فضل الله: قدّمنا مستندات خطيرة الى المدّعي العام المالي عن التلاعب بالمال العام تؤدّي إلى محاسبة كبيرة

عقد عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله مؤتمراً صحافياً أمس في المجلس النيابي، تناول فيه بنود مشروع موازنة العام 2019 بعدما أنجزت في مرحلتها الأولى في مجلس الوزراء، وقال: «وجدنا من الضروري الإضاءة على بعض النقاط المهمة في سياق مشاركتنا في المناقشة التي جرت في الحكومة والتي تتابعها في هذه الأيام لجنة المال والموازنة.

أودّ الإشارة الى اننا أولينا موضوع الموازنة أهمية استثنائية لأننا في ظرف مالي واقتصادي استثنائي ولدينا ايضاً مشروع وطني لحماية المال العام من خلال مكافحة الفساد والحدّ من الهدر، والموازنة في هذا المجال هي الملف الأول والأكبر في سياق هذا المشروع، أيّ مشروع حماية المال العام لأنّ الموازنة تحوي مال الدولة والمفترض ان تحوي مال الدولة كله. لذلك، في هذه المرحلة التي مرّت، أولينا هذا الموضوع هذه الأهمية لأنّ الموازنة تشكل المدخل الإلزامي لأيّ إصلاح مالي، فأجّلنا جميع الملفات الأخرى المرتبطة بمكافحة الفساد والحدّ من الهدر وتفرّغنا لهذا الملف، أيّ الموازنة، وهو ما كنا نحضّر له قبل تأليف الحكومة الحالية بأشهر وضعنا خطة سنوية انه في عام 2019 ماذا سنفعل؟ هناك بندان أساسيان من ضمن البنود الأخرى وصادقت قيادة «حزب الله» على هذه الخطة لنبدأ العمل بها بحسب كلّ موضوع وفي التوقيت المناسب.

وقد تضمّنت الخطة الآتي:

– العمل على إعادة الانتظام المالي للدولة، وهذا الكلام مكتوب في حزيران 2018 من خلال السعي الى إنهاء تكوين الحسابات للمالية وتحويلها الى ديوان المحاسبة والعمل على إنجاز قطوعات الحسابات غير المنجزة وفق الاصول واقرارها في المجلس النيابي.

– إعداد تصوّر مالي لموازنة العام 2019، ولكن الموازنة تأخرت عن موعدها الدستوري، وهذا التصوّر يتضمّن إصلاحات جادة تتعلق بالنفقات والإيرادات، على ان نحوّله الى قضية داخل مجلس الوزراء وفي المجلس النيابي لترشيد الإنفاق وتجفيف بؤر الفساد في الحسابات المالية. سبق ان أثرنا هذا الملف، وهو اليوم موضوع على المسار القانوني الصحيح، وبدأ ديوان المحاسبة التدقيق في قطوعات الحسابات وهو ما كان محلّ متابعتنا الحثيثة بعيداً من الإعلام.

نحن في انتظار تحويل القطوعات من الحكومة الى المجلس وحين إنجاز القوانين المتعلقة بقطوعات الحساب، فانّ ذلك سيعدّ تصحيحاً لمسار طويل من الاقترافات الخطيرة في مالية الدولة، وقد يكون هذا الملف من أكبر الملفات التي تمّ العمل عليها على الأقلّ منذ اتفاق الطائف الى اليوم، مع العلم انّ إنجاز وزارة المال تكوين الحسابات اظهر انّ ما سبق ان اقرّه المجلس النيابي بين اعوام 1993 و2003 يحتاج الى إعادة نظر».

أضاف: «الجميع امام استحقاق دستوري، في الشهر المقبل عندما تنجز الموازنة في مجلس النواب لا يمكن نشرها لأنّ النص الدستوري يقول انّ الموازنة لا تنشر قبل إقرار قطوعات الحساب. قبل عامين، ايّ 2017 لدينا عشرون ملفاً المفترض ان تنجز. هذا استحقاق داهم للجميع. نحتاج الى إصلاح جادّ وحقيقي في القضاء. وسبق ان قدّمنا ايضاً مستندات الى المدّعي العام المالي عن التلاعب بالمالية العامة، وهو استمع الى موظفين في الوزارة والى المدير العام وبين يديه المستندات الأساسية، وأنا أعلنت عن وجود مستندات وقلت إنّها خطيرة، وعندما تكشف عنها الجهات الرسمية فيها من الخطورة ما تؤدّي الى محاسبة كبيرة. هذه المستندات موجودة لدى المدعي العام المالي وانا أتابع معه، وحسبما أخبرني أنه أرسل رسائل الى ديوان المحاسبة، ووزارة المال وينتظر تقرير وزارة المال ويحتاج الى معطيات أخرى من ديوان المحاسبة وأجرى تحقيقاته مع بقية الموظفين المعنيين وبعضه ينتظر بعضه الآخر. ونحن بالنسبة الينا هذا الموضوع قيد المتابعة الدائمة، عندما نصل الى اقتناع بانّ هناك تمييعاً او محاولة تضييع للملف نحدّد الموقف المناسب. ومن هذا المنبر قلت إننا سنلجأ الى محكمة الرأي العام، ونحن في مرحلة الانتظار وسنعطي الفرصة تلو الفرصة لقيام الجميع بمسؤولياته».

وأردف: «هنا أقول نحن في حاجة الى إصلاح جاد وحقيقي للقضاء، ولدينا فرصة بعد فترة ستجتمع الحكومة لإجراء تعيينات، لدينا مدّعي للتمييز يجب ان يعيّن، هناك مواقع ستشكل في القضاء وهناك جو في القضاء ليس سليماً. نحن في حاجة الى اصلاح جدّي لهذا القضاء. هناك عمل في لجنة الإدارة والعدل نواكبه وحيث يكون هناك محاولة للإصلاح سنكون جزءاً منها لأنه إذا استقام القضاء عندنا، هناك كثير من الأمور تستقيم في الدولة».

وقال: «في الملف الثاني، أيّ إقرار الموازنة، في المرحلة الأولى كان المعنيون في «حزب الله» من وزراء ونواب ومسؤولين في ورشة عمل تواكب النقاشات في مجلس الوزراء وفق الآتي: العمل على خفض نسبة العجز من خلال الحدّ من الإنفاق غير المجدي، وعدم تحميل الفئات الشعبية الفقيرة وذوي الدخل المحدود تبعات الإصلاح وتعزيز الإيرادات من خلال مكافحة التهرّب الضريبي ومكافحة الفساد والهدر المقونن والدفع في اتجاه إسهام المصارف وسواها من الجهات القادرة في تحمّل التبعات على قاعدة من استفاد أكثر من مال الدولة وتسهيلاتها معنيّ بهذه المساهمة.

رفض المسّ بالرواتب

وتمّت الترجمة لهذا التوجه عبر الاتي:

– رفض المسّ برواتب الموظفين في القطاع العام في جميع الأسلاك من ذوي الدخل المحدود والمتوسط، وهو ما أدّى الى صرف النظر عن حسم نسبة من الراتب بمقدار 15 في المئة لمن يتقاضون راتباً من مليون وما فوق. كان لهذا الموقف الحاسم الدور الأساسي في حماية هؤلاء العاملين في القطاع العام. واليوم صرف النظر نهائياً عن المسّ بالرواتب، وأقول بصراحة الحسم على الرواتب العالية لم يكن لدينا مشكلة فيه، وحدّدنا سقفاً لذوي الدخل المحدود، والمتوسط، اما الرواتب العالية، اذا سيكون فيها حسم ليس لدينا مشكلة اذا اتفقوا، لكن تبيّن انها لا تدخل مبلغاً كبيراً بحدود 25 ملياراً، اعتبروها ليست «حرزانة» وصرف النظر عنها. ونحن نعتبر انّ هذا إنجاز قدّمه «حزب الله»، بالتعاون مع وزراء آخرين لكلّ العاملين في القطاع العام سواء أكانوا مدنيين او عسكريين. نحن نتحدّث عن الرواتب التي تطاول ذوي الدخل المحدود.

ثانياً: رفض ايّ ضريبة تطاول الفئات الشعبية الفقيرة وعدم القبول بأيّ تسويات. في هذا المجال، طرح علينا رسم 3 في المئة على السلع المستوردة. قلنا أثناء النقاش في مجلس الوزراء، قبل ان نخفض النسبة من 3 الى 2 في المئة، لم نقبل لأنها تطاول جميع السلع واستثنت الأدوية. هذا الموضوع رفضناه. أمر آخر حصل في مجلس الوزراء ليس في الموازنة ورفضناه في مجلس الوزراء له علاقة برسم نوعي على البضاعة المستوردة، وقفنا في وجهه في مجلس الوزراء، فالذي يريد حماية الإنتاج الوطني لا يضع رسما عشوائياً ويستثني دولاً وقع لبنان معها اتفاقات ويعفيها، كأننا نوجه التجار إلى الاستيراد من دول محدّدة، وهذا سيزيد الأسعار، لذلك رفضنا هذا الرسم في مجلس الوزراء، وهذا غير وارد في الموازنة وهو من صلاحيات الحكومة.

ثالثاً: رفض ضريبة الدخل على رواتب المتقاعدين لأنها تطاول فئة كثيرة من المواطنين بمن فيهم ذوو الدخل المحدود، وكلّ ذوي الدخل المحدود لا نريد المسّ بهم اطلاقاً. القاعدة التي وضعناها إسهام المصارف والجهات القادرة.

رابعاً: الإصرار على رفع الضريبة من 7 في المئة الى 10 في المئة على فوائد الودائع بما فيها سندات الخزينة، وهذا يوفر إيراداً كبيراً لمالية الدولة من دون ان يطاول الناس».

اضاف: «اليوم، وبعدما بدأنا النقاش في المجلس عاودنا بالأمس مع المعنيين في «حزب الله» من وزراء ونواب ومسؤولين، في حضور رئيس كتلة الوفاء للمقاومة ونائب الأمين العام، درس جميع مواد قانون الموازنة دققنا فيها وخلصنا الى مجموعة توجهات أقرّتها شورى «حزب الله»، وفي ضوئها سنناقش في لجنة المال والموازنة والهيئة العامة، وهذه التوجهات اقرّت بمعزل عن القيمة المالية، وضعنا مبادئ عامة، وناقشنا وفقها. ذوو الدخل المحدود لا نمسّ بهم ونأتي بإيرادات من الأماكن الصحيحة».

التزام الكتل بوعودها…

وأضاف: «السعي في اللجنة والهيئة العامة الى إسقاط الضرائب التي تطاول الفئات الفقيرة وهذا يتوقف على التزام الكتل النيابية وعودها السابقة، بعدم تضمين الموازنة ضرائب تطاول هذه الفئات، هناك مجموعة من النواب يتشاورون ولدينا نقاش جادّ، لنخرج هذه الموازنة بأفضل صورة إصلاحية ممكنة.

هناك كتل وعدت ان لا ضرائب سنرى التطبيق في المجلس النيابي، من هذه الضرائب 2 في المئة على السلع المستوردة والتي ستؤدّي الى ارتفاع الأسعار».

واشار الى انّ «الموازنة تضمّنت فرض ضريبة على من لديه أعمال بقيمة 50 مليون ليرة، بالنسبة الينا هذه الضريبة مرفوضة بالكامل.

وتابع: «يمكن العمل على زيادة الإيرادات من قطاعات حيوية، نحن نناقش بروح إيجابية ومسؤولة ونسعى الى زيادة الايرادات وخفض النفقات. نحن نفتش عن الإيرادات وسنرى كيف سنخفض النفقات وكيف نستطيع ان نقوم بالإصلاح، هناك قطاعات حيوية كقطاع الاتصالات وما فيه من هدر مقصود. هذا القطاع هو أساسي في الدولة اللبنانية، إضافة الى التلزيمات في هذا القطاع وأمور كثيرة تستطيع ان تضبط هذا القطاع.

وايضاً إعادة النظر في تخمينات الأملاك البحرية. في ملف الإيجارات، نحن في لجنة المال نناقش قانون برنامج للإيجارات لبناء مبان للدولة بقيمة 500 مليون دولار، واعطيت مثالاً عن مبنى «الاسكوا» 10 ملايين دولار قيمة إيجاره سنوياً ، بعد ست سنوات تصبح كلفة إيجاره 60 مليون دولار، لا أحد يقنعني في البلد اننا في سنة 2021 لا نستطيع ان نغيّر الإيجارات. لماذا كلنا سنكون في هذا المكان في «سوليدير» ونستأجر بهذه المبالغ الطائلة، لماذا؟ هل نريد ان نفتح شركة؟»

وتابع: «هناك ايضاً المواد الاستهلاكية نستطيع ان نخفضها ايضاً ونزيد الاستثمار لانّ الاستثمار هو الذي يحرك الاقتصاد في البلد. الحكومة التي تريد ان تمنع التوظيف، ماذا عن موظفي UNDP الذين تدفع لهم الدولة؟ الحكومة لم تخفض المساهمات، تدفع نحو مئة مليار في السنة لمجموعة من الموظفين خارج كلّ قيد وظيفي، تمنعون التوظيف في محلّ وتضعون مساهمات لـ»يو.ان.دي.بي» في محلّ آخر!»

في هذا الموضوع، ايّ التوظيف، أسهم وزراؤنا في وضع ضوابط ومهل، وسعوا ايضاً الى إنصاف الناجحين في مجلس الخدمة المدنية، وهو ما سيكون محلّ متابعة حثيثة لدينا مع وضع نص صريح يشمل استثناء أساتذة الجامعة اللبنانية».

وختم فضل الله قائلاً: «النقطة الاخيرة تبيّن من جديد انّ هناك جزراً مالية من مال الدولة لا تخضع لرقابة الدولة الفعلية، هي مؤسسات تنفق من المال العام ولديها إيرادات من هذا المال وليس لها أيّ وصف قانوني مما يجعلها متفلتة من أيّ تدقيق او محاسبة فعلية، سميتها خبرة مالية وأعطي أمثلة: مرفأ بيروت، «أوجيرو»، مصرف لبنان، وهناك نحو 10 مؤسّسات، والضمان أيضاً، ما هو وضعها القانوني وكيف تصرف؟ كيف تأخذ الإيرادات وكيف تعمل؟ هذه الصرخة لم تصدر مني انا، بل من وزارة المال. هذه الجزر المالية في الدولة متى سنصل اليها إلى البرّ اللبناني؟»

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى