانون والحقوق للجميع صفحة 190 ، وهي الدولة التي نادى بها الامام موسى الصدر وتصدرتها حركة أمل «لانصاف الشيعة اللبنانيين» وازالة الحرمان ليس داخل الطائفة الشيعية فحسب، بل داخل كل الطوائف في لبنان.
حدد الكاتب فلسفة حزب الله على اساس ثنائية الفيلسوف الفرنسي رينيه ديكارت فميز بين الجسد والروح، وكتب في الصفحة 178:» ان جسد حزب الله هو ناسه، وناس حزب الله هم جسده». اما روح حزب الله فتتجسد في القيادة والقائد فنقرأ في الصفحة 181: «ان الحرب تدور كما في الميدان كذلك في العقول… ويعني تحول نجومية رأس الهرم الى شأن عام يجري توظيفه، وليس شأناً شخصياً او حزبياً يجري صرف رصيد عائداته مجداً وجاهاً ونفوذاً ومالاً»، واضاف الكاتب: «شاء العدو نفسه او ابى سيجد اضطراراً لا مفر منه لنقل خطابات السيد نصرالله مباشرة على الهواء، وهو يعلم المفعول السحري لكلماته المشفوعة بصدقية غير مسبوقة لدى جمهور الكيان» صفحة 181 . وتوصل الكاتب الى خلاصة صائبة فنقرأ في الصفحة عينها:»هذا التواصل المتداخل والمتفاعل بين الجسد والروح يصير فائض قوة وقيمة مضافة، حيث السيد نقطة القوة في كليهما، فهو قائد اوركسترا جسد الحزب في السلم والحرب، وهو مصدر القوة الروحية في الجسد وامتداداته، كتجسيد للمكانة الروحية للعقيدة كلها، ورموزها، وللقيم الروحية والاخلاقية المختزنة في سيرته ومواقفه، شجاعة ورحمة، وكبرياء وتواضعاً في آن».
وتابع بقرادوني: «سر نجاح حزب الله هنا ابتعاده عن «التعقيد النظري الى التبسيط العملي»، واعتمد ثلاثية الابهار والكتمان والتواضع الذي ذكرها الكاتب. فمن تابع العملية الاستشهادية التي قام بها احمد قصير بنسف مقر الحاكم العسكري في صور في تشرين الثاني 1982 يتبين له انها أسست لمسار جديد في الصراع مع اسرائيل اذ سقط في هذه العملية نصف ما سقط لجيش الاحتلال من الضباط خلال العشرة اعوام التي سبقتها من احتلال الجنوب اللبناني. اما عملية نسف مقر المارينز في مطار بيروت في تشرين الاول 1983 فاسست لكيفية عمل المقاومة ضد الجيوش التي تصعب عليها فنون حرب العصابات، ولتاريخه لا يعلم العدو اسماء الاستشهاديين الذين نفذوا تلك العملية. هذه هي سياسة الابهار والكتمان. وقد سطر ناصر قنديل بالخط الذهبي في هذا السياق اعمال الشهيد عماد مغنية الذي وصفه السيد حسن نصرالله بانه «صانع المفاجآت والانتصارات والمفاوضات». ولخص الاخ ناصر بعض انجازات حزب الله بقوله: «من تجربة الشيخ راغب حرب، الى المؤسس السيد عباس موسوي، كان الحزب ينتقل من النواة الصلبة والبيئة الشعبية المرنة والتحالفات الواضحة الى معادلة حزب وجيش ودولة الصفحة 201 .
ولخص الكاتب رباعية حزب الله «بالطاعة والاستقلال والشراكة والتفاعل « ص 226 . وتتمثل هذه الرباعية بالعلاقة مع ايران. فعلاقة الحزب بالمرشد الولي الفقيه القائمة على الطاعة المطلقة التي تبدأ بالله وتنتهي بالمرشد الذي يرسم الحلال والحرام في قرار الاستشهاد، ويحدد الثوابت الكبرى وقد عددها الكاتب كالآتي: رفض الاعتراف بإسرائيل ومواصلة قتالها، رفض الهيمنة الاستعمارية، التمسك بالقرار المستقل، الدفاع عن المظلومين والمقهورين، السعي للعدالة والحرية. اما باقي الامور فيعود الامر فيها للحزب: من انتخاب رئيس الجمهورية، الى المشاركة او عدم المشاركة في الحكومات والانتخابات النيابية، وسن القوانين والتصويت والحضور والغياب، والمعارضة والمقاطعة، فجميع هذه المواقف هي شأن حزب الله. المرشد يضمن المقاييس الاخلاقية والانسانية، والحزب يملك سلطة العمل بهذه المقاييس في كل الشؤون والاحوال وطرح الكاتب مقاربة مهمة وهي «ان الرأسمال الرئيسي لحزب الله يبقى في القيمة المضافة وليس في فائض القوة « وشرح ناصر قنديل»ان القيمة المضافة هي فكرة الاخلاص للمقاومة والسعي لتعظيم مكانتها كثقافة ومشروع وما يدور حولها كمفاهيم واخلاق وقيم، وما يبذل في سبيلها من تواضع وتنسك ودماء وتضحيات، وما تحقق من ابهار ومفاجآت وانجازات…» وختم الرباعية قائلاً: «وعندما يتحقق الانجاز يجري السعي السريع لصرفه من فائض قوة اضافي الى قيمة مضافة جديدة، والقيمة المضافة هنا تصير انجازاً سياسياً يزيد من حصانة المقاومة ومصادر قوتها ومدخلاً لفائض قوة جديد» صفحة 230 .
وتابع: «ينهي صديقنا ناصر هذا الجزء من كتابه بالقول :» هي العلاقة مع سوريا التي شكلت مصرف المقاومة لتحويل فائض القوة الى قيمة مضافة… وهكذا هي العلاقة مع العماد ميشال عون كمصرف محلي واقليمي ببعده المسيحي لتحويل فائض القوة الى قوة مضافة. وهكذا مع المفاوضات الايرانية حول الملف النووي… وفي كل هذه الحسابات لا ينصرف حزب الله عن مصدر قوته الاساس وهو الناس…».
وأطل ناصر قنديل على الحزب من ساحته اللبنانية فقال فيه: «هو صاحب الكلمة الفصل التي اوصلت العماد ميشال عون الى رئاسة الجمهورية…وفتحت الباب لدخول الرئيس سعد الحريري الى السرايا الحكومية رئيساً للحكومة من جديد…وجاءت الاحداث التي تبعت خلال اقل من عام لتظهر حزب الله حاضناً للحريري في محنته مع السعودية، رغم مسافات الخلاف السياسي التي نجح حزب الله وحليفاه الرئيسان عون وبري في ضبطها تحت سقف السلم الاهلي من جهة، وابعاد مستقبل سلاح المقاومة من دائرة النقاش من جهة اخرى، لتتجدد مع الحريري المعادلة التي حكمت العلاقة بالنائب وليد جنبلاط من موقع الاختلاف على العلاقة بسوريا، والتفاهم تحت سقف تحييد سلاح المقاومة عن النزاعات الداخلية…» الصفحة 236 .
ولا تغيب عن ذهني صورة العام 2010 التي ضمت في دمشق امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله الى جانب الرئيس السوري بشار الاسد والرئيس الايراني محمود احمدي نجاد. وفي اعتقادي ان هذه الصورة ترمز الى ان حزب الله انتقل من حزب محلي الى حزب اقليمي، وبات جزءاً من محور المقاومة الذي يبدأمن طهران ويمتد الى العراق فسوريا باتجاه لبنان الذي لا يمكنه البقاء في سياسة النأي عن النفس، فلا حياد في الصراعات الوجودية والمصيرية، ونحن مع اسرائيل والتكفيريين في صراع وجودي ومصيري».
وأضاف: «جاءت الازمات في سوريا والعراق واليمن ليتوجه حزب الله وجهة استراتيجيته الاقليمية في التصدي ل «صفقة العصر» التي يديرها الرئيس الاميركي دونالد ترامب بالتحالف مع دول الخليج وبعض الدول الاروربية. وخلافاً لما يشاع فإني مقتنع ان ما يحصل ليس «نهاية التاريخ» اي انتصار اميركا على العالم، بل هو نهاية وعد بلفور واتفاق سايكس بيكو».
وختم قائلاً: «عذراً، اخي ناصر، لقد داهمني الوقت ولم اوفِ كتابك حقه ولو جزئياً، واختم فأقول، ونحن على مشارف ايام من ذكرى التحرير، ان نهاية الانتداب الفرنسي هو عيد الاستقلال الاول عام 1943، ونهاية الاحتلال الاسرائيلي هو عيد الاستقلال الثاني عام 2000، وعندما افكر بحزب الله وانجازاته غير المسبوقة، يتبادر الى ذهني اربعة يستحقوق التحية: الامام موسى الصدر، الرئيس اميل لحود، السيد حسن نصرالله والرئيس ميشال عون».
بشور
وكان قد تحدث في بداية الندوة الرئيس المؤسس للمنتدى القومي العربي الاستاذ معن بشور، فقال: «يسعدنا في «دار الندوة» كدار للوطنية اللبنانية الجامعة والقائمة على الحوار والتواصل، وفي المنتدى القومي العربي الذي تأسس في مثل هذه الايام من عام 1992 ليعبر عن العمق العروبي للبنان والبعد الحضاري للعروبة، ان تكون هذه الندوة حول كتاب الصديق العزيز الاستاذ ناصر قنديل حول «حزب الله فلسفة القوة» هي اول الفعاليات التي يحتفل بها اللبنانيون عموماً، والمقاومون على امتداد الامة والعالم بالذكرى التاسعة عشرة لتحرير الارض من الاحتلال، وهو التحرير الذي انجزته المقاومة في مسيرتها المستمرة، والمتعددة الرايات والتيارات، حين اعادت تصويب المعادلة بين القوة والحق، بعد قرون من نجاح المستعمرين والصهاينة وادواتهم في ان يجعلوا القوة حقاً، فجاء التحرير عام 2000، والنصر المبين عام 2006 ليعيد للحق قوته لندخل عصراً يمكن تسميته بانه عصر القوة للحق رغم كل ما نواجهه من مكائد وصعوبات ومعادلات ومحاولات التفاف لعل آخرها اليوم هو ما يسمى بانعقاد ورشة «السلام من اجل الازدهار»…
ولعل أهمية هذا الكتاب هو ان مؤلفه الاستاذ ناصر لم يبذل جهداً توثيقيا وتحليلياً كبيراً قبل ان يخرجه الى النور فقط، بل لأنه يأتي في سياق متميز عن ثنائية طبعت خطابنا الثقافي والسياسي والاعلامي لعقود خلت وهي ثنائية يصل فيها احياناً الثناء الى حدود التملق ويصل فيها الهجاء ليلغي اي تحليل عقلاني وموضوعي للظواهر، بل ان هذا الكتاب اخرجنا من خطاب «جلد الذات»، وقد بات الكثيرون منا يستمتعون به، هذا الخطاب الذي لا يركز إلآ على النقاط المعتمة في حياتنا وهي كثيرة، ويتجاهل النقاط المضيئة التي يزخر بها نضال شعبنا وصموده، فصفحة الانجاز تطوى بسرعة، فيما صفحة الانتكاس او الهزيمة تفرد لها المطولات….
واذا كان تقديمي لهذه الندوة النقاشية المهمة بموضوعها، والغنية بالمتحدثين فيها، لا يسمح لي بالتوغل في مناقشة تاركاً وقت المناقشة للمتحدثين الكريمين والحضور الكريم.
فأحدهما أبن هذه التجربة المقاومة وممثلها بجدارة واتزان وموضوعية لاكثر من 27 عاماً في البرلمان اللبناني هو الصديق القديم /الجديد الحاج محمد رعد، وثانيهما السياسي المخضرم الذي جمع طيلة حياته السياسية بين صرامة الالتزام الحزبي، ورحابة الانفتاح السياسي، ونجح ان يبقى في الواجهة السياسية لعقود طويلة، والذي تربطه بهذه «الدار» مناسبة يذكرها جيداً حين اذاع منها وللمرة الأولى عام 1995 بيان الاعلان عن تأسيس «الهيئة الوطنية لمناهضة التطبيع» في لبنان عشية مؤتمر للتطبيع لم ينعقد في الدوحة عام 1996 وكان عنوانه «مؤتمر الشرق الاوسط وشمال افريقيا» الذي كان مخططا له، كما هو مخطط اليوم لمؤتمر البحرين، ان يكون اطارا لمشروع شمعون بيريز الشرق الاوسط الجديد، كما هو مخطط اليوم «لورشة» البحرين ان تكون مدخلا لتطبيق صفقة القرن.
لن أطيل عليكم في هذا اليوم المبارك من هذا الشهر الفضيل، لكن سأكتفي بشهادة تلقيتها من رفيق الفكر والعمل القومي العربي، والامين العام السابق للمؤتمر القومي العربي الدكتور زياد حافظ عن كتاب الاستاذ ناصر قنديل وهو الذي اشبعه قراءة وتمحيصاً وترجمه الى اللغة الانكليزية، يقول الدكتور حافظ :»
قيمة الكتاب تكمن في الأسلوب والمضمون. فيما يتعلّق بالأسلوب فعندما تقرأ النص يحضر أمامك السيد ناصر قنديل وبلاغته في التعبير. فهو يكتب كما يتكّلم وفي كل جملة أفكار عديدة وإن كانت لديه مشكلة مع التنقيط لالتقاط الأنفاس! لكن بالمقابل يعطيك في كل جملة ما يمكن أن تصرفه في مقال بسبب غزارة المعلومات وبسبب الدقة الفائقة في التحليل.
أما فيما يتعلٌّق بالمضمون فيطمح الكاتب بحسب الدكتور حافظ أن تكون مدرسة حزب الله كما فهمها هو مدخلا لعلم سياسي جديد تتداخل فيه ضرورة وضوح الرؤية الاستراتيجية ومستلزمات التحالفات التي قد تكون غير طبيعية والمنظومة القيمية التي يتمسّك بها الحزب مهما كلّف الأمر.
وقال د. حافظ ايضا: من أسباب نجاح الحزب هو توظيف كل مكسب ميداني يعزّز قوّته إلى قيمة مضافة لتوفير المزيد من عناصر القوّة وذلك دون أن يصرفها في مكاسب آنية له ولكوادره وحتى لجمهوره. يشرح الكاتب بإسهاب كيف نجح في ذلك وربما هنا القيمة المضافة لهذا الكتاب الذي يختلف عن سائر الكتب التي صدرت تؤرّخ الحزب وتحلّل بنيته التنظيمية إلخ، وذلك عبر مصارحة جمهوره للواقع وللضرورة. المصداقية هي المفتاح لفهم كل التأييد الذي حصل عليه الحزب من جمهوره الذي بدأ صغيراً فنمى وأصبح واسعا لا تستطيع القوى المعادية تجاهله والاستخفاف من قوّته.
هذه القيمة المضافة هي التي جعلتنا نقول أن حربا أهلية لن تقع في لبنان لا لأن الشعب اللبناني يرفض العودة إلى زمن دفع ثمنا باهظاً بأنها فيه فقط..بل لأن من يملك القدرة على اشعالها لا يملك الرغبة ومن يملك الرغبة في إشعالها لا يملك القدرة على ذلك..
وفي الختام، لا بد من تحية تقدير خاصة لمؤلف كتاب حزب الله فلسفة القوة» الصديق ورفيق الدرب النضالي الطويل النائب السابق، رئيس تحرير صحيفة البناء الاستاذ ناصر قنديل صاحب القلم الجريء،والفكر النير، والبلاغة المتدفقة، والذي جمعتنا به أيام صعبة، بحلوها ومرها، بتفاهم جمعنا في اغلب الاحيان، وتباين في الرأي احيانا لم يفرقنا أبداً، بل اياما كانت حصيلتها اننا نلتقي معاً اليوم في رحاب الوطنية اللبنانية والعروبة الحضارية والتحرر الوطني والتقدم الانساني وفي محراب المقاومة التي تحولت الى رقم صعب، حتى لا اقول رقماً مستحيلا الإجهاز عليه في معادلات المنطقة والعالم…
قنديل
ثم تحدث مؤلف الكتاب ناصر قنديل وقال: «أيّ شكر ممكن ان يُقال بعد الذي سمعناه جميعاً لا يوفي المشاعر التي احملها لما سمعت، الاستاذ معن هو الحضن الذي نلجأ اليه دائماً في كلّ المحطات التاريخية الصعبة منذ العام 82 على الاقلّ، الحاج محمد رعد معرفتنا منذ أن بدأت بذرة فكرة المقاومة قبل الاحتلال الاسرائيلي وكان قامة طلابية وكان لي شرف التعرف عليه في العام 1978، والاستاذ كريم في العام 85 عندما كنت رئيس تحرير جريدة «الحقيقة» آنذاك وكان نائب رئيس الهيئة التنفيذية في القوات والمفاوضات تدور حول الاتفاق الثلاثي وبدأت صداقتنا على الهاتف ثم اصبحناً اصدقاء عند توقيع الاتفاق الثلاثي ولا زالت الصداقة نهراً جارفاً مستمراً، وأقول للحاج محمد رعد، هذه المقاومة وشهادتها هي وسام موضع إعتزاز وفخر، ما اريد ان اضيفه على الذي قيل الذي هو في غاية الاهمية، أنني أردت أن اقدّم حزب الله بغير اللغة الدينية العقائدية لانّ الكثيرين لا يتخيّلون انّ لدى حزب الله خطاب سياسي وعلمي وهندسي لكيفية العمل السياسي والمقاوم ويقتصرون في الحديث عن حزب الله بالعنوان الديني أو المذهبي.
النقطة الثانية التي اريد قولها قالها سماحة السيد حسن نصرالله وقالها السيد هاشم صفي الدين في مناقشة الكتاب وهي الرسالة التي حاولت إيصالها عبر هذا الكتاب هي القول للبنانيين والعرب، لا تخشوا انتصار حزب الله بل خافوا من هزيمته لا سمح الله، عندما ينتصر حزب الله تنتصر القيمة المضافة وهي الأخلاق والعيش المشترك والوطنية والعروبة، اما فائض القوة وهو المال والسلاح والعديد، بانتصار حزب الله تنتصر القيمة المضافة وبهزيمته لا سمح الله ينتصر فائض القوة وشريعة الغاب وشريعة السلاح وسيأتي جيل لا يحمل ذات القيم التي حملها حزب الله بل سيأتي جيل اشدّ بسالة لكنه اقلّ تسامحاً، ولذلك اقول للخائفين من انتصارات حزب الله للذين يعتبرون أنفسهم خصوماً بين اللبنانيين، وللداخل العربي الذين يراهنون على أنه بشيطنة حزب الله يشطبونه من الحياة العامة لشعوبهم قبل الشعوب الاخرى، وللخارج الدولي الذي يتوهم ان العقوبات والملاحقات يمكن لها أن تصيب جوهر المعادلة التي أنشأها حزب الله، اقول لهؤلاء انكم تسيرون في الطريق الخاطئ، اذا كنتم تخشون انتصارات حزب الله فلن ينهزم لكن اي ضعف يصيب هذه التجربة سيكون خراب عام داخلي وعربي وعالمي لان شعلة الاشتباك التي تولدها المظالم وعلى رأسها قضية فلسطين وجدت آليتها العقلانية في الحل من تجربة حزب الله وتجربته، واذا فشلت هذه التجربة في تقديم الحل فإن ما سيحدث لا يستطيع احد ان يتخيل حجم الدمار والخراب الذي سيكون مترافقاً له، النقطة الاخيرة الذي أريد أن اختم بها نحن اليوم في عيد التحرير ومثل هذه الايام كانت الجحافل الشعبية والبيئة الحاضنة للمقاومة تدخل الى بلدة القنطرة قبل ان يعلن التحرير بثلاثة ايام وهذا التلازم بين المقاومة وبيئتها هو تلازم عضوي وبنيوي، وهو تعبير ان المقاومة وليدة ارادة هذا الشعب وشاهدنا ذلك في محطات عديدة منها التحرير وفي الثمانينات والزيت المغلي في معركة والقرى السبع المحررة ومعارك الزرارية لكن أبلغها وأكثرها حضوراً في ذاكرتنا الراهنة ما حصل في عام 2006 بعد وقف اطلاق النار هذا الزحف الشعبي المقدس الذي خرجت به مئات الالاف من الناس تتخطى الالغام والقنابل العنقودية ويسقط الشهداء والجرحى للتأكيد على ان المقاومة هي ارادة شعب، وان حزب الله هو النخبة القيادية في هذا الشعب وهذه النخبة التي قال فيها الإمام الخميني أنها النخبة التي ستدخل الى القدس والى فلسطين، وانه وفقاً للشعار الذي التزمت به الثورة الايرانية والتي تستحق التحية في عيد التحرير للدعم اللامحدود والمجاني التي قدمته للمقاومة، اليوم ايران وغداً فلسطين، الشعار الذي نطق به الامام الخميني عندما وطأت قدماه أرض مطارطهران، من موقع إيماننا بتجربة هذه المقاومة وثقتنا بقيادة حزب الله وما تمثل، وكلي أمل ان يلقى هذا الكتاب القراءة والنقاش والنقد، اشكر جميع الحاضرين واشكر الاستاذ معن بشور والحاج محمد رعد والوزير بقرادوني والوزير عبد الرحيم مراد والنائب فريد البستاني والعميد امين حطيط والدكتور سمير صباغ والجميع… وشكراً لهذا التكريم الذي نجيّره جميعاً لهذه المقاومة وشهدائها وأبطالها وأمينها العام سماحة السيد حسن نصرالله».