روسيا وأميركا تُنهيان رسمياً معاهدة الأسلحة النووية المتوسطة المدى والناتو ولندن يلقيان بالمسؤولية على موسكو وبروكسل تحذر من سباق تسلح جديد
أعلنت وزارة الخارجية الروسية رسمياً «انتهاء معاهدة الأسلحة النووية المتوسطة المدى منذ الحرب الباردة بمبادرة من الولايات المتحدة بوصفها الطرف الآخر في المعاهدة».
قالت الخارجيّة الروسيّة في بيان إن «المبادرة انتهت بعد أن بدأت واشنطن انسحابها منها في وقت سابق من هذا العام».
وكانت المعاهدة تنصّ على أن «تقوم موسكو وواشنطن بالحدِّ من انتشار صواريخهما المتوسطة والقصيرة المدى».
وفي وقت سابق من يوم أمس، أعلن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو عن انسحاب بلاده رسمياً من معاهدة الصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى المبرمة مع موسكو، مضيفاً أن «الولايات المتحدة لن تبقى طرفاً في معاهدة تنتهكها روسيا عمداً».
وتابع «أن عدم امتثال روسيا بموجب المعاهدة يهدّد المصالح العليا للولايات المتحدة»، معتبراً أن «تطوير روسيا وتطبيق نظام صاروخي ينتهك المعاهدة يمثل تهديداً مباشراً للولايات المتحدة وحلفائها وشركائها».
واستندت واشنطن في قرار انسحابها من المعاهدة إلى انتهاكات مزعومة من روسيا، وردّت موسكو بالمثل، حيث إن لديها شكاوى حول مدى التزام الولايات المتحدة بالمعاهدة.
من جهته، لفت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في وقت سابق إلى أن روسيا لا ينبغي لها، ولن تنساق إلى سباق تسلح باهظ الثمن، موضحاً أن جميع مقترحات روسيا لنزع السلاح «ما زالت مطروحة والأبواب مفتوحة»، لكنه طالب بعدم الشروع في أي مفاوضات في هذه المسألة مستقبلاً، ما لم تتراجع واشنطن عن تعنّتها.
بدوره، عبّر حلف شمال الأطلسي الناتو عن تأييده للخطوة الأميركية، الانسحاب من معاهدة الصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى، وألقى بالمسؤولية على روسيا.
وقال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ، أمس، «أن طلب روسيا إعلان وقف اختياري لنشر صواريخ نووية قصيرة ومتوسطة المدى في أوروبا ليس له مصداقية لأن موسكو نشرت بالفعل مثل هذه الرؤوس الحربية».
وقال ستولتنبرغ في مؤتمر صحافي «هذا ليس عرضاً موثوقاً به لأن روسيا نشرت صواريخ لسنوات. ليس هناك مصداقية في اقتراح وقف انتشار الصواريخ التي تنتشر بالفعل».
وأضاف «لا توجد صواريخ أميركية جديدة، ولا صواريخ للناتو جديدة في أوروبا، ولكن هناك المزيد والمزيد من الصواريخ الروسية الجديدة».
وقال ستولتنبرغ «جميع الحلفاء في الناتو اتفقوا مع واشنطن طوال هذه السنوات على العمل مع روسيا لإبقاء معاهدة الصواريخ ويتفقون مع قرار الانسحاب نظراً لانتهاك روسيا للمعاهدة».
وأوضح أن «روسيا على المدى الطويل ستدرك مصلحتها في وقف نشر صواريخ جديدة وواشنطن تتواصل مع حلفاء الناتو»، معتبراً أن «الناتو على علم بامتلاك روسيا صواريخ نووية جديدة ويحاول أن يكون هناك توازن بين التهديد الروسي وقدرة الناتو على الرد».
كما أعلن الأمين العام لحلف الناتو، أمس، أن «الحلفاء في الناتو بدأوا بالاستثمار فعلياً في أنظمة الدفاع الصاروخي، التي يمكن أن تحميهم من تهديد الصواريخ الباليستية».
وقال ستولتنبرغ للصحافيين، معلقاً على الوضع بعد انهيار معاهدة التخلص من الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى «يقوم الحلفاء بالشراء والاستثمار في أحدث أنظمة الدفاع الصاروخي، التي تعد جزءاً من نظام دفاع جوي ودفاع صاروخي متكامل. هذه الأدوات، بالطبع، يمكن أن تحمينا من الصواريخ الباليستية».
وأشار إلى أنه «قد تم تعزيز وتحسين نظام الدفاع الصاروخي لحلف الناتو، وهذه العملية جارية في الوقت الحالي»، مشيراً إلى أن الحلفاء يستثمرون في «أصول الطيران الحديثة».
كذلك، صرّح وزير الخارجية البريطاني، دومينيك راب، أمس، أن بلاده تعتبر روسيا «مدانة بانتهاك وإنهاء معاهدة التخلص من الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى، حيث تواصل سراً تطوير ونشر أنظمة صاروخية».
وقال الوزير البريطاني، عبر حسابه على تطبيق «تويتر»، «روسيا تسبّبت في انهيار معاهدة القوى النووية، وتقوم سراً بتطوير ونشر أنظمة صواريخ، في انتهاك للمعاهدة، يمكن أن تستهدف العواصم الأوروبية وتجاهلها لقواعد النظام الدولي يهدّد الأمن الأوروبي تؤيد بريطانيا تمامًا رد فعل الناتو».
فيما أعلن متحدث باسم الاتحاد الأوروبي، أمس، أن «الاتحاد يؤكد أهمية معاهدة التخلص من الصواريخ متوسطة وقصيرة المدى ويحذّر من الدخول في سباق تسلح جديد».
قال المتحدث: «لقد أكد الاتحاد الأوروبي مراراً موقفه من أهمية معاهدة الأسلحة النووية متوسطة المدى، وكان آخرها في إعلان الممثل السامي نيابة عن الاتحاد الأوروبي في 14 تموز. فعلى مدى الثلاثين عاماً الماضية، قدّمت هذه المعاهدة مساهمة كبيرة في الأمن الأوروبي والأمن والاستقرار الدوليين».
وأضاف المتحدث «ندعو الولايات المتحدة وروسيا للبحث عن مزيد من التخفيضات في ترسانتيهما، بما في ذلك الأسلحة النووية الاستراتيجية وغير الاستراتيجية، ونرحب بالحوار المبكر والنشط بشأن مستقبل معاهدة «ستارت الجديدة» بعد عام 2021، بشأن الترتيبات الأخرى لتحديد الأسلحة».
وأشار المتحدث إلى أنه «بالنظر إلى التوترات المتصاعدة، يجب أن نكون حريصين على عدم الدخول في مسار سباق تسلح جديد يعوّض التنازلات الكبيرة التي تحققت بعد نهاية الحرب الباردة».