عون والقومي وأحزاب وشخصيات لتكامل الجيش والمقاومة… واليوم يطلّ نصرالله الموازنة انتهت نظرياً وتنتقل إلى بعبدا الإثنين… ولجنة المال تبدأ مناقشتها بعد العيد
كتب المحرّر السياسي
تمخض الجبل فولد فأراً، هذا هو أبسط التعليقات على استجابة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لدعوات إرسال وحدات من المشاة تقدّر بمئة وعشرين ألفاً، وفقاً لطلبات مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون، وبطليعة لا تقلّ عن عشرة آلاف جندي وفقاً لوزارة الدفاع الأميركية، فجاء قرار ترامب بإرسال تسعمئة جندي لتشغيل معدات حماية كما قال من المهندسين والفنيين، وبوضع ستمئة جندي في حال استعداد للإرسال إذا دعت الحاجة، بينما وصف خبراء روس القوات الأميركية التي تمّ حشدها في الخليج باللقمة الأولى التي ستلتهمها أول صدمة مواجهة مع إيران ما لم تحشد أميركا لحرب حقيقيّة، مئات آلاف الجنود وألف طائرة على الأقل، وقامت بإجراء تفاهمات تسمح لها التحرك عبر الحدود البرية لتركيا وباكستان والعراق في أي مواجهة مع إيران. وتحدث الخبراء عن القدرة الصاروخية الإيرانية وشبكات الدفاع المضادة للطائرات والصواريخ التي تمتلكها إيران والتي يتم تحضيرها وتعزيزها بالمزيد من التكنولوجيا الروسية، بما يكفي لامتصاص الصدمة الأولى من أي مواجهة يُفترض التحسّب لها إذا انتهت مهلة الستين يوماً التي حددتها إيران للخروج من الاتفاق النووي، ولم يتمّ التوصل لخريطة طريق نحو التهدئة. وقال الخبراء إن إيران تنصرف منذ أعلنت المهلة للإعداد لهذه المواجهة، بينما يقف الأميركيون بوضعهم الراهن عسكرياً على أرضية يسهل اهتزازها، فقواعدهم في الخليج مكشوفة، وحاملات طائراتهم أهداف سهلة، وصواريخهم يمكن تشتيتها، وحلفاؤهم في المنطقة وخصوصاً السعودية والإمارات و»إسرائيل» سيكونون على مرمى الصواريخ التي سيشترك فيها حلفاء إيران بلا استثناء إذا بدأت المواجهة. وتوقع الخبراء أن تحتاج واشنطن لسنة ونصف على الأقل لحشد القوات اللازمة لمواجهة جديّة، واستبعدوا أن تنجح واشنطن بتذليل العقبات التي تمنع استخدامها للأراضي التركية والعراقية والباكستانية في المواجهة المتحملة مع إيران.
لبنانياً، أنهت الحكومة نظرياً مشروع الموازنة، وأعلن رئيس الحكومة ومعه الوزراء أن مهمة الحكومة أنجزت، رغم وجود فرص للمزيد، على أن يجري بحث ما يلزم في جلسة مجلس الوزراء التي ستعقد الإثنين في قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، قبل إصدار مراسيم إحالة الموازنة إلى مجلس النواب، وبدا أن التفاهم قد احتوى الخلافات والتباينات على قاعدة تضمين موازنة عام 2020 التي ستبدأ عملية الإعداد لها مطلع الصيف عملياً، كل المقترحات والإجراءات التي لم تسمح الفرصة بتضمينها لموازنة العام 2019، وأوحت تصريحات وزير الخارجية جبران باسيل ومثله وزير المال علي حسن خليل ووزراء القوات اللبنانية وتيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي أن الانتقال بالموازنة إلى بعبدا ليس نقلاً للمشكلة إلى هناك بل إعلان نهاية مخاض الموازنة قبل إحالتها إلى مجلس النواب، باستثناء بعض النقاط التي تمً التوافق على نقلها إلى اجتماع الإثنين في بعبدا، بينما ينتظر أن تبدأ لجنة المال والموازنة بمناقشة الموازنة وبنودها بعد عطلة عيد الفطر الذي سيحلّ في الأسبوع الأول من الشهر المقبل، ليكون أمام لجنة المال واللجان النيابية الأخرى فرصة ثلاثة اسابيع تقريباً لتجهيز الانتقال بالموازنة مطلع شهر تموز إلى الهيئة العامة لمجلس النواب وفقاً لتقديرات مصادر نيابية مطلعة.
نقاشات الموازنة لم تحجب مناسبة عيد المقاومة والتحرير فتصدّرت المواقف أمس، التحية التي وجّهها رئيس الجمهورية وعدد من الأحزاب والشخصيات وفي طليعتها الحزب السوري القومي الاجتماعي، للجيش والمقاومة في المناسبة واعتبار تكاملهما مع الشعب قد شكل المعادلة الذهبية للتحرير، بينما ينتظر لبنان والعالم الكلمة التي سيطلّ بها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بالمناسبة مساء اليوم.
يطل اليوم الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في ذكرى المقاومة والتحرير وشددت مصادر مطلعة لـ»البناء» على ان السيد نصر الله سوف يتناول في كلمته المتلفزة اليوم جملة مواضيع، فعطفاً عن أنه سيبدأ كلمته بالتأكيد على معنى هذا العيد وهذه المناسبة، وأهمية الحفاظ على المعادلة الثلاثية لتحرير ما تبقى من أرض محتلة وحماية لبنان من الأطماع الإسرائيلية فإنه سيأتي على التطورات في المنطقة والمتصلة بالمواجهة مع «إسرائيل» وما يسمّى بصفقة القرن التي ستكون صفقة فاشلة، حيث سيؤكد في هذا السياق على ضرورة الوحدة والتكاتف في وجه ما يحاك للبنان من خطر التوطين، وسيؤكد جهوزية المقاومة اليوم لمواجهة اي اعتداء. وفي ما خص ملف الترسيم، فان السيد نصر الله سيدعو المعنيين الى التعاطي بحذر مع الوساطة الأميركية، وسيجدّد التأكيد على أهمية الموقف اللبناني الموحد في هذا الملف.
واعتبر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أن إنجاز التحرير «ما كان ليتحقق، لولا الروح الوطنية العالية التي تحلى بها اللبنانيون، والتي جعلت من الشهادة سلاحاً في وجه الطغيان والقوة العسكرية الغاشمة». ولفت إلى أن المقاومة «هي حق طبيعي لأي شعب تنتهك أرضه، أو مياهه، أو سماؤه»، لافتاً إلى أن «لبنان قدم للعالم نموذجاً تاريخياً لفاعلية مقاومة الشعوب مهما كانت قوة العدو وقدراته العسكرية».
أما قائد الجيش العماد جوزيف عون الذي أكد «أننا لن نستكين حتّى تحرير كامل أرضنا من الاحتلال الإسرائيلي، ولن نبخل بعرق أو دم لتحقيق هذه الغاية النبيلة مهما عظُمت التحديات»، بعث برسالة الى السياسيين قائلاً خلال توجّهه الى العسكريين «في زمن ندر فيه الوفاء، وتحوّلت التضحية من أجل الوطن إلى تضحية بالوطن، ما زلتم أوفياء للقسم رغم ما تتعرّض له المؤسسة العسكرية من تنكّر للوعود، تتمسكون بشرف أداء الواجب، وتقدّمون الشهيد تِلْوَ الشهيد والجريح تِلْوَ الجريح بعزيمة لا تلين، مُدركين أنكم بذلك تحفظون العهد وتصونون أمن بلدنا واقتصاده وسلمه الأهلي وصيغة عيشه المشترك». واشار الى ان العسكريين اكتسبوا ثقة الدول الحليفة والصديقة، وثقة الشعب اللبناني الذي يرى فيكم صمام الأمان، نتيجة العديد من الإنجازات، المتمثلة بانتصارهم على الإرهاب، وترسيخ الاستقرار الداخلي في ظل أعداد كبيرة من النازحين واللاجئين، وانتشارهم عند الحدود الجنوبية تنفيذاً للقرار 1701 ومندرجاته بالتعاون والتنسيق مع قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان، وذلك على الرغم من تهديدات العدو الإسرائيلي وخروقاته المتواصلة براً وبحراً وجواً.
ودعا الحزب السوري القومي الاجتماعي كل القوى في لبنان بأن تلتف حول معادلة الجيش والشعب والمقاومة، فهذه المعادلة هي التي تحمي لبنان وتصون وحدته وأمنه واستقراره وسيادته، ومصلحة لبنان بما يمتلك من عناصر قوة.
وقال في بيان أصدرته عمدة الاعلام في ذكرى عيد المقاومة والتحرير: «واهم كل مَن يعتقد أن هناك قوة في العالم تستطيع كسر إرادة المقاومين والنيل من عناصر قوة لبنان. وواهم أيضاً مَن يعتقد أن عقارب الساعة تعود إلى الوراء، يوم كان الاحتلال يعيث إجراماً وقتلاً والعملاء يستقوون به ويرتكبون فعل الخيانة والإجرام». وأضاف: «نوجه التحية لمقاومتنا، بكل أحزابها وقواها، لأنها المشروع الأنقى والأجدى، وأرباح هذا المشروع منسوب لا ينضب من الحرية والكرامة والعز والعنفوان».
وشدد على ان فرح التحرير يكتمل باستعادة مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، وبوقف كل انتهاك صهيوني لسيادة لبنان، برا وبحرا وجوا، ويكتمل بأن يستعيد لبنان عافيته، وينعم بالأمن الاقتصادي والاجتماعي وبالاستقرار على كل المستويات. وأمل أن تقر موازنة، لا تزيد الفقير فقراً، ولا تقتطع من رواتب العسكريين وسائر الموظفين وذوي الدخل المحدود.
وأكد أن موقف لبنان المتمسك بكامل حقه في حقول النفط والغاز وترسيم حدودها وفقاً لخرائطه وشروطه، يرجع إلى تمتع لبنان بعناصر القوة، لذلك ندعو الجميع إلى أن يلتفوا حول عناصر قوة لبنان لنحمي بلدنا ونصونه، مجدداً رفضه أي دور أميركي يقوم على أساس سياسة ازدواجية المعايير، قائلاً: يتوجب على مساعد وزير الخارجية الأميركي دايفيد ساترفيلد أن يفهم جيداً بأن لبنان لا يكترث بسياسات الترهيب والتهديد، لأنه واجه بوارج الأطلسي وغطرسة العدو الصهيوني وحروبه، والمحصلة معروفة، وما على العدو الصهيوني إلا التسليم للبنان بحقه كاملاً.
وعلى خط الموازنة وبعد نقاش طويل دام 19 جلسة خرجت الموازنة من السراي لتنتقل الى بعبدا بانتظار أن تعقد جلسة صباح الاثنين عند الساعة الحادية عشرة والنصف تمهيداً لإحالتها إلى المجلس النيابي. وفي السياق نفسه أشار الرئيس سعد الحريري في مستهل جلسة امس، الى ان «هناك كلاماً عن أن مشروع الموازنة لا يتضمن رؤية اقتصادية، وهذا الكلام غير صحيح لأن الرؤية الاقتصادية موجودة في البيان الوزاري وفي مؤتمر سيدر وخطة ماكنزي، والتصحيح المالي يحصل».
وبحسب المعلومات التي توافرت لـ»البناء» فان الرئيس الحريري لم يعقد ووزير المالية علي حسن خليل، المؤتمر الصحافي بسبب الخلافات التي خيمت على آخر 3 جلسات لمجلس الوزراء، فخليل اكتفى بدردشة مع الصحافيين جرياً على العادة بعد كل جلسة، معتبرة ان الامور انتهت امس، عند هذا الحد على امل ان يتمكن رئيس الجمهورية في احياء التوافق المفترض بين اطراف الحكومة حول الموازنة، خاصة أن الخلاف بين وزير المال والخارجية علي حسن خليل وجبران باسيل لم يحل، وان ما جرى خلال الاجتماع المصغر قبل جلسة الاربعاء لم يتعد تهدئة النفوس.
وفي السياق ذاته، تشير المعلومات الى ان التوتر الذي خيم على جلسة أمس، وعلى الجلسة التي سبقتها أفضى الى ترحيل الكثير من الاقتراحات والملاحظات الى جلسة بعبدا، لافتة الى ان الامور لا تزال معقدة. واعتبرت المصادر ان النقاش في الموازنة لم ينته ولن ينتهي قبل ان تحال الموازنة الى البرلمان مشيرة الى ان التحفظات بدأت تظهر من أكثر من فريق، حيث ابدى وزراء القوات من جهتهم ملاحظات حول الموازنة باعتبار أنها لا ترقى كما يقولون الى مستوى الموازنة الإصلاحية المنشودة.
واشارت المصادر الى ان توقعات ايرادات الاتصالات خفضت من 1900 الى حوالي 1700 في حين أن وزراء القوات كانوا يطالبون بزيادتها وتم الاتفاق على موضوع منح التعليم 15 في المئة سنوياً وتدريجياً على السنوات المقبلة فضلاً عن زيادة الرسوم على البحص والرمل ورفع الضرائب على اليخوت وفرض إجراءات إضافية على التهرب الضريبي.
وأكد وزير المال علي حسن خليل أن «هناك توجهات عامة جرت مناقشتها ليست مرتبطة بشكل مباشر بالموازنة» وقال: «لا نقاش في مواد أم ارقام اضافية في الجلسة المقبلة أينما كانت. الحريري قال انتهينا ولا أحد قال إنه لديه ما يضيفه». وشدد على أن «تدبير رقم 3 ليس بحاجة الى موازنة بل لقرار مجلس الوزراء»، مشيراً الى أن «الأملاك البحرية أقرت وهي ملحوظة بالموازنة ووزارة المالية بدأت بتكليف المعنيين بهذا الأمر».
قال خليل، في تصريح له عبر موقع «تويتر»، فقال: «لقد أوفينا بما التزمنا به لجهة إقرار موازنة استثنائية تخفّض العجز إلى أفضل نسبة ممكنة، وتعيد الانتظام إلى إدارة المال العام، وتمتّن الثقة بالدولة من مواطنيها ومن العالم، تماماً كما التزمنا بإعداد قطع الحسابات التي كانت عالقة منذ 20 عاماً. سنكمل العمل بشكلٍ متواصلٍ ويومي من أجل استكمال التصحيح الجدّي والكامل للمسارات الاقتصادية والمالية».
وقال: «المهم أنّنا وصلنا إلى نسبة عجزٍ بحدود 7,5 »، و»كان يمكننا خفض العجز بنسبة أكبر لكن ذلك كان سيتطلب فرض أعباء إضافية على الناس، ونحن لم نقبل المساس بالفقراء ومتوسطي الحال، التزاماً بوعودنا وبنهجنا، لأنّ تحسين حياة الناس يهمنا تماماً مثلما يهمنا تحسين أداء الدولة».
وسط هذه الاجواء، يعود مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الادنى ديفيد ساترفيلد الى بيروت الثلثاء المقبل، في إطار وساطته في ملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، بين لبنان وكيان العدو الإسرائيلي. وبانتظار ان يصل ساترفيلد، حطّ رئيس لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس الأميركي اليوت انجيل في بيروت امس، فزار رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري عرض معهما آخر التطورات في لبنان والمنطقة والعلاقات الثنائية بين البلدين.
وأكد الرئيس عون إن «القوانين اللبنانية تعاقب اي نشاط يعود لتمويل الارهاب او تبييض الاموال جزائياً ومالياً، ويتم تطبيق هذه القوانين بحزم ودقة وتشهد على ذلك المؤسسات المالية الدولية»، داعياً الولايات المتحدة الأميركية الى المساعدة في اعادة النازحين السوريين الى بلادهم، لان لبنان «لم يعد في مقدوره تحمّل تداعيات النزوح لا سيما في ظل الوضع الاقتصادي الصعب الذي يمرّ به حالياً».
وجال المستشار الديبلوماسي المعاون لرئيس جمهورية فرنسا ايمانويل ماكرون أوريليان لوشوفالييه، على المسؤولين اللبنانيين، فالتقى الرئيس سعد الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل، ووزيرة الطاقة ندى البستاني عارضاً للأوضاع العامة في لبنان والمنطقة. وكان بحث في تطبيق بنود مؤتمر «سيدر» وإقرار الموازنة والكهرباء، كما تم التداول في مفاوضات ترسيم الحدود البحرية والبرية والوضع في المنطقة والتوتر بين إيران والولايات المتحدة الأميركية. وأبدى المسؤول الفرنسي اهتماماً بالغاً بمفاوضات الترسيم.