اجتماع فيينا يخطف الأضواء عن قمة العشرين… وإيران تفوز بتعويم الاتفاق النووي القوات تسوّق تقرير موديز… وساترفيلد عائد… وضغوط أميركيّة تنافسيّة مع موسكو
كتب المحرّر السياسيّ
لم يتسرّب الكثير ولم يُقَل الكثير عن اللقاء الودي الذي جمع الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين على هامش قمة العشرين في اليابان، لكن ما قاله وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف عن مناقشة مسائل الاستقرار الاستراتيجي كان كافياً للدلالة على تفاهمات سبقت اللقاء وجاء لتتويجها، خصوصاً تجاه تسهيل الحل الذي ترعاه روسيا في سورية، مقابل ترك واشنطن تتمتع بعائدات المال الخليجي تحت عنوان تضخيم الخطر الإيراني، وتسوّق إسرائيل حليفاً لحكومات الخليج لا غنى عنه بوجه الخطر. وهذا ما ظهر من التناغم تحت سقف الخلاف في اجتماعات القدس المحتلة التي ضمّت مستشاري الأمن القومي الأميركي والروسي والإسرائيلي، على قاعدة احترام مناطق النفوذ بالتبادل، بينما يبدو ربط النزاع في الملف الإيراني قائماً على قاعدة مشابهة، واشنطن لن تتراجع عن العقوبات ولن تعود للاتفاق النووي، لكنها لن تجرؤ على الذهاب إلى المواجهة وما تريده بات محدداً بالمزيد من المال الخليجي والمزيد من التغلغل الإسرائيلي في الخليج تحت عنوان صفقة القرن المعلوم سلفاً عجزها عن حل القضية الفلسطينية، بينما تذهب موسكو لحماية الاتفاق النووي بالتعاون مع الصين وجذب أوروبا إلى منطقة جديدة، كما كان المشهد في فيينا وفقاً للتلخيص الذي قدّمه نائب وزير الخارجية الروسية سيرغي ريابكوف.
أكد ريابكوف قائلاً: على المدى القريب على الأقل، تمّ تنفيذ المهمة الحالية الخاصة بضمان بقاء خطة العمل الشاملة المشتركة الاتفاق النووي مع إيران ، وإيجاد سبل لحل المشاكل الأكثر حدّة المتعلقة بتطبيقها وتمّ القيام بذلك بدرجة مقبول . وأضاف ريابكوف: لا أريد تقديم أي تنبؤات الآن حول ما يمكن أن يحدث على المدى المتوسط أو البعيد، لأن هناك عوامل وملابسات غير محددة كثيرة جداً . ومن جانب آخر، ذكر ريابكوف أن روسيا دعت بإصرار باقي الدول المشاركة في الاتفاق النووي إلى حماية إيران من العقوبات الأميركية باعتبار هذا الموضوع «مهمة مشتركة»، وقال علينا إقامة نوع من جدران حماية من التداعيات السلبية للعقوبات الأميركية، ومن هذا الإشعاع الأميركي المدمّر . وفي هذا السياق، أعرب ريابكوف عن ترحيب روسيا بإطلاق الاتحاد الأوروبي، اليوم، نظام أينيستكس » للعمليات المالية مع إيران ، لكنه شدّد على أن هذا الإجراء ليس إلا الخطوة الأولى في هذا المسار. وأوضح أن هذا النظام مفتوح حالياً أمام 7 دول أوروبية فقط، لافتاً إلى ضرورة منح إمكانية الانضمام إليه للدول خارج الاتحاد الأوروبي بما في ذلك روسيا، وكلام ريابكوف جاء بعد الإعلان في فيينا عن بدء العمل بالآلية المالية للعمل مع إيران المسمّاة أينيستكس ، التي أعلنت الصين عن انضمامها إليها ومواصلة شراء الصادرات النفطية الإيرانية بالكميات السابقة التي تزيد عن نصف مليون برميل يومياً، وبمعايير السوق لقاء تدفقات نقدية عبر الآلية الأوروبية.
واشنطن واصلت تهديداتها بلسان مبعوثها بريان هوك، في ظل غياب التهديدات عن وفدها المشارك في اليابان، خصوصاً الرئيس ترامب الذي كان يبتسم في لقائه الرئيس الروسي، لكن لا دلائل على شراكة ضمنية لواشنطن في إقرار اجتماعات فيينا لتعويم الاتفاق النووي الذي فازت به إيران، يمكن لـ إسرائيل وحكومات الخليج التذرع بها لاتهام واشنطن بالتخلي، رغم خيبة الأمل التي ظهرت في تعامل الإعلام الخليجي والإسرائيلي مع نتائج لقاءات فيينا.
لبنانياً، كان اللافت بعد التقرير التحليلي الذي نشرته وكالة موديز عن الوضع المالي اللبناني، والتوقعات السلبية لمستقبل القدرة على الإيفاء بالالتزامات المالية، بصورة فاجأت حاكم مصرف لبنان الذي أعلن استغرابه للتقرير، قيام موقع القوات اللبنانية بالترويج لما تضمّنه التقرير واستصراح عدد من الذين وصفتهم بالخبراء لتأكيد مضمون القلق الذي تضمّنه التقرير، وكانت أوساط مالية عديدة، قالت إن لا أسباب مالية وراء ما تضمّنه التحليل وتوقيته، ملمّحة إلى أسباب سياسية تتصل بمقاطعة لبنان لمؤتمر المنامة، فيما كانت محطة أم تي في المقرّبة من القوات قد وصفت المقاطعة اللبنانية بالمستغربة والمضرّة، لأن لبنان يضع نفسه خارج المكان الذي سيتقرر فيه مصير المنطقة ومنها لبنان، بينما كان بعض السياسيين المنتمين لخيارات قريبة للقوات يتحدّثون عن التمهل بالموقف من صفقة القرن تفادياً للندم لاحقاً، بينما يتوقع وصول معاون وزير الخارجية الأميركية ديفيد ساترفيلد إلى لبنان دون جدول أعمال واضح ودون تسرّب ما يفيد بأجواء إيجابية تجاه السير بالتفاوض حول الترسيم وفقاً للرؤية اللبنانية، خصوصاً بعد مقاطعة لبنان لمؤتمر المنامة، الذي كان إنجاحه هدفاً أميركياً إسرائيلياً مضمراً من وراء التلويح بجزرة الترسيم وحقوق لبنان بالنفط والغاز دون تقديم أي شيء عملي، وتذهب واشنطن للضغط التنافسي على لبنان في مواجهة العلاقات اللبنانية الروسية ومساعي تطويرها، فكان لافتاً تزامن إعلان اعتذار وزير الدفاع الياس بوصعب عن تلبية دعوة وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو مع استقباله السفيرة الأميركية ووفد لجنة التسلح في مجلس الشيوخ في ظل كلام أميركي اعتراضي على أي تسلّح لبناني من روسيا وتلويح بوقف المساعدات للجيش اللبناني في حال تخطي لبنان لهذا الخط الأحمر الأميركي.
يعود الثلاثاء المقبل الى بيروت مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى ديفيد ساترفيلد لعقد لقاءات مع المسؤولين اللبنانيين تأكد منهم الرئيس نبيه بري، خاصة ان لا طلب لموعد من قبل ساترفيلد في بعبدا او السراي حتى الساعة.
وتؤكد مصادر مطلعة لـ «البناء انّ لبنان سوف يتبلّغ من المبعوث الأميركي معلومات جديدة تتصل بالأجوبة الاسرائيلية على موقف لبنان المتمسك بثوابته في ما خط تلازم الترسيم البري والبحري، مشيرة إلى انّ عودة ساترفيلد مجدّداً مطلع الاسبوع المقبل الى بيروت لا تعني سوى انّ المفاوضات لم تتكلل في السابق بالتفاهم او التوافق نتيجة الاختلاف على مهلة التفاوض التي يريدها الاسرائيلي ستة اشهر في حين انّ لبنان يرفض تقييدها بمهل، معتبرة أنّ ساترفيلد كان من المفترض ان يزور لبنان منذ نحو عشرة أيام لكنه ارجأ الزيارة لعدم حصوله على معطيات ترضي الجهة اللبنانية.
وبينما يفترض ان تتمّ مفاوضات ترسيم الحدود بشكل رسمي في مقرّ قيادة اليونيفيل شهر تموز المقبل بحضور الوسيط الاميركي، كما تشير المصادر، زار قائد اليونيفل الجنرال ستيفانو دل كول امس قصر بعبدا والسراي الحكومية حيث جرى البحث في الوضع في الجنوب والاتصالات الجارية لترسيم الحدود ودور الامم المتحدة في هذا المجال.
إلى ذلك، قرّر وزير الدفاع الوطني تأجيل زيارته موسكو والتي كانت مقرّرة نهاية الشهر الجاري بناء على دعوة من نظيره وزير الروسي سيرغي شويغو للمشاركة في منتدى الجيش الروسي 2019»، الذي سيعقد في العاصمة الروسية. وفي السياق علمت «البناء» انّ الوزير بوصعب سوف يزور موسكو في وقت لاحق.
وبحث بوصعب امس مع السفيرة الأميركية في لبنان إليزابيث ريتشارد يرافقها وفد يضمّ عضو لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ إيريك تراجر والملحق العسكري الأميركي في لبنان مايكل فيلي سبل التعاون بين الجانبين والاطلاع على حاجات الجيش اللبناني وتمّ التداول في موضوع الهبات والتجهيزات التي تقدّمها الولايات المتحدة الأميركية للبنان وبالأخصّ للأفواج المنتشرة على الحدود والتشديد على الحاجة إلى مواصلة هذا الدعم.
إلى ذلك، أفادت وكالة المركزية أنه من المتوقع ان يلبّي وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل دعوة نظيره الأميركي مايك بومبيو الى المشاركة في المؤتمر الوزاري السنوي الثاني للحريات الدينية التي تعمل الادارة الأميركية على دعمها وتضعها في أولويات السياسة الخارجية الذي يقام في وزارة الخارجية في واشنطن ما بين 16 و18 تموز المقبل.
على خط آخر، أعلن نائب رئيس مجموعة البنك الدولي لشؤون منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فريد بلحاج انّ «لبنان يسير في طريق سليم بالنسبة الى الإصلاحات على مستوى الموازنة والكهرباء لكن الإصلاحات لا تنتهي وهي أمر متواصل ونحن مع الحكومة اللبنانية ولبنان في المضيّ قدماً في هذه الإصلاحات». وقال إثر زيارته رئيس الحكومة سعد الحريري في «بيت الوسط»، تفاؤلنا حذر بسبب الوضع الاقتصادي في المنطقة وهو وضع دقيق، وعلينا أن نكون على مستوى المسؤولية. وقال بلحاج: تطرّقنا الى مشاريع البنك الدولي الموجودة في محفظة البنك وهذه المشاريع يجب العمل عليها بأكثر قوة ودعم لأنّ لدينا أكثر من مليارين و400 مليون دولار في محفظة البنك الدولي اليوم، ومنها قرابة المليار دولار ليست في وضع إيجابي، فهذا المبلغ على ذمة الحكومة اللبنانية والمواطن اللبناني، وعلى الحكومة ان تعمل بجهد أكبر لإنجاز هذه المشاريع لانها استثمارية وهذا الاستثمار إيجابي.
وزار بلحاج وزير المال علي حسن خليل وجرى عرض للمشاريع المشتركة بين لبنان والبنك الدولي لا سيما في ما يتعلق بالكهرباء والإصلاحات المطلوبة في إطار مؤتمر «سيدر» واللازمة لمعالجة الأزمة الاقتصادية، وجدّد البنك الدولي دعمه للبنان.
وكان خليل أشار الى «اننا نطرح علامات استفهام كبرى على تقارير ومواقف المؤسسات الدولية او الوكالات لأنها تعتمد على التحليل السياسي المغلوط بدل الوقائع والمشاريع والاجراءات وما ينُص في مجلسي الوزراء والنواب. نحن ننظر بقلق الى هذا الأمر، إلا اننا نقول اننا مستمرون في حفظ الوطن واستقراره». وأكد خلال رعايته حفلاً تربوياً انّ الاستقرار المالي والنقدي يجب أن يحمى بإجراءات حقيقية يعمل عليه، ولا يمكن ان نكمل بشعارات شعبوية تمسّ الاستقرار ولا تقدم حلولا عملية».
وبينما اكدت مصادر اقتصادية لـ «البناء» انّ وضع لبنان دقيق، رأت المصادر أنّ لبنان الرسمي يتحمّل المسؤولية، فشهر تموز على الابواب ومشروع الموازنة 2019 لم يقرّ بعد، هذا فضلاً عن انّ تدفقات الرساميل من الخارج متراجعة كذلك نسبة الودائع. ومع ذلك، شدّدت المصادر على انّ إعادة هيكلة الدين العام او العجز عن سداده أمر غير واقعي وليس دقيقاً فلبنان ليس مفلساً اصلاً وثانياً لم يتخلف يوماً عن سداد ديونه بالعملات الأجنبية، مع تأكيد المصادر انّ البنك المركزي لديه احتياط بالعملات الاجنبية، ما يعني انه قادر على السداد.
وكان وفد من مصرف «مورغن ستانلي» برئاسة رالف الراهب يرافقه عدد من مستثمري «اليوروبوندز» التي تصدرها الحكومة اللبنانية زار الرئيس ميشال عون امس، واستوضح «الإجراءات والتدابير التي تتخذها الحكومة اللبنانية من اجل تفعيل خطة النهوض الاقتصادي والاصلاحات بعد اقرار موازنة 2019».
الى ذلك، يعقد مجلس الوزراء جلسة عند الساعة الحادية عشرة والنصف من قبل ظهر الثلاثاء المقبل في السراي الحكومي لمناقشة ما تبقى من بنود جدول أعمال الجلسة السابقة اضافة إلى مواضيع جديدة، وأشارت المعلومات الى ان التعيينات لن تكون على جدول الاعمال، وبحسب مصادر وزارية فانّ هذا الملف ينتظر عقد جلسة في بعبدا يترأسها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، مشدّدة على انّ استكمال تعيينات المجلس الدستوري 5 اعضاء ينتظر تحديد موعد لجلسة مجلس الوزراء في بعبدا.
من جهة ثانية، وقّع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مراسيم ترقية ضباط في الجيش وقوى الأمن الداخلي والأمن العام وأمن الدولة. الى ذلك، تناول رئيس الجمهورية مع وزيرة الطاقة والمياه ندى البستاني عمل الوزارة والمشاريع الخاصة بالكهرباء والسدود والطاقة، وذلك في ضوء الخطة التي وضعتها الوزارة.
وأكد الرئيس عون خلال استقباله وفدا من الناجحين في مباراة كتاب العدل انه سوف يعمل على انصاف الناجحين في مباراة الكتاب العدل والدفع من اجل استكمال التواقيع على مرسوم تعيينهم.