المنطقة تغيّرت وستغير العالم
– لم يعد يمر حادث في المنطقة إلا ويبلغنا أن المنطقة قد تغيّرت وأن قواعد القوة ومراكز صناعتها قد تغيّرت فيها أيضاً، وأن أحجام اللاعبين وقدرتهم على التأثير في مجريات الأحداث قد تغيرت كثيراً. منذ العام 2000 تغيّر ويتغيّر كل شيء ففي كل اختبار جديد يتأكد ما ظهر عام 2000 وعنوانه أن للقوة حدوداً في القدرة على صناعة السياسة وأن لاعباً جديداً خرج إلى الساحة هو المقاومة كطليعة شعبية في العالمين العربي والإسلامي تنظمت وتسلحت وتجهزت لنزال تاريخي تملك مقدرات خوضه بتعويض فارق المال والسلاح بعظيم عطاء الدم.
– جاءت حرب العراق وقبلها أفغانستان ولم تسقط إرادة قوى المقاومة، بل وجدت حيزاً جديداً للعمل وجاء عدوان حرب تموز 2006 وبدلاً من أن تُسحق المقاومة تعملقت وانتصرت. وجاءت الحرب على سورية في قلب أوهام الربيع العربي والأخونة والعثمانية الجديدة فخرجت منها المقاومة وسورية أشد قوة، ودخلت روسيا إلى صناعة التاريخ وتغيير حدود الجغرافيا من جديد.
– أرادت واشنطن وتل أبيب ومعهما حكام الخليج رمي كل الثقل معاً في جبهة موحّدة لإسقاط راية المقاومة بالحصار الشامل من جهة وبمشروع تفاهم شامل لإنهاء القضية الفلسطينية من جهة مقابلة، فحاصرتهم فلسطين وفكت إيران حصارها وانكشفت معادلتهم عن الخوف والقلق والارتباك وبدت قوى المقاومة وإيران اشد عزماً وقدرة وبرز اليمن للنزال وصار اللاعب الأهم في ساحة الخليج.
– لم يعد ثمة مجال للشك أن المنطقة تغيرت وها هي تغير العالم معها. فالعالم بعد سقوط الهيبة الأميركية هو غيره في ظلها والعالم بعد انهيار صورة «إسرائيل» القوة التي لا تُقهر غيره مع «إسرائيل» الهزيلة والضعيفة والعاجزة والعالم مع مشيخات الخليج المتهالكة غير ما كان مع سطوة مال الشيوخ والملوك والأمراء واصطفافات جديدة تظهر يسعى فيها الكل في منطق المصلحة لحجز مقعد ولو في السر على مائدة الأقوى.
– الأقوى لم يعُد خافياً وهم يتقاطرون سراً إلى مائدته بمن فيهم من يسعى علناً لكسره وحصاره.
ناصر قنديل