وطن للبيع… فمن يشتري؟
يكتبها الياس عشي
العالم العربي يحكمه اليوم سماسرة السوق، والدلّال واحد وإن تغيّر لون الكوفية، أو شكل العباءة، أو شكل اللحية
لا فرق إن كانت اللحية بيضاء، أو شهباء، أو سوداء حتى لا فرق إن كان الدلال بدون لحية، وكان خنثى، وكان لا ذكر ولا أنثى.
الدلّال واحد
من كنيسة القيامة إلى حقول المرجان واحد،
من نهر الأردن إلى آبار النفط، والغرف المكيفة، وعلب الليل، وبيوت الحريم، واحد.
والدلّال، يا لَلعار، مبحوح الصوت، مخصيّ الفكر، ساديّ، مجدور.
الدلّال ينادي:
على أونا على دوي على تري.
وطن للبيع فمن يشتري؟
الوطن جميل على وجهه كلّ أنواع المساحيق…
وطن فيه كنيسة القيامة، والمسجد الأقصى
وطن سياحي فيه نفط وغاز وفيه أنهار وشلالات وطن سياحي بخمس نجوم من أقصاه إلى أقصاه
فمن يشتري هذا الوطن؟
على أونا على دوي على تري
بأبخس الأثمان نبيع وطناً.
بأغلى الأثمان نشتري ذلّاً.
مقايضة مقايضة مقايضة.
– الله أكبر لقد تمّ السوق لقد انتهى المزاد
– لقد بيع الوطن.
والذلّ هو العنوان، إنه اليافطة المضاءة بكلّ ألوان العلم الأميركي وفي الوسط نجمة داود تستعرض خصرها تتعرّى تشتري،
والبائعون مأخوذون بها مخصيون يضحكون لها، فتضحك منهم.
والعالم العربي يدفن شهداءه، ويعلن رسمياً:
لقد مات الشهداء.
مقال نشر في 9 تشرين الثاني عام 1994، وفي كتابي «وطن للبيع فمن يشتري»؟ الصادر في العام نفسه.