حداد: نحتاج منظومة كاملة لسلامة الغذاء

حاورها محمد حمية

بعدما أطلق وزير الصحة العامة وائل أبو فاعور منذ حوالى أسبوعين حملة على الفساد الغذائي كشف خلالها النقاب عن العديد من المؤسسات والمحال التجارية والمسالخ والمطاعم وغيرها التي لا تستوفي الشروط الصحية المطلوبة، وأصبح السؤال على شفة كل مواطن ماذا نأكل، ماذا نشرب؟ هل فقدنا امننا الغذائي؟ هل فعلاً طعامنا وشرابنا ملوث إلى هذا الحد؟

ماذا يقول المعنييون في الشأن الغذائي؟ وما هي سبل الوقاية؟

عضو لجنة جمعية المستهلك اللبناني الدكتورة ميرنا حداد سلطت الضوء على هذه المسائل في حوار مشترك بين صحيفة «البناء» وقناة «توب نيوز» فأكدت ان الحفاظ على سلامة الغذاء يتطلب ثقافة عامة لطرق تصنيع وتعليب وتبريد وتوزيع المواد المنتجة للحفاظ على سلامة المنتج النهائي. ودعت الى اتخاذ تدابير صحية صارمة في المسالخ وان تكون مواصفات النظافة عالية جداً.

وكشفت ان كل المسالخ اللبنانية غير مستوفية الشروط الصحية العالمية.

واذ لفتت الى ان حصول الشركات المنتجة على «ايزو» لا يعني ضمان سلامة الغذاء المنتج، أشارات الى «وجود 800 مركز لتوزيع المياه غير مرخصة ولا توجد رقابة عليها». واعتبرت «ان استراتيجية الأمن الغذائي موجودة لكن العقدة كانت في تطبيقها الذي يتوزع بين وزارات عدة».

أكدت عضو لجنة جمعية المستهلك اللبناني الدكتورة ميرنا حداد ان «الحملة التي قام بها وزير الصحة وائل أبو فاعور ضد الفساد الغذائي يجب ان تبدأ منذ فترة طويلة، والآن لدينا فرصة كبيرة لتنظيم الغذاء في لبنان».

ودعت حداد الى «التضامن بين الجميع لتصحيح مسار الغذاء من المصنع الذي ينتج المواد الغذائية الى المحال التجارية الى المستهلك، ويجب توعية المستهلك لضرورة اتباع الطرق الواقية من الامراض، وهذا يتطلب وجود ثقافة عامة لطرق تصنيع وتعليب وتبريد وتوزيع المواد المنتجة للحفاظ على سلامة المنتج النهائي».

وعن أسباب الفساد الغذائي في لبنان لفتت حداد الى انه «في موضوع اللحومات يجب اتخاذ تدابير صحية صارمة في المسالخ وان تكون مواصفات النظافة عالية جداً لكي لا تلوث البكتيريا الموجودة في المواشي اللحوم، ما يؤدي الى بيئة حاضنة لتكاثر الجراثيم التي قد تصل الى المستهلك، وايضاً يجب الانتباه الى طريقة تقطيع اللحوم بطريقة صحيحة. اما بالنسبة الى الدواجن فيجب القيام بعملية تلقيح للدواجن بسبب وجود جرثومة السامونيلا، ويجب ان تراعى مواصفات النظافة في المزارع كي لا تتكاثر هذه المادة، وايضاً هناك تلوث للبيض بسبب الجراثيم الموجودة على قشرة البيضة، وايضاً لجهة صلاحية مدة استعمال اللحوم والدجاج، والتبريد يجب ان يكون من وقت الانتاج في المسلخ او المزرعة الى حين وصولها الى المحال التجارية ويجب ان توضب في شكل جيد، اضافة الى بقايا الدماء التي يجب ان توجد لها طرق تصريف كي لا تلوث اللحوم والأشخاص الموجودين».

وأضافت حداد: «اللحوم يجب ان تذبح في مسالخ مؤهلة وليس في اي مكان، ولبنان يحتاج الى 4 مسالخ، وللاسف جميع المسالخ اللبنانية غير مستوفية الشروط».

ولفتت الى ان «سيدات المنازل ايضاً عليهن مسؤولية في الحفاظ على الاطعمة التي تقدمهن الى عوائلهن، ونحن في حاجة الى منظومة كاملة لسلامة الغذاء».

وعن مسؤولية المؤسسات التي تبيع المواد الغذائية دعت حداد هؤلاء الى «اعتماد النظافة والتبريد والانتباه الى طريقة التحضير، وتجب حيازة الاشخاص الذين يحضرون الطعام على شهادة صحية واجراء كل الفحوصات الطبية اللازمة وان يضطلعوا على قوانين النظافة وكيفية التعامل مع اللحوم والخضار وغسل اليدين وارتداء الكفوف، وتثقيف العمال ولا سيما الاجانب منهم واجراء فحوصات دورية لهم».

وفي ما خص التلوث الناتج من مادة «الفلور» الموجودة داخل اكياس الملح اشارت الى وجود «قرار وزاري بزيادة نسبة الفلوريد في الملح وهذه المادة تغذي صلابة الاسنان ولكن تبين ان الاكثار منها تضر بالجهاز العصبي والعظمي للاطفال وصدر قرار بوقف زيادة الفلوريد على الملح».

وعن دور جمعية المستهلك في هذا المجال قالت: «تقدمنا بعدة اقتراحات الى السلطات المختصة ولم نجد من يسمعنا والآن هناك فرصة لسماعنا والأخذ بمقترحاتنا لاصلاح الملف الغذائي، ونقوم الآن بنشاطات واستقصاءات وندخل بعض الملاحم والافران ونسلط الضوء على التلوث البيئي الناتج من احتراق البنزين الذي يزاد اليه الرصاص وقدمناه الى الجهات المختصة ولكن القرارالسياسي لم يساعدنا ولا يوجد نية بالاصلاح».

وعن تنظيف المواد الغذائية بالمياه الملوثة حذرت من غسل المواد الغذائية بالمياه الملوثة، موضحة ان «المياه نوعان الاول المياه التي تصل الى المنازل التي تمر على شبكات تكرير هي نظيفة ولكنها تتعرض للتعديات لسرقة المياه ما يسبب دخول الجراثيم اليها ثم تتسرب الى الطبقة السفلية للارض وتدخل الى شبكة المياه وتلوث الخزان الرئيسي، وفتح شبكة المياه بهذه الطريقة هو اجرام بحق البيئة والمواطن، اما النوع الثاني فهو المياه التي يشتريها المستهلك من المحلات الموزعة ولكن لا نعرف مصدرها، وهناك 800 مركز لتوزيع المياه غير مرخصة ولا يوجد رقابة عليها».

واذ أشارت في موضوع المياه الملوثة الى ري المزروعات بمياه الصرف الصحي، اعتبرت حداد ان «حل هذا الموضوع يكون باعادة تكرير المياه المبتذلة عبر انشاء محطات تكرير لاعادتها مياه صالحة للري وليس لجميع انواع الري بل للمساحات الخضراء مثلاً ولغسل الطرقات وتنظيف المراحيض».

وتابعت: «بعض انواع الاسمدة التي توضع للمزروعات تلوث الطبقة الجوفية للمياه وبالتالي تلوث الخضار والمواشي في حال أكلت الخضار فتتناقل هذه السموم، وهناك انواع من الاسمدة التي يجب ان تستعمل لكي لا تسمم التربة وبكميات وبوقت معين، ويجب ان تكون هناك رقابة في هذا الامر، وهناك نوع آخر من التلوث هو استهلاك الوقود والسيارات ومحروقات المنازل، ويجب استعمال الطاقة الشمسية والمائية، وايضاً التلوث الناتج من استهلاك التبغ في الاماكن العامة، لكن المهم ان لا يكون هناك تلوث في العقول».

وحول نفايات المستشفيات وما اذا كان يتم تصريفها في شكل صحيح، اشارت الى وجود «نوعين من النفايات، النفايات المنزلية التي تذهب الى التكرير وهي غير مضرة بالصحة، والنفايات الطبية البحت الملوثة بالجراثيم والدماء وهذه توضع في اكياس صفراء وترسل الى شركة تتولى تصريفها، يجب فصل هذه النفايات لأنها تشكل خطراً كبيراً على الصحة».

ورداً على سؤال لفتت حداد الى وجود «استراتيجية للامن الغذائي ولكن العقدة كانت في تطبيقها الذي يوزع بين وزارات عدة».

وعن تقصير رقابة الاجهزة المختصة اعتبرت ان «سن القوانين يجب ان ترتبط بتطبيقها واعتماد مبدأ المحاسبة وبزيادة عدد المراقبين وعدد التقارير واجراء فحوصات دورية على المواد المصنعة محلياً والمستوردة ايضاً، وهناك الكثير من المتاجر ذات جودة عالية وهناك الكثير لديهم استهتار، وهناك تقصير من قبل اجهزة الرقابة، والآن هناك نية للتغيير والوصول الى درجة الاصلاح».

وعمّا اذا كان حصول الشركات المنتجة على شهادة «ايزو» يعني ضمان سلامة الغذاء المنتج، اشارت حداد الى وجود عدة انواع للايزو منها مخصصة لادارة الاعمال ومنها الايزو المختص بسلامة الغذاء ومنها الايزو المختص بكيفية توضيب وفحص الجودة في نهاية سلسلة التصنيع، وحصول الشركات على مستوى ايزو 2200 لا يعني ضمان سلامة الغذاء المنتج، بل يجب متابعة ومراقبة هذه الشركات كلها واجراء فحوصات دائمة»، لافتة الى عدم «وجود مختبر مركزي في لبنان بل هناك منظمتان لا تتبعان للدولة لفحص المنتوجات».

ودعت حداد المواطنين الى «الاتصال بجمعية المستهلك على الخط الساخن لتقديم شكاوى عن اي حادث وحفظ الفاتورة لإجراء التحقيق».

وبخصوص دور المواطن في السلامة الغذائية دعت المواطنين الى «المساعدة على الاصلاح بأن يعلنوا عن الحوادث التي تعترضها على قاعدة المواطن رقيب، وايضاً هناك مسؤولية على صاحب العمل وسيدات المنازل عبر توضيب اللحوم وفصل الخضار عن اللحوم وعدم وضع الطعام المطهو الى جانب اللحمة النيئة لعدم نقل الجراثيم».

واذا ما زالت المواد الفاسدة موجودة في السوق؟ أجابت: «الجميع استدرك الأمر ولمسنا التغيير في العديد من المؤسسات، والمؤسسات التي اقفلت اذا تبين انها استوفت الشروط ستفتح، وكل يوم يصدر من وزارة الصحة اسماء ولوائح استوفوا المواصفات المرجوة من قبل الوزارة».

يبث هذا الحوار كاملاً اليوم الساعة الخامسة مساءً ويعاد بثه الحادية عشرة ليلاً على قناة «توب نيوز» على التردد 12036

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى