دوكان للحكومة اللبنانية من المعهد الفرنسي: ما وعدتم به ووقّعتم عليه عليكم أن تنفذوه..
شدّد المبعوث الفرنسي المكلف متابعة مؤتمر سيدر بيار دوكان على ضرورة «تنظيم قطاع الكهرباء بالشكل المطلوب»… وإذ لفت إلى أن «الوضع طارئ» ولبنان «مدعو إلى وضع هرميّة واضحة لمشاريع سيدر»، اعتبر أن «اكتشاف النفط في لبنان ليس بالحل السحري الذي سيحل كل المشاكل التي يواجهها لبنان». وقال: «ليس هناك اي تاريخ لصرف مستحقات سيدر، ولكن سيبدأ الصرف وستعطى هذه الأموال، لكن الكثير من الأمور مرتبطة بالثقة، وهذا لا يؤثر فقط على المبالغ التي ستعطى بل على الجهات المانحة. فعندما تقول الجهات المانحة إنها وصلت الى مرحلة من الثقة ستعطى الأموال».
وكان دوكان عقد مؤتمراً صحافياً في المعهد الفرنسي في بيروت، تحدث فيه عن نتائج زيارته إلى لبنان ولقائه مع المسؤولين، وشدد خلاله على «ضرورة العمل على مجموعة من الإصلاحات والإجراءات».
وقال: أنا لم ألتقِ بوزراء فقط في لبنان، هناك أيضاً جزء أساسي في عملي لمتابعة ملف «سيدر»، فالتقيت كذلك ببعض العاملين في المصارف ومالكي الشركات، وكبار مدراء الشركات. الهدف من زيارتي لم يكن فقط اللقاء مع الوزراء اللبنانيين، طبعاً اتصلت بالجهات المانحة المتعددة والأحادية الأطراف لأن في هذا العمل وهذا المجهود، تضطلع فرنسا بدور الوسيط بين السلطات اللبنانية، يعني القادة اللبنانيين الاقتصاديين وممثلي المجتمع المدني من جهة، والجهات المانحة من جهة ثانية. أنهيت عملي خلال الأيام الأخيرة بشعور قوي وانطباعات قوية، أولها ان الوضع الملحّ للوضع الاقتصادي مفهوم وواضح.
وأضاف: الوضع ملحّ وطارئ كما هو واضح، ولا يمكن أن نجد مؤشرًا اقتصادياً ومالياً واحداً ليس سيئاً. طبعاً لن أعدّد كل هذه المؤشرات الاقتصادية ولكنكم تعرفونها.
وتابع: هذا الاتفاق أو التوافق على تشخيص الوضع، والذي كان من الممكن ان نتوصل اليه من قبل ولكننا توصلنا اليه اليوم، مهم وهو تصوّر مشترك بين اللبنانيين والمجتمع الدولي. هذا الوضع كان موجوداً في مرحلة مؤتمر «سيدر» إلا ان البعض كانت لديه آمال بخلاف ذلك. لكن ذلك لا يمنع أن أصل الى انطباعي الثاني وهو أن هناك بعض الأشخاص لا يزالون يعتقدون ان هناك حلاً يأتي على شكل معجزة، حلاً سحرياً قد يحل كل المشاكل، وهذا غير موجود وغير متلائم مع الوضع الملحّ الذي نعيشه، وهو اكتشاف النفط في لبنان. هذا ليس بالحل السحري الذي سيحل كل المشاكل التي يواجهها لبنان. هذا الامر ايجابي، لكننا لم نصل اليه بعد. إن اعتبار النفط الحل، هو أمل خاطئ وليس الطريق المناسب الى الامام.
وأوضح ان «الانطباع الثالث هو أن نعمل على مجموعة من التدابير. قد تكون هناك اختلافات مشروعة بين القادة السياسيين حول ماهية هذه التدابير، إلا اننا نعرف انها يجب ان تُقر وبسرعة».
وقال: أما الفكرة الرابعة، فهي ان «عملية «سيدر» ما زالت قائمة بالمنهجية المتفق عليها، وهي ان العقود والاستثمارات بين لبنان والمجتمع الدولي و»سيدر» ما زالت قائمة بموجب هذه الشروط الثلاثة التي أُقرّت في «سيدر»، ومنها مشاريع محددة. هناك خطة استثمار أُقرّت في البنى التحتية. وهذه الخطة كانت قد عُرضت السنة الماضية من قبل السلطات اللبنانية واتفق عليها وحصلت على الموافقة خلال مؤتمر «سيدر»، وذلك من اجل وضع هرمية معينة للمشاريع الـ 180 المذكورة في هذه الخطة. إلا أن مفهوم هذه الخطة الاقتصادية واضح وليس قابلا للنقاش وهو ان لبنان بحاجة ماسة الى بنى تحتية مادية واجتماعية، وهي غير موجودة في لبنان، ونأمل في أن توضع على السكة لخدمة الشعب اللبناني ولإعادة إنعاش الاقتصاد اللبناني والنهوض به».
وتابع: يمكنني القول ان هناك نوعاً من المثلث في «سيدر»، الطرف الاول هو المشاريع وهي موجودة، إلا انها يجب ان تخضع للهرمية الافضل. وهنا، السلطات اللبنانية مدعوة الى القيام بهذا العمل وبوضع أولويات واضحة للمشاريع المختلفة.
وقال دوكان: أما الطرف الثاني من المثلث فهو التمويل، مؤكداً أن «التمويل ما زال موجوداً والجهات المانحة ما زالت جاهزة للمساعدة، شرط ان تحصل الامور بالشكل المطلوب والمناسب في لبنان». وقال: من الواضح ان التمويل الذي وعد به خلال مؤتمر «سيدر» لم يبدأ بعد، أولاً بسبب مضي تسعة أشهر بدون حكومة في لبنان واستمرت الأسئلة من قبل الجهات المانحة للحكومة اللبنانية حتى بعد تشكيلها. وهذه النظرة مشتركة بين كافة الجهات المانحة.
وتابع: أما الطرف الثالث من المثلث فهو الإصلاحات، والمطلوب هو واضح، ليس أن نقوم بهذه الاصلاحات من أجل إرضاء المجتمع الدولي، بل لوضع البلد على السكة الصحيحة وعودة الحياة الاقتصادية الى طبيعتها، وحتى من اجل تنفيذ المشاريع التي تحدثنا عنها.
وأعلن أنه «قبل «سيدر» كنت قد أصرّيت أن ترتبط المشاريع بمشاريع المياه بشكل خاص، وطبعا في تلك الفترة فإن القوانين المعنية بإصلاح القطاع المائي لم تكن قد أقرت بعد. أما الآن، فقد أقرت، ولكن عندما نقول اصلاحات ليس الهدف منها ارضاء الخارج بل الهدف ان تسهل حياة الاسر اللبنانية والمؤسسات اللبنانية المختلفة، ولكي ينطلق ملف النهوض الاقتصادي ولخدمة الشعب اللبناني وهذا هو المقصود بكلمة إصلاحات التي لا يجب ان نحملها اكثر مما تستحق».
وقال: في ما يتعلق بالمالية العامة بشكل عام، من الواضح أنه خفض العجز في الموازنة، والجميع متوافق على القول إن كل ما اتفق عليه في مؤتمر «سيدر» ما زال متّبعاً. نحن نتحدث عن مستوى التقليص في العجز الذي يجب ان نصل اليه، وهو نقطة واحدة كل سنة، وكان من المفترض أن يبدأ ذلك في نيسان 2018. الآن وصلنا الى أيلول 2019 وحصل بعض الانزلاقات، اي عدم الاحترام لهذه النسب بحذافيرها. طبعاً نحن موعودون في موازنة العام 2020، ان تتضمن تدابير تخفض من الإنفاق، وأفهم ايضا ان هناك جدالاً سياسيًا في هذا الموضوع، وهذا امر شرعي جداً ويحصل في الكثير من الدول، في ما يتعلق بالضرائب أو المداخيل.
وشدد على أن «أكثر الجهود يجب أن تكون حول ضبط الإنفاق. وهذا هو الوضع في كل بلدان العالم، فالمفوضية الاوروبية عندما تتحدث الى فرنسا تطلب منها ان تقوم بجهود اكبر من اجل الحد من الانفاق، لان هذا امر هيكلي وأسهل من زيادة الضرائب».
أضاف: يجب ان نتذكر ان 60 من الدين العام يأتي من عجز شركة الكهرباء في لبنان. وهذه المشاكل بدأت منذ زمن طويل، لذلك لا بد من التصرف ازاء ملف الكهرباء.
وأضاف لا بد من تنظيمات وتشريعات عصرية ومستقلة، اي انه لا بد ان تكون الجهة الناظمة، ومنها جهة ناظمة استحدثت عام 2002 قامت بعمل لا بأس فيه، لكنها لم تعمل على الارض لان اعضاء هذه الجهة الناظمة لم تسمَّ بعد. وفي ما يتعلق بالاتصالات والطيران المدني، الامور ذاتها تتكرر، فعندما أتحدث عن موضوع التنظيمات والتشريعات فهي ما زالت قديمة. ربما ان مشاريع القوانين موجودة، ولكن يجب ان تمرر هذه القوانين. لا بد من تنظيم قطاع الكهرباء بالشكل المطلوب.
وقال «لا بد من اصلاح نظام التعاقد الحكومي، لان الشفافية اساسية في هذا القطاع أكان للشركات اللبنانية او الأجنبية، وهناك ايضا ضرورة الاصلاحات في الجمارك وفي آليات مكافحة التهرّب الضريبي بالاضافة الى خفض الإعفاءات الضريبية».
وقال: ما زال هناك جزء آخر يجب ان يطبق من خلال تعزيز قدرات جهات مكافحة الفساد. هناك فكرة بدت لي جيدة أقترحها على المجتمع المدني وهي مسودة مشروع حول الاصلاح القضائي، وهو مشروع قانون بدأ البرلمان بمناقشته على الرغم من عدم وصوله الى النص النهائي. وأشار الى «موضوع تقني جداً ومهم جداً، وهو شراكة الحكومة المنفتحة التي تعمل يداً بيد مع المجتمع المدني من اجل المزيد من الانفتاح والشفافية في الادارات العامة بكافة اشكالها ويدخل من ضمنه التحول نحو التقنية الرقمية وكل ما يساعد على الحكم الرشيد. هناك ايضاً قانون المنافسة او تحسين القدرة على المنافسة.
واعتبر أن «الوضع حرج، لكن الثقة هي المفتاح والكلمة الاساسية التي اعتمدناها في مؤتمر سيدر». وقال: «نحن نفهم ان الحكومة اللبنانية امامها الكثير من العمل لتقوم به، وانا افهم ان الاطراف في لقاء بعبدا ملتزمة بهذا المجهود وكذلك الجهات المانحة، الا ان عقد الثقة هذا حازم. يجب ان تنطلق عملية سيدر في أسرع وقت ممكن، ولكن على كل الجبهات. هذا عقد يجب ان يلتزم الطرفان به، ودور بلدي هو ان احرص على التزام الطرفين كما سبق وقلت، عبر القول للطرف الاول والثاني، هذا ما وعدتم به ووقعتم عليه، عليكم ان تنفذوا الآن».
وردا على سؤال، قال: تعلمون ان وكالة «ستاندرز اند بورز» ستقوم بتصنيفها مرة اخرى، وان اثنتين من ثلاث مؤسسات للتصنيف قد خفضت تصنيف لبنان. نحن نعرف كم ان هذا الموضوع معقد وتقني، وهناك وكالة دولية اخرى ليست مؤسسة تصنيف وهي كابيتال انتليجنس قالت ايضاً ان هناك مخاطر عالية جداً في لبنان، وبقي لكم ستاندرز اند بورز التي قالت إن المنظور هو منظور سلبي ومن الممكن ان يتحسن الأمر في الأشهر المقبلة».