رانيا الجبان: من الضروري أن تكون الكوميديا هادفة وناقدة تواكب الواقع بتفاصيله
تتجاوز أعمال الدراما الكوميدية السورية في الموسم الرمضاني الحالي الهدف الأساسي لفنّ الكوميديا في الإضحاك والمتعة لتدخل باب النقد بقوة وتسلّط الضوء على مختلف جوانب الحياة بأساليب درامية مختلفة جمعت اللوحات المنفصلة والمنفصلة المتصلة مع حضور خجول لأعمال الحكاية الواحدة.
وتجلّت البطولة الجماعية كسمة أساسية في كوميديا رمضان، حيث تمرّدت على قاعدة النجم الأوحد القادر باسمه على جذب الجمهور وانتصرت لنظرية قوة الفكرة أو القصة التي تتكفّل بإنجاح العمل وصنع جماهيريته.
المسلسل الشهير «بقعة ضوء» الذي حقّق شهرة ونجاحاً وجماهيريّة خلال 14 موسماً يؤكّد هذا العام مجدداً قدرة البطولة الجماعيّة على إنجاح العمل ويضيف اليها ضرورة إيلاء الاهتمام بأسلوب القصص المنفصلة التي تقدّم وفق حلقات درامية متنوّعة تحقق للمشاهد المتعة من خلال تنوّع واختلاف المضمون وطريقة عرضه والشخصيات التي تؤديه.
واعتمد مسلسل «كونتاك» من فكرة وإعداد الدكتورة رانيا الجبان وشادي كيوان وإخراج حسام الرنتيسي نهجاً قريباً من «بقعة ضوء»، حيث كان نتاج كتاب عديدين اشتركوا بتأليفه في إطار ورشة كتابة خاصة بمساهمة أساسية من الكاتب معن سقباني ليرصد بعين الناقد سلسلة من الإشكاليات طرأت على يوميات المواطن السوري خلال سنوات الحرب الإرهابية وقلبت حياته عبر سلسلة من المواقف الطريفة معتمداً أسلوب اللوحات المنفصلة في موضوعاتها، ولكنها تستند إلى الأبطال أنفسهم.
أما مسلسل «حركات بنات» من إخراج محمد سليمان معروف عن نصّ من تأليف الكاتب سعيد الحناوي فاعتمد مساراً مختلفاً في تقديم الدراما الكوميدية، مستنداً على حكاية واحدة من بداية العمل وحتى نهايته بأسلوب خفيف يتحاشى التهريج محوره عائلة مؤلفة من خالة وثلاث فتيات ينتقلن للعيش معها بعد وفاة والديهن ويتقدّم أحد الشبان الأغنياء لطلب الزواج من الخالة ليظهر لهن لاحقاً فقر حاله وتبدأ المشاحنات بينهم ضمن مواقف طريفة.
ولم تغفل الدراما الكوميدية السورية هذا العام كوميديا البيئة التي سجّلت سابقاً نجاحات عديدة «ضيعة ضايعة» و»الخربة» لينهل العمل الكوميدي كرم منجل تأليف وسيناريو وحوار فهد المرعي وإخراج عمار سهيل تميم من البيئة الريفية البسيطة بطريقة تتنوّع فيها اللهجات المحليّة ليعرض من خلال قصص درامية مختلفة العادات الاجتماعية بحياتنا والأفكار السائدة والمشكلات التي تقف أمام المجتمع بهذا الزمان.
كما لم تغب هذا العام كوميديا دراما البيئة الشامية التي قدمها المخرج فادي غازي في سنوات سابقة ليجعل هذا العام من قصة زعامة الحارة القالب الذي تدور حوله قصة عمله كرسي الزعيم ويتناول العمل قصة زعيم حارة شامية يحاول أحد ضباط الاحتلال الفرنسي الاستيلاء على كرسي زعامته ويلجأ للحيل والمكائد لتحقيق غايته.
وعن ظاهرة البطولة الجماعية في الأعمال الكوميدية بدل النجم الواحد بيّنت الكاتبة والمستشارة الدرامية الدكتورة رانيا الجبان في تصريح صحافي لها أن الكوميديا هي من أصعب أنواع الفنون لكونها قائمة على «الأخذ والردّ» و»الحدث والحوارات» وتركيب بنيتها صعب، ومن هنا يجب ان تعتمد على البطولة الجماعية وهذا ما تجلّى في الماضي عبر ثنائيات مثل الكبير دريد لحام والراحل نهاد قلعي والنجم باسم ياخور والراحل نضال سيجري وغيرهم.
وحول تركيز الأعمال الكوميدية في الموسم الحالي على النقد أوضحت الجبان: إن سواء قبل الحرب أم الآن من الصعب تقديم الكوميديا لأجل الترفيه، لكون الظروف التي نمرّ فيها لا تناسب تقديم كوميديا مجانيّة لأجل الترفيه، مؤكدة ضرورة أن تكون الكوميديا ناقدة تواكب الواقع بتفاصيله على منوال ما عرفناه سابقاً بأعمال الراحل محمد الماغوط التي نحت للكوميديا السياسية.
وعما إذا كانت هيمنة اللوحات على الأعمال الكوميدية الحالية مواكبة لذوق المتلقي الميال للتكثيف والاختصار، قالت الجبان: اللوحات شكل كوميدي وضروري مع التطور الذي نشهده من دون أن يلغي ذلك وجود نصّ واحد متصل.