المقاومة تردّ في عمق فلسطين… ونصرالله: لا خطوط حمراء بعد اليوم… وبدأت حرب المسيَّرات لقاء بعبدا الاقتصادي: الحريري أعلن حالة الطوارئ الاقتصادية… وحردان تقدَّم بورقة عمل
كتب المحرّر السياسيّ
ثلاثة محاور تراكمت خلال ثلاثة أيام، فيوم السبت كان يوم الإمام السيد موسى الصدر وكانت الكلمة لرئيس مجلس النواب نبيه بري وما تضمّنت من رسم لمعادلات وتثبيت لمواقف، ويوم الأحد كان يوماً من أيام المقاومة، والأول من أيلول تاريخ على كيان الاحتلال أن يحفظه جيداً، فهو يوم الردّ المؤلم في عمق فلسطين، حيث كان تتويجاً لأسبوع العقاب على محاولة العبث بقواعد الاشتباك، وصولاً لترسيخ معادلات ردع جديدة كرّسها الأمين العام لحزب الله في كلمته أمس، حيث كان له حديث المساء، بعدما كان النهار لاجتماع بعبدا الاقتصادي الذي انتهى بإعلان رئيس الحكومة سعد الحريري حالة الطوارئ الاقتصادية بعد نقاش بدأه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وشارك فيه قادة الأحزاب والكتل النيابية، وأعلن بعده رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد أن محاولات زيادة أسعار البنزين وزيادة الضرائب قد سقطت.
في لقاء بعبدا كانت مشاركة الحزب السوري القومي الاجتماعي والكتلة القومية، برئيس المجلس الأعلى في الحزب أسعد حردان الذي قدم ورقة عمل، قال مشاركون في اللقاء إنها اتسمت بالجدية، والمهنيّة العملية في مقاربة الوضعين الاقتصادي والمالي، وركزت مداخلته على توجيه التحية بداية للرؤساء الثلاثة على مواقفهم المبدئية في التصدي للعدوان الإسرائيلي، وشرحاً للأزمة الاقتصادية والمالية وتداعياتها الاجتماعية، وتقديماً لعدد من المقترحات تضمّنت كيفية تأمين فرص لنمو القطاعات الاقتصادية، وكيفية تخفيض أعباء الدين العام، وضمان تخفيض عجز الخزينة محذراً من خطورة المساس بالطبقات الشعبية والتفكير بعقلية الضرائب المباشرة واستسهال تحميل المواطنين المزيد من الأعباء.
الرئيس الحريري لخص أبرز المقررات لحالة الطوارئ، بخفض عجز الكهرباء إلى النصف تقريباً في موازنة 2020، وإنهاء المعابر غير الشرعية ووقف التهريب، إلى إعادة تنظيم القطاع الوظيفي في الدولة، والإسراع بإنجاز الموازنة وإقرارها، وتنفيذ مشاريع سيدر، متحدثاً عن مهلة ستة شهور للنجاح بالفوز بثقة مؤسسات التصنيف المالي الدولية.
في كلمة الرئيس نبيه بري التي سبقت لقاء بعبدا وعملية المقاومة النوعية، وكلام الأمين العام السيد حسن نصرالله مساء أمس، ملاقاة في الجوهر لما حدث وما قيل بعدها، من تكريس لمعادلة الردع بوجه جيش الاحتلال، بقوله إننا كمحور مقاومة لن نسمح بإعادة ترميم قدرة الردع الإسرائيلية في المنطقة، داعياً حركة أمل للجهوزية للمشاركة من موقع المقاومة في مواجهة العدوان الإسرائيلي، معتبراً أن المقاومة وحدها ستعيد تصويب المسار. وعن سورية التي أبدى خشيته من مشاريع التقسيم التي تتهدد وحدتها أعلن تأييد تحرير سورية لكامل أراضيها، معلناً رفض الحصار الذي تتعرض له إيران عقاباً على موقفها من فلسطين. أما تجاه الداخل اللبناني فعنوانان رئيسيان، حالة الطوارئ الاقتصادية ودعوة للتطبيق الكامل لبنود اتفاق الطائف يضعنا على مشارف الدولة المدنية.
أما الحدث الأبرز الذي برر غياب الأحداث الإقليمية عن الواجهة، فقد كان الرد المزلزل الذي وجهته المقاومة لجيش الاحتلال ليصير هو الحدث الدولي والإقليمي الأول، وقد كرّس له السيد نصرالله إطلالته الثانية في إحياء ليالي مناسبة عاشوراء، شارحاً حجم التهويل والتهديد والترهيب الذي سبق ردّ المقاومة، وكيف تحوّل الأمر إلى التهوين والتخفيف من وطأة الرد عندما تكشف الوهن الإسرائيلي والعجز والجبن والضعف أمام إرادة وعزم المقاومة.
قدّم السيد نصرالله عناوين تفصيلية للإنجازات التي تضمنتها عملية الردّ تنفيذاً لوعد المقاومة، والبداية بالوضع الداخلي المتين والمتماسك والشجاع والعازم على حفظ الكرامة الوطنية، مشيراً إلى أن هذا التماسك مكّن المقاومة من الفوز بتماسك الشعب والجيش والمقاومة في المواجهة مع معادلات الاحتلال المذعور والمردوع والخائف والهارب من الخطوط الأمامية وما وراءها، معتبر العملية بداية مرحلة جديدة، خصوصاً لجهة كونها أول إسقاط عربي للخط الإسرائيلي الأحمر المحيط بحدود فلسطين المحتلة، قائلاً إنه من اليوم لم تعد هناك خطوط حمراء داعياً جيش الاحتلال ومستوطنيه لحفظ هذا التاريخ جيداً، الأول من ايلول موعد سقوط هذا الخط الأحمر. وجدّد السيد نصرالله الدعوة لانتظار رد المقاومة على انتهاك الأجواء اللبنانية بالطائرات المسيَّرة لجيش الاحتلال، مختصراً المعادلة التي أثبتتها المقاومة، بمعاقبة كيان الاحتلال وجيشه على كل محاولة لخرق قواعد الاشتباك برفع منسوب هذه القواعد بقواعد جديدة أشد قوة، وصدّ كل محاولة للاستخفاف بمعادلة الردع بجعل مستوى هذه المعادلة أشدّ وضوحاً ورسم حخطوط حمراء جديدة أمام جيش الاحتلال وإسقاط المزيد من خطوطه الحمراء.
نصرالله: كسرنا الخطوط الحمر!
أكد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أن أكبر خط أحمر إسرائيلي منذ عشرات السنين كسرته المقاومة الإسلامية في العملية الأخيرة التي نفذتها.
وأشار السيد نصرالله في كلمته في المجلس العاشورائي المركزي في الضاحية الجنوبية، الى أن المقاومة كانت سابقاً ترد داخل مزارع شبعا المحتلة أما اليوم، فنردّ من خلال حدود 1948 التي تعتبرها إسرائيل خطاً أحمر. والجديد في الأمر أننا انتقلنا من الرد في أرض لبنانية محتلة إلى أرض فلسطين المحتلة .
وشدّد على أن لبنان كان قوياً ومتماسكاً في عملية الرد على العدو الصهيوني وفي تغطيتها، أضاف ليس فقط حزب الله لم يتزحزح من التهديدات الإسرائيلية بل أيضاً كل المسؤولين اللبنانيين . وكشف أن الإسرائيلي بذل جهده لاستيعاب العملية وقصفه الأراضي اللبنانية كان لأهداف دفاعية. كما كشف أن الطائرتين المسيَّرتين الإسرائيليتين اللتين انفجرتا في الضاحية الجنوبية لبيروت لم تحققا ما أرسلتا من أجله، مشدداً على أن المقاومة لن تقبل بفرض معادلات جديدة وتضييع الإنجازات التي حققناها في حرب تموز .
وفي سياق ذلك، أكدت مصادر البناء أن قيادة المقاومة وبعد إجراء التحقيقات استخلصت أن هدف الطائرتين المسيّرتين كان تنفيذ عملية اغتيال أحد قادة المقاومة من دون ترك أي دليل أو بصمة على تورط اسرائيلي.
وتوجّه السيد نصرالله للصهاينة بالقول: إذا اعتديتم فإن كل جنودكم ومستعمراتكم في عمق العمق ستكون ضمن أهداف ردّنا، احفظوا تاريخ 1 أيلول 2019 لأنه بداية مرحلة جديدة من الوضع عند الحدود لحماية لبنان . وأضاف الأول من أيلول بداية لمرحلة جديدة للحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة وليس هنالك خطوط حمراء. وفي الدفاع عن لبنان ليس هناك خطوط حمراء. نحن في مساحة عمل جديدة هي مواجهة المسيّرات الإسرائيلية في سماء لبنان .
وأكد أنه في ما يتعلق بمواجهة المسيّرات الموضوع هو بيد الميدان ، مشدداً على أن السماح لإسرائيل بانتهاك سيادتنا أمر انتهى . ومنح السيد نصرالله فرصة للجهود والاتصالات الدبلوماسية لمنع المسيَّرات الاسرائيلية عن خرق الأجواء اللبنانية، مع مهلة ضمنية لـ ضبضبة المسيَّرات قبل أن تفعل المقاومة ذلك بنفسها. وقال إن الحريص على استقرار لبنان يجب أن يقول للإسرائيليين انتهى زمن السماح لمسيَّراتكم بخرق سيادتنا .
وأكد أننا سننتهي من هذه الجولة إلى موقع جديد وأقوى وقد منعنا نتنياهو من توهين توازن الردع .
ولفت إلى أن المقاومة قالت علناً إنها سترد من لبنان وقلنا للعدو أن ينتظرنا، وهذه نقطة قوة للمقاومة، مشيراً الى أن العدو الإسرائيلي قام بإخلاء القرى الحدودية مع لبنان بشكل كامل ولم يكن هناك تواجد لأي جنود أو آليات على الطريق الحدودية، كما قام بإخلاء مواقع أمامية بشكل كامل، وأضاف أنا قلت لهم انضبّوا لكنهم هربوا . وهناك ثكنات عسكرية إسرائيلية تمّ إخلاؤها على الحدود، وانعدام للحركة بعمق من 5 إلى 7 كم داخل الأراضي المحتلة خلال الأسبوع الماضي بشكل كامل .
كما أوضح أن المقاومة عمدت الى إطلاق العملية في وضح النهار وليس في الليل رغم الفرص المتوفرة في هذا الوقت، وأنها ضربت في عمق معين بالرغم من كل الإجراءات والتدابير، واشار إلى أن أهم ما حصل هو الإقدام ونفس القيام بالعملية رغم كل التهديدات الإسرائيلية.
وتوقف خبراء عسكريون واستراتيجيون عند كلام الامين العام لحزب الله مستخلصين نقاطاً عدة: الأولى قدرة المقاومة على اتخاذ قرار الرد ولم تأبه لكل التهديدات الدولية وأساليب الترهيب والترغيب. وهذا بحد ذاته يعبر عن قوة واقتدار تستند الى قوة عسكرية وموقف وطني متين وحلف إقليمي واسع. وهنا تشير مصادر مطلعة لـ البناء الى مروحة اتصالات دبلوماسية من دول غربية عدة وتحديداً الولايات المتحدة وفرنسا بمسؤولين لبنانيين لا سيما برئيس الحكومة سعد الحريري للضغط على لبنان لمنع الرد، إلا أنها باءت بالفشل ولم تنتزع من لبنان أي تعهد بذلك بل كان الموقف اللبناني موحداً بأن إسرائيل هي التي اعتدت وهدّدت الاستقرار في الجنوب .
ويضيف الخبراء العسكريون لـ البناء أن المقاومة نفذت كل أركان العملية وحققت نجاحاً في أقسى الظروف والسؤال الكبير الذي سيطرحه القادة الإسرائيليون على أنفسهم بحسب الخبراء العسكريين هو: إذا كانت العملية نجحت في ظل كل هذه الإجراءات المتخذة والتأهب والاستعداد وفي نقطة على عمق 2 كيلومتر في الحدود الفلسطينية فكيف سيكون الحال إذا فاجأ حزب الله إسرائيل بهجوم؟ كما يضيف الخبراء أن حزب الله نسف كل الإنجازات التي تحدّث عنها رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بأنه دمّر أنفاق المقاومة وحقق الاستقرار للمنطقة الشمالية وتمكّنت المقاومة من فضح كذبه والتأكيد بأنها قادرة عبر الأنفاق وغير الأنفاق أن تنفذ عمليات وتحقق نجاحات وتحقق خسائر للعدو ودون خسائر لها .
ويشير الخبراء الى مدى الخوف الذي عمّ في إسرائيل من الرد واللجوء الى الكذب وأن تبرير عدم الرد الاسرائيلي على العملية لم يقنع أحداً وجاء شريط الفيديو الذي بثته المقاومة للعملية ليؤكد كذب العدو وصدق المقاومة ما سينعكس سلباً على المؤسستين السياسية والعسكرية في إسرائيل .
وكانت المقاومة الاسلامية عرضت مشاهد خاصة للعملية التي استهدفت ناقلة جند صهيونية مدرعة من نوع وولف بصاروخ كورنيت مضاد للدروع، وأظهر الفيديو الذي بثه الاعلام الحربي عبر قناة المنار مكان انطلاق الصاروخ الذي استهدف الآلية الصهيونية بشكل مباشر ما يدحض رواية العدو عن عدم وقوع إصابات في العملية.
وتحدّثت وسائل إعلام عن صمت رسمي حتى ساعة متأخرة من مساء أمس، في الأوساط السياسية الإسرائيلية بعد كلمة السيد نصر الله فيما عبرت القناة 12 الإسرائيلية أن حزب الله أثبت بتوثيقه أنه قادر على إطلاق النار باتجاه طرق كانت تعتبر آمنة.
برّي: المقاومة سر المعادلة
وكان رئيس مجلس النواب نبيه بري قد دعا أفواج المقاومة اللبنانية – أمل ، إلى البقاء على أهبّة الجهوزية والاستعداد، لإفهام العدو بأن أرض لبنان وكل شبر منه مقاوم . وأشارت مصادر اعلامية الى أن مجموعة من المقاومين التابعين لـ أمل انتشرت على طول الحدود الممتدة من بلدة راميا حتى بلدة مركبا، تلبية للنداء الذي أطلقه بري .
موقف بري جاء خلال كلمته في المهرجان الجماهيري الحاشد، لإحياء الذكرى 41 لتغييب الإمام السيد موسى الصدر ورفيقيه الذي أقيم في مدينة النبطية، تحت عنوان «أمل إرثها في ثورتك»، وشارك فيه مئات الآلاف من مختلف المناطق والأطياف الروحية والسياسية والشعبية.
ولفت رئيس المجلس الى أن حركة أمل، شأنها شأن محور المقاومة، لن تسمح لإسرائيل بترميم صورتها الردعية في الشرق الأوسط على حسابنا، فهي بعد أن تأكدت أن لا حرب أميركية على إيران، وأن باب التفاوض مع طهران متواصل، عبر الأقنية الفرنسية والأوروبية، وأن الأمور في اليمن وسورية لا تميل لمصلحتها، لم يبقَ لها سوى جبهة لبنان ومقاومته لتصفية الحساب، وتعديل ميزان القوى ، معتبراً أن عبارات الإدانة وحدها، لن توقف الاستباحة الإسرائيلية وعدوانيتها المتواصلة على لبنان، وحدهم المقاومون يمتلكون سر المعادلة، التي تعيد للأمة اعتبارها وتحفظ أمنها وسيادتها ، مشيداً بـ الوحدة التي أظهرها كل اللبنانيين، إزاء الاعتداء الصارخ على الضاحية الجنوبية، لا سيما موقف فخامة الرئيس ودولة الرئيس .
وأكد بري أن الشعب والجيش والمقاومة، تشكل الثلاثية الماسية بين اللبنانيين وتوحّدهم، حماية من الأطماع الإسرائيلية، التي إضافة لما تحتله من أرضنا لا تزال تحاول سرقة مواردنا وأرضنا ومياهنا الإقليمية .
وكشف بري أنه كلما اقتربنا من الانتهاء من المفاوضات مع الولايات المتحدة الأميركية وبمشاركة الأمم المتحدة، لترسيم الحدود البحرية بيننا وبين العدو الإسرائيلي، يحاولون التملص، في سبيل استلاب هذه المرة مزارع شبعا، بحرية كبيرة، ومياهنا ومخزوننا من الغاز والنفط، هذا عدا 13 نقطة في البر . كما جدّد الوقوف مع سورية في تحرير أراضيها المحتلة ورفض مشاريع التقسيم.
ودعا بري إلى إعلان حالة طوارئ اقتصادية، كما دعا إلى تنفيذ اتفاق الطائف بكامله، وكل النصوص الدستورية، التي لم تنفذ، وهو الأمر الذي يضع لبنان على مشارف الدولة المدنية، التي تربط المواطن بوطنه، من دون وجوه مستعارة وسماسرة وطائفية .
وكان لافتاً تزامن خطاب الرئيس بري ورئيس الجمهورية ميشال عون وكلمة السيد نصرالله مع الانسجام في المواقف ما يؤكد تنسيق التوقيت بين الكلمات الثلاث وبالتالي التنسيق السياسي وتوزيع الأدوار بين الأطراف الثلاثة.
الى ذلك توالت المواقف وردود الأفعال المؤيدة والمرحبة بعملية المقاومة من مختلف القوى والشخصيات السياسية والقومية والوطنية في لبنان وفلسطين وأكدت جميعها على دور المقاومة في تثبيت معادلة الردع وحماية لبنان. بدوره، أكد الحزب السوري القومي الاجتماعي أن العملية النوعية التي نفذتها المقاومة وضعت كيان العدو في مأزق حقيقي وأعادت فرض قواعد الاشتباك بالشروط ذاتها التي وضعتها المقاومة بعد انتصارها في حرب تموز 2006.
وشدّد الحزب في بيان أصدرته عمدة الإعلام على أنّ المقاومة بكلّ قواها لن تقف مكتوفة الأيدي أمام أيّ عدوان صهيوني وأنها على أتمّ الجهوزية للقيام بواجبها في الدفاع عن لبنان في إطار معادلة الجيش والشعب والمقاومة التي أكدت عليها المواقف الأخيرة للمسؤولين اللبنانيين من منطلق حق لبنان واللبنانيين في الردّ على غطرسة العدو واعتداءات.
واعتبر الحزب أنّ ردّ المقاومة أظهر قدرتها الكبيرة في التخطيط والتنفيذ، كما أكد إرادة مصمّمة لترجمة الوعد الصادق على أرض الواقع. والعملية التي نفذتها المقاومة، ترقى إلى مستوى العمليات النوعية البالغة التأثير والدقة وهي بمفاعيلها أشبه بحرب خاطفة تحقق أهدافها بعنصر المفاجأة الحاسمة.
كذلك اعتبر عميد الإعلام في الحزب معن حمية في تصريح أمس، أنّ العملية شكلّت رداً من العيار الثقيل، ومفاعيل هذا الردّ ليس في تحقيق الهدف وحسب، بل بارتداداته القوية التي هزّت كيان الاغتصاب الصهيوني.
وقال حمية: إنّ محاولات العدو التخفيف من وطأة الردّ، لا تنطلي على أحد، خصوصاً بعدما عرضت المقاومة مشاهد عن العملية، علماً أنّ العدو الإرهابي يبحث دائماً عن ذريعة للقيام بالعدوان والعربدة والغطرسة، لكنه اليوم، يرضخ لمعادلة الردع، وهذا اعتراف منه بقوة الردّ الذي نفّذته المقاومة.
وأكد أنّ العدو الصهيوني يدرك بأنّ كلّ تصعيد من جانبه، سيقابَل بتصعيد أكبر من جانب المقاومة، كما يدرك العدو بأنّ المقاومة بما تمتلك من عناصر القوة والردع قادرة على إلحاق هزيمة كاملة به. لذلك لم يجرؤ العدو على خوض مواجهة مع المقاومة، لكنه يعمل على تحشيد بعض الأنظمة المطبّعة وبعض الأدوات العميلة والرخيصة، للهجوم على المقاومة من بوابة استهداف معادلة الجيش والشعب والمقاومة.
وأدان حمية بشدة المواقف المناهضة للمقاومة، والتي صدرت عن بعض الأنظمة العربية المطبّعة وعن جامعة الدول العربية وعن الأدوات الرخيصة التي ملأت الشاشات المتأسرلة، تنفيذاً لتعليمات العدو بالتقليل من شأن وقوة ردّ المقاومة، في محاولة للتعمية على عجز العدو وهروبه من المواجهة.
اجتماع اقتصادي
وفي موازاة حالة الطوارئ العسكرية والأمنية التي فرضتها المقاومة على العدو الإسرائيلي، أعلن لبنان أمس حالة طوارئ اقتصادية وذلك في بيان تلاه رئيس الحكومة سعد الحريري عقب انتهاء الاجتماع السياسي الاقتصادي في بعبدا.
وكان رئيس الجمهورية ميشال عون افتتح الاجتماع الذي حضره رؤساء الأحزاب وجميع الكتل النيابية ووزير المال علي حسن خليل ووزير الاقتصاد منصور بطيش إضافة الى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ورئيس جمعية المصارف سليم صفير.
وأكد الحريري أنّه تقرّر إعلان حال طوارئ اقتصادية، ومتابعة ما تمّ إقراره في اجتماع 8 آب، والتأكيد على الاستمرار بسياسة استقرار سعر صرف الليرة، وإقرار إطار مالي متوسط الأمد .
وقال تمّ الاتفاق على الالتزام بتطبيق دقيق لموازنة 2019 وعدم ترتيب أيّ أعباء إضافية، وتقليص حجم الدين العام ضمن مناقصات تتسم بالشفافية وتضمن حقوق الدولة . وشدد الحريري على ضرورة تخفيض عجز الكهرباء إلى 1500 مليار، وتأمين الإنتاج عبر الغاز بدل الفيول وفق معايير شفافة ، لافتاً الى أنه تمّ التأكيد على منع التوظيف في القطاع العام وإصلاح أنظمة التقاعد التي بدأنا بها وإنجاز التوصيف الوظيفي الذي بدأنا به .
ولفت إلى أنّه سيتمّ دمج وإلغاء المؤسسات العامة غير المجدية خلال 3 أشهر ، وأضاف أنّه تمّ التشديد على ضرورة إقرار مجلس الوزراء لائحة المشاريع الأولى لمشاريع سيدر، ومناقشة وإقرار خطة ماكينزي، ومتابعة تنفيذ كلّ الأوراق وأولها ورقة رئيس الجمهورية التي فيها العديد من الأمور المركزية .
وكان عون في افتتاح الاجتماع شدّد على أن شعبنا ينتظر منا، كما المجتمع الدولي، حلولاً فاعلة للظروف الاقتصادية والمالية التي نمر بها، تمكننا من العبور الى الاستقرار ومن ثم النمو تجنباً للأسوأ .
وقال: الظروف الاقتصادية والمالية تتطلب منا جميعاً التعالي عن خلافاتنا السياسية أو الشخصية، وعدم تحويل الخلاف في الرأي الى نزاع على حساب مصلحة الوطن العليا . أضاف: كلنا مسؤولون ومؤتمنون على حقوق اللبنانيين، ومستقبلهم، وأمنهم، ولقمة عيشهم. لذلك، علينا أن نبادر إلى توحيد جهودنا في سبيل الخروج بحلول ناجعة للأزمة الاقتصادية التي باتت تخنق أحلام شعبنا وآماله .
وفيما ارتفع منسوب القلق لدى المواطنين من ان يكون الاجتماع تغطية سياسية واسعة ومنح مشروعية لفرض ضرائب جديدة في موازنة 2020، أكدت مصادر بعبدا أن لا ضرائب جديدة والإجراءات لا تطال ذوي الدخل المحدود وبعض النقاط تنتظر موافقة الكتل السياسية، أبرزها تحديد سعر صفيحة البنزين ورفع ضريبة الفوائد المصرفية إلى 11 في المئة وزيادة الضريبة على القيمة المضافة .
ولفتت مصادر الاجتماع الى أن اقتراحات زيادة سعر البنزين وفرض ضرائب جديدة سقطت في الاجتماع وحصلت تعديلات على ورقة وزارة الاقتصاد ، وأكد رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد بعد الاجتماع أن لا إجراءات تمسّ بالرواتب او التقاعد ولا ضريبة على البنزين ولا ضريبة على القيمة المضافة .
وقال الخبير المالي د.حسن خليل لــ البناء إن مقررات بعبدا غير كافية لإصلاح الوضع الاقتصادي لا سيما دون معالجة موضوع الفوائد الذي هو إساسي ويوفر 4 مليارات دولار وحده ، مشيراً الى أن لا نية للمجتمعين للقيام بذلك إما عن عدم معرفة وإما لعدم المس ببعض المصالح أو شراء الوقت والسؤال حول كيفية تمويل العجز في الموازنة ومن أين سيأتي مصرف لبنان بالدولار لتمويل هذا العجز؟ ، ولفت الى ان لبنان يحتاج الى خطط متكاملة للإنقاذ تتم بمساعدة دولية حسب الوضع النقدي والمالي للدولة .