قراءة في خطاب السيد الأخير: هل تعوّض البلديات غياب الدولة؟
بهيج حمدان
الانقسامات والاختلافات والتباينات بين جميع اللبنانيين باتت عصية على المعالجة ولا طائل من حلول سحرية ولا أمل من تبويس اللحى التي أتقنها اللبنانيون ولم تؤدّ يوماً إلى إحقاق حق ولا إلى رفع مظلمة! وطغمة سياسية اعتلت ظهور اللبنانيين بإرادتهم، حتى طفش من طفش، وهاجر من هاجر، وأكثرية عاجزة تعلك نفسها وتجترّ بؤسها…
الجميع يدّعون الوطنية والإخلاص ونبذ الطائفية، وكلهم طائفيون كاذبون يقولون ما لا يضمرون، والله لا يظلم أحداً…
في خطاب سماحة السيد حسن نصر الله في الخامس والعشرين من تموز 2019 في مناسبة مرور 31 عاماً على تأسيس جمعية جهاد البناء خصّص سماحته نصف الوقت للحديث عن المناسبة، وما ينبغي ان يكون من تواصل وانسجام وتعاون ومثابرة وتآلف للخدمة العامة بين الناس والجمعيات العاملة ومنها جمعية جهاد البناء والبلديات. ونضع عشرة خطوط تحت كلمة البلديات لأنّ وظيفة البلدية كمؤسسة مدنية وإدارية ومالية مسؤولة عن التنمية إلى جانب كونها مكوّن اجتماعي في المقام الأول للمجتمع المدني في المدينة أو القرية. وما من نهضة في مجتمع ما عرف التطوّر في بنيته التحتية وتوفير حاجاته من ماء وكهرباء وصرف صحي وتحويل نفاياته الى مادة زراعية مفيدة، إلا عبر دور البلدية كسلطة محلية منتخبة في فضاء الناس الحياتي توفر لهم حوافز التفاعل والتواصل وتوحيد النسيج الاجتماعي والثقافي للجماعة المحلية وخاصة في لبنان، ما يؤسّس لانتظام علاقة عضوية بين الفرد والجماعة في الفضاء البلدي للانتقال الى المجتمع المدني والخروج من الولاءات العائلية والعشائرية والمذهبية الى علاقات المواطنة وتعزيز الانتماء الوطني الذي تتشابك فيه المصالح، وتجعل الجميع معنيّين ببلورة الحاجات والتطلعات المشتركة نحو حياة أفضل…
وليست صدفة ان يتحدث السيد نصرالله عن هجرة الريف الى المدينة وتشكّل أحزمة بائسة حول المدن وما لاقاه سكان هذه الأحزمة من ألم ومعاناة وحرمان حتى ماء الشفة لا وجود لها إلى الآن في الضاحية الجنوبية.
ولذلك دعا سماحته الى تعزيز دور البلديات لتعويض غياب الدولة والتنمية في مجالات الزراعة والصناعة والكهرباء والخدمات الصحية والاجتماعية وغيرها في جميع البلديات لا بل دعا إلى هجرة معاكسة من المدينة الى الريف.
ولم يكتفِ السيد باستعراض مشاكل الضواحي لبيروت، بل أعطى حلولاً تقوم مقام الدولة ولا تعطل وجودها…
صحافي لبناني