الراعي في عيد السيدة من الديمان:لا بدّ من وقفة وطنية إصلاحية تحيي لبنان
أكد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أن النظام السياسي في لبنان ليس نظاماً ديكتاتورياً ولا نازياً ولا قمعيّاً. وقال خلال ترؤسه عيد انتقال السيدة العذراء في كنيسة الصرح البطريركي في الديمان: «في عيد سيدة الانتقال، كان البطاركة يحتفلون في قنوبين بقداس العيد بحضور أعيان البلاد المعروفين بالمقدمين، والأساقفة، وقناصل الدول. وكانوا يوجهون ويقودون الجماعة المارونية، المعروفة «بالأمة المارونية» في الوثائق البابوية، في سعيها إلى تقرير مصيرها في هذا الشرق على ثوابت ثلاثة: الأمن والحرية والخصوصية.
وفي الوقت عينه تعمل، انطلاقاً من فكرها المسيحي على العيش مع الآخرين والتفاعل معهم، حتى تجسّد هذا الخيار التاريخي في قيام دولة «لبنان الكبير» في أول أيلول 1920، واكتمل بالاستقلال التام والميثاق الوطني سنة 1943، فكان لبنان وطن التعددية الثقافية والدينية في وحدة وطنية، ومنارة الحريات المدنية العامة والديمقراطية في هذا المحيط المشرقي.
لكن هذه الخصوصية اللبنانية التي كانت فاعلة كخميرة في هذا الشرق، قد أصيبت بانتكاسات أهمها النقص في الولاء الوطني ورهن الشراكة الميثاقية تدريجياً بالعدد لا بالتعددية، وبالسلاح لا بالشرعيّة، وبعروبة هوية لبنان لا بلبنانيتها ثم الالتحاق بمشاريع إقليمية مناقضة للمشروع اللبناني.
فلا بدّ من وقفة وطنية إصلاحية تحيي لبنان في جوهر كيانه وصيغته ودوره ورسالته، لكي تستعيد ميزة التعددية والانفتاح والروح الديمقراطية وأخلاقية التعاطي والممارسة مكانتها، ولكي يستعيد العيش المشترك المسيحي الإسلامي رونقه وجماله ورسالته في هذا الشرق وفي العالم».
وتابع: «تواصل الكنيسة صرخة الإنجيل وتندد بكل اعتداء على هذا الإنسان، أياً كان نوعه، اعتداء روحياً أو معنوياً أو عينياً أو جسدياً. فإلينا تصل باستمرار صرخة المشتكين والمظلومين والمحرومين والمستضعفين والمعتدى عليهم والخاضعين للضرب والتعذيب. وإنا عندما نعلي الصوت فلا نرتكز على إفادات زور بل على حقائق موثقة، ونطالب المسؤولين المعنيين بالاطلاع على ما يجري عندهم، ويصلحوا الأمور».
وعرض الراعي مع زواره في الديمان، الأوضاع العامة في لبنان والمنطقة، فالتقى المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في لبنان فيليب لازاريني.
كما استقبل النائب جورج عطالله، وبحث معه في عدد من المشاريع التي تهم الشمال، اضافة الى الاوضاع العامة في البلاد.
كما عرض الراعي الوضع الحكومي والأوضاع الاقتصادية والمعيشية مع رئيس حركة «الاستقلال» النائب ميشال معوض، بحضور المحامي ادوار طيون.
وقال معوّض: علينا أن نكون واعين لأن وضعنا الاقتصادي والمالي بات على شفير الهاوية وأمامنا وأمام الحكومة مسؤوليات كبيرة وعليها ان تقوم بالإجراءات الاستثنائية التي يجب ان تستند الى ثلاث ركائز: اولاً على مستوى الموازنة واتخاذ الإجراءات العملية والجدية من اجل تحقيق موازنة الـ 2020 والحد من العجز بالمحميات السياسية والتهرب الجمركي لنستطيع اصلاح الوضع ولا نترك الامور كما حصل في موازنة 2019. وثانياً على اساس تكبير حجم الاقتصاد، وثالثاً على صعيد السياسة النقدية. على الحكومة ان تخرج بحل متكامل وموحّد، وهذا الأمر لا يتطلب تنظيرات اقتصادية، فالمطلوب واضح للجميع وهو أن تتوحّد الحكومة حول رؤية اقتصادية مغايرة للتي حصلت في 2019 من خلال آراء وتباينات تلغي بعضها البعض وعلى القوى السياسية أن تلتفّ حول خطة سياسية موحّدة تعيد الثقة للبنانيين».
وتابع: «الأمر الثاني يجب تثبيت الاستقرار السياسي، لأن الأمور لم تعد تحتمل التشنجات والتعقيدات والتعطيل والغياب عن جلسات الحكومة، والاستقرار السياسيّ يتطلّب أولاً تثبيت الميثاق وقواعد العيش المشترك والشراكة بين اللبنانيين.
وعن تداعيات التحركات التي تحصل نتيجة التجاذبات حول مطمر تربل، قال: «طبعاً لم نبحث موضوع النفايات مع صاحب الغبطة، لكن هناك كارثة حقيقيّة يعاني منها أبناء المنية الضنية والكورة وزغرتا وبشري، وأريد أن أقول إن إدارة حل مشكلة النفايات تقع على السلطات المحلية التي يجب أن تدير موضوع الفرز من المصدر. وهذا لم يحصل في الماضي، وسلطة مركزية أي حكومة تفرض مطامر صحية في عدد من المناطق اللبنانية وهذه هي المشكلة التي وقعنا بها، فلا السلطات المحليّة قامت بدورها في عملية الفرز ولا السلطة المركزية قامت بواجبها».
أضاف: «المشكلة الأساس هي في تخبّط رئيس الحكومة بهذا الموضوع وإعطائه مرة الاذن بالمؤازرة، ومرة نرى تياره يتظاهر ضد قراره والضحية الناس، والنفايات موجودة في كل الشوارع. ونحن اليوم أكثر من البارحة متمسكون بالعيش المشترك في الشمال وبوحدة مجتمعنا الاسلامي والمسيحي في الشمال ولن نسمح لتجار الهيكل واصحاب الصفقات والمصالح ان يضربوا وحدة مجتمعنا، ولن نسمح بتخبط الحكومة ولا نريد مزيداً من التشرذم، نريد حلاً لا تخبطاً والحفاظ على وحدة عيشنا لأن الشمال طالما تمسكنا به وسنستمر بالتمسك به. لذا المطلوب قبل كل شيء، ان يأخذ رئيس الحكومة قراراً بتحديد مكان المطمر ويفرض هذا القرار ولا يغير رأيه بعد 24 ساعة».