الباحث والدكتور وسيم جابر: للروبوت التعليمي أهمية محورية من خلال نقل الطالب من المحاكاة النظرية الى التطبيقية وذلك من خلال دمج المواد التعليمية
حاورته: نجاة حجازي
من الذكاء البيولوجي إلى الالكتروني ومع ظهور أهمية علم الروبوت والحاجة الملحّة إليه في عصرنا الحاضر، يرتفع إسم لبنان عالياً في هذا السباق التعليمي محققاً الفوز بالبطولات في أهم المنافسات بين الدول.
هذا الاهتمام الملحوظ بثقافة علم الروبوت والانتشار السريع والواسع لها، بهدف مواكبة التطورات التكنولوجية والتي تشجّع النمو الإبداعي وتعزّز ثقافة الابداع والتميّز وتحفّز روح الابتكار وتطور عقول الطلبة والهواة كذلك، لإعداد أجيال منتجة في صناعة المعرفة في مختلف المجالات بما يتواءم مع متطلبات العصر، قد أظهر تزايداً بنسبة المشاركة بشغف المنافسة والتحدّي والتفاعل وتحقيق نتائج الفوز وإن كانت المبادرات لا تزال فردية تفتقر للاحتضان المطلوب وغياب مصادر التمويل والدعم والتي من شأنها تطوير التدريب ورفع مستوى الأداء للنهوض سريعاً في الميدان التكنولوجي.
بعض الأسئلة حول هذا الموضوع نطرحها في حديثنا مع البروفيسور والباحث العلمي في مجال النانو تكنولوجيا والنانو فيزياء في فرنسا وماجستير إدارة الأعمال رئيس المركز العالمي للتدريب والتطوير الدكتور وسيم جابر.
أين الروبوت التعليمي في ميدان الحقل التربوي؟
ـ إن للروبوت بشكلٍ عام دور أساسي في تطوير البيئة التكنولوجية في كافة المضامير العلمية والتربوية. وللروبوت التعليمي بشكل خاص دوراً ريادياً في تنمية القدرات والمحفّزات الفكرية للطاقات العلمية الشابة كونه يُعتبر أكثر أماناً من الروبوت الصناعي ناهيك عن الكلفة المادية البسيطة. للأسف إذا ما أردنا أن نقيّم دور الروبوت التعليمي في ميدان الحقل التربوي، فإننا سنجد أن لبنان ما زال متأخراً كثيراً في هذا المجال عن بقية الدول المتقدمة التي جعلت من الروبوت التعليمي ركناً أساسياً في تطوير القدرات العلمية والإبداعية لطلابها تماشياً مع التطور العالمي للتكنولوجيا.
ما دور الروبوت وأهميته في العملية التعليمية اليوم؟
ـ للروبوت التعليمي دور أساسي في العملية التعليمية على صعيد تنمية المهارات والكفاءات عند الشباب. وللروبوت التعليمي أهمية محورية من خلال نقل الطالب من المحاكاة النظرية الى التطبيقية وذلك من خلال دمج المواد التعليمية من العلوم، التكنولوجيا، الهندسة والرياضيات معاً بما يُعرف بـ STEM .
وتتمحور هذه الأهمية في أربع نقاط أساسية
1 – البُعد الميكانيكي: حيث تسمح للتلميذ من التعرّف على وظائف القطع الميكانيكية وجمعها في إطار ثلاثي الأبعاد وربطها بأوامر محددة ودقيقة.
2 – صناعة كود script or code من شأنه التعامل مع مكونات بيئة أوتوماتيكية.
3 – دور الروبوت التعليمي على صعيد التنمية البشرية على الصعيد الشخصي الإجتماعي: اذ يُنمّي روح العمل الجماعي وتحمّل المسؤولية وتبادل الأدوار.
4 -رفع الدور الإبداعي والفكري لدى الأفراد بحيث يُشجّع على الإبتكار وإيجاد أفكار إبداعية جديدة.
أي الفئات العمرية هي الأكثر تفاعلاً وانتاجاً في هذا المجال؟
ـ حقيقةً، إن تطور التكنولوجيا في الأعوام الأخيرة وتوافرها بيد هذا الجيل حفّز الفئات العمرية الصغيرة على التفاعل وبشكل عالي، وإن ما وجدناه في هذا الخصوص على صعيد البيئة في لبنان شيء جداً مشرّف. هذه الفئات تحتاج للمؤازرة والدعم المستمر وإيجاد بيئة تستوعب أفكارهم وتلبي طموحاتهم كي نرتقي الى مستقبل علمي إبداعي واعد. وما لفتنا هو قدرة هذا الجيل على فهم البرمجة ولغاتها وكيفية التعاطي معها، والذي يُعدّ الركن الأساس في عالم البرمجيات والروبوت.
ما أهمية المسابقات التنافسية ودورها في تنمية روح الإبداع والإنتاج؟
ـ تُعتبر هذه المسابقات أي المباراة الوطنية للروبوت وغيرها، الهدف الأساس والمجال الحقيقي لكشف الروح الإبداعية لدى الطلاب إن كان على صعيد إيجاد القدرات أو على صعيد الإنتاج والإبداع. ولهذه المسابقات التنافسية أهمية كبيرة تظهر من خلال هذه المباريات حيث تسعى المدارس والفرق المشاركة لبذل كل الجهود من أجل الفوز والتميّز والإبداع وهذا ما يُشكل منعطفاً إستراتيجياً على الصعيد التربوي المتطور والمتقدّم.
وما رأيناه في المباراة الوطنية الأولى للروبوت شكّل مفاجأة للجميع على صعيد القدرات الفكرية والإبداعية التي يتميز بها الطلاب في طرح المشاريع.
ما الذي برز من مهارات وكفايات بين الطلبة من خلال تجربتكم؟ وما هي المعوّقات التي تحدّ أو تبطئ تحقيق إنجازات أفضل؟
ـ ما وجدناه على صعيد المهارات كان مشرفاً جداً. فقد استطاع هؤلاء الطلاب من محاكاة العديد من أنظمة البرمجة والروبوت. وهذا بحدّ ذاته تطور كبير على صعيد البيئة التربوية في لبنان. وقد كانت المشاريع العلمية متنوعة من طب الى بيئة إلى صناعة وزراعة وتكنولوجيا وغيرها الكثير من المشاريع لا تقل شأنا عما يوجد في المدارس الغربية وهنا كانت نقطة الفصل بالنسبة الينا في المباراة الوطنية للروبوت.
طبعاً، يوجد معوقات وهي غياب الدعم من قبل المعنيين في مجال الروبوت والإبداع. للأسف إن المناهج في لبنان قديمة ولم تُدرج إلى الآن مادة الروبوت ومنهاجها في الإطار التعليمي، لذلك فإن هؤلاء المبدعين بحاجة لدعم كبير ولمحفّزات من أجل تحقيق عطاء أكبر وأكثر شمولية لطاقاتهم العالية مما يؤهل ويطور المجال التربوي والإبداعي في لبنان.
هل سنشهد تطويراً للتدريب في المرحلة المقبلة على مستوى لبنان؟
ـ طبعا، نحن في هذا المجال ما زلنا في بداية الطريق، وسوف يكون في المرحلة المقبلة قدرات ضخمة ترفد العقول المبدعة. هذا المجال لا يمكن أن يعود للخلف لأننا اليوم نواكب العصر التكنولوجي وبطبيعة الحال في كل يوم يوجد جديد وثقتنا بهذا الجيل المبدع كبيرة جداً على صعيد العطاء وعلى صعيد رفع المستوى التكنولوجي الإبداعي في عالم الروبوت والذكاء الصناعي في لبنان الى مستوى متقدّم.
كيف هي رؤيتكم المستقبلية حول ابتكارات تكنولوجية علمية جديدة؟
ـ رؤيتنا المستقبلية في عالم التكنولوجيا تفوق التطلّعات و التصوّر التقليدي لما يعيشة البعض.
طبعاً من موقعي الشخصي كباحث في النانو تكنولوجيا والفيزياء والطاقة، نجد بأن التكنولوجيا اليوم هي الأرض الخصبة لكل العلوم في إيجاد إبتكارات علمية جديدة. إبتكارات من شأنها أن تتخطّى العقل البشري في المنظور القريب إن كان على صعيد قدرة التكنولوجيا الذكية أو على صعيد السعة والسرعة والصغر أو على صعيد البرامج الذكيّة والبرمجيّات المتعدّدة المهام في ظل نمو حاد وسريع للتكنولوجيا. مما يُحتّم علينا كفئة تسعى وتصبو نحو الافضل في لبنان أن نُسارع لبذل كافة جهودنا من أجل مواكبة هذا التقدم، وبطبيعة الحال نستطيع تقديم إبتكارات علمية جديدة في ظلّ تطور تكنولوجي وذكاء صناعي، يجعل من العالم حلقة مترابطة ومتوازية في إطار كشف المشاريع العلمية والإبداعية التي من شأنها أن تنقل البشرية والمجال التربوي إلى مراحل تسابق العقل.