الفكفكة للمنطقة وإعادة التركيب والأمركة نكايةً بالروسي والصيني 2
محمد احمد الروسان
جلّ المنطقة العربية صارت ساحة، مرهونة لمفاعيل وتفاعلات غير مسؤولة للسياسة الأميركية الخارجية في الشرق الأوسط، وهذا من شأنه أن يؤدّي إلى انفجارات اجتماعية وسياسية واقتصادية ثم أمنيّة، تتطور تلقائياً إلى صراعات دموية وحروب أهلية كما نلحظ الآن، ولا يمكن احتواء التداعيات والنتائج كارثية للديبلوماسية الأميركية العدوانية في المنطقة.
انّ المساعي الأميركية لنشر الديمقراطية، وفقاً للنموذج السائد لديها، يؤدّي إلى تدهور الأوضاع، ويؤدّي حتماً إلى اصطدامات طائفية اثنية عرقية طائفية، وتصعيد في النزعات الانفصالية الفرعية في القومية الواحدة في المجتمعات العربية، كما يؤدّي إلى تنشيط العمليات الإرهابية على المستوى الأممي كما نلحظ الآن.
الأنظمة الحاكمة المتبقية في البلدان العربية، والقوى السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية الليبرالية الموالية لواشنطن وسياساتها، يجب أن تفكر بتداعيات تعاملاتها مع أميركا على شعوبها الحيّة وعلى المنطقة، وخطر الشراكات السياسية والأمنية السريّة والعلنية مع الولايات المتحدة الأميركية أيضاً.
وعلى القوى الشعبية السياسية والاقتصادية والفكرية والثقافية والإعلامية العربية والإسلامية في المنطقة، أن تسعى إلى تشكيل سلّة أدوات فاعلة من شأنها أن تقود وتؤدّي، إلى مقاومات وتصديات حادة للأدوات الأميركية في المجتمعات العربية والإسلامية، والسؤال هنا: هل يبعدنا ذلك عن دائرة الصراع الداخلي الداخلي؟
انّ البوّابة الدمشقية للجمهورية الإسلامية الأيرانية، تشكل محور اهتمام العالم ومراكز بحثه وعصفه الذهني وأجهزة أمنه المختلفة والمتعددة، ومنها أجهزة شبكات المخابرات «الإسرائيلية» المتنوّعة، وكذلك شبكات المخابرات الأميركية في اطار المجمّع الفدرالي الأمني الأميركي، حيث الأخير ما هو الاّ بمثابة صدى عميق ودائم للمجمّع الصناعي الحربي الأميركي وحكومته الأثوقراطية الخفية، حيث الأخيرة بمثابة الفلك أسد لجنين الحكومة الأممية ملتقى المتنوّرين من أتباع الصهاينة اليهود والصهاينة العرب والصهاينة المسيحيين.
أضف الى ذلك اهتمامات متنوّعة لشبكات المخابرات الغربية الأوروبية، كلّ ذلك بسبب الدور المركزي الهام الذي ظلّت وما زالت تلعبه سورية بنسقها السياسي وجغرافيتها، بالرغم من الحرب الكونية العالمية عليها، في ضبط وتشكيل وتشكل التوازنات الجيو سياسية الشرق أوسطية والدولية، وكدولة اقليمية ذات أدوار حيوية في مجالاتها الحيوية، وفي توجيه مفاعيل وتفاعلات متغيّرات الصراع العربي «الإسرائيلي»، بكافة مكوناته وملفات قضاياه الأساسية، حيث اختصره البعض منّا مع كلّ أسف وحصره من بعض القادة العرب الى «النزاع الفلسطيني الإسرائيلي»، والفرق في ذلك واضح كالشمس، هو فرق بين الثرى على الأرض والثريا في السماء الدنيا.
كذلك أدوار دمشق في توجيه مفاعيل، متغيّرات الشعور القومي العربي بكافة مكوناته، وملفات قضاياه المتعلقة بالعمل العربي المشترك، وبناءات الهوية القومية العربية من جديد وتقاطعاتها، مع بناءات الهوية الإسلامية، كذلك الدور السوري الواضح، في توجيه متغيّرات ردع النفوذ الأجنبي على المنطقة، بأشكال استعمارية تستسيغها الأذن العربية، وتحت عناوين الديمقراطيات، وحقوق الإنسان والحريّة، والحاكميات الرشيدة… الخ، وما زالت تقوم بتوجيه متغيّرات ردع هذا النفوذ الأجنبي ومنذ بدء الأزمة فيها.
انّ شبكات المخابرات المختلفة لمحور واشنطن تل أبيب ومن ارتبط به من العربان، وباقي الحلفاء الغربيين الأوروبيين، تركز على عامل فهم تأثير العامل السوري، انْ لجهة إخراج دمشق من دائرة الصراع العربي «الإسرائيلي» عبر الأزمة السورية، لإنهاء هذا الصراع والى الأبد، وانْ لجهة إخراج سورية من دائرة الشعور القومي العربي، لإنهاء المشروع القومي النهضوي، وهو شرط موضوعي لتفكيك تماسك المنطقة العربية، وتحويلها الى كيانات مفككة، يمكن إخضاعها بكلّ سهولة للنفوذ الإسرائيلي – الأميركي بمساعدة الحركة الوهابية، حيث الأخيرة تعدّ أكثر خطورة من الصهيونية العالمية على سلامة العقيدة الإسلامية وسلامة العلاقة مع الله، كلّ ذلك من أجل ضبط تأثير العامل السوري ليُصار الى إنهائه لاحقاً، أو على الأقلّ إضعافه ونسقه السياسي، ثم تحييد دوره بشكل موقت، ليُتاح لاحقاً السيطرة عليه.
انّ سياسة العاصمة الأميركية واشنطن دي سي، لجهة المنطقة العربية بساحاتها القِطرية المختلفة، تمتاز بفعل مشترك مزدوج، فنجد حكومة الولايات المتحدة الأميركية قد ركبت على حصان الحراك الشعبي العربي وعملت وتعمل على توظيفه، لصالحها ومصالحها في المنطقة، فهي كما تقول ماكينات إعلامها المختلفة، وبعض من إعلام بعض الساحات السياسية المتحالفة معها، أنّ واشنطن تسعى الى نشر الديمقراطيات المفتوحة، وحقوق الإنسان والحاكمية الرشيدة، وتؤيد الملكيات الدستورية المقيّدة في المنطقة العربية، باعتبار الأخيرة نوع من الديمقراطيات.
الولايات المتحدة الأميركية وحلفاؤها في العالم والمنطقة، يسعون بجدّ وثبات الى تغيير وتبديل، أنظمة الحكم التي تشكل سلّة من العوائق والمعطيات، والتي من شأنها إعاقة إنفاذ السياسة الأميركية والأوروبية في المنطقة والعالم، حيث الاستبدال بوجوه جديدة مستحدثة، فيها سمات السياسات الأميركية والأوروبية الخارجية، ويقود ذلك الى جعل تلك الأنظمة الجديدة، ذات الوجوه المستحدثة أو المستنسخة، تحت سيطرة وإنفاذ الرؤية الأميركية والأوروبية.
كما أنّها بعمليات الاستبدال هذه، والإحلالات بآخرين موالين لواشنطن والغرب، يتمّ ضمان السيطرة الأميركية الغربية، على النفط والثروات الطبيعية في البلدان العربية، مع التمتع بنفوذ كبير وعميق على المواقع الاستراتيجية وممرات المياه المختلفة، وما شهدته وتشهده الساحات السياسية العربية، انْ لجهة الضعيفة منها، وانْ لجهة القويّة على حدّ سواء، وما يتمّ التحضير له في المستقبل لبعض الساحات العربية الأخرى، عبر المجمّع الصناعي الحربي الأميركي لجعلها ساحات حلول، لمخرجات حلول متعددة، كل ذلك بمثابة وصفة سياسية اجتماعية أمنية محكمة، لإضعاف تلك الأنظمة الحاكمة هناك، ومن شأن تداعيات الحراكات الشعبوية فيها، أن تؤسّس لخارطة طريق أميركية لاستبدالها، خاصة مع ازدياد عدد القتلى والجرحى، وبشكل دراماتيكي يومي ودائم، وتصعيدات للعمليات الإجرامية المتعددة الأطراف الخارجية، والمتقاطعة مع ما هو في الداخل القِطْري لساحات الاحتجاجات السياسية المختلفة.
وقِطْرنا الأردني ونسقه السياسي ومؤسّساته المختلفة في عين العاصفة الصامتة وفي ذهن BILDERBURG ذراع المجمّع الصناعي الحربي الأميركي، فماذا بالنسبة للفولذة الداخلية والعناية الفائقة بالطبقة الوسطى من قبل صاحب القرار؟ حيث ذابت وصارت في خبر كان ومان، ليُصار الى الاستمرار والحياة والحفاظ على المكتسبات لكافة المكونات، حيث الطبقة الوسطى بمثابة عامل التوازن الذي يحافظ على الصراع الطبقي داخل ديموغرافية الأردن وأيّ مجتمع آخر، انْ لجهة السكّان وانْ لجهة الجغرافيا.
ولا بدّ من الإشارة الى نقطة مركزية حيوية، لجهة ما يجري من حراك شعبي، هو أنّ المعارضات العربية بشكل عام، ليس لديها برامج محدّدة لإنقاذ الأوضاع الجارية والخروج من الأزمات، بل على العكس تماماً، نجد تلك المعارضات المزدوجة الأهداف، تسعى الى استخدامات الأزمات كأسلوب إدارة متقدمة، لأزمة صراعها مع أنظمة الحكم التي تواجهها وتحت عناوين الفساد والإفساد وما الى ذلك.
وهي بذلك قطعاً، من حيث تدري أو لا تدري، كأنّها تتساوق مع رؤية الغرب الأوروبي وواشنطن، حيال حراك الشارع العربي، حيث الغرب وأميركا، لا يسعون الى إنفاذ سياسات الاحتواء لما يجري، ومساعدة كلا الطرفين الأنظمة والشعوب للوصول الى تسويات حقيقية مفصلية دائمة تجدّد نفسها بنفسها، من أجل الحفاظ على استقرار الساحات، بل على عكس ذلك تماماً، وبالمطلق تتموضع بنوك الأهداف والمعطيات والأعمال والرسوم البيانية، في قياسات نبض التصعيدات، لجهة المزيد من استفحال الثورات العربية، مع توظيفاتها المتعدّدة كخادم ومزوّد، لتنتج الفوضى الخلاّقة وعدم الاستقرار، لبناء الملفات الإنسانية والأمنية والعسكرية، ولحماية المدنيين، وفرض مناطق حظر الطيران الجوي، وخطوط طول وعرض مصطنعة، ليُصار الى تدخلات أممية عسكرية، وتحت سمع وبصر الأمم المتحدة، التي صارت هيئة أممية منتهك عرضها وشرفها وأخلاقها، من قبل العم سام وأعوانه الأوروبيين.
أدوار جديدة لحلف شمال الأطلسي ومن تحالف معه من العرب، في المسارح الإقليمية والدولية، تمّ في السابق هندسة بعضها ونفّذ، وينفذ المتبقي الآن، وتتمّ هندسة الآخر منها، هذا الأوان الشرق الأوسطي المتحرك، وبعد حراكات الشارع العربي، بالإضافة إلى أنّه تمّ وضع، عقيدة أمنية استراتيجية جديدة للحلف، بعناصر مختلفة متعدّدة، لإجراءات ترتيب المسرح في المنطقة، حيث هناك تطورات جديدة، في سيناريو أدوار حلف «الناتو» في الشرق الأوسط، عبر متتاليات هندسية توزيع الأدوار، السياسية والديبلوماسية والمخابراتية والعسكرية.
فالاتحاد الأوروبي يركز لجهة القيام بحصر جهوده، في استخدام الوسائل الديبلوماسية: السياسي والاقتصادي والمخابراتي الديبلوماسي، بينما حلف «الناتو» يركز لجهة القيام، بحصر جهوده في استخدامات الوسائل العسكرية المخابراتية، وبالفعل تمّ إسقاط ذلك في هذا الأوان العربي على سورية، حيث هناك سعي محموم لفرض، المزيد من العقوبات على دمشق، عبر استهداف بعض من الأطراف السورية الاعتبارية، عبر الشخوص الطبيعيين الذين يمثلونها، وهذا من شأنه أن يتيح إلى فرض المزيد من العقوبات خلال المرحلة القادمة، بعد فرملة الاندفاعات العسكرية الأميركية لجهة دمشق بعد المبادرة السورية الروسية حول الكيميائي السوري، ومع محاولات حثيثة لتطوير العمليات السريّة لأجهزة الاستخبارات المختلفة لجهة الداخل السوري، ولجهة دواخل دول الجوار السوري، ومنها الساحتان الأردنية واللبنانية.
هذا وتشير المعلومات والمعطيات، إلى أن حلف «الناتو» سعى ويسعى إلى استغلال وتوظيف موارد، حلفاء «الناتو» الشرق أوسطيين، بما فيهم بعض العربان، لصالح أهدافه التكتيكية والاستراتيجية، وذلك عبر توظيف واستخدام القدرات الإعلامية لحلفائه، لجهة القيام باستهداف خصومه، لتسخين ساحاتهم سواءً القوية أو الضعيفة، وجعل البعض منها ساحات حلول، لموضوعة مخرجات الصراع العربي «الإسرائيلي»، عبر التقارير المفبركة والمنتجة، في استوديوات غرف البروباغندا السوداء، مع توظيف قدراتهم المالية – أي الحلفاء – في تمويل، العمليات السريّة الاستخباراتية لجهة بعض الساحات السياسية العربية، كبنك أهداف لجنين الحكومة الأممية BEILDERBURG .
بعبارة أخرى، إنّ الفهم المشترك هو: أن يسعى هذا الحلف إلى توظيف واستغلال موارد حلفائه، لجهة القيام باستهداف الخصوم، والقضاء المبكر الاستباقي عليهم، قبل أن تتصاعد قدراتهم المختلفة، بما يجعلهم يشكلون خطراً حقيقياً، على الحلف وتحالفه مع الآخر بعض العرب وبعض الغرب، حيث الآخر من بعض البعضين أدوات للأول.
وتقول المعلومات، إنّ شبكات المخابرات البحثية للحلف، بحثت مؤخراً متغيّر الدور الأمني الخاص بحلف «الناتو»، في منطقة الشرق الأوسط بعد الحراكات الشعبية العربية، وبعد الاستعصاء على التغيير في سورية من زاوية الغرب وحلفه العسكري، بسبب تماسك الدولة الوطنية السورية بنسقها السياسي وشعبها وتماسك الجيش العربي السوري ومؤسساته الأمنية والاستخباراتية، وتماسك الموقف الروسي والصيني والإيراني، وتماسك جلّ دول «بريكس» إزاء الموقف من سورية وحدثها، وعلى أساس عدد من الاعتبارات المتنوعة، والتي تجمع بين مفاهيم المدرسة الاستراتيجية الاقتصادية، والمدرسة العسكرية السياسية، والمدرسة المخابراتية الديبلوماسية، مع ضرورة تقديم المبرّرات المهمة، لجهة التأكيد لاعتماد حلف «الناتو»، للقيام بمهام حفظ الأمن والاستقرار، وحماية مصالح الأعضاء الحيوية في المنطقة، ومن تحالف معهم من الدول الأخرى دول الأدوات.
محام، عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية
www.roussanlegal.0pi.com
mohd ahamd2003 yahoo.com