لعلِّي أفوز ُ بموتي

جهاد الحنفي

توقَّفَ قلبي عن النَّبضِ يوماً

فقلتُ لحادي النهايةِ

صارتْ بكفَّيْك روحي

فلا تتعجَّلْ بتسليمِها للسَّماءِ

ودعني أرفرفْ بروحيَ

فوق البلادِ

وفوق العبادِ

لعلِّيَ أشهدُ فجراً جديداً

يطرِّزُ أيامَ كوكبِنا بالحياةِ

لعلِّيَ أصبحُ في ملكوتِ غيابي

حضوراً خفيَّــا

لعلِّيَ أكتشفُ الجُزُرَ المستحيلةَ

كم كنتُ إذ كنتُ حيَّا

ببحثي شقيَّا

لعلِّيَ أفهمُ ماذا تريدُ الرِّياحُ

من البحرِ

ماذا تقولُ العنادلُ

للفجرِ

ماذا تقولُ المرايا لأنثى

لعلّيَ أعرفُ ما السِّرُّ

في لهفةِ الشَّمسِ دوماً

لأرضِ فلسطينَ

أعرفُ كيف تُقَبِّلُ أمٌ شهيداً

فتغدو زغاريدُها للسماءِ مُحَيّا

لعلّي أفوزُ بموتي

فأصرخُ يا موتُ

ليتكَ لم تَتأخَّرْ عَليَّا

وساروا بهذا التُّرابِ

إلى أمِّه

أشتهي منذ فارقتُها باحتراقِ سواي حنيناً

أمومةَ أنفاسِها

وأنوثة إحساسِها

ولكنَّ روحي هنا… وهناك

تحلِّق فوق سريري الأخيرِ

تَشُمُّ هروبَ الوجوهِ من الغَدِ

تُسمعُ من حَملوا حفنةً من ترابٍ

يقولون كانَ

كأنْ لم يكنْ

يقولونَ

راحَ …

أراحَ …

استراحَ…

عجوزٌ مشى خلفَ نعشيَ يسألُ

مَن تحملونَ

ولكنَّه لم يجدْ مَن يجيبُ

سوى رجلٍ قال صرْنا بحيرتِنا اثنينِ

إني مشيتُ فُضولاً

مضَى من مشَى

عادَ كلٌّ لما كانَ فيه

لعاداتِه

لأشيائِه

لأخطائِه

فتاةٌ يراوِدُها من بعيدٍ غزالٌ شَقِيُّ

أبٌ ينحتُ الدَّمْعَ خبزاً لأبنائِه

شاعرٌ يقتفي أثرَ الزَّهرِ

يبحثُ عن فكرةٍ في ضفيرةِ أنثى

وعن حُلُمٍ في احتراقِ الفراشة…

بحرٍ يُلَقِّنُ بعضَ النَّوارسِ

أسطورةَ الماءِ

أمٌّ تُلملمُ ألعابَ طفلتِها

بعدما هدأَ القصفُ بضعَ دقائقَ هذا الصَّباحَ

زعيمٌ يفكِّرُ كيف يغيِّر جيناتِ من قالَ لا

أممٌ تستعدُّ لعصرِ النُّجومِ قواريرَ عطرْ

وأخرى تــؤكِّدُ أن البهائمَ

قد سبَقَتْها بمليونِ عَصْرْ

وما بين مَن وَضَعَ الشَّمسَ بين اليدينِ

ومن صَرَفَ العمرَ

صفرَ اليدينِ

حكايةُ ضديْن: قبرٌ وفجرْ

له الفجرُ

والقبرُ أولى بقبرْ

نعم

عادَ كلٌّ لما كانَ فيه

لعاداتِه

لأشيائِه

لأخطائِه

وأنا لم أزلْ أمتطي الأفقَ

فوق البلادِ وفوق العبادِ

وأغرقُ بين صوابٍ وتيهِ

ولم يتغيَّرْ على الكونِ شيءُ

سوى أنني لستُ فيهِ.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى